التنمية المستدامة في الكويت: بين القول والفعل
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
التنمية المستدامة في الكويت: بين القول والفعل
تكشف الأبحاث الجديدة فجوة واسعة في آراء الكويتيين بشأن التنمية المستدامة والخطط الحكومية.
ثمة حاجة لقيام الحكومة بتحديد الفجوات بين خططها وأولويات الكويتيين في مجال أهداف التنمية المستدامة، والعمل على سد هذه الفجوات.
بما أن الإجراءات المستدامة مترابطة ومتعددة الوجوه بطبيعتها، يصبح من المستحيل إحراز تقدّم إذا استمر أصحاب المصلحة في العمل بطريقة منفردة.
كشف مسؤولون كويتيون عن خطط مستقبلية لبناء مدن مستدامة، وإطلاق مبادرات لتأمين المياه النظيفة والقضاء على الجوع، من جملة أمور أخرى.
قد تكون هناك خطط محدودة للإصلاحات، لكن ثمة حاجة لمزيد من الانسجام بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين بالعمل على تحقيق هذه الأهداف الجماعية.
فيما طالب المرشحون بإصلاحات سياسية واقتصادية وانتقاد المسؤولين المحليين، التزم معظمهم الصمت بشأن خططهم الاستراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في الكويت، الدعوة إلى التحرك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة مجزّأة، وتصدر بصورة أساسية عن حفنة من أصوات مستقلة ومنظمات غير حكومية تدعو للتغيير في مسائل الاستدامة.
* * *
في الجولة الأخيرة من الانتخابات البرلمانية في حزيران/يونيو، غابت خطط العمل المستدامة بطريقة مريبة من المشهد السياسي الكويتي. وفيما كان المرشحون منهمكين بالمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية وتوجيه الانتقادات للمسؤولين المحليين، التزم معظمهم الصمت بشأن خططهم الاستراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
اعتمدت الأمم المتحدة سبعة عشر هدفًا للتنمية المستدامة في عام 2015، بهدف تقديم التوجيهات في مسائل مثل إنهاء الفقر، وتغير المناخ، والمساواة بين الجنسين في إطار مبادرة عالمية. وتستطيع الدول، من خلال إدراج أهداف التنمية المستدامة في السياسات الحكومية، إعطاء الأولوية للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
فضلًا عن ذلك، يتيح وضع خطط لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للحكومات إشراك العديد من أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجتمع المدني والمجتمعات المحلية المهمّشة، الأمر الذي يمكن أن يساعد على تعزيز ثقافة قائمة على مزيد من الشمول والمساءلة في صنع السياسات على مستوى رفيع.
يزعم صنّاع السياسات الكويتيون باستمرار أنه يتم إحراز تقدّم في موضوع الاستدامة. وقد تباهى السياسيون الكويتيون، في تقريرهم الأخير إلى الأمم المتحدة، بتبرعات الكويت لدعم أهداف التنمية المستدامة في بلدان أخرى، وكشفوا عن خطط مستقبلية لبناء مدن مستدامة، وإطلاق مبادرات لتأمين المياه النظيفة والقضاء على الجوع، من جملة أمور أخرى.
ولكن في حين اعتمدت دول مجاورة مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة أهداف تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية، واستثمرت مليارات الدولارات في الطاقة المتجددة، لا تزال الخطط الوطنية في الكويت تدفع باتجاه إنتاج النفط بكميات كبيرة، من دون التنبّه، على ما يبدو، للتداعيات في المدى الطويل.
كذلك تكشف البيانات الجماعية عن المساواة بين الجنسين، والرعاية الصحية والتعليم – وفي هذه المجالات أيضًا تتخلّف الكويت إلى حد كبير عن الدول الخليجية المجاورة – عن عدم إحراز الحكومة تقدّمًا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولكن على النقيض من سياسة الطاقة الصناعية، بالكاد ترد هذه الجوانب الاجتماعية للاستدامة في جدول أعمال الحكومة الكويتية. ولم يأتِ التقرير المقدّم إلى الأمم المتحدة على ذكر الرعاية الصحية والتعليم والمساواة بين الجنسين إلا بطريقة عرضية:
فقد سلّط التقرير الضوء بإيجاز على انخفاض معدلات الإصابة بوباء كوفيد-19، وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم، والحقوق الدستورية للمرأة. وما يزيد الأمور سوءًا هو أن البلاد معروفة بغيابها عن النقاشات الدولية حول أهداف التنمية المستدامة.
