الثورة نت:
2024-11-27@01:31:44 GMT

الحرية المسؤولة والثورة

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

 

 

الحرية جوهر كل الثورات التي تمتلك المشروعية، وهي كلٌ لا يتجزأ ولكنها تنظَّم عن طريق تشريع يعبر عن القواسم المشتركة للمجتمع وليس بواسطة حاكم مستبد، وللحرية مفهوم عام شامل ومفاهيم خاصة متعددة بتعدد مقاصدها مثل حرية الفكر والرأي والتعبير عنهما ومنها حرية الصحافة والإعلام وحرية العقيدة والانتماء الديني والفكري والسياسي وحرية التملك والتجارة والتنقل والحرية الشخصية وغيرها من الحريات المضمنة في الدستور والقوانين النافذة؛
والحديث عن الحرية المسؤولة حديث عن الأصل والاستثناء، فالحرية بمفهومها العام أصل، والمسؤولية قيد فرضه المجتمع، والأصل في الأشياء كما هو معروف فقهاً وقضاءً الحِل والإباحة، والحرمة استثناء مقيد بشروط توفرها، والعقل مناط التكليف، والمجتمع الذي تصدر عنه التشريعات كيان مؤلف من مجموع الأفراد يجمعهم وينظم شؤون حياتهم عقد اجتماعي مضمونه الموازنة بين المصالح الفردية المشروعة القائمة على مبدأ الحرية والاختيار، وغاية التنظيم الاجتماعي للحريات حماية حريات الأفراد من تضارب المصالح، وشرع الله يرعى المصالح المشروعة ويحميها، ولهذا قيل : (حيث تبدأ حرية غيرك تنتهي حريتك) ، أي أن مصلحة المجتمع تكمن في مجموع حريات الأفراد ومصالحهم المشروعة، وهكذا تصبح الحريات والمسؤوليات الفردية كياناً واحداً هو حاصل جمع حريات ومسؤوليات أفراد المجتمع ؛
وطبقاً لهذه القاعدة فإن الوظيفة المفترضة للسلطة العامة بكل تقسيماتها الدستورية هو التعبير عن مصالح مالكها وهو الشعب، والتداول السلمي للسلطة أهم علامات وجود المجتمع الحر، ولهذا أصبح من حق المجتمعات الحرة اختيار حكامها وتحديد صلاحياتهم ومراقبة أدائهم لواجبات الوظيفة العامة ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم وأخطاء وتجاوزات انطلاقاً من ضرورة اقتران السلطة بالمسؤولية التي تتفاوت مستوياتها بتفاوت درجات السلَّم الوظيفي، وهذا هو المعيار الذي تقاس به المجتمعات الحرة عن بقية المجتمعات البشرية، وكم من مجتمعات طحنتها الثورات والانقلابات الدموية، ومع ذلك كانت محصلة البناء العلمي والمدني والأخلاقي في هذه المجتمعات غير متناسبة مع مستوى تضحيات الشعوب في سبيل الحرية والاستقلال المعبر عن حالة التوازن بين المصالح الوطنية والإقليمية والدولية المشروعة بما يحقق العدالة للجميع!؛
والحرية والاستقلال والكرامة ليست كلمات تردد في المناسبات والاحتفالات وتمارس خلافها، ولكنها فعل خلاق يسطع كضوء الشمس في القلوب والعقول والأفهام وتعكسها الممارسات على أرض الواقع، ولهذا كان وعد الحر كما يقال دين عليه!،
إن الإنسان بلا حرية لا قيمة له ومكانته أدنى بكثير من مكانة أي كائن آخر، ولا معنى لأي وطن ترخص فيه قيمة الحرية ويتساوى فيه الأحرار مع العبيد، ولا علاقة لما أقول بالتمييز العنصري أو المذهبي أو الديني أو السلالي وأي اعتبار آخر يخالف المعنى الإنساني للحرية التي يتساوى أمامها كل أحرار العالم، فمنظمة الوحدة الأفريقية قلعة للحرية والأحرار في تمثيل مصالح شعوب ودول القارة السمراء، وإذا ما قيست بجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإسلامية نكون أمام فضيحة أخلاقية بكل المعاني من خلال مواقف هذه المنظمات ومواقفها ومستوى تمسكها بالقرار الحر والعلاقات المحترمة بين الدول والشعوب؛
وحيث توجد الحرية والكرامة توجد الثورة وتنمو دون حاجة لشعارات من أي نوع أو مظاهر براقة أو كلمات منمقة، حديقة الحرية تنمو وتزهر في نفوس الأحرار عطفاً وحناناً وحباً وإيماناً بحق الإنسان في العيش الكريم وفي المساواة والعدالة والتكافل الاجتماعي والإحساس بمعاني الثورة ضد الظلم والاستبداد وكل مظاهر وأسباب التخلف والفساد بصورها وألوانها وأشكالها المختلفة؛
والحرية المسؤولة تناقض الانفلات بكل معانيه الأخلاقية والقانونية والدينية والمدنية، وكلها معانٍ تتحد من حيث المضمون والجوهر وإن تعددت من حيث الشكل ، ومن يقبل على نفسه أن يكون عبداً فقد قبل على نفسه أن يكون كائناً أدنى من جميع الكائنات ، والحر لا يستعبد الناس ولا يقبل أن يستعبده الناس بأي مستوى وأي صورة ، وتنسب للإمام علي كرم الله وجهه قوله: (الناس إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق)؛ وهي مقولة يقال أنها مرفوعة في إحدى قاعات أو ساحات الأمم المتحدة تلخص المعنى العام لحرية الإنسان وقيمته أمام نفسه وأمام غيره ، والحرية قيمة تدور حولها كل معاني الدعوة للخلاص من براثن الظلم والاستبداد ، فلا ثورة بدون حرية ولا حرية بدون التسليم بحق الإنسان في التعدد في الفكر والرأي والتعبير عنهما أما من يرى بأن الكلام لا ينفع فإن عليه أن يبحث عما في وسعه.


