وساطة في ظل تعدد الأقطاب: دور قطر في المفاوضات الأميركية الفنزويلية
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
وساطة في ظل تعدد الأقطاب: الدور القطري في المفاوضات الأميركية – الفنزويلية
تشغل قطر موقعًا استراتيجيًا للوساطة في مشهد من التعددية القطبية المتزايدة تسوده خصومات جيوسياسية.
بينما تطور قطر علاقاتها في أميركا اللاتينية يمكن أن تستفيد أيضًا من الاضطلاع بدور الوسيط الموثوق في الخصومات الدبلوماسية.
ملأ دور قطر وسيطا في فنزويلا فراغًا خلّفه اتحاد أمم أمريكا الجنوبية وجهات فاعلة إقليمية أخرى تنشغل بأزمات اقتصادية وسياسية أو تنفذ جدول أعمال منحازا.
لم تصطف قطر مع أمريكا في دعم مرشح المعارضة خوان غوايدو لمنصب الرئيس الانتقالي في فنزويلا، ولا مع إدارة ترامب حين فرضت عقوبات على الرئيس مادورو بموجب سياسة "الضغوط القصوى".
* * *
استضافت قطر، في حزيران/يونيو الماضي، محادثات سرّية بين فنزويلا والولايات المتحدة الأميركية. حيث تملك الدولة الخليجية سجلًّا حافلًا في مساعدة الولايات المتحدة في المفاوضات الحسّاسة، بما في ذلك عملية تبادل السجناء الأخيرة مع إيران والقنوات الخلفية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.
وقد ملأ صعود قطر في دور الوسيط في فنزويلا فراغًا خلّفه اتحاد أمم أمريكا الجنوبية وجهات فاعلة إقليمية أخرى تنشغل على نحو متزايد بالأزمات الاقتصادية والسياسية المحلية أو يُنظَر إليها بأنها تسعى إلى تنفيذ جداول أعمال منحازة.
قدّمت الدوحة نفسها في موقع الوسيط المحايد في فنزويلا مع حد أدنى من التشنّج مع جميع الأفرقاء المعنيين. وفي جانب أساسي، لم تصطف قطر إلى جانب الولايات المتحدة في دعمها لمرشح المعارضة المتصدّر خوان غوايدو لمنصب الرئيس الانتقالي في فنزويلا، ولا إلى جانب إدارة ترامب حين فرضت عقوبات على الرئيس نيكولاس مادورو بموجب سياسة "الضغوط القصوى".
وقد ساهم هذا الحياد الاستراتيجي، مقرونًا بالموارد المالية الطائلة التي تمتلكها قطر وتاريخها في استضافة المفاوضات الأميركية مع إيران وحركة طالبان، على التوالي، في تعزيز أوراق اعتمادها في مجال الوساطة.
يتيح الاضطلاع بدور الوسيط في المحادثات الأميركية-الفنزويلية للدوحة حلًّا منخفض المخاطر للاستمرار في رأب سمعتها الدولية القائمة على الوساطة الحيادية، والتي أضعفتها سياستها التدخلية أثناء الربيع العربي.
ويسمح أيضًا للبلاد بالتحوّط في رهاناتها الأمنية من خلال إثبات أنها ذات فائدة للولايات المتحدة، وضامنة أساسية للأمن، في حين أنها حافظت على علاقاتها مع إيران التي تُعَدّ من أقرب الشركاء الاقتصاديين والعسكريين لفنزويلا في الأعوام الأخيرة.
وساطة في عالم متعدد الأقطاب
يتبدّل المشهد الجيوسياسي العالمي فيما تُقدِم البلدان، لا سيما تلك الشبيهة بفنزويلا التي تواجه تداعيات العقوبات الغربية، على تنويع علاقاتها الاقتصادية والسياسية بصورة متزايدة.
وقد سلّط صعود مجموعة بريكس المؤلّفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - والتي يبدي أكثر من 40 بلدًا رغبته في الانضمام إليها – الضوء على هذا الابتعاد عن أحادية القطب.
لقد أعلن المصرف الإنمائي لمجموعة بريكس نيّته إصدار السندات و30 في المئة من القروض بالعملات المحلية بحلول عام 2026، في خطوةٍ تهدف إلى منح البلدان "بديلًا [متعدد الأقطاب] للنظام المالي المرتكز على الولايات المتحدة".
في قمة مجموعة بريكس في آب/أغسطس الماضي، تلقّت السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، ودول أخرى من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دعوة للانضمام إلى المجموعة.
يشكّل ذلك، مقرونًا بتحوّل العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو الصين للاضطلاع بدور الوساطة، على النحو الذي أظهره الاتفاق السعودي-الإيراني الأخير، جزءًا من انعطافة إقليمية أوسع نحو شركاء غير غربيين.
تناقش قطر "التخلّي عن الدولار" في تبادلاتها التجارية مع روسيا، ولكنها لم تُظهر اهتمامًا بالانضمام إلى مجموعة بريكس، وأحد الأسباب هو أنها قد لا تكون مستعدة بقدر القوى الإقليمية الأخرى لتعريض ترتيباتها الأمنية مع الولايات المتحدة للخطر.
