لجريدة عمان:
2025-01-16@10:51:03 GMT

جدوى التخارج من الشركات الحكومية

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

يقصد بعملية التخارج من الشركات هو القيام بفض الشراكة بين المستثمرين، ويتم ذلك عبر قيام بعض المستثمرين بشراء حصص البعض الآخر في الشركة، وهي وسيلة من وسائل نقل الملكية من أحد الأعضاء إلى الآخر، وهي الباب الأكثر أمانا للكثير من المستثمرين، حيث يتيح للمستثمرين خطة الخروج من الشركة من دون أي خسائر مع أرباح كبيرة متوقّعة.

وتستخدم عمليات التخارج كاستراتيجيات لتتويج الجهود المبذولة من قبل المؤسسين والمساهمين لتأسيس وتوسيع نطاق الأعمال في الشركة الناشئة على مدار فترة زمنية أو لمواجهة الخسائر المحتملة في حال عدم تحقيق الشركة الناشئة للنمو أو للأرباح المتوقعة. ولتبسيط مفهوم عملية التخارج فهي باختصار قيام المستثمر سواء كان فردا أو مؤسسة أو شركة بالخروج من الاستثمار جزئيا أو كليا عبر بيع حصته إلى مستثمر آخر محلي أو أجنبي مع ضمان استفادة المستثمر من بيع حصته واستفادة المستثمر الجديد في تنمية الاستثمار وأداء دور في الجوانب الاستراتيجية والمالية.

ورغم أن هناك هاجسا مجتمعيا من عملية التخارج من الشركات الحكومية كونها ستتحول من شركات مغلقة إلى شركات مساهمة عامة ودخول مستثمر أجنبي ربما يفرض بعض قراراته التي تؤثر على أداء الشركة أو لا تراعي الظروف التي تمر بها الشركة، مما ينعكس سلبا على الموظفين والأداء عموما في الشركة، إلا أن الفوائد الناتجة عن سياسة التخارج ذات جدوى أكبر عبر تحقيق جملة من التوجهات الحكومية بمتابعة حثيثة من جهاز الاستثمار العماني الذي يقوم بدورٍ فاعل في تنمية الاقتصاد العُماني وتنويعه، ويسعى إلى أن يحقق نسبة إنجاز 70% من خطة التخارج خلال عام 2023م بهدف التقليل من الاعتماد على النفط للإسهام في تنفيذ رؤية عمان 2040 وتمكين القطاع الخاص من قيادة الاقتصاد العماني وتوجيه العائدات من عملية التخارج للاستثمار في قطاعات اقتصادية جديدة وتوفير إيرادات مالية للميزانية العامة للدولة إضافة إلى توسيع بورصة مسقط عبر اكتتابات أولية؛ فأهمية التخارج من الشركات الحكومية لا تنحصر على تحقيق بعض الأهداف المالية والاقتصادية وحسب بل يحقّق جملة من الأهداف والخطط الاستراتيجية لتتواءم مع تنفيذ رؤية عمان 2040؛ فالتخارج يبني اقتصادا تنافسيا يسيّره القطاع الخاص، ويعزز من فرص القطاع في تحقيق التنمية المستدامة وتوجهات الحكومة نحو تعزيز التنويع الاقتصادي الذي يعد إحدى أولويات رؤية عمان 2040. ويساعد التخارج على إنجاح الجهود في توطين التقنيات الحديثة وتطوير القطاعات الاقتصادية عبر جلب الاستثمار الأجنبي المباشر ويرفع من نسبته في سلطنة عمان، أيضا يسهم في توطين صناعات جديدة من خلال عوائد التخارج والتوسّع في مجالات استثمارية جديدة خارج المحيط المحلي، ويساعد التخارج على توسيع قاعدة إيرادات الميزانية العامة للدولة مما يحقق تنمية الاقتصاد الوطني، كذلك يعزّز من مكانة شركة بورصة مسقط للأوراق المالية لتتحول من سوق حدودي أو سوق ناشئ عبر زيادة حجم التداول ليكون أكثر جاذبية من قبل الصناديق الاستثمارية الأجنبية والمستثمرين الأجانب ولن يتم ذلك إلا بتوفّر رؤوس أموال كبيرة وسوق مالي ضخم.

على الرغم من أن عمليات التخارج من الشركات معقّدة وتستغرق وقتا طويلا، إلا أنها مجدية ومفيدة لتعظيم أصول الشركات وتجويد أدائها وتجويد الإنفاق فيها عبر اندماجها في كيان مؤسسي واحد وهذا ما يسمى الاندماج وهو أحد أشكال التخارج، أما الشكل الثاني فيطلق عليه الاستحواذ وهي صفقة تجارية تحصل من خلالها شركة على غالبية الحصص في شركة أخرى، أما الشكل الآخر من أشكال التخارج فهو الطرح الأولي العام وهو عملية تقوم من خلالها الشركة بطرح أسهمها في أسواق الأسهم ليتمكن عامة الناس من الاكتتاب فيها، وهذا الشكل الذي يعمل عليه جهاز الاستثمار العماني جاهدا لإنجازه ضمن خطته للتخارج من بعض الشركات الحكومية كليا أو جزئيا؛ إذ تخارج الجهاز من شركة أبراج للطاقة ومشروعين لشركة أسياد وفنادق ومنتجعات لشركة عمران، ويعمل حاليا للتخارج من شركة أوكيو للغاز، ويعد الطرح الأولي العام للاكتتاب فرصة جيدة للمستثمرين المحليين الصغار على اكتشاف أوعية ربحية جديدة للاستثمار في النطاق المحلي والتنويع في استثماراتهم بدلا من التركيز على الاستثمار باستخدام الأدوات التقليدية، ويشجعهم على الادخار للدخول في الاكتتابات الأولية للشركات التي يتخارج منها جهاز الاستثمار العماني، ومع النجاح الذي حققه الاكتتاب الأولي لشركة أبراج للطاقة وزيادة الطلب على الأسهم من قبل أفراد المجتمع؛ فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع الطلب على أسهم شركة أوكيو للغاز كونها إحدى الشركات الناجحة في مجال الغاز في سلطنة عمان، أما بالنسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية، فإن دخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة شلمبرجير العالمية دليل على إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في الشركات الحكومية، مما يشجع المستثمرين الأجانب الآخرين على ترقب الاكتتابات القادمة للاستثمار في الشركات التي سيتخارج منها جهاز الاستثمار العماني مستقبلا، أما الأمر المهم في التخارج من الشركات الحكومية ودخول مستثمرين أجانب أو صناديق استثمارية كبرى، فيتمثل في توطين بعض الصناعات والتقنيات الجديدة مما يرفع رأس المال البشري وتوسّع الاستثمارات المحلية خارج سلطنة عُمان.

إن هاجس التخارج من الشركات الحكومية مجتمعيا لا ينبغي أن يغفل عن المنافع الإيجابية لعملية التخارج وجدواها، خاصة أن جهاز الاستثمار العماني اعتمد نحو 20 استراتيجية تضمّنت حوكمة التخارج وفق مبادئ توجيهية وضوابط واضحة تتسق مع برنامج روابط وميثاق الشركات المملوكة للجهاز.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جهاز الاستثمار العمانی

إقرأ أيضاً:

أنثربولوجيا القبولي العماني !

زارت صديقة لي وزوجها مسقط قبل أسبوعين. قدما من أمريكا التي يعيشان فـيها منذ عشر سنوات، بعد أن تنقلا فـي مدن عربية وغربية عديدة. لكنها زيارتهما الأولى لمسقط. تحمستُ كعادتي للعب دور المرشدة السياحية، رغم قدراتي المتواضعة، أمام ما تكشفه مسقط من جمال خلاب وأسرار لا نهاية لها، أشاهدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر أختي التي تصغرني بعامين، التي لا تكتفـي بقطع نقاط مسقط المركزية، وتذهبُ لأماكنها الأقل شهرة.

كما أنني لاحظتُ أن مسقط وجهة للكويتيين، وبسبب علاقتي الخاصة بهم لدراستي فـي الكويت، فقد لاحظتُ أن النساء تحديدًا بدأن بالاستثمار فـي الإرشاد السياحي، ومغامرات المشي الجبلية، وتنظيم جلسات رياضة اليوغا على سفوح جبالها الساحرة. وكان من بين المحطات الأساسية هي المطعم العماني.

وعندما طلبت لهم القبولي من بين وجبات أخرى، تفاجآ وقالا لي إنهما جيران فـي ولايتهما الأمريكية لمطعم أفغاني يقدم القبولي، فهل هي وجبة أفغانية؟ لم أسمح لهما -بحس فكاهي طبعا- أن يقولا ذلك بصوت عالٍ، لكن الفكرة ظلت فـي بالي حتى موعد مغادرتهما، ناقشتُ أصدقائي العمانيين حول المسألة، وقد أجابني صديق لي، أن هذا ربما يكون معقولا، وأن القبولي ربما اشتقت عن «كابول» المدينة الأفغانية، وتوسع حديثنا ليشمل علائق المطبخ الخليجي بالمطبخ الآسيوي والاختلافات بينهما.

لكن سؤالًا أكبر كان يلحّ عليّ لمعرفته. وهو فكرة المطبخ القومي أصلًا، أو لماذا بات من المفترض أن يكون هنالك مطاعم ذات هوية وطنية. وهو أمر أثار النقاش بل حتى التعصب فـي أماكن عديدة فـي العالم، فالمطبخ الشامي ربما يكون عثمانيًا أو العكس. أدرك أن دراسات المطعم والطعام هي موقع «بيني» مهم فـي العقود الماضية لدراسة التاريخ والاقتصاد والسياسة، فوصفة طعام واحدة قد تخبرنا كوسيط عن لحظة تاريخية معينة ما لا تقدر يوميات تاريخية مكتوبة مباشرة بغرض التوثيق التاريخي الحديث عنها بالجدارة نفسها.

وجدتُ طيفًا من الإجابة عن هذا السؤال فـي دراسة عن تأميم ممارسات الحياة المنزلية، أو دعوني أقول «قومنتها» ولا أدري مدى صحة هذا الاشتقاق عن القومية، أو إن كان موجودًا بالفعل، نشرت هذه الدراسة فـي هولندا لاريك ستورم وتبدأ بالحديث عن جدة فكرة الدولة القومية، فهي حديثة لم تبدأ إلا قبل نحو مائتي عام، ولم تزدهر كما حدث لها بعد الحرب العالمية الثانية، التي رسخت فكرة «الدولة» و«الأمة».

وكان ذلك بتبني السياسة والإعلام والأكاديميا خطابًا أنتج هوية وطنية جامعة. كانت الثورة الفرنسية والحملة النابليونية من قبلها قد أدخلت فكرة سيادة الأمة للخطاب السياسي. وكان من بين الأدوات التي استخدمت لتكريس فكرة القومية خلال هذه المراحل التاريخية المتقاربة توحيد اللغة الوطنية وتوثيق الحكايات الشعبية للأمة والسعي لجمع الآثار والتحف لتكريس وجود ماضٍ وطني وبطولي خاص. ومع توسيع حق الاقتراع وصعود السياسة الجماهيرية وما صاحبها من ترويج واحتفال وحملات ترشح وما إلى ذلك دخلت القومية منعطفا جديدا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأصبح المشهد الحضري مثلًا مليئًا بالتماثيل والآثار الوطنية.

مع ذلك لم تدرس البحوث والكتب التمظهرات القومية بعيدًا عن الحقل الثقافـي والسياسي والحضري، فلم تذهب حتى وقت قريب للحيز الخاص، وإلى مساهمة الأفراد بمجالهم «الخاص» أو «الشخصي» كـ«المجال المنزلي» ودوره فـي تكريس القومية والهوية الوطنية.

وعلى ما يقوم به الأفراد بمساهماتهم التي قد لا تكون واعية أو مدروسة بالضرورة فـي رسم «تقاليد وطنية» تصبح راسخةً ومسلمًا بها مع مرور الوقت كشأن وطني فعلًا.

تنتبه الدراسة إلى دور المبادرة الفردية فـي العمارة المنزلية من قبل المعماريين المتخصصين فـي تأسيس ما سيعرف بعمارة الدولة الفلانية، أو المقاطعة العلانية، وكذلك الحال بالنسبة للمطبخ الوطني.

