هل تصل كارثة ليبيا إلى سد قديم قريب منك؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
كان انهيار سدين في ليبيا وما تبعه من إطلاق العنان لمياه فيضانات غزيرة أدت إلى مصرع ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص وحسبان أكثر من أربعة آلاف ومائتي شخص في عداد المفقودين حتى الآن، أمرا متوقعا، كما كان أمرا يمكن تفادي وقوعه. ولن يكون هذان هما آخر السدود الكبيرة التي تنهار ما لم نقم بإزالة وإصلاح بعض هذه البناءات القديمة التي عفا عليها الزمن والتي تجاوزت تاريخ انتهاء صلاحيتها منذ أمد بعيد.
شأن العديد من السدود حول العالم، أقيم سدا وادي درنة في ليبيا في السبعينيات من القرن الماضي خلال حقبة ذروة بناء السدود في العالم، حيث كان يقام ألف سد كبير كل عام. والآن تصل معظم هذه السدود إلى نهاية عمرها الافتراضي.
وفي حين أن التفاصيل لا تزال تتكشف، فإن انهيار سدي ليبيا قد نتج في ما يبدو عن سوء الصيانة، وسوء مراقبة المياه المختزنة التي غمرتها عاصفة ممطرة ضخمة. وكانت تحذيرات حاسمة قد صدرت في العام الماضي بشأن تدهور حالة السدود والإصلاحات اللازمة لتجنب مثل هذا السيناريو، دون أن يتخذ أي إجراء.
ومن المنتظر أن تقع كوارث مماثلة في جميع أنحاء العالم. ويكمن الخطر الأكبر في الهند والصين، حيث إن سدودا ضخمة يبلغ عددها ثمانية وعشرين ألف سد أقيمت في منتصف القرن العشرين تقترب الآن من بلوغ تاريخ نهاية صاحيتها. يبلغ عمر سد مولابيريار في ولاية كيرالا بالهند أكثر من مائة عام، وهو متضرر بشكل واضح ويقع في منطقة معرضة للزلازل. وسوف يؤدي انهياره إلى الإضرار بثلاثة ملايين ونصف المليون شخص في طريق جريان النهر.
وفي الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر دول العالم بناء للسدود بعد الصين، يبلغ متوسط عمر السدود خمسة وستين عاما، وهناك ما يقدر بنحو ألفين ومائتي سد معرضة بشدة لخطر الانهيار. ويخصص قانون البنية الأساسية الأخير ثلاثة مليارات دولار لصيانة بعضها، ولكن لا تزال هناك آلاف السدود التي لا تتحمل الحكومة الفيدرالية المسؤولية عنها، وسوف يتكلف إصلاحها ما يقدر بنحو ستة وسبعين مليار دولار.
وتمثِّل المخاطر الناجمة عن السدود القديمة مصدر قلق خاص في مواجهة تغير المناخ. فلقد تم تصميم السدود بحيث تحتمل أسوأ الظروف حسبما كان يمكن تخيل أسوأ الظروف في وقت بنائها. ولكن ما كان ينظر إليه ذات يوم على أنه حدث مناخي لا يقع غير مرة واحدة كل قرن بدأ يحدث بوتيرة متزايدة، مما يعرض السدود لخطر جسيم يتمثل إما في الفشل أو ضعف السلامة ضعفا كبيرا.
قبل كارثة ليبيا، كان المناخ القاسي ـ الذي تفاقمت قسوته بسبب تغير المناخ ـ يؤثر بالفعل على هذه المباني. فقد دمرت الأمطار الغزيرة سد أوروفيل القديم في كاليفورنيا في عام 2017، مما أدى إلى عمليات إجلاء جماعية وسط مخاوف من حدوث تسربات كبيرة خارجة عن السيطرة. ودمرت قطعة من نهر جليدي في الهيمالايا أحد السدود وألحقت أضرارا بآخر في شمال الهند في عام 2021، مما أسفر عن مقتل عشرات البشر. وقد أصبح ذوبان الأنهار الجليدية السريع من جراء ارتفاع درجات الحرارة خطرا كبيرا الآن على سلامة السدود والمجتمعات التي تعيش في طريق مجرى النهر.
ولقد كان النهج النمطي يتثمل في إصلاح السدود القديمة عند الحاجة، ومراقبة مستويات المياه المختزنة وراءها ومحاولة توقع هطول الأمطار وزيادة التدفقات من المنبع. وانظروا على سبيل المثال إلى سد كاريبا المقام على نهر زامبيزي في جنوب إفريقيا، والذي يخضع لإصلاحات واسعة النطاق لمنع انهياره بعد أن تبين أن مجرى النهر تحته قد تعرض للضعف الشديد. تتكلف هذه الإصلاحات ثلاثمائة مليون دولار، وهي مطلوبة ببساطة لإبقاء السد قائما على نهر انخفض فيه إنتاج الطاقة الكهرومائية بالفعل بسبب الجفاف. مثل هذه المشاريع لا يعدو رقعا اتسع عليها الفتق، وهي في الغالب أكثر تكلفة على المدى البعيد من إزالة السدود التي انتهت فترات صلاحيتها وعفا عليها الزمن. وفي حين أن بعض السدود القديمة لا تزال توفر مياه الشرب وتساعد المزارعين على ري حقولهم، فإن العديد من السدود التي أقيمت بهدف إنتاج الطاقة الكهرومائية لا تولد سوى نزر يسير من الكهرباء التي كانت تنتجها في السابق وذلك في ظل تراكم الرواسب خلف جدرانها. كما أن الجفاف المتزايد المرتبط بتغير المناخ قد أدى إلى شل توليد الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى تقنين الطاقة وانقطاعات التيار الكهربائي في الولايات المتحدة والصين والبرازيل.