في الواقع، ربما تعتقد الدوحة أن بإمكانها الاستفادة من العلاقات مع بلدان أميركا اللاتينية من دون الانضمام إلى مجموعة بريكس. لقد وقّعت قطر اتفاقات اقتصادية مع البرازيل وغيرها من دول أميركا اللاتينية، مع التركيز على التعاون في قطاع المواد الهيدروكربونية وفي الزراعة، وأقرضت أخيرًا الأرجنتين 775 مليون دولار لسداد قسط مستحق لصندوق النقد الدولي.
لا تصبّ هذه العلاقات في مصلحة الطرف الآخر فقط، بل من شأن الدوحة أن تستفيد أيضًا من تطوير علاقاتها مع فنزويلا في مجال الطاقة، فالأخيرة تملك أكبر حقول مثبَتة للنفط في العالم ويمكن أن تستفيد من الاستثمارات وتبادل المعرفة.
ولكن فيما تبدي طهران اهتمامًا متزايدًا بالتعاون الاقتصادي والعسكري مع أميركا اللاتينية، وفقًا لما كشفته تسريبات البنتاغون في نيسان/أبريل الماضي، قد تصبح قطر أيضًا وسيطًا بالغ الأهمية لها.
فقد حافظت الدوحة على علاقات مع طهران، وساهمت في تيسير المحادثات لتجديد الاتفاق النووي، والتقى مسؤولون قطريون كبار وزير الخارجية الإيراني هذا العام لتوطيد الروابط. وساهمت أزمة الخليج في عام 2017 أيضًا في زيادة الانخراط بين البلدَين.
إذن، في ضوء علاقات قطر مع إيران والدور الذي اضطلعت به تاريخيًا في الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن ذلك يمنحها خصوصية في التعامل مع بلدان أميركا اللاتينية التي تزداد تقاربًا مع طهران.
وينطبق هذا بصورة خاصة على فنزويلا في أعقاب زيارة مادورو إلى إيران في عام 2022، حيث وقّع خطة تعاون لمدة 20 عامًا مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
تبعًا لذلك، تشغل قطر موقعًا استراتيجيًا للوساطة في مشهد من التعددية القطبية المتزايدة تسوده خصومات جيوسياسية. ويبدو أن أمامها فرصةٌ للبروز في موقع الجهة الفاعلة الناشئة في الوساطة على مستوى بلدان أميركا اللاتينية، من خلال الاستثمار في العلاقات الطويلة الأمد مع مجموعة متنوّعة من الجهات الفاعلة، ومواصلة العمل على رأب سمعتها القائمة على الحياد، والاستثمار في مكامن قوّتها النسبية.
*تانر ج. مانلي باحث ببرنامج النزاعات والعمليات الانتقالية في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية.
*ليلي روسي طالبة دكتوراة بجامعة ستانفورد في العلاقات الدولية والدراسات الإيرانية.
المصدر | مؤسسة كارنيغيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قطر فنزويلا أميركا وساطة تعدد الأقطاب نيكولاس مادورو أمیرکا اللاتینیة الولایات المتحدة مجموعة بریکس فی فنزویلا مع إیران التی ت موقع ا
إقرأ أيضاً:
أميركا تشن هجوما جوبا وبحريا على الحوثيين
سرايا - ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة بدأت، السبت، تنفيذ ضربات عسكرية واسعة النطاق ضد عشرات الأهداف في اليمن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقًا لتقارير إخبارية محلية ومسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، وذلك في بداية ما وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه هجوم جديد ضد المسلحين.
وأصابت الضربات الجوية والبحرية التي أمر بها الرئيس ترامب، رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ وطائرات بدون طيار، في محاولة لفتح ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر التي عطلها الحوثيون لأشهر بهجماتهم الخاصة.
وكانت إدارة بايدن قد نفذت عدة ضربات مماثلة ضد الحوثيين، لكنها فشلت إلى حد كبير في استعادة الردع في المنطقة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن القصف، وهو أهم عمل عسكري في ولاية السيد ترامب الثانية، يهدف أيضًا إلى إرسال إشارة تحذير إلى إيران.
وتقول الصحيفة إن ترامب يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، لكنه ترك احتمال العمل العسكري مفتوحًا إذا رفض الإيرانيون المفاوضات.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن الغارات الجوية ضد ترسانة الحوثيين، المدفون جزء كبير منها عميقًا تحت الأرض، قد تستمر لعدة أيام، وستزداد شدتها ونطاقها تبعًا لرد فعل المسلحين.
وقد واجهت وكالات الاستخبارات الأمريكية صعوبات في الماضي في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين، التي ينتجها المسلحون في مصانع تحت الأرض وتلك التي تصل من إيران.
وكان الحوثيون قد أعلنوا، الثلاثاء، استئناف حظر عبور السفن الإسرائيلية، وذلك عقب انتهاء المهلة التي منحتها لإسرائيل لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان مصور مساء الثلاثاء، للمتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، نشره على حسابه بمنصة إكس، قائلا إن قواتهم "تؤكد استئناف حظر عبور كافة السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة بالبحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن".
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #ترامب#إيران#المنطقة#نيويورك#أمريكا#العمل#بايدن#الدفاع#غزة#الورد#الرئيس#اليمن
طباعة المشاهدات: 1275
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-03-2025 09:38 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...