هل سيحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في عالم تصميم الأزياء؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
يُحدث الذكاء الاصطناعي تَحوّلاً أيضاً في عالم الأزياء، لكن هذه التكنولوجيا الآخذة في الازدهار لن تتمكن يوماً من أن تكون بديلاً من "إبداع" المصممين، بحسب المسؤول عن مشروع رائد.
وابتكر كالفن وونغ أول برنامج ذكاء اصطناعي يتولى إدارته مصمم أزياء، ويُعرف باسم Interactive Design Assistant for Fashion (اي "مساعد تصميم الأزياء التفاعلي القائم على الذكاء الإصطناعي") أو اختصاراً AiDA ("أيدا")، ويستخدم البرنامج تقنية التعرف على الصور للانتقال بسرعة أكبر من مسودة رسم التصميم الأولى إلى مرحلة عرض الأزياء.
ويقول وونغ لوكالة فرانس برس في لندن إن "مصممي الأزياء يحمّلون على البرنامج رسوم الأنماط المطبّعة والألوان التي يعتزمون استخدامها ومسودة رسومهم الأولى".
ويضيف: "بعد ذلك، يمكن لأداتنا التعرف على عناصر التصميم هذه وتقديم اقتراحات أخرى للمصممين لتحسين تصميمهم الأولي وتعديله".
ويتحدث كالفن وونغ عن أهمية برنامج "أيدا"، وقدرته على أن يقدّم للمصمم "كل النماذج الممكنة" للتصميم الواحد، وهو ما يستحيل من دون الذكاء الاصطناعي.
وعُرضت في معرض "أم بلاس ميوزيزم" في هونغ كونغ خلال كانون الأول/ديسمبر الفائت تشكيلات لأربعة عشر مصمم أزياء ساهمت هذه الأداة في وضعها.
ويشدد كالفن وونغ على أن هذه الأداة تهدف إلى "تسهيل وحي" المصممين، لكنها ليست "بديلاً من إبداعهم". ويعلق قائلاً "يجب أن نولي الأهمية الأكبر للإبداع الأصلي للمصمم".
ويدير وونغ مختبر الذكاء الاصطناعي في التصميم "أيد لاب" (AidLab)، وهو مشروع بحثي مشترك بين الكلية الملكية للفنون في المملكة المتحدة وجامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية، حيث يعمل أستاذاً لمادة الأزياء.
الحفاظ على المهاراتويلاحظ نائب مدير الكلية الملكية للفنون نارين بارفيلد أن تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الأزياء سيكون "تحويلياً".
ويضيف "سيكون هذا التأثير هائلاً بدءًا من مرحلة ولادة الفكرة والتصميم مروراً بالنموذج الأول وصولاً إلى التصنيع والتوزيع وإعادة التدوير النهائية".
وبدأ أصلاً اعتماد شخصنة التصاميم لتوفير تجربة أفضل للزبائن بفضل تحسين التوصية بمنتجات معينة وتعزيز فاعلية عمليات البحث، مما يساعد المتسوقين في العثور على ما يريدون بسرعة وسهولةأكبر.
ولكن مع تطور التكنولوجيا، تتطور أيضاً مجموعة البرامج التي تتمتع بدرجة عالية من التخصص.
ولا يعدو برنامج "أيدا" كونه واحداً من مشاريع "ايدلاب" الأخرى التي تعرض في لندن خلال أسبوع الموضة.
ويُعرض أيضاً مشروع Neo Couture ("نيو كوتور") الذي يهدف إلى الحفاظ على المهارات والتقنيات المتخصصة التي يستخدمها المصممون. وتُنشئ هذه الأداة نظاماً تدريبياً قائماً على الذكاء الاصطناعي يسهل تعليم تقنيات الخياطة.
المصمم السعودي محمد آشي أول خليجي ينضم إلى اتحاد الأزياء الراقية في باريسداعيًا إلى وضع ضوابط له.. غوتيريش يحذّر في جلسة للأمم المتحدة من مخاطر الذكاء الاصطناعيهل ينجح الاتحاد الأوروبي بفرض سياسات أكثر استدامة للأزياء السريعة؟تحت السيطرةإلاّ أن مستقبل الذكاء الاصطناعي في عالم الأزياء ليس واضحاً.
وتعترف مؤسِسة ماركة "كولينا سترادا" في نيويورك هيلاري تايمور بأنها استخدمت مع فريقها منشئ الصور "ميدجورني" لتصميم تشكيلتها التي عرضت في أسبوع الموضة في نيويورك مطلع أيلول/سبتمبر الجاري.
ومع أن هيلاري تايمور لم تستخدم سوى صور لتصاميم قديمة تابعة لدارها لإبتكار تشكيلتها لربيع وصيف 2024، إلا أن مشكلات قانونية يمكن أن تمنع الملابس المولدة بالذكاء الاصطناعي من الظهور على منصات عروض الأزياء.
وتتوقع أمينة متحف التصميم في لندن ريبيكا لوين "أن يثير المصممون قضايا حقوق الملكية الفكرية". وتعتبر أن هذه المسألة "قد تستغرق الكثير من العمل لتنظيمها".
ويرى مدير الكلية الملكية للفنون نارين بارفيلد أن هذه القضية حساسة بالفعل، ولكن يمكن حلها.
ورجّح أن "تستثمر الشركات" في الذكاء الاصطناعي "وتتبناه بسرعة إذا كان يوفّر لها ميزة تنافسية". والأمر الوحيد الذي يعيق الشركات حالياً هو "الاستثمار الضخم" في البنية التحتية اللازمة، على قوله.
ويضيف "لكن بمجرد أن تفعل، سيحقق لها ذلك وفراً".
أما على صعيد مخاوف المصممين من أن تحل المعلوماتية محل العملية الإبداعية البشرية، فإن المفتاح، بحسب نارين بارفيلد، هو معرفة من يتحكم في عملية إتخاذ القرار.
ويوضح أن المسألة يمكن أن تُطرح مع استخدام خوارزمية توصف بـ"الجينية"، إذ تتيح للكمبيوتر أن يُنتج استناداً إلى الرسم الأول بعد تحميله ألف رسم آخر مختلف عن الأصلي، مما قد يستلزم من المصمم البشري أسابيع.
ولكن إذا بقي المصمم متحكماً بالبرنامج، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفّر فوائد كبيرة من خلال تسريع العملية كثيراً من "دون جعل البرنامج يتخذ القرارات بدلاً من المصمم"، بحسب بارفيلد.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سالفيني ولوبن يشكّلان جبهة موحّدة ضد "طوفان الهجرة" استعداداً للانتخابات الأوروبية شاهد: استمرار عمليات رفع الأنقاض في قرية إيمين تالا المغربية أسبوع الموضة تصميم باريس الذكاء اصطناعي حرفة يدوية لندنالمصدر: euronews
كلