هل تلتقي مصالح إيران وتركيا والسعودية ومصر في العراق؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
هل تلتقي مصالح إيران وتركيا والسعودية ومصر في العراق؟
حقبة جديدة تحول العراق من ساحة تنافس وصراع إلى ساحة تعاون، وتجنب دول المنطقة والعالم العربي الخضوع للمشروع الامريكي الإسرائيلي.
تخوف مصري من أن يقتطع مشروع ممر الشرق الاوسط (مشروع بايدن) الرابط بين الهند واسرائيل وصولا لأوروبا 22% من حجم التجارة العابرة قناة السويس.
العراق استبق بوضع نفسه في حلبة المنافسة بطرح (طريق التنمية) في مؤتمر عقده في 27 مايو استضاف فيه 10 من دول المنطقة مستبقا ممر الشرق الاوسط الجديد.
بات العراق محل اجماع كطريق تلتقي فيه مصالح دول الإقليم فهو لن يسمح بأن ينتهي الطرق في ميناء حيفا والطريق سيمر بتركيا نحو أوروبا وقديمر بالأردن إلى خليج العقبة لينتهي في السويس.
* * *
لطالما مثّل العراق ساحة للتنافس بل والتصارع بين دول المنطقة؛ إلا ان المشاريع الاقتصادية والممرات الصينية الهندية فتحت الباب واسعا لحقبة جديدة تحول العراق من ساحة للتنافس والصراع الى ساحة للتعاون، وفي الان ذاته تجنب دول المنطقة والعالم العربي الخضوع للمشروع الامريكي الاسرائيلي (ممر بايدن للشرق الاوسط الجديد) الذي سيرهن المنطقة ومستقبلها للمشروع الاسرائيلي.
فمصالح الدول الاقليمية التقت في العراق على نحو غير مسبوق؛ ذلك ان عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس السابق وائل قدورة، أعرب عن تخوفه من أن يقتطع مشروع ممر الشرق الاوسط (مشروع بايدن) الرابط بين الهند واسرائيل وصولا الى اوروبا من 22% من حجم التجارة العابرة قناة السويس.
وأوضح في تصريحات لصحيفة "الشروق" المصرية، أن حجم التجارة بين الهند والاتحاد الأوروبي بلغ 88 مليار يورو خلال عام 2021، ومن المتوقع أن تخفص شبكة السكة الحديد المقترح تنفيذها من زمن الرحلة بنسبة 44%، مما سيخفض من تكلفة النقل البحري، وهو ما سينعكس بالسلب على قناة السويس.
في المقابل فان الرئيس التركي اردوغان في تصريح بعد عودته من الهند أكد إن بلاده هي الخط الأكثر ملاءمة لحركة المرور من الشرق إلى الغرب؛ مضيفا: "لن يكون هناك ممر بدون تركيا" لافتا إلى أن بلاده تدعم مشروع طريق تنمية العراق، الذي يهدف إلى ربط الخليج بتركيا وأوروبا عبر خط سكة حديد وطريق سريع عبر موانئ في الإمارات وقطر والعراق ملمحا الى ان الامارات العربية و وقطر تدعمان هذا التوجه.
أما وزير الخارجية الايراني فكشف عبر تغريدة له على موقع أكس X (تويتر سابقا) عن موقف بلاده الداعم للعراق كممر ومعبر لوجستي بالقول: سيتم إطلاق خط سكة حديد الشلامجة البصرة في المستقبل القريب بهدف زيادة تبادل البضائع والسياح.
العراق وعلى نحو غير مسبوق بات محل اجماع بين الدول؛ كطريق تلتقي فيه مصالح الدول الاقليمية وشعوبها؛ فالعراق لن يسمح بان ينتهي الطرق في ميناء حيفا بعد ان اصدر قانونا يجرم التطبيع؛ والطريق سيمر بالاراضي التركية نحو أوروبا؛ ومن الممكن أن يمر في الأراضي الأردنية إلى خليج العقبة لينتهي في السويس دون المرور بالكيان الصهيوني.
