الثورة نت:
2024-09-17@14:50:08 GMT

الحرية المسؤولة والثورة

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

 

 

الحرية جوهر كل الثورات التي تمتلك المشروعية، وهي كلٌ لا يتجزأ ولكنها تنظَّم عن طريق تشريع يعبر عن القواسم المشتركة للمجتمع وليس بواسطة حاكم مستبد، وللحرية مفهوم عام شامل ومفاهيم خاصة متعددة بتعدد مقاصدها مثل حرية الفكر والرأي والتعبير عنهما ومنها حرية الصحافة والإعلام وحرية العقيدة والانتماء الديني والفكري والسياسي وحرية التملك والتجارة والتنقل والحرية الشخصية وغيرها من الحريات المضمنة في الدستور والقوانين النافذة؛
والحديث عن الحرية المسؤولة حديث عن الأصل والاستثناء، فالحرية بمفهومها العام أصل، والمسؤولية قيد فرضه المجتمع، والأصل في الأشياء كما هو معروف فقهاً وقضاءً الحِل والإباحة، والحرمة استثناء مقيد بشروط توفرها، والعقل مناط التكليف، والمجتمع الذي تصدر عنه التشريعات كيان مؤلف من مجموع الأفراد يجمعهم وينظم شؤون حياتهم عقد اجتماعي مضمونه الموازنة بين المصالح الفردية المشروعة القائمة على مبدأ الحرية والاختيار، وغاية التنظيم الاجتماعي للحريات حماية حريات الأفراد من تضارب المصالح، وشرع الله يرعى المصالح المشروعة ويحميها، ولهذا قيل : (حيث تبدأ حرية غيرك تنتهي حريتك) ، أي أن مصلحة المجتمع تكمن في مجموع حريات الأفراد ومصالحهم المشروعة، وهكذا تصبح الحريات والمسؤوليات الفردية كياناً واحداً هو حاصل جمع حريات ومسؤوليات أفراد المجتمع ؛
وطبقاً لهذه القاعدة فإن الوظيفة المفترضة للسلطة العامة بكل تقسيماتها الدستورية هو التعبير عن مصالح مالكها وهو الشعب، والتداول السلمي للسلطة أهم علامات وجود المجتمع الحر، ولهذا أصبح من حق المجتمعات الحرة اختيار حكامها وتحديد صلاحياتهم ومراقبة أدائهم لواجبات الوظيفة العامة ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم وأخطاء وتجاوزات انطلاقاً من ضرورة اقتران السلطة بالمسؤولية التي تتفاوت مستوياتها بتفاوت درجات السلَّم الوظيفي، وهذا هو المعيار الذي تقاس به المجتمعات الحرة عن بقية المجتمعات البشرية، وكم من مجتمعات طحنتها الثورات والانقلابات الدموية، ومع ذلك كانت محصلة البناء العلمي والمدني والأخلاقي في هذه المجتمعات غير متناسبة مع مستوى تضحيات الشعوب في سبيل الحرية والاستقلال المعبر عن حالة التوازن بين المصالح الوطنية والإقليمية والدولية المشروعة بما يحقق العدالة للجميع!؛
والحرية والاستقلال والكرامة ليست كلمات تردد في المناسبات والاحتفالات وتمارس خلافها، ولكنها فعل خلاق يسطع كضوء الشمس في القلوب والعقول والأفهام وتعكسها الممارسات على أرض الواقع، ولهذا كان وعد الحر كما يقال دين عليه!،
إن الإنسان بلا حرية لا قيمة له ومكانته أدنى بكثير من مكانة أي كائن آخر، ولا معنى لأي وطن ترخص فيه قيمة الحرية ويتساوى فيه الأحرار مع العبيد، ولا علاقة لما أقول بالتمييز العنصري أو المذهبي أو الديني أو السلالي وأي اعتبار آخر يخالف المعنى الإنساني للحرية التي يتساوى أمامها كل أحرار العالم، فمنظمة الوحدة الأفريقية قلعة للحرية والأحرار في تمثيل مصالح شعوب ودول القارة السمراء، وإذا ما قيست بجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإسلامية نكون أمام فضيحة أخلاقية بكل المعاني من خلال مواقف هذه المنظمات ومواقفها ومستوى تمسكها بالقرار الحر والعلاقات المحترمة بين الدول والشعوب؛
وحيث توجد الحرية والكرامة توجد الثورة وتنمو دون حاجة لشعارات من أي نوع أو مظاهر براقة أو كلمات منمقة، حديقة الحرية تنمو وتزهر في نفوس الأحرار عطفاً وحناناً وحباً وإيماناً بحق الإنسان في العيش الكريم وفي المساواة والعدالة والتكافل الاجتماعي والإحساس بمعاني الثورة ضد الظلم والاستبداد وكل مظاهر وأسباب التخلف والفساد بصورها وألوانها وأشكالها المختلفة؛
والحرية المسؤولة تناقض الانفلات بكل معانيه الأخلاقية والقانونية والدينية والمدنية، وكلها معانٍ تتحد من حيث المضمون والجوهر وإن تعددت من حيث الشكل ، ومن يقبل على نفسه أن يكون عبداً فقد قبل على نفسه أن يكون كائناً أدنى من جميع الكائنات ، والحر لا يستعبد الناس ولا يقبل أن يستعبده الناس بأي مستوى وأي صورة ، وتنسب للإمام علي كرم الله وجهه قوله: (الناس إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق)؛ وهي مقولة يقال أنها مرفوعة في إحدى قاعات أو ساحات الأمم المتحدة تلخص المعنى العام لحرية الإنسان وقيمته أمام نفسه وأمام غيره ، والحرية قيمة تدور حولها كل معاني الدعوة للخلاص من براثن الظلم والاستبداد ، فلا ثورة بدون حرية ولا حرية بدون التسليم بحق الإنسان في التعدد في الفكر والرأي والتعبير عنهما أما من يرى بأن الكلام لا ينفع فإن عليه أن يبحث عما في وسعه.


