أيّ توجّهات للنوّاب السنّة بعد لقاء السفارة؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": طرح التقاء النواب الـ٢١، للمرة الأولى ربما منذ انتخابهم تحت سقف واحد وعنوان بحث واحد أكثر من علامة استفهام، فرضتها ظروف الدعوة وصاحبها والشخصيات المشاركة فيها، أكثر مما طرحته المداولات وما خلصت إليه بالنسبة الى طاولة الحوار أو انتخاب الرئيس. فالدعوة الموجهة أساساً من لودريان نفسه الذي طلب لقاء النواب، كان سيتعذر عليه لقاء النواب السنة الـ٢٧ بسبب الانقسامات التي تظللهم ولا تجعلهم ضمن اصطفاف واحد أو حتى اثنين، كما هي حال القوى السياسية الأخرى ضمن طوائفها.
وجّهت السفارة في بيروت الدعوات الى ٢٣ نائباً من أصل ٢٧. استُثني من الدعوات النواب المحسوبون على "حزب الله"، كما النائبان حليمة القعقور وجهاد الصمد، فيما دُعي النائبان أسامة سعد وإبراهيم منيمنة ولم يحضرا، فاقتصر الحضور على ٢١ نائباً تفاوتت الآراء والمواقف في ما بينهم حيال مسألة المشاركة في الحوار أو عدمها. وكان واضحاً من التصريحات التي أطلقت بعد الاجتماع أو ما سُرّب عن فحوى المناقشات الداخلية أن الآراء بمجملها ذهبت في اتجاهين، بين جهة تمثل نواب المعارضة رفضت الفكرة من أساسها لاعتبارها مخالفة للدستور وتفرض أعرافاً جديدة، فيما الدعوة الى جلسات انتخاب متتالية شكلت بالنسبة الى هذا الفريق لعباً على الكلام لتنفيذ الدستور بقوة السلاح، فيما التزم النواب الآخرين الذين يدورون في الفلك الثامن آذاري بدعوة رئيس المجلس.
وفي انتظار أن تنتقل مسألة الحوار من اقتراح الى إجراء عملي، ترى مراجع سياسية في الطائفة السنية أن المرحلة اليوم هي مرحلة تقطيع وقت للانتقال الى مرحلة جديدة تنهي عناوين المرحلة السابقة وتنتقل الى مرحلة ترسيم الرئاسة عبر تسويق الخيار الثالث، تماماً كما حصل في الترسيم البحري.
لم تعوّل المراجع المشار إليها كثيراً على الاستضافة السعودية للقاء أو على جمع ٢١ نائباً تحت العباءة السعودية لأنها تعتقد أن المملكة لم تخرج من موقع المتفرج بعد، ولم تنخرط عملياً وفعلياً في المشهد اللبناني الداخلي، وهي لا تزال في مرحلة ترقب ورصد قدرة اللبنانيين على إحداث الخرق المطلوب واختيار الرئيس الذي يتمتع بالمواصفات السيادية المطلوبة، كما وضعتها دول الخماسية والبرلمان الأوروبي. أما قبل ذلك، فعلى الصف السني أن يشد عصبه ويخرج من الدائرة الرمادية الضبابية التي يقبع فيها، علماً بأن حال الطوائف الأخرى ليست أفضل، وجميعها مأزومة بدرجات متفاوتة، ولكنها تنجح في تجاوز مأزوميتها.
تخلص المراجع الى الإعراب عن أملها في أن تخرج المملكة من حالة العتب على قيادة سابقة تحمّل تبعاتها الطائفة اليوم، ذلك أن الحاجة اليوم الى المشروع العربي الواحد لمواجهة المشروع الإيراني ولبنان آخر السدود المنيعة فيه.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بشرى خلفان: رأي الكاتب يُستشفُّ من كتاباته وليس فيما يقول عن نفسه
لقد كتبتُ تمت، فقد تمت!
التتمة محكومة بسكون الشخصيات لدي
ظلت الشخصيات متمسكة بحكايتها
قدمت شخصيتين جديدتين لدعم الحكاية
هناك أفكار جديدة تتبلور
وقّعت الكاتبة الروائية بشرى خلفان روايتها الجديدة "دلشاد.. سيرة الدم والذهب" في جناح "منشورات تكوين" بمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية الثالثة والأربعين، وقد جمع حفل التوقيع عدداً من القراء الذين قصدوا الحفل للالتقاء بالكاتبة بشرى خلفان والحديث معها حول تفاصيل الرواية التي تأتي كجزءٍ ثانٍ من الرواية الأولى "دلشاد.. سيرة الجوع والشبع".
وعلى هامش حفل توقيع الرواية، التقيتها، فطرحت عليها سؤالي الأول، هل تنتهي حكاية "دلشاد" مع آخر سطر في روايتها الجديدة؟ فأجابت الكاتبة بشرى خلفان قائلة: "لقد كتبت (تمت)، فقد تمت".