العراق استبق ذلك كله بوضع نفسه في حلبة المنافسة بطرح (طريق التنمية) في مؤتمر عقده في 27 مايو/أيار استضاف فيه 10 من دول المنطقة مستبقا ( ممر بايدن – ممر الشرق الاوسط الجديد).
الممر العراقي وسع دائرة الخيارات واطلاق العنان لتجاذبات ستزداد قوة خلال الايام والاسابيع المقبلة تنخرط فيها السعودية؛ فخيارات دول الإقليم ستكون على الأرجح نتاج لتوافقات ومساومات ومناورات إقليمية تتجاوز الرؤية الامريكية؛ وتتوافق مع مصالح دول المنطقة ومن ضمنها إيران وتركيا ومصر والسعودية مسألة ستضعف من تاثير الكيان الصهيوني وتحد من فاعليته لفرض رؤيته التطبيعة والامنية.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العراق إيران تركيا السعودية مصر الهند إسرائيل الكيان الصهيوني ممر الشرق الاوسط مشروع بايدن قناة السويس طريق التنمية ممر الشرق الاوسط دول المنطقة قناة السویس
إقرأ أيضاً:
“الشرق الأوسط الجديد”: لا شيء يـبقى لا أرض تُـستثنى
يمانيون../
يعتبر مشروع “الشرق الأوسط الجديد” أحد أبرز التوجهات الاستراتيجية التي يسعى إليها العدوُ الإسرائيلي بدعم وشراكة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو هدف الصهيونية العالمية ضمن مخططاتها في المنطقة العربية، يهدف هذا المشروع إلى توسيع نفوذ الكيان الصهيوني وتعزيز وجوده في المنطقة بما يفضي إلى تسيّده المطلق، واستباحته الكاملة لسيادة ومقدرات دول المنطقة، ومصادرتها كليا، قرارات وحقوق شعوبها وهويتهم، وهو في الوقت ذاته يجسّد جوهر أطماع السياسة الغربية المتبعة في العالم العربي.
لم يكن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” فكرة مستجدة؛ بقدر ما هو تحديث لأهداف قديمة وضعها وصاغها المحتل، وهي موجودة في متن وهوامش استراتيجيته الانتهازية الإمبريالية، وبالتالي فإن “الشرق الأوسط الجديد” مفهوم حديث لمخطط قديم ، يعيد اليوم المستعمرُ الغربي قولبته وصياغته ليحقق أهداف المحتل وفق متغيرات المرحلة في المنطقة التي شهدت أحداثاً كبرى من بينها ثورات “الربيع العربي” التي تزامنت مع الترويج لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” قبل عقد من الزمن، وأعلن للمرة حينها على لسان كوندليزا رايز، وزيرة خارجية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، كحصاد لمسرحية “أحداث” 11 سبتمبر، ضمن ترتيبات عالمية واسعة.
واعتمدت الولايات المتحدة في ذلك على خلق “فوضى خلاّقة” في الدول العربية، مستغلة الفروق الجغرافية والسياسية الناشئة أصلا عن اتفاقية “سايكس بيكو”، بالإضافة إلى تعزيز وتكريس الصراعات الداخلية التي أدت إلى تفكك الدول العربية وتمزيق مجتمعاتها.
استنزاف قدرات الأمة
وفعلياً أدت السياسات الأمريكية إلى إضعاف القدرات البشرية والاقتصادية للدول العربية إثر سلسلة أحداث وفتن عصفت بالمنطقة، واستنزفت الثروات على حروب وصراعات داخلية، بينما تراجعت القضية الفلسطينية إلى مؤخرة الأولويات، في لحظة تراجع عربي وإسلامي غير مسبوق وفق تصنيف الكثير من الكٌتاب والنخب العربية، وهو ما مهّد لطرح مشاريع تطبيعية يقدمها كل وافد أمريكي جديد على البيت الأبيض ضمن مشاريعه الانتخابية في مضمار سباق الفوز برضا اللوبي اليهودي في أمريكا.
