جدوى التخارج من الشركات الحكومية
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
يقصد بعملية التخارج من الشركات هو القيام بفض الشراكة بين المستثمرين، ويتم ذلك عبر قيام بعض المستثمرين بشراء حصص البعض الآخر في الشركة، وهي وسيلة من وسائل نقل الملكية من أحد الأعضاء إلى الآخر، وهي الباب الأكثر أمانا للكثير من المستثمرين، حيث يتيح للمستثمرين خطة الخروج من الشركة من دون أي خسائر مع أرباح كبيرة متوقّعة.
وتستخدم عمليات التخارج كاستراتيجيات لتتويج الجهود المبذولة من قبل المؤسسين والمساهمين لتأسيس وتوسيع نطاق الأعمال في الشركة الناشئة على مدار فترة زمنية أو لمواجهة الخسائر المحتملة في حال عدم تحقيق الشركة الناشئة للنمو أو للأرباح المتوقعة. ولتبسيط مفهوم عملية التخارج فهي باختصار قيام المستثمر سواء كان فردا أو مؤسسة أو شركة بالخروج من الاستثمار جزئيا أو كليا عبر بيع حصته إلى مستثمر آخر محلي أو أجنبي مع ضمان استفادة المستثمر من بيع حصته واستفادة المستثمر الجديد في تنمية الاستثمار وأداء دور في الجوانب الاستراتيجية والمالية.
ورغم أن هناك هاجسا مجتمعيا من عملية التخارج من الشركات الحكومية كونها ستتحول من شركات مغلقة إلى شركات مساهمة عامة ودخول مستثمر أجنبي ربما يفرض بعض قراراته التي تؤثر على أداء الشركة أو لا تراعي الظروف التي تمر بها الشركة، مما ينعكس سلبا على الموظفين والأداء عموما في الشركة، إلا أن الفوائد الناتجة عن سياسة التخارج ذات جدوى أكبر عبر تحقيق جملة من التوجهات الحكومية بمتابعة حثيثة من جهاز الاستثمار العماني الذي يقوم بدورٍ فاعل في تنمية الاقتصاد العُماني وتنويعه، ويسعى إلى أن يحقق نسبة إنجاز 70% من خطة التخارج خلال عام 2023م بهدف التقليل من الاعتماد على النفط للإسهام في تنفيذ رؤية عمان 2040 وتمكين القطاع الخاص من قيادة الاقتصاد العماني وتوجيه العائدات من عملية التخارج للاستثمار في قطاعات اقتصادية جديدة وتوفير إيرادات مالية للميزانية العامة للدولة إضافة إلى توسيع بورصة مسقط عبر اكتتابات أولية؛ فأهمية التخارج من الشركات الحكومية لا تنحصر على تحقيق بعض الأهداف المالية والاقتصادية وحسب بل يحقّق جملة من الأهداف والخطط الاستراتيجية لتتواءم مع تنفيذ رؤية عمان 2040؛ فالتخارج يبني اقتصادا تنافسيا يسيّره القطاع الخاص، ويعزز من فرص القطاع في تحقيق التنمية المستدامة وتوجهات الحكومة نحو تعزيز التنويع الاقتصادي الذي يعد إحدى أولويات رؤية عمان 2040. ويساعد التخارج على إنجاح الجهود في توطين التقنيات الحديثة وتطوير القطاعات الاقتصادية عبر جلب الاستثمار الأجنبي المباشر ويرفع من نسبته في سلطنة عمان، أيضا يسهم في توطين صناعات جديدة من خلال عوائد التخارج والتوسّع في مجالات استثمارية جديدة خارج المحيط المحلي، ويساعد التخارج على توسيع قاعدة إيرادات الميزانية العامة للدولة مما يحقق تنمية الاقتصاد الوطني، كذلك يعزّز من مكانة شركة بورصة مسقط للأوراق المالية لتتحول من سوق حدودي أو سوق ناشئ عبر زيادة حجم التداول ليكون أكثر جاذبية من قبل الصناديق الاستثمارية الأجنبية والمستثمرين الأجانب ولن يتم ذلك إلا بتوفّر رؤوس أموال كبيرة وسوق مالي ضخم.
