دراما اجتماعية مروعة تستحق الانتباه في “المظلوم لا يبكي”
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
متابعة بتجــرد: فيلم “المظلوم لا يبكي” من إخراج المخرج المغربي البريطاني فيصل بوليفة يُعتبر تمثيلاً عميقًا للواقعية الاجتماعية المروعة، حيث يبرز قضايا اجتماعية حادة ويظهر النظام المقسم بشكل واضح في كيفية التعامل مع الأفراد الذين لا يتناسبون مع الفكرة المسبقة للنجاح.
الفيلم يعكس الحياة اليومية للكثيرين، خاصة في البلدان التي تعاني مستويات مرتفعة من عدم المساواة الاجتماعية، ويتميز بفعالية كبيرة في تصوير الواقعية، وهذا ما يجعله مزعجًا قليلاً.
يتناول المخرج فيصل بوليفة قصة حياة امرأة في منتصف العمر وابنها البالغين وهما يجوبان شوارع المغرب العدوانية المعاصرة، محاولين البحث عن فرصة للهروب من الفقر، ويظهر بجلاء كيف يصبح الأمر أكثر صعوبة مع مرور الوقت حيث يفتقر كل منهما إلى توجيه ويدركون أن الطموح لا يكفي دائمًا إذا لم يتمتع الشخص بالمهارات الضرورية لتحقيقه بنجاح.
الحبكة دراما اجتماعية واقعية تحمل رسالة قوية وتطرح أسئلة صعبة حول الحياة في عالم مليء بالعدوانية وعدم المساواة الاجتماعية، ويجمع بين لحظات مؤثرة وصادمة تثير تفكير المشاهدين في قضايا هامة ويجعلهم يتأملون في العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع حيث يحمل السيناريو في طياته رسائل قوية تتعامل مع قضايا حيوية، ويثير أسئلة هامة حول الحياة في عالم مليء بالعنف وعدم المساواة الاجتماعية. ويسلط الضوء على ضرورة فهم ومعالجة هذه القضايا ويشجع المشاهدون على التفكير بعمق حول تأثيرها في حياتنا اليومية.
هذا الفيلم هو عمل فني يحمل طابعًا راديكاليًا وجاذبًا يجرنا بعمق إلى حياة شخصياته. يأخذنا في رحلة طويلة ومليئة بالتحديات للبحث عن منزل في بيئة تفتقر إلى الدعم المألوف للأشخاص الذين يواجهون صعوبات، نتحول نحن المشاهدين إلى مشاهدين متطفلين نلقي نظرة على حياة هؤلاء الشخصيات وأنشطتهم اليومية، و يتبين أن هذه الأنشطة ليست عادية إطلاقا، حيث يتغير كل يوم جديد ويثير شعورًا بعدم التوقع، إنها قصة عن أناس عاديين يعيشون حياة متقلبة بلا هوية ، وخلال الساعتين التي نمضيها معهم، لا يتركون مكانًا لفترة طويلة، يواجهون تحديات مستمرة في البحث عن مأوى في أماكن غير مستقرة.
القصة تشكل أساسًا لاستكشاف شديد العمق للمغرب الحديث، حيث يعكس المخرج واقع بلاده وصعوبة العيش في بيئة معادية عندما تكون البقاء هو الهدف الأساسي. الشخصيات الرئيسية، اللذان يتجولان في أماكن حضرية غير مرحب بهم دائمًا، يبحثان عن مأوى وانتماء بينما يحاولون التأقلم مع واقعهم الجديد، ويصوّر بشكل مؤلم رحلة البحث عن الأمان والراحة في بيئة غير مألوفة، والرغبة الأبدية في الانتماء إلى مكان ما، وهو موضوع يعكس بشكل متقن من خلال الصور الزاهية والمعقدة التي يتميز بها.
الفكرة الرئيسية وراء هذا المشاهد تكمن في أن السفر نحو مستقبل غير مؤكد ليس مجرد استخدام حرفي في هذه الدراما الواقعية الجديدة، بل هو رمز يمثل مجموعة واسعة من الأفراد الذين يجدون أنفسهم متشتتين في عالم لا يتجلى فيه الاتجاه. تعد هذه القصة دراسة شخصية معقدة حول أفراد يعيشون حياة معقدة تتراوح بين البساطة والبحث المستمر عن وسائل جديدة للبقاء على قيد الحياة. على الرغم من وجود إمكانية التعاطف مع هؤلاء الأفراد، إلا أن الفيلم يصور تحدياتهم بصرامة ويقدم الشخصيات الرئيسية بصورة معيبة بعمق.