ورغم خطورة وانكشاف هذه المخططات مثل “صفقة القرن واتفاقية إبراهام” أمام الرأي العام والنخب في عالمنا العربي على ما تمثله من انقلاب واضح على القضية المحورية للأمة، شعوباً وأنظمة إلا أنها توضع على سكة التنفيذ، وتجد رواجاً وقابلية، وكان طرح مثل هذه الأفكار قبل سنوات يُعدُ خيانة تستوجب المحاكمة، وتلحق العار بدعاتها، لكنها اليوم وفي مؤشر على نجاح سياسة الترويض الأمريكية الإسرائيلية تُطرح بجرأة وتُقدم كحقيقة لا جدال فيها، وكقضية أساسية لتحقيق ما يصفه الأمريكي وأدواته الخيانية بـ”فرص خلق أمن واستقرار لشعوب المنطقة”!!.
بالعودة إلى الوراء قليلاً إلى مطلع القرن العشرين مع بداية الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين وما أعقبها من تفريط عربي بالأرض، نجد أن الصهيونية إنما تُعيد تدوير العناوين وتحديث الشعارات لتحريك عجلة مشروعها القديم ليس إلا.
ومع ذلك، بدأت تظهر بوادر صحوة تجاه القضية الفلسطينية، رغم التحديات التي فرضتها الحروب الأهلية والانقسامات الطائفية.
“الشرق الأوسط” من التخطيط إلى التنفيذ
يُعتبر الاحتلال الإسرائيلي حجر الزاوية في مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، حيث تسعى الولايات المتحدة لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بما يتناسب مع مصالحها ومصالح “إسرائيل”. على الرغم من محاولات بعض الأنظمة العربية للتعاون مع العدو الإسرائيلي، إلا أن الشعوب تظل متشبثة بقضيتها المركزية: فلسطين.
تشير التصريحات الأخيرة من المجرمين القادة الإسرائيليين، مثل “بتسلئيل سموتريتش”، إلى نوايا إسرائيلية واضحة للتوسع والضم، متجاوزةً الاتفاقيات السابقة مثل أوسلو.
ومع اقتراب ترامب من البيت الأبيض، يُتوقع أن تتصاعد هذه التوجهات، خاصة مع دعم ترامب العلني لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في فترة ترمب الرئاسية الأولى، ولاحقاً الاعتراف بالجولان السوري كجزء من “إسرائيل” وهو ما أعاد التأكيد عليه اليوم مجرم الحرب نتنياهو وحكومته التي صادقت على “خطة نتنياهو” لتعزيز النمو الديمغرافي بهضبة الجولان ومدينة “كتسرين”.
وجاء في تصريحات المجرم نتنياهو: “سنواصل التمسك بالجولان من أجل ازدهاره والاستيطان فيه”، مضيفاً أن “تعزيز الاستيطان في الجولان يعني تعزيز “دولة إسرائيل” وهو أمر بالغ الأهمية في هذه الفترة” حد وصفه.
وهكذا تدريجياً تتوسع مظاهر “الشرق الأوسط” الجديد لتشمل ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، بالإضافة إلى التمدد نحو سوريا، تتجاوز هذه السياسات حدود الاتفاقيات الدولية، فضلاً عن تجاهلها التام لسيادة الدول العربية، حتى أنه يبدو أن ما يمنع العدو الإسرائيلي من التوسع في هذه المرحلة هو فقط اعتبارات صهيونية داخلية لا أكثر.
ومع تسارع مشاريع الاستيطان وتوسعها خارج حدود الأراضي الفلسطينية يبدو مشروع “الشرق الأوسط الجديد” خطر لا يهدد وجود الدولة الفلسطينية وحسب بل يضع دول الطوق الفلسطيني أمام تهديد وجودي يعيد رسم الخارطة وفق الأجندات الصهيونية، ويُلغي تماماً هوية شعوبها ويصادر حقوقها، ولا يفهم اليوم سبب التغافل عن هكذا خطر بهذا الحجم لن يبقي ولا يذر.
موقع أنصار الله – يحيى الشامي