الحق أنه تزداد صعوبة تبرير وجود العديد من السدود، وهذا هو أحد الأسباب وراء وجود حركة متنامية، تقودها غالبا شعوب أصلية وجماعات أخرى من السكان المهمشين، لإزالة هذه السدود. والأبرز في هذا الصدد هو إزالة أربعة سدود على نهر كلاماث الذي يجري على طول الحدود بين ولايتي أوريجون وكاليفورنيا في الولايات المتحدة، ومن المقرر أن تكتمل الإزالة في العام المقبل، لتكون أكبر جهد من نوعه في التاريخ.
وتتسارع وتيرة إزالة السدود وترميم الأنهار في أوروبا التي تعد أنهارها من بين أكثر الأنهار تجزئة في العالم، وقد شهدت انخفاضا كبيرا في التنوع البيولوجي للمياه العذبة. ومن المتوقع أن يؤدي مشروع ترميم نهر ميوز في نيذرلاند، الذي يتضمن استعادة سهوله الفيضانية لمعالجة الفيضانات والجفاف، إلى تقليل الفيضانات الشديدة من مرة كل قرن إلى مرة كل 250 عاما.
ليست كارثة السدين المأساوية في ليبيا إلا بمثابة جرس إنذار لسدود قديمة أخرى في جميع أنحاء العالم. وأفضل أداة لدينا هي إزالة هذه السدود تماما. ويجب أن نبدأ في استخدام هذه الأداء بوتيرة أكبر.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مرض قديم يعود بقوة.. كيف تحمي طفلك من الحصبة بعد تحذير «الصحة العالمية»؟
انتشار للحصبة مثير للقلق دفع منظمة الصحة العالمية لإصدار تحذير بشأنه، وصفته بـ«تهديد خطير ومتزايد»، كاشفة عن الأسباب التي تجعل الآباء يشعرون بالقلق إزاء الحصبة، خصوصًا أنّ الإصابة بهذا الداء يُمكن أن تُؤدي إلى العمى والصمم أو الإصابة بالالتهاب الرئوي، وفي أسوأ الحالات قد تؤدي إلى الوفاة.
مخاوف بشأن تفشي الحصبةالدكتورة ناتاشا كروكروفت، المستشارة الفنية الأولى لمنظمة الصحة العالمية، قالت خلال حلقة من برنامج «العلوم في خمس» الذي تبثّه المنظمة عبر منصّاتها الرسمية، إنّ الإصابة بالحصبة قد تؤدي إلى حدوث عدوى الدماغ بعد سنوات لاحقة، أي بعد فترة طويلة من تعافي الطفل من الحصبة، وكل هذه المضاعفات مُدمّرة لكن يُمكن الوقاية منها بالكامل من خلال التطعيم، مشيرة إلى أنّ نحو 22 مليون طفل لم يحصلوا على التطعيم ضد الحصبة في عام 2023، وهو ما يؤدي إلى تفشي مرض الحصبة على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء العالم، ما يُؤدي إلى زيادة كبيرة في الحالات.
كيفية الوقاية من مرض الحصبةوبحسب الصفحة الرسمية لمنظمة الصحة العالمية، فإنّه يُمكن الوقاية من مرض الحصبة من خلال الحصول على اللقاح على نطاق المجتمع المحلي، فهو السبيل الأنجح للوقاية من الحصبة، وينبغي تلقيح جميع الأطفال ضد الحصبة، علمًا بأن اللقاح مأمون وناجح وغير مكلف، إذ يجب أن يحصل الأطفال على جرعتين من اللقاح ضمانًا لتزويدهم بالمناعة ضد المرض، وعادةً ما تُعطى الجرعة الأولى للطفل في عمر 9 أشهر في البلدان التي تنتشر فيها الحصبة وفي عمر يتراوح بين 12 و15 شهرًا في بلدان أخرى، وينبغي إعطاء الطفل جرعة ثانية من اللقاح في وقت لاحق من مرحلة الطفولة عند بلوغه عمرًا يتراوح بين 15 و18 شهرًا في العادة.
وأشارت المنظمة إلى أنّ لقاح الحصبة يُمكن تلقيه وحده أو بالاقتران مع اللقاحات المضادة للنكاف أو الحصبة الألمانية أو الحماق.
ما علاج الحصبة؟ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإنّه لا يوجد علاج محدد للحصبة، وتعتمد عملية تقديم الرعاية للمرضى على مجرد تخفيف الأعراض؛ ليشعر المريض بالارتياح ويُحال دون تعرّضه لمضاعفات.
وإلى جانب ذلك قد يكون من الضروري شرب كميات كافية من المياه وتناول علاجات الجفاف لتعويض المريض عما يفقده من سوائل بسبب الإسهال أو التقيؤ، كما يجب أيضًا أن يتناول المرضى أطعمة مغذية في إطار اتباع نظام غذائي صحي، وأحيانًا ما يلجأ الأطباء إلى إعطاء مريض الحصبة المضادات الحيوية لعلاج الالتهاب الرئوي والتهابات الأذن والعين.
ويحصل الأطفال والبالغين من المرضى على جرعتين من المكملات الغذائية الفموية بفيتامين (ألف)، على أن يكون الفارق الزمني بين الجرعتين 24 ساعة، إذ يساعد هذا العلاج على إعادة مستويات الفيتامين إلى مستوياته الطبيعية التي تحدث حتى عند الأطفال الذين يتغذون تغذية جيدة، كما يُمكن أن يساعد في منع تلف العين والإصابة بالعمى، وقد تقلل أيضًا المكملات الغذائية بالفيتامين (ألف) عدد الوفيات الناجمة عن الحصبة.