إنها ليست قصة زوجين من الشهداء الذين يكافحون فقط بناءً على ظروفهما، بل هي تصوير صادق ولا يرحم لكيفية تأثرنا ببيئتنا، وكيف يمكن أن تعوق الأوضاع القائمة أحيانًا النجاح المحتمل. يقدم الأداء المذهل والمؤثر للممثلين الرئيسيين، عائشة تبعة وعبد الله الحجوجي، تفاصيل غنية ومعقدة. إن هناك غزارة من التفاصيل في أدائهما، وكلاهما يبرز على نحو استثنائي في تجسيد زوجين من الشخصيات الرئيسية التي قد تكون ضعيفة بدون التعاون الوثيق مع المخرج الملتزم باستكشاف التأثير
تألق الممثلون في الفيلم بأداء استثنائي حيث قدموا شخصيات معقدة بشكل ممتاز، هذا الأداء المتفرد ساهم إلى حد بعيد في تعزيز التأثير العاطفي للفيلم وجعل الشخصيات أكثر قربًا ومصداقية، كما استخدم المخرج السفر كرمز يمثل التحديات التي تواجه الأفراد والبحث عن الأمان في بيئة غير مألوفة، هذه الرمزية تضيف عمقًا إلى قصة الفيلم وتعزز فهم المشاهدين للشخصيات وتجاربهم.
العمل يعتبر من الأعمال السينمائية ذات الأهمية الكبيرة، حيث يتناول موضوعًا حساسًا يعانيه نسبة كبيرة من سكان العالم، وهم الذين يعيشون في ظروف صعبة ويعتمدون على موارد محدودة من محيطهم، و يركز واقع الطبقة العاملة في المغرب، لكنه يلامس مسائل عالمية أيضًا، يُعتبر المخرج صوتًا بارزًا في صناعة السينما المعاصرة، ويعطي هذا الفيلم تصويرًا قويًا ومؤثرًا لواقع قد يكون مؤلمًا، لكنه يقدم لمحة هامة وعميقة عن الحياة في هذا الواقع.
المخرج المغربي البريطاني فيصل بوليفة أخرج الفيلم ببراعة التصوير الواقعية والاجتماعية بشكل مؤثر ومثير، مستخدما عناصر السينما ببراعة لنقل الجمهور إلى عالم الشخصيات الرئيسية وتفاصيل حياتهم بشكل واقعي، تميز الفيلم في تجسيد الصعوبات في الحياة التي يواجهها الأفراد والتي تجعلهم معرضين للمعاملة بغير وجه حق ومظهرًا واضحًا للنظام المقسم في المجتمع.
يُذكّر أنّ فيصل بوليفة تعاون مع المنتجين أنفسهم الذين عمل معهم في فيلمه القصير “The Curse”، الذي فاز بجائزة إيلي في قسم مخرجي الأفلام في مهرجان كان السينمائي وتم ترشيحه لجوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام في عام 2013.
main 2023-09-18 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: فی بیئة
إقرأ أيضاً:
وزارة المجاهدين تُدين السلوكات “المشينة” التي تمس برموز الثورة الجزائرية وتاريخها المجيد
أصدرت وزارة المجاهدين، مساء اليوم الأحد، بيانا صحفيا، نددت فيه بالسلوكات “المشينة” التي تمس برموز الثورة الجزائرية وتاريخها المجيد. ويأتي هذا على خلفية تداول إشاعات مغرضة وتصريحات زائفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق بما يُسمى بـ”بطاقة أحفاد الشهداء”.
وجاء في البيان، أنه “تبعاً لتداول سلوكات تروم التطاول على رموزنا الوطنية، في مواقع التواصل الاجتماعي ونشر إشاعات مغرضة وتصريحات زائفة حول عملية الاعتراف بالمجاهدين، والترويج لوثائق لا أساس لها من الصحة تتعلق بما أصطلح عليه “بطاقة أحفاد الشهداء”، وهي الاشاعات والسلوكات التي ينشرها دعاة التدليس والتضليل، والتي تهدف إلى محاولات المساس بتاريخ ثورة أول نوفمبر 1954، وتصفية حسابات ضيقة تجاه رموزها الأفذاذ، بعدما أنّ سُدّت في وجوههم محاولات اللّعب على أمن ذاكرتنا الوطنية.”