خيوط الفجر تنشد كل حرٍّ فتسأله المحبة والوفاءُ
ويسألني عن الأسماء قلبي وكف الغيب يملأه الرجاءُ

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مركز إعلام أسيوط ينظم ندوة توعوية تحت عنوان أهمية المبادرات الرئاسية فى بناء الإنسان     

 

 

 

 

 نظم مركز إعلام أسيوط اليوم الثلاثاء ندوة توعوية تحت عنوان أهمية المبادرات الرئاسية فى بناء مجتمع متكامل

 

وحاضر في الندوة الدكتورة مروة كدوانى  مقرر المجلس القومي للمرأة بأسيوط ونفيسة عبدالعال مسئول المشاركه المجتمعيه بمحافظة أسيوط  ومحسن محمد جمال مدير عام إعلام وسط الصعيد 

 

وتناولت الندوة التعريف بمفهوم المبادرات الرئاسية ودورها في بناء الإنسان المصري صحيًا واجتماعيًا وتعليميًا، وتوطين مفهوم العدالة الاجتماعية من خلال تبني سياسات حماية متكاملة هادفة لرفع العبء عن كاهل المواطنين وتقديم الدعم لجميع الفئات داخل المجتمع، وتحسين جودة الحياة 

وكما تهدف المبادرات الرئاسية لتحسين حياة الأفراد النفسية والاجتماعية إضافة لتحقيق النجاح والتطور المعيشي من خلال تحسين الأداء الوظيفي والأكاديمي والتعليمي للأفراد ورفع درجة ثقافة المجتمع ووعيه لمجابهة التحديات أثاء عملية البناء والتطور.

وتقوم المبادرات الرئاسية على اعتبار الإنسان هو أداة وغاية التنمية حيث تعتبر النمو الاقتصادي وسيلة لضمان الرخاء للمجتمع، والمبادرات هي عملية تنمية وتوسع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية ذاتها أي أنها تنمية المجتمع بشكل ذاتي وفق قدرات المجتمع وإمكانياته وموارده

مقالات مشابهة

  • وظائف شاغرة في هيئة المجتمعات العمرانية.. اعرف المستندات المطلوبة
  • مركز إعلام أسيوط ينظم ندوة توعوية تحت عنوان أهمية المبادرات الرئاسية فى بناء الإنسان     
  • الدخل السلبي والحرية المالية
  • برلماني: مجلس النواب حريص على تعزيز حقوق الإنسان في قانون الإجراءات الجنائية
  • المؤتمر: قرار النيابة باستبدال العمل بالحبس خطوة نحو تعزيز حقوق الإنسان
  • «الحرية المصري»: الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حققت طفرة واضحة
  • “المخدرات تهديد للسلم الأهلي، آفة تستوجب التدخل السريع”
  • ‏WhatsApp يسهل على مالكي المجتمعات نقل الملكية
  • منظمات دولية بجنيف تدعو لتحرير ساكنة مخيمات تندوف من بطش البوليساريو
  • واتساب يطور ميزة جديدة لنقل ملكية المجتمعات بسهولة