الوطن:
2025-03-10@10:30:14 GMT

شهاب خالد يكتب: حياة أخرى

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

شهاب خالد يكتب: حياة أخرى

أى سبيل إلى نفسى غير الكتابة ومناجاة الأقلام؟ وأى مشغلة للفراغ أجمل من قضاء الوحدة بالكتابة، أو بالجلوس مع الكُتّاب أو بالجلوس بين صفحات كتاب، نحن نكتب لأننا نحتاج إلى الكتابة لكى نُفرغ المكنون فى صدورنا، نكتب لأننا لا نجد من يحتضننا غير الورق، نحن نكتب ما نعجز عن وصفه، نكتب لنفصح عن الأحزان التى تسكن فى دواخلنا، نكتب لأننا مُغرمون بالقلم، كما الليل قد أغرم بالنهار، نكتب لأننا نعشق القلم كما الظلمة قد عشقت الفجر.

مثلما قال «عباس محمود العقاد» عن الكُتب، فإن الأقلام كذلك مثل البشر منها الوقور ومنها الكئيب، والظريف، والجميل الرائع، والثورى، والساذج الصادق، والكاذب، والخائن، والوضيع، والورق يتسع لكل هذه الأقلام. الورق هو الصدر الرحب لكل هذه الأقلام، الورق هو الباب الذى لا يغلق فى وجه أى قلم، الورق هو الشىء الوحيد الذى يستطيع أن يتحمل كل هذه الآلام والأوجاع التى تسكن فى دواخلنا ولا نستطيع أن نبوح بها.

القلم هو ذلك الكائن الذى بإمكانه أن يجمع الآلاف بل الملايين ويحركهم كيفما يشاء، القلم له سحر فهو يشرح ويعبر ويحلل، ويربط الأحداث بشكل خرافى مبهر، القلم له سلطة يستطيع أن يتكلم ويحكى ويقُص دون أن يُوقفه أحد، الله عز وجل أول ما خلق، خلقَ القلم، الله سبحانه وتعالى كرّم القلم، وجعل له سورة كاملة فى النص الخالد اسمُها سورة «القلم» فالقلم يكتب وينسخ، ويخط كل ما بداخل الإنسان، وما يدور فى الحياة، فالقلم هو الذى يخط حسناتنا وسيئاتنا.

نكتب لنخرج من عالمنا المعتاد إلى عوالم أخرى لم نسمع عنها من قبل، نكتب لكى نتقابل ونتحاكى مع الكُتَّاب الكبار الذين رحلوا ولم نرهم، نتحاكى مع (العقاد) نتحاكى مع (الرافعى) نتحاكى مع (محفوظ)نتحاكى مع (الحكيم) ليس وجهاً لوجه، بل قلماً لقلم.

أما أنا فلماذا أكتب؟ هل أكتب لكى أحظى بوجود اسمى بين الكُتَّاب؟ أم لتبقى سيرتى بعد مماتى؟ أكتب كى لا أكون كالذى يمر على الدنيا كعابر سبيل، ويعيش حيناً من الدهر ولا يعرفه أحد. أصبحت أكتب لأنى بالكتابة أصير سيدهم، أكتب لأنى خُلقت من رحم الكتابة، أكتب حتى يكون لدى حياة أخرى، أكتب لأن القلم استدعى أشياء لا بد لها أن تُكتب قبل أن تندثر فى سجل المهملات، أكتب لنفسى، أكتب للاستمتاع الذاتى، أكتب لأنى من خلال الكتابات أستطيع أن أعبر عما أعجز عن وصفه، أكتب لكى أقتل الوحدة التى لازمتنى، أكتب من أجل البقاء لكلماتى، أخيراً أدركت أنى أكتب لأنى أريد أن أكتب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الكتابة عباس محمود العقاد

إقرأ أيضاً:

إفطارهم فى الجنة.. محمد جبر شهيد الواجب الذى لم يرحل

في قلب كرداسة، هناك شوارع لا تزال تحمل صدى ذكريات الشهيد محمد جبر، مأمور القسم الذي دفع حياته ثمناً لأداء واجبه، لم يكن مجرد ضابط شرطة، بل كان رجلاً من لحم ودم، حمل على كاهله أمانة الوطن وراحته، هكذا يصفه كل من عايشه، هكذا تتذكره أسرته، وكأن روحه لا تزال تُرفرف في كل زاوية من هذا المكان الذي شهد آخر لحظاته.

محمد جبر، ذلك الرجل الذي رسم صورة للمثابرة، كان دائمًا ما يردد بين زملائه: "كلنا في خدمة الوطن، وإذا كان هناك من يتوقع أنني سأخاف، فهو لا يعرفني". كان شامخًا، رغم كل التحديات، يتحمل مسؤولياته بكل شجاعة وهدوء، لم يكن يهاب الصعاب، بل كان يقف دائمًا في الصف الأول ليحمي وطنه وأهله، تمامًا كما تعلم في كلية الشرطة، أن أسمى رسالة هي حماية المجتمع بكل ما يملك.