الروائية أميليا باردو بازان دعت صراحة لتأميم ممارسات الحياة المنزلية فـي مدرسة العلوم المنزلية التي أنشئت أثناء الحرب العالمية الأولى فـي مدريد، زعمت بازان أن الوطن كان حقيقة كبيرة وواضحة «شيئًا طبيعيًا مثل الدورة الدموية» وبالتالي فإن النساء ومن منازلهن آنذاك كن مسؤولات عن تحفـيز مظهر الأمة ورفاهها، وكانت ترى فـي ذلك حفاظًا على الوطن وتجنبًا لانحطاط العرق! لقد دعت لأن تلتزم النساء حتى فـي واجباتهن المنزلية بخدمة الوطن لا عبر خدمة رجاله المقاتلين وتربية الأطفال المقاتلين فحسب بل من خلال كل شيء يتعلق بالحياة فـي المنزل وخصوصيتها بداية من طبخ الأطباق الأسبانية وصولا لأنشطة التدبير المنزلي الأخرى.

لاحظ معي عزيزي القارئ، كيف أن المطبخ يصبح هو أيضًا حيزًا للتعبئة الداخلية الشاملة.

تتطرق الدراسة فـي هذا السياق لدراسة أجرتها نانسي ريجين حول تأميم أعمال التدبير المنزلي فـي ألمانيا أعقاب مطلع القرن العشرين، عندما رُوجَ لأساليب «سليمة» للتدبير المنزلي، وجهت للنساء عموما كن بروتستانتيات أو كاثوليكيات أو يهوديات ليصبح هنالك معايير منزلية «ألمانية».

وبغض النظر على مسألة الحكم على «القومية» والنكوص إليها، فـيما إذا كان رجعيا أو تقدميا، وهو أمر أرى أنه ينبغي التفكير فـيه باستمرار، أو على الأقل التفكير فـي «المحلية» فـي كونها «عالمية» فـي جوهرها، لكونها نتاج تفاعل عالمي تاريخي، إلا أن كل هذا مثير للاهتمام حقًا، لقد سرحتُ بتفكيري بالشباب العمانيين الذين أحب متابعتهم جدًا على وسائل التواصل الاجتماعي، المؤثرين تحديدًا فـي مجال الطهي، وبعضهم متابع من الخارج مثل معاذ البادي، أو الشيف الفلسطيني الذي يعيش ويبث وصفاته من سلطنة عمان محمد موسى واللذين يوثقان طرق طبخ وجبات «عمانية» بعضها شهير والآخر ليس كذلك. وكيف يقومان بدورهما برسم حدود وطنية واضحة، «تقومن» الطهي وتنسب وصفات دون غيرها لهوية واحدة.

ألهمني هذا السؤال للتفكير فـي القومية -وهو ليس طارئا مع تصاعد «الشعبوية» فـي العالم كله- بطريقة مختلفة، أرغب أكثر من أي وقت سابق فـي قراءة واحدة من أهم الأطروحات النظرية حول القومية فـي التاريخ وهو كتاب «الجماعات المتخيلة: تأملات فـي أصل القومية وانتشارها» لبندكت أندرسن، والنظر فـي المساهمات القادمة من «الأسفل» لصياغة الهوية الوطنية. كم أنا ممتنة للقبولي العماني لأسباب عديدة كما تتخيلون، إحداها إشعال هذا الفضول بالقومية!.

مقالات مشابهة

  • شركة عالمية تتبرع للعراق بدراسة جدوى لإيصال الطاقة الشمسية لكل منزل
  • شركة (UGT) تتبرع بتقديم دراسة جدوى للعراق حول إيصال الطاقة الشمسية إلى المنازل
  • صحف عالمية: ضباط إسرائيليون يرون القتال في شمال غزة بلا جدوى
  • مناقشة التعاون العماني البحريني في الصناعة والاستثمار
  • صنعاء : المحكمة الجزائية تعقد جلسة لمحاكمة مدير شركة برودجي وموظفو الشركة ينفذون وقفة احتجاجية 
  • أنثربولوجيا القبولي العماني !
  • لماذا تغادر آلاف الشركات مصر؟
  • 250 شركة برتغالية تقترب من الدخول إلى السوق السعودية
  • عبر ورش عمل مكثفة بلشبونة.. تأهيل أكثر من 250 شركة برتغالية لدخول السوق السعودي
  • وزير الاستثمار: إطلاق شركة لضمان مخاطر الصادرات لأسواق دول القارة الأفريقية