وأكدت الوزارة، “أن هؤلاء الحاقدون أو الـمغرّر بهم الذين ينفثون سمومهم تجاه تاريخنا المقدّس ورموزه من الشهداء والمجاهدين ممن صنعوا عزة الجزائر ومجدها الأصيل، ديدنهم خدمة أجندات الفكر الاستعماري الفرنسي البغيض، الذي مازال أذنابه يحنون إلى الماضي الذي طويت صفحاته في الخامس من جويلية 1962، بتضحيات بنات وأبناء الشعب الجزائري، في محاولاتهم اليائسة للتعكير على ما تشهده الجزائر اليوم من زخم الإنجازات والتنمية في مختلف المجالات.”
وأضاف البيان:”وتنويراً للرّأي العام، تشجب وزارة المجاهدين وذوي الحقوق تلك السلوكات المشينة والتجاوزات التي تمس برموز تاريخنا المجيد، وتفنّد ما يتم تداوله بين حينٍ وآخر سواءً ما تعلّق بعملية إثبات العضوية التي تصدر عن اللجنة الوطنية للاعتراف التي أنهت أشغالها سنة 2002، بناءً على توصيات ولوائح المؤتمر التاسع للمنظمة الوطنية للمجاهدين، وكذا العمليات المرتبطة بالحماية الاجتماعية للمجاهدين وذوي الحقوق والتي تحكمها النصوص الناظمة لعمل القطاع، وتنفي نفياً قاطعاً ما يتم نشره من مغالطات ومعطيات مجانبة للصواب حول بطاقات ما سمي ببطاقات أحفاد الشهداء، وتحتفظ بحق المتابعة القضائية لكل من يعمدُ إلى الترويج لهذه الأخبار والتصريحات الكاذبة، ولن تتوانى في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كلّ من يتجرأ على رموز تاريخنا الوطني ومآثرنا المجيدة، وذلك طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما في هذا الشأن.
كما أكدت الهيئة ذاتها، أنّ الدّولة بموجب أسمى قوانين البلاد -الدستور-تضمن احترام رموز الثورة وأرواح الشهداء وكرامة ذويهم والمجاهدين، من خلال ما تسخّره من إمكانيات لخدمتهم والحفاظ على ذاكرتهم بما يؤكّد مدى وفاء الأمة للتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا الكريم، ومدى تشبع الأجيال بالروح الوطنية، واعتزازهم بأمجاد ثورة أول نوفمبر 1954، وضمان التلاحم الوطني، والدفاع عن السيادة، وحماية مكاسب الشعب، وصون مؤسّسات الدولة، ومواصلة مسيرة الانتصارات من أجل البناء والتّنمية بعزم وثبات.
وقالت وزارة المجاهدين “إنّ المتّتبع لاستراتيجية وزارة المجاهدين وذوي الحقوق في ميدان تخليد ذاكرة الشهداء والمجاهدين، تجسيداً لبرنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يلاحظ اعتماد خطاب تاريخي جامع، وما تحقق من مكتسبات ومنجزات في مجال صون الذاكرة الوطنية من خلال تحسين وتعزيز المنظومة الاجتماعية والتشريعية والتنظيمية للمجاهدين وذوي الحقوق، والارتقاء بمنحنيات تنظيم الأعمال العلمية والأكاديمية التاريخية، وتسخير الرقمنة في هذا المجال، وإنجاز الأعمال الفنية والسمعية البصرية التاريخية، والعمل مع جميع الفواعل من المجتمع المدني والشباب لخدمة الذاكرة باعتبارها الحصن المنيع للوحدة الوطنية والمرجعية المثلى للحفاظ على الهوية الوطنية.”
وختم بيان وزارة المجاهدين:”وإذ تهيب وزارة المجاهدين وذوي الحقوق بشباب الجزائر (أحفاد الأمير عبد القادر وأحمد باي ولالة فاطمة نسومر والشيخ آمود، والعلامة عبد الحميد بن باديس، وسي مصطفى بن بولعيد وسي ديدوش مراد وسي أحمد زبانة وسي زيغوت يوسف والعقداء لطفي وعميروش وسي الحواس وحسيبة بن بوعلي ومريم بوعتورة…)، وبأعضاء أسرة الإعلام الشريفة، أنّ يعزّزوا وعيهم بالرّهانات التاريخية المطروحة، فإنّها تؤكد مرة أخرى إلى أنّ أبوابها مفتوحة للحصول على أي معلومات من شأنها أن تسهم في خدمة المجاهدين وذوي الحقوق وصون ذاكرتنا الوطنية المجيدة.”