وصارحتها بعدم قراءتي للجزء الثاني من دلشاد بعد، الأمر الذي قد يزعج الروائي، فبعض الروائيين يشترطون على المحاور أن يكون قارئاً لروايتهم، ولكن المحاور قد يسأل عن أمور أخرى غير الرواية بحد ذاتها، وهنا أوضحت بشرى خلفان رأيها بهذا الموضوع قائلة: "في اعتقادي الشخصي، أن رأي الكاتب يمكن للقارئ استشفافه من كتاباته، وليس مما يقوله الكاتب عن نفسه، هناك بعض الكتّاب يرون أن أي حوار لا يستند إلى قراءة منتجهم وحواره بشكل جاد هو غير مناسب، خاصة إذا كان الحوار يركز على العموميات بدلاً من مناقشة تفاصيل الكتابة، هنا أتحدث عن اللقاءات الإعلامية المتعلقة بمناسبة إصدار العمل أو احتفاءً بتحقيق العمل لإنجاز معين، فيكون المحور هو العمل نفسه، لذلك من الأولى أن يكون المحاور قارئاً للمنتج، ولكن في لقاءات أخرى، مثلاً حول الندوات التي تتعلق بالرواية العمانية أو غيرها، فلا أرى أنه من الضروري أن يكون المحاور قد قرأ للكاتب، لكن إذا كنت تأتي لفعالية توقيع كتاب، فمن المهم أن تكون على دراية بما كُتب".
رغم إجابتها المحرجة، كوني لم أقرأ الرواية الجديدة، إلا أن الرواية جديدة ولم تحظَ بالتوزيع الكبير بعد، وها أنا قد اشتريت الرواية الموقّعة منها، وكنت قبل ذلك قد قرأت الرواية الأولى، فما كان مني إلا أن وجهت سؤالي المرتبط بقراءتي للرواية الأولى، والتي وعدت في نهايتها القراء بأن هناك تتمة. فهل كان التزامها بكتابة الجزء الثاني نوعاً من الواجب في إتمامها رغم الظروف؟ وما إذا مرت بضغوط الالتزام بالكتابة؟ فأجابت قائلة: "أعتقد أن الأمر محكوم بما إذا كان في داخل الكاتب تتمة للحكاية أم لا، إذا كانت الشخصيات ما زالت حيّة في داخله وتطالب باستكمال حكايتها، فإن الحكاية ستكتمل، لكن إذا كان هناك قسر في الكتابة، فسيشعر القارئ بذلك، أي يشعر بمحاولة اختلاق الحكاية، ويشعر بتكلّف الكاتب، حاولت تأجيل الجزء الثاني، لكن الشخصيات كانت تُلزمني بإتمام الحكاية لأنها حاضرة وتقول لي يجب أن أكتبها".
وفي ذات السياق واصلت بشرى خلفان حديثها بقولها: "بدأت الكتابة وأنهيت الجزء الأول (دلشاد.. سيرة الجوع والشبع) في عام 2020، ونُشر في مارس من عام 2021. أما الجزء الثاني (دلشاد.. سيرة الدم والذهب) فقد بدأت كتابته في نهاية عام 2023، وأتممته في نهاية يوليو 2024، أعتقد أنني تمهلت بما فيه الكفاية، ورغم هذه المدة بين الانتهاء من الجزء الأول والجزء الثاني، إلا أن الشخصيات ظلت متمسكة بحكايتها، رغم ظني أنها قد تبهت أو تغادر".
أخبرتها عن قراءة أحد الأصدقاء للجزء الثاني، رغم أنه لم يُتم الرواية، لكنه لاحظ عدم ظهور شخصيات جديدة. وحول ذلك قالت: "لقد قدمت شخصيتين جديدتين لدعم سير الحكاية وإكمال الصورة التي تعبر عنها الرواية".
وختاماً، طرحت سؤالي الأخير عما تضمره بشرى خلفان في نفسها من مشاريع أدبية قادمة، فقالت: "مهلاً، للتو انتهيت من هذه الرواية التي بين يديك. ولكن رغم ذلك، نعم، هناك أفكار جديدة تتبلور".
وتتمتع الكاتبة بشرى خلفان بأسلوب سردي آسر، خاصة في وصف المكان. ففي رواية دلشاد بجزئها الأول -وأجزم في الثاني كذلك- تتجلّى مسقط القديمة تحديداً بشكل دقيق بأسلوب يبعث في النفس إعمال الخيال لتشكيل صورة سينمائية في الذهن، إلى جانب غيرها من المدن القديمة، ما شكّل ارتباطاً لدى القراء وحماساً لاقتناء الجزء الثاني، إلى جانب روعة الأسلوب المكتوب دون استعجال -كما أشارت الكاتبة في حديثها- وإنما برويّة مقرونة بالمزاج السليم الباعث على الإبداع.
وتقول بشرى في غلاف الرواية الجدية: "كبر الفراغ في قلبي فأوجعني وأوجعتني خيبتي، خيبة من ظن أنه وَجَدَ ثم أدرك أنه ضيّع ما وجد... هل كنت أحلم؟ أكان كابوساً؟ أركض في السوق من زقاق إلى آخر ولا أصل؟ سقطت عيني على قدمي المغبرتين، قدمي اللتين تركضان ولا تصلان إليه، شعرت بألم ركضهما الحافي. أين سقط نعلاي؟... أطلت النظر إليهما، تذكَّرتُ لما كان حصى الوادي يحرق باطن قدمي فيقطر أبي الزيت في كفه ويدهنهما به. لم يكن الألم يزول مرة واحدة، بل يتلاشى مع الوقت وهو يغني لي ثم أتبعه في الغناء. من منا كان يغني للآخر؟".