النيجر تعزز مواقعها على الحدود مع بنين
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
احتشد عشرات الجنود عقب مرور قافلة عبر جايا، قرب مدينة في النيجر بجوار بنين، على على حدودها الجنوبية، مع تردد الهتافات والشعارات المعادية لفرنسا والكتلة الإقليمية إيكواس.
ومنذ أن وافقت المجموعة المكونة من 15 دولة على تفعيل "قوة احتياطية" للتدخل في النيجر واستعادة الحكم الديمقراطي بالقوة، عززت نيامي مواقعها على الحدود.
وقال الحاج موسى إبراء هادئ، "هنا في جايا نحن هادئون ومرتاحون لقد شهدنا بالفعل مثل هذا الانتشار في الماضي ، أحيلكم إلى 1963-1964 ، في الوقت الذي كانت هناك خلافات بيننا وبين دولة بنين بسبب قضية جزيرة إيتي، لذا فهو نوع من deja vu ، نفس البلد ، وانتشار آخر في غايا ".
ونشرت القافلة عبر جايا الأربعاء الماضي، بعد مرور يوم واحد من تنديد النيجر باتفاق التعاون العسكري مع بنين.
المجلس العسكري الحاكم على خلاف مع جيرانه في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
وقال فاعل المجتمع المدني حمادة أوساني، إن "انتشار الجيش النيجري في مقاطعة غايا طمأن السكان، بمن فيهم أنا".
"في الآونة الأخيرة ، كان الناس قلقين لأنهم استمعوا إلى الأخبار وقرأوا تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي تقول إن عدد القوات والمواد العسكرية لن يكون كافيا.
لقد فوجئنا برؤية الجيش يتوجه إلى غايا للانتشار والبقاء على الحدود التي نتقاسمها مع بنين من جهة ومع نيجيريا من جهة أخرى. شعر الناس بالاطمئنان إلى أن الدولة قد اتخذت جميع التصرفات الضرورية لتكون قادرة على التعامل مع كل ما يأتي بعد ذلك ".
اتهم الحكام العسكريون في النيجر الذين أطاحوا بالرئيس بازوم بنين بالسماح "بتمركز الجنود والمواد الحربية في ضوء العدوان" الذي يقولون إنه مرغوب فيه من قبل فرنسا بالتعاون مع بعض دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وقعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو، اليوم السبت، اتفاقا أمنيا تعهدت فيه، الدول الثلاثة الواقعة في منطقة الساحل بغرب أفريقيا وتحكمها مجالس عسكرية، بمساعدة بعضها البعض في حالة وقوع أي تمرد أو عدوان خارجي.
وتبذل الدول الثلاث جهودا لاحتواء متمردين على صلة بتنظيمي القاعدة وداعش، وتوترت أيضا علاقاتها مع جيرانها والشركاء الدوليين بسبب الانقلابات.
وكان الانقلاب الأخير في النيجر سببا في إحداث شرخ إضافي بين الدول الثلاث والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي هددت باستخدام القوة لاستعادة الحكم الدستوري في البلاد.
وتعهدت مالي وبوركينا فاسو بتقديم المساعدة للنيجر إذا تعرضت لهجوم.
وجاء في ميثاق الاتفاق المعروف باسم تحالف دول الساحل أن "أي اعتداء على سيادة وسلامة أراضي طرف أو أكثر من الأطراف الموقعة سيعتبر عدوانا على الأطراف الأخرى".
وأضاف أن الدولتين الأخرين ستقدمان المساعدة بشكل فردي أو جماعي، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة.
وقال رئيس المجلس العسكري في مالي أسيمي جويتا على موقع التواصل الاجتماعي إكس "لقد وقعت اليوم مع رئيسي بوركينا فاسو والنيجر على ميثاق ليبتاكو-غورما لإنشاء تحالف دول الساحل بهدف إنشاء إطار للدفاع الجماعي والمساعدة المتبادلة".
وكانت الدول الثلاث أعضاء في القوة المشتركة لتحالف مجموعة الساحل الخمس المدعومة من فرنسا مع تشاد وموريتانيا، والتي تشكلت في عام 2017 للتصدي للجماعات الإسلامية في المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، تركت مالي المنظمة الخاملة بعد انقلاب عسكري، وقال رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم في مايو أيار من العام الماضي إن القوة أصبحت الآن "ميتة" بعد رحيل مالي.
وتوترت العلاقات بين فرنسا والدول الثلاث منذ الانقلابات.
واضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من مالي وبوركينا فاسو، وهي الآن في مواجهة مشوبة بالتوتر مع المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في النيجر بعد أن طلب منها سحب قواتها وسفيرها.
وترفض فرنسا الاعتراف بسلطة المجلس العسكري.
لمزيد من الأخبار العالمية اضغط هنا:
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المجلس العسكري الحاكم الجيش النيجري المجلس العسکری الدول الثلاث فی النیجر
إقرأ أيضاً:
من القلب والعقل معًا.. شكرًا ترامب!!