كان يومًا عاديًا، لم تتوقع أسرة الشهيد محمد جبر أنه سيكون آخر يوم في حياة ابنهم، لكن عندما جاء الصباح، جاء معه خبر الفاجعة، استشهد محمد جبر أثناء دفاعه عن مركز شرطة كرداسة، تلك المنطقة التي شهدت تطورات أمنية خطيرة. وعندما انتقل إلى جوار ربه، كانت الدموع في عيون الجميع، ولكن بقيت هناك ابتسامة حزينة على وجهه، ابتسامة تطمئنهم أنه كان قد أتم مهمته على أكمل وجه. "لم يكن يُخشى عليه، فقد كان البطل الذي يعرف كيف يحمي وطنه بروح عالية".

قالت أسرته في تصريحات سابقة لليوم السابع، بصوت يكاد يخبئه الحزن: "كان محمد هو الحلم الذي لم يكتمل، كان أبًا يُحيي الأمل في قلوب أولاده، وكان زوجًا يعكس أسمى معاني الوفاء. والآن، كلما نظرت إلى أبنائنا، أرى فيهما ملامحه وابتسامته التي لا تموت". لا تستطيع أن تمسك دموعها، لكن في قلبها تنبض مشاعر الفخر بما قدمه زوجها من تضحيات.

لا تكاد الذاكرة البصرية تخلو من صورة محمد جبر، التي تملأ غرفته في منزله ،صورة تعكس شجاعة وقوة رجل لا يعرف الخوف، فقد كانت الخدمة في شرطة كرداسة، في تلك الأيام العصيبة، رحلة محفوفة بالمخاطر. "هو في قلوبنا لا يموت"، هكذا يقول محبيه وهم يعانقون صوره، كانت الكلمات تتردد في حديثهم "محمد لم يكن مجرد اسم، بل كان عنوانًا للشجاعة والصدق، ومع كل فجر جديد، نقول له: أنت في القلب دائمًا".

وبينما يمر الوقت وتظل حكايات الأبطال تتوارث من جيل إلى جيل، يبقى الشهيد محمد جبر رمزًا للصمود والشجاعة. لم يكن مجرد ضابط شرطة، بل كان رمزًا للمسؤولية وحب الوطن. يبقى اسمه في قلب كل من يعرفه، وسيظل ضوءًا يضيء سماء كرداسة وكل مصر، يذكرنا بأن العطاء لا يُقاس بمدة، بل بنبل الهدف والشرف الذي خلفه.

في كل زقاق، وفي كل شارع، تحيا ذكرى محمد جبر، وتبقى قصته شاهدة على أن الشهداء لا يموتون، بل يتجددون في قلوبنا، ويتسابقون مع الزمن ليجعلونا نرفع رؤوسنا بكل فخر.

في قلب هذا الوطن الذي لا ينسى أبنائه، يظل شهداء الشرطة رمزًا للتضحية والفداء، ويختصرون في أرواحهم أسمى معاني البذل والإيثار، رغم غيابهم عن أحضان أسرهم في شهر رمضان، يبقى عطاؤهم حاضرًا في قلوب المصريين، فالوطن لا ينسى من بذل روحه في سبيل أمنه واستقراره.

هم الذين أفنوا حياتهم في حماية الشعب، وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والإصرار على مواجهة الإرهاب، هم الذين لم يترددوا لحظة في الوقوف أمام كل من يهدد وطنهم، وواجهوا الموت بابتسامة، مع العلم أن حياتهم ليست سوى جزء صغير من معركة أكبر ضد الظلام.

في رمضان، حين يلتف الجميع حول موائد الإفطار في دفء الأسرة، كان شهداء الشرطة يجلسون في مكان أسمى، مكان لا تدركه أعيننا، ولكنه مكان لا يعادل في قيمته كل الدنيا؛ فإفطارهم اليوم سيكون مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.

مع غيابهم عن المائدة الرمضانية في بيوتهم، يظل الشعب المصري يذكرهم في صلواته ودعواته، تظل أسماؤهم محفورة في ذاكرة الوطن، وتظل أرواحهم تسكن بيننا، تعطينا الأمل والقوة لنستمر في مواجهة التحديات.

إن الشهداء هم الذين حفظوا لنا الأمان في عز الشدائد، وهم الذين سيظلون نجومًا مضيئة في سماء وطننا، فلهم منا الدعاء في كل لحظة، وأن يظل الوطن في حفظ الله وأمانه.







مشاركة

مقالات مشابهة

  • خيط الجريمة.. قصة شخص فى مطروح ردد اسم قاتله كاملا قبل وفاته
  • خالد الغندور يكشف موقف نجم الأهلي السابق من العودة للفريق
  • سعد لمجرد يعلن عن إطلاق عملة رقمية
  • الإصلاح والنهضة: السيسي تحدث عن السلام من صرح عسكري لأننا قوة الحق
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: الإنسان الروحي في عالم مادي
  • إفطارهم فى الجنة.. محمد جبر شهيد الواجب الذى لم يرحل
  • محمد أبو شهاب والمندوبة الدائمة لبلجيكا لدى الأمم المتحدة يبحثان التعاون
  • تأجيل معرض "القلم" لفنون الخط العربي بالهناجر
  • البرق ينهي حياة امرأة ويصيب أخرى
  • الأسانسير يكتب الفصل الأخير في حياة سيدة أوسيم