قد تكون هناك خطط محدودة للإصلاحات، ولكن ثمة حاجة إلى مزيد من الانسجام بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين بالعمل على تحقيق هذه الأهداف الجماعية. في الكويت، الدعوة إلى التحرك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة مجزّأة.
وتصدر بصورة أساسية عن حفنة من الأصوات المستقلة والمنظمات غير الحكومية التي تنشر التوعية وتدعو إلى التغيير في مسائل متنوعة متعلقة بالاستدامة، بما في ذلك تغير المناخ، والإصلاحات التربوية التي تشكّل حاجة ماسّة، والمساواة بين الجنسين – وجميعها تسلك اتجاهًا انحداريًا.
وفيما يحاول نشطاء المناخ بناء متنزهات خضراء وتوسيع نطاق جهود إعادة التدوير، لا تزال المجموعات النسائية منخرطة بقوّة في مواقع التواصل الاجتماعي لتعزيز حقوق المرأة ومكافحة العنف الجندري والعمل على تحقيق الإصلاحات التربوية.
وفي الآونة الأخيرة، نظّمت مجموعات مناصرة للمرأة مسيرة احتجاجًا على إقرار مجلس الأمة مشروع قانون لزيادة التعقيدات أمام حقوق التصويت الدستورية للمرأة.
تُعَدّ هذه الجهود ضرورية للغاية، لا سيما وأن الكويتيين، بأكثريتهم، غير مدركين لأهداف التنمية المستدامة وتنفيذها، في ظاهرة كشفت عنها أبحاثنا الأخيرة. فقد وجدنا، من خلال استقصاء الرأي العام، فجوة كبيرة بين توقعات الكويتيين وإدراكهم لأهداف التنمية المستدامة وبين الخطط الحكومية المعلنة للتحرك.
وقد أظهرت استنتاجاتنا أن غالبية المشاركين في الاستطلاع كانت لديهم معرفة ضئيلة أو لم تكن لديهم أي معرفة بشأن أهداف التنمية المستدامة، على الرغم من أن معظمهم حائزون على إجازات جامعية أو شهادات أعلى، وكان التوقّع أن يكونوا على اطلاع إلى حد ما على هذه المسائل.
علاوةً على ذلك، وبعد تعريف المشاركين على مفهوم أهداف التنمية المستدامة، أعطوا الأولوية لعناصرها الاجتماعية، بما في ذلك الإصلاحات التربوية والمساواة بين الجنسين، مفضّلين إياها على أهداف الاستدامة الصناعية والمالية التي ركّزت عليها الحكومة.
أخيرًا، وجدنا أن نحو 90 في المئة ممن أجابوا على الاستطلاع، يعتبرون أنه يجب على النوّاب في مجلس الأمة أن يأخذوا أهداف التنمية المستدامة في الاعتبار عند وضع جداول أعمالهم الوطنية، وهذا مالم يلاحظ في السلوك الذي أظهره المرشحون في الجولة الأخيرة من الانتخابات.
تسلّط استنتاجاتنا البحثية الضوء على الحاجة إلى قيام الحكومة الكويتية بتحديد الفجوات بين خططها وأولويات الكويتيين في مجال أهداف التنمية المستدامة، والعمل على سد هذه الفجوات. وبما أن الإجراءات المستدامة مترابطة ومتعددة الوجوه بطبيعتها، يصبح من المستحيل إحراز تقدّم إذا استمر أصحاب المصلحة في العمل بطريقة منفردة.
وعلى مشارف قمة أهداف التنمية المستدامة في نيويورك التي تجدّد الأمم المتحدة من خلالها جهودها الآيلة إلى تحقيق التعاون الدولي بشأن الاستدامة، ليس بمقدور الكويت هدر الوقت.
*د. رندا دياب بهمن محاضِرة بكلية الكويت التقنية تركّز أبحاثها على علم النفس التطبيقي والسياسة الاجتماعية.
*دلال مُعرّفي حائزة على شهادة ماجستير في الدراسات الشرق أوسطية من جامعة إكستر.
المصدر | مؤسسة كارنيغيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الكويت استدامة إصلاحات أهداف التنمية المستدامة الأمم المتحدة لتحقیق أهداف التنمیة المستدامة تحقیق أهداف التنمیة المستدامة أهداف التنمیة المستدامة فی والمساواة بین الجنسین أصحاب المصلحة الأمم المتحدة فی الکویت
إقرأ أيضاً:
الطاقة الشمسية هبة لدعم خطط التنمية المستدامة فى مصر ندوة بهندسة أسيوط
نظّمت كلية الهندسة بجامعة أسيوط اليوم الثلاثاء الموافق 31 من ديسمبر، ندوة تحت عنوان الطاقة الشمسية هبة لدعم خطط التنمية المستدامة فى مصر
وجاء ذلك بحضورالدكتور محمود عبدالعليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور عزت عبدالمنعم مرغنى عميد الكلية، والدكتور محمد صفوت أبوريه وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة
وحاضر فى الندوة الدكتور محمد عباس أستاذ هندسة الإلكترونيات بقسم الهندسة الكهربائية بجامعة أسيوط، والمهندس إبراهيم سمك رئيس مجلس إدارة شركة Engcotec بألمانيا، وبمشاركة لفيف من رؤساء الأقسام، وأعضاء هيئة التدريس، والهيئة المعاونة، والطلاب بالكلية.
وأكد الدكتور أحمد المنشاوي رئيس الجامعة على أهمية موضوع الندوة العلمية التى تستهدف رفع الوعى بأهمية الطاقة الشمسية، ودورها المحوري في تحقيق التنمية المستدامة، بإعتبارها من أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تؤدي إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن ثم تخفيف التأثر بتغير المناخ.
ومن جانبه، استعرض الدكتور محمد عباس؛ أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030، إلى جانب الدليل المرجعى حول خطة التنمية المستدامة لعام 2030 المنبثق من مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وأشار الدكتور محمد عباس؛ إلى أن آفاق التنمية المستدامة تتأثر بعددٍ من الظواهر الكبري منها: "الفقر، وعدم المساواة، التغيير السكانى، والاجتماعى"، فضلًا عن التكنولوجيا، والثورة الصناعية الرابعة، وتغير المناخ، مستعرضًا الثورة الصناعية، والانبعاثات الكربونية، ومحطات الكهرباء التقليدية، والتلوث البيئى وكما أشار إلى الجهود العالمية لتحجيم هذه المخاطر من خلال اتفاقية كيوتو للمناخ، واتفاقية باريس للمناخ كأحد نتائج مؤتمر الأطراف للمناخ (COP 21)، إلى جانب عرض أهداف الاستراتيجية الوطنية لتغيير المناخ فى مصر 2050 ومنها: تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وخفض الإنبعاثات فى مختلف القطاعات، وتعزيز البحث العلمي، ونقل التكنولوجيا، وإدارة المعرفة، ورفع الوعى لمكافحة تغير المناخ.
وتحدث المهندس إبراهيم سمك خلال محاضرته ( أون لاين) عن؛ رؤية مصر المستدامة 2030، وتوطين الصناعة كعامل رئيسى فى النمو الاقتصادي، من خلال إنتاج طاقة كهربائية مستدامة من البولى سيليكون ؛ لصناعة الإلكترونيات، مستعرضًا العملية الإنتاجية له، والإنتاج التجارى، والتكاليف، والجدوى الاقتصادية، موضحًا أن مصر تمتلك اقتصادًا تنافسيًا، متوازنًا يعتمد على الابتكار، والمعرفة، والعدالة الاجتماعية المتكاملة بنظام بيئي يستثمر الإنسان لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتكيف مع التطورات الإقليمية، والدولية.