«عندما لا تجد أحداً يسمعك؛ اكتب فالورقة كفيلة بأن تنصت لقلمك».. تلك كانت نصيحة «ويليام شكسبير» ربما تأخذنا هذه النصيحة للبحث فى هذا التساؤل الذى بحث فيه العديد من الكتاب والمبدعين، وتعددت إجاباته وتشعبت حتى جمعتها الكاتبة «ميريديث ماران» من خلال لقاءات صحفية فى كتابها «لماذا نكتب؟»، ولعلنا نجد فيه عبارات لمختلف الكُتاب، كل منها يأخذنا للمزيد من الإبحار فى عالم القلم وما يكتب، فهل القلم يخترق حصون النفس فيحطم قيودها؟ وهل الكلمة اعتراف مستتر؟ أم هى مواجهة للضمير؟ أم تراها مجرد هروب من واقع لا مفر منه؟ ويحدثنا «فرانز كافكا» عن الكتابة فيقول عنها: «هى تكليف لم يكلفنى به أحد»، ربما يعرف الكثير من أصحاب الأقلام أن القلم صديق وفىّ لا يكذب ولا ينافق، حتى إنه أحياناً يبدو كعدو يفضح المستور أو يغلفه! وقد يساورنا استفهام عن دور الخيال فى حضرة الواقع؟ ولأن للكتابة صوراً كثيرة بين الإبداع وتسجيل العلوم والعمل المهنى؛ فكان لا بد أن نختص بسؤالنا الكتابة الإبداعية بكل صورها.
فى الواقع قد لا نجد إجابة واحدة جامعة تفسر سبباً محدداً أو وحيداً للكتابة، لأن لكل كاتب أسبابه الخاصة به، ليس هذا فقط، وإنما لكل مكتوب حالة تسببت فى كتابته، ولكى نستطيع الإلمام بغالبية هذه الأحوال وترجمتها النفسية؛ فلابد أن نتعرف على من يكتب؟ ونقرأ ماذا كتب؟ وكيف تأثرنا بما قرأناه؟ ثم نبحث فى لماذا كتب؟
قد نجد الإجابة عند سن القلم وفى ثبات اليد أو رعشتها، فنحن نكتب عندما نريد أن تسمعنا كل الخلائق دون أن نتكلم، عندما نرغب فى الصراخ الصامت، وهنا تكون الأحبار دموعاً تتألم، نحن نكتب عندما لا تسع الأرض أفراحنا، أحلامنا، مخاوفنا، ذكرياتنا، أوهامنا وأحزاننا، فما كتاباتنا إلا رسائل نرسلها لأنفسنا ثم للعالم، لنعبر بها عما يجول بخواطرنا وتنبض به قلوبنا وتسافر إليه عقولنا، فهى بين مشاعر حقيقية ذاتية أو تفاعلية «مع الغير» وبين خيال يحمل أحلاماً أو مخاوف مع الأوهام، ولعل هذا ما يجسده الشعر والنثر والخواطر، ولدينا أيضاً ما بين أحداث الواقع، والتأثر بالعالم المحيط وبين خيال من العالم الافتراضى بكل ما يحمله من قيم ومبادئ أو ما ينبذه من تدنٍ وانحلال فتبحر بهم القصة ومعها الرواية للسرد والعرض البديع لكل صورة وما تحمله نفس الكاتب من قبول لها أو رفض يجسده فى الأحداث والنتائج وما تحمله من رسائل للتأسى والاقتداء أو الانتباه والاعتبار، ولا ننسى المجال الصحفى بتجسيده للأحداث والعرض القصصى والمقال الذى يحمل الجمع بين الرأى والسرد والعرض.
بقى سؤال يفرض وجوده وهو: هل يستطيع أى شخص غير موهوب أو مبدع أو متمرس أن يكتب؟ أياً كانت الإجابة فإنى أجد الكتابة بكل صورها هى: «أداة تخبرنا دوماً أننا ما زلنا أحياء وما زالت الحياة تداعب فينا الإحساس».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشعر النثر الإحساس الكتابة
إقرأ أيضاً:
علي فوزي يكتب: عشم إبليس في الجنة
لطالما كانت أطماع إسرائيل في الأراضي الفلسطينية محورًا رئيسيًا للسياسة الإسرائيلية، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية. إلا أن هذه الأطماع تأخذ أبعادًا جديدة مع تزايد الدعم من بعض القوى الدولية التي لا تلوح في الأفق نية جادة لتحقيق السلام العادل في المنطقة. من بين هؤلاء الداعمين كان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي قدم دعمه اللامحدود لإسرائيل في محاولاتها لتوسيع نفوذها على الأراضي الفلسطينية.
لقد شكلت فترة رئاسة ترامب بداية حقبة جديدة من الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل، حيث عمل على دعم سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية، معترفًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفرض إجراءات أضعفت محاولات السلام. وفي هذا السياق، تبدو أطماع إسرائيل في السيطرة على أراض جديدة في غزة والضفة الغربية وكأنها تتخذ طابعًا أكثر عدوانية، مدفوعةً بمساندة أمريكية واضحة.
لكن هذه الخطط لم تلقَ قبولًا من العديد من الدول العربية التي ترى أن الحلول أحادية الجانب لا تؤدي إلا إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. فمصر والسعودية، على سبيل المثال، كان لهما دور بارز في التصدي لهذا التوجه. وفي قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عُقدت في الرياض، أعلنت الدول العربية رفضها القاطع لمحاولات فرض أمر واقع جديد على الأرض الفلسطينية. كان هذا التصريح بمثابة رسالة قوية لإسرائيل وللمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد مسألة ثانوية يمكن تجاهلها أو تهميشها.
تجسد هذه المواقف العربية موقفًا حازمًا ضد محاولات استغلال الدعم الأمريكي لتحقيق أهداف إسرائيلية بعيدة عن العدالة.
الضفة الغربية وقطاع غزةفمصر والسعودية تدركان جيدًا أن السلام الشامل والعادل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال احترام حقوق الفلسطينيين وتقديم حلول عادلة على أساس مبدأ حل الدولتين.
وفي هذا الإطار، تظل أطماع إسرائيل في غزة والضفة الغربية، رغم الدعم الدولي الذي تتلقاه، مجرد "عشم إبليس في الجنة".
فالواقع على الأرض لن يغيّره تحالفات سياسية أو دعم من قوى عظمى، بل الحل يكمن في إرادة الشعوب العربية وتمسكها بحقوق الفلسطينيين المشروعة.