على الرغم من أن عمليات التخارج من الشركات معقّدة وتستغرق وقتا طويلا، إلا أنها مجدية ومفيدة لتعظيم أصول الشركات وتجويد أدائها وتجويد الإنفاق فيها عبر اندماجها في كيان مؤسسي واحد وهذا ما يسمى الاندماج وهو أحد أشكال التخارج، أما الشكل الثاني فيطلق عليه الاستحواذ وهي صفقة تجارية تحصل من خلالها شركة على غالبية الحصص في شركة أخرى، أما الشكل الآخر من أشكال التخارج فهو الطرح الأولي العام وهو عملية تقوم من خلالها الشركة بطرح أسهمها في أسواق الأسهم ليتمكن عامة الناس من الاكتتاب فيها، وهذا الشكل الذي يعمل عليه جهاز الاستثمار العماني جاهدا لإنجازه ضمن خطته للتخارج من بعض الشركات الحكومية كليا أو جزئيا؛ إذ تخارج الجهاز من شركة أبراج للطاقة ومشروعين لشركة أسياد وفنادق ومنتجعات لشركة عمران، ويعمل حاليا للتخارج من شركة أوكيو للغاز، ويعد الطرح الأولي العام للاكتتاب فرصة جيدة للمستثمرين المحليين الصغار على اكتشاف أوعية ربحية جديدة للاستثمار في النطاق المحلي والتنويع في استثماراتهم بدلا من التركيز على الاستثمار باستخدام الأدوات التقليدية، ويشجعهم على الادخار للدخول في الاكتتابات الأولية للشركات التي يتخارج منها جهاز الاستثمار العماني، ومع النجاح الذي حققه الاكتتاب الأولي لشركة أبراج للطاقة وزيادة الطلب على الأسهم من قبل أفراد المجتمع؛ فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع الطلب على أسهم شركة أوكيو للغاز كونها إحدى الشركات الناجحة في مجال الغاز في سلطنة عمان، أما بالنسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية، فإن دخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة شلمبرجير العالمية دليل على إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في الشركات الحكومية، مما يشجع المستثمرين الأجانب الآخرين على ترقب الاكتتابات القادمة للاستثمار في الشركات التي سيتخارج منها جهاز الاستثمار العماني مستقبلا، أما الأمر المهم في التخارج من الشركات الحكومية ودخول مستثمرين أجانب أو صناديق استثمارية كبرى، فيتمثل في توطين بعض الصناعات والتقنيات الجديدة مما يرفع رأس المال البشري وتوسّع الاستثمارات المحلية خارج سلطنة عُمان.
إن هاجس التخارج من الشركات الحكومية مجتمعيا لا ينبغي أن يغفل عن المنافع الإيجابية لعملية التخارج وجدواها، خاصة أن جهاز الاستثمار العماني اعتمد نحو 20 استراتيجية تضمّنت حوكمة التخارج وفق مبادئ توجيهية وضوابط واضحة تتسق مع برنامج روابط وميثاق الشركات المملوكة للجهاز.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جهاز الاستثمار العمانی
إقرأ أيضاً:
حلقة عمل تستعرض مسيرة سفينة السنبوق في التاريخ العماني
العُمانية/ نظّمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بدائرة الهوية الثقافية حلقة عمل بعنوان "سفينة السنبوق في التاريخ العُماني"، اليوم في ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة؛ بهدف استيفاء متطلبات إعداد ملف التراث الثقافي غير المادي المشترك "سفينة السنبوق" للإدراج في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية بمنظمة اليونسكو.
وتضمنت الحلقة التي استهدفت الباحثين والمهتمين والممارسين والجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بـ "سفينة السنبوق" ثلاثة أوراق عمل، وجاءت الورقة الأولى بعنوان "سفينة السنبوق في التاريخ البحري العُماني" قدمها الباحث أحمد بن خلفان الشبلي، والورقة الثاني تطرقت إلى المعتقدات والموروثات الشعبية المرتبطة بصناعة السفن للوقوف على المأثورات الشعبية التي صاحبت صناعة السفن، قدمها الباحث سعيد بن عبدالله الفارسي.
فيما جاءت الورقة الأخيرة للباحث غريب البلوشي عن جهود أفراد المجتمع المدني في الحفاظ على سفينة السنبوق "متحف الزعفران نموذجا"، حيث يعد متحف الزعفران التابع لشركة مرسى الزعفران أحد أبرز المتاحف الأهلية المهتمة بالتراث البحري العماني منذ تأسيسه عام 2010م، إذ عمل المتحف منذ تأسيسه على اقتناء مجموعة من السفن التقليدية العمانية بما فيها سفينة السنبوق العمانية، بالإضافة إلى اقتناء مجموعة كبيرة من القطع المرتبطة بالتراث البحري بشكل عام والسفن العمانية بشكل خاص.