خيوط الفجر تنشد كل حرٍّ فتسأله المحبة والوفاءُ
ويسألني عن الأسماء قلبي وكف الغيب يملأه الرجاءُ

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

رئيس الطائفة الإنجيلية: المؤسسات الدينية حجر الأساس في عملية بناء الإنسان

قال القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية، إن كل الأعمال التنموية وكل المساعي والجهود لابد أن تنطلق أولًا من مفهوم بناء الإنسان؛ وذلك لأن التنمية وبناء الحضارة تكون من خلال الإنسان.

وتابع «زكي»: هذا الاهتمام بالبشر ممتد لكافة المجالات وعبر عصور قديمة. فعلى سبيل المثال، اهتمام النظرية الاقتصادية بقضية رأس المال البشري هو اهتمام قديم يرتبط بعلم الاقتصاد ذاته، مثل كتابات آدم سميث، التي أكدت على أهمية عنصر العمل البشري في أسباب ثروة الأمم، جاء ذلك خلال فعاليات مؤتمر «الإنسان فى الدولة المدنية الحديثة».

المؤسسات الدينية حجر الأساس في عملية بناء الإنسان 

ولفت إلى أن عملية بناء الإنسان تشتمل على عدة خصائص ومراحل: "فهي تبدأ بإعداد الفرد وتأهيله باعتباره العنصر الرئيسي في المجتمع؛ وهذا الإعداد يجب أن يشتمل على مسارات ثقافية واجتماعية وصحية، فهي عملية اجتماعية منظمة ومتتالية تتكاتف فيها كل أطياف المجتمع ومؤسساته، مشيرًا إلى أن نتيجة لهذا البناء والإعداد تستطيع الدول إنشاء أجيال تتمتع بالوعي والإدراك والمعرفة والإبداع، مؤكدًا أن هذه العناصر هي التي تشكِّل شخصية الإنسان.

سمات عملية بناء الإنسان

وأضاف رئيس الطائفة الإنجيلية أن من سمات عملية بناء الإنسان هو أنها عملية مركَّبة تتشعب محاور عملها بين الجانب النفسي والجسدي والثقافي والسلوكي؛ وهي أيضًا عملية تراكمية تقوم على خطة مرتَّبة ومنسَّقة وتجني ثمارها بناءً على قدرة الفرد على الاستجابة لهذه العملية.

وتابع: وهي عملية إلزامية فهي تتضمن بناء الأجيال القادمة لأجل خير المجتمع وهي ضرورية لنهضة أي مجتمع، كما أنها عملية متغيرة؛ فالتغير سمة الوجود، ولأنها تتعامل مع سمات الشخصية الأساسية لكل مجتمع فهي تختلف وتتغير باختلاف وتغيُّر ظروف كل مجتمع، كما لفت إلى أنها عملة متعددة المسؤوليات: فهي ليست مسؤولية الدولة فقط؛ بل تشترك فيها مؤسسات الدولة والمجتمع والشخص نفسه.

 جهود الدولة المصرية في عملية بناء الإنسان

كما ثمن جهود الدولة المصرية في عملية بناء الإنسان وكافة المساعي والمبادرات التي تقوم بها لأجل هذا الهدف، مشيرا إلى أن من أهم المبادرات في هذا الشأن هي مبادرة بداية جديدة، والتي تشترك فيها الحكومة مع مؤسسات المجتمع المدني في إطار الاهتمام ببناء الإنسان المصري بهدف الاستثمار في رأس المال البشري، وترسيخ الهوية المصرية وترتكز أيضا على بناء الوعى، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية، والحفاظ على مقدرات الوطن والمشاركة بفاعلية في عملية التنمية الشاملة.

مقالات مشابهة

  • خيارات الإنسان: ما بين السعادة والشقآء
  • القبض على متهمين وضبط وكر للمتاجرة غير المشروعة في الأنبار والبصرة
  • قحط كانت تحمٍل مشروعاً متكامل أهدافه الأساسية ضرب هوية المجتمع السوداني
  • رئيس الطائفة الإنجيلية: المؤسسات الدينية حجر الأساس في عملية بناء الإنسان
  • الفرق بين المجتمعات
  • م. محمد خير شويات.. مع أمن وإستقرار الأردن والحرية للكاتب الزعبي
  • خبير معلومات: 14 مليون حساب وهمي على "فيس بوك" في مصر
  • «الحرية المصري»: استبعاد مدرجين بقوائم الإرهاب يعزز الثقة بين المواطن والدولة
  • انطلاق المرحلة الأولى  لإنتخابات الإتحادات الطلابية فى جامعة الفيوم
  • ندوة "الحرية وأثرها على الفرد والمجتمع" بكلية التربية النوعية في الفيوم