د. عبدالله باحجاج
يُفترض أن دولنا الخليجية لم تعد تجهل الآن مكامن قوتها المعاصرة الضامنة لاستقرارها السياسي والاجتماعي على المدى المتوسط والطويل الأجل، خاصةً بعد مجيء الرئيس دونالد ترامب إلى حُكم أمريكا مُجددًا، فبعد إجراءات تسليمه الحكم في 20 يناير الماضي، فجَّر مجموعة قضايا من الوزن الثقيل، تُشير إلى أن حقبة رئاسته ستُدشن مفاهيم وأفكارا راديكالية غير مسبوقة، سيتأثر بها حلفاء واشنطن في العالم، وخاصة العرب بما فيهم الدول الخليجية، وكذلك الدول الأوروبية.
ومن أبرز المفاهيم المُتغيِّرة على الصعيد الأخير مفهوم قوة الدولة، وبمعنى أدق أولويات القوة فيها، من عسكرية واقتصادية وجيوستراتيجية، إلى اجتماعية وديموغرافية وغيرها من القوى الناعمة.
وهذه القاعدة تنطبق بالنسبة المئوية الكاملة على دول منطقتنا العربية، بما فيها الخليجية؛ بمعنى أنها ليست بالضرورة قاعدة عامة لكل الدول الحليفة والشريكة لواشنطن، وحتى الكثير من الدول الأفريقية التي تقع ضمن تصنيف "العالم الثالث" لم تعد هذه القاعدة تنطبق عليها، بسبب تحولاتها الجديدة في إنتاج السُلَط وتداول السلطة، ودور البنى التحتية في بقائها أو رحليها، وكينيا وجنوب أفريقيا نموذجان. ولم يأت ترامب للحكم مُجددًا لكي يمضي فترة رئاسية جديدة، ويصبح أثرًا بعد عين، وإنما ليؤسِّس مرحلةً مُستدامة لبلاده.
لذلك، كان منذ البداية واضحًا في الكشف عن أجندات مثيرة، وحازمًا في تنفيذها؛ سواء كانت تُرضي صديقًا أو حليفًا أو شريكًا أم لا، ومن بين النقاط المُثيرة لجوؤه إلى استفزاز حلفاء بلاده التاريخيين وهم العرب وأوروبا، أوَّلها اقتراحه تهجير أهل غزة وتوطينهم في الأردن ومصر وبأسلوب فوقي مُثير، فيه الكثير من السخرية وقهر الآخر. والثاني، إعلانه عن فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي، وتفجير وزير الدفاع الأمريكي الجديد بيت هيجسيث مفاجآت ثقيلة تجاه الاتحاد الأوروبي.
بالنسبة للعرب، فإن مواجهة التحديات الترامبية لن تكون من خلال استخدام أيٍّ من مصادر القوة الخشنة، عسكرية أو اقتصادية أو مالية أو جيوستراتيجية، وإنما تبرُز هنا القوة الناعمة التي انتصرت للسياسة والسياسيين، وعزَّزت رؤيتنا التي نحمل هاجسها في الكثير من مقالاتنا السابقة؛ وهي: أن قوة أي نظام خليجي/ عربي في داخله وليست خارجه، وليس بالضرورة أن تكون القوة خشنة، وإنما القوة الناعمة التي برزت في الحالة الأردنية الراهنة الواعدة، ويُبنى عليها، فلا يُفرَّغ من داخل كل دولة أي مصدر من مصادر قوتها الناعمة؛ فالتعدُّد والتنوُّع هو ثراءٌ للقوة الداخلية وحيويتها وديناميكيتها، وينبغي استيعابها ضمن الشرعيات الوطنية حتى تُصبح من ديناميات القوة الوطنية. في الحالة الأردنية رأينا نتائج هذا الاعتداد بتعدد وتنوع الديناميات الأيديولوجية والفكرية والثقافية في ملاحمها الوطنية الشعبية والسياسية والأيديولوجية تضامنًا مع القرار السياسي الأردني الرافض لتهجير أهل غزة وتوطينهم في الأردن.
رأينا تلاحم هذه القوة بكل تعددها وتنوعها وراء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لمواجهة هذا التحدي الوجودي، فقد كانت القوة الإسلامية السياسية في مقدمة قوى الرفض المُطلق والداعمين للعاهل الأردني، وصناعة الغضب الشعبي قبل سفره للقاء ترامب في البيت الأبيض وبعده، وكان لها السبق أيضًا دون أحزاب الموالاة والوسط في طرح مشروع قانون بصفة الاستعجال يُجرِّم قبول التهجير وتوطينهم في الأردن. والرسالة وصلت للبيت الأبيض، قبل وصول العاهل الأردني، وبذلك عززت قوة القرار السياسي الأردني، وجعلته قرار كل الأردنيين وليس النظام فقط. وقد توقفتُ كثيرًا عند هذا التأمُّل، وقارنته بتجارب أخرى استَعْدَتْ بعض مكوناتها الأصيلة، وهجَّرتهُم للخارج إكراهًا، وتقاطعت معهم قوى أجنبية احتوت الكثير منهم بعدما وصولوا إلى حالة اليأس، وتحولوا إلى أعداء شرسين ضد سياسات ومواقف أنظمة بلدانهم، ومن يدفع بأبنائه إلى الخارج -مهما كانت الخلفيات- فأغلبيتهم لن يملكوا قرارهم؛ فعمليات التهجير والطرد ليست صالحة لإدارة الخلاف أو الاختلاف مع المواطنين.
وبذلك يُسقط ترامب كل المفاهيم السياسية المُتعلِّقة بالحليف أو الشريك الأجنبي التي تأسست خلال الخمسين سنة الماضية، ليس عربيًا فحسب؛ بل على صعيد حلفائه في أوروبا الذين جعلهم الآن في حالة قلق مرتفعة، ومضطرين لأن يفكروا خارج الصندوق في كيفية مواجهة تحديات حليفهم الأكبر في العالم، بعد أن هددهم بفرض رسوم جمركية، قابلتها أوروبا بتوعدٍ بردٍ حازم على الرسوم الأمريكية. وهنا تبدو الحرب الاقتصادية بينهما واردة، ويعززها تنافسهم الذي سيكون مُحتدِمًا اقتصاديًا. وبدا هذا واضحًا عندما خصَّص الاتحاد الأوروبي 200 مليار يورو للاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي بعد أسابيع من إعلان ترامب عن مشروع "ستارجيت"؛ وهو استثمار 500 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي.
هُنا أكبر اختبار للوحدة الأوروبية، وكذلك للعلاقات الأوروبية الأمريكية، والكثير من الخبراء أصبحوا يتساءلون: هل يتجه الاتحاد الأوروبي إلى الصين؟ وهذا التساؤل أصبح يدفع بفرضيته، ليس بسبب الحرب الاقتصادية المحتملة بين الحليفين، وإنما بسبب مفاجآت وزير الدفاع الأمريكي الجديد، المفاجأة الأولى عندما صرح قائلا: "إن قواتنا لن تبقي عندكم للأبد، وتركيزنا الآن على الصين.. قد لا نستطيع حماية أنفسنا بعد خمس سنوات". والمفاجأة الثانية عندما قال إن استعادة أوكرانيا كل أراضيها أو انضمامها للناتو غير واقعية. والثالثة عندما قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيُعلن النصر مهما كانت النتيجة.
الخيار الأوروبي نحو الصين كان قائمًا من بعض الدول الكبيرة في أوروبا التي وقَّعت مذكرة تفاهم مع الصين لدخولها في مشروع "طريق الحرير" الذي يربط الصين بأوروبا كلها، كإيطاليا مثلًا؛ فالصين أكبر شريك آسيوي لإيطاليا، وثالث أكبر مُصدِّر لها، وإيطاليا من أهم مصادر الاستثمارات الأجنبية للصين، وخامس أكبر شريك تجاري لها، وإيطاليا ثاني دولة في الاتحاد الأوروبي من ناحية حجم الدين العام بعد اليونان؛ لذلك فهي ستميل نحو مصالحها أيًّا كانت بوصلتها.
والتساؤل الأكبر الذي ينبغي أن يُطرح هنا هو: كيف تستقبلُ دول المنظومة الخليجية على المستويين الفردي والجماعي المفاجآت الأمريكية الراديكالية في عهدة ترامب الثانية؟ سنترك الإجابة المباشرة للخبراء الاستراتيجيين، لكننا لا بُد من التأكيد مُجددًا على أن قوتها المؤثرة داخلية فقط، ولن تتمكن من استخدام قوتها الخشنة لمواجهتها، لا الاقتصادية ولا الجيوستراتيجية، مثل أوروبا، فكيف بالعسكرية؟
لذلك نجد أنفسنا في كل مقالاتنا عن التحولات الجديدة في الخليج، أمام الاستنتاج نفسه، وهو حتمية الحفاظ على القوة الناعمة عبر تقييم وتقويم تحولات الدولة الخليجية المالية والنيوليبيرالية الاجتماعية والاقتصادية التي لها انعكاسات مؤلمة على مجتمعاتها، وتُشكِّل أهم عوامل تفكيك حصانتها الداخلية.
ومما تقدم نقول شكرًا من القلب والعقل معًا، لترامب الذي جاء ليُعيد بوصلات الدول إلى مساراتها الصحيحة في الوقت المناسب؛ لذلك نعتبره وليد الصيرورات التاريخية المُنتِجة للأحداث الجِسَام، وكل من لم ينظر إليه بهذه الصيرورة، سيقع في كبرى الأخطاء المعاصرة.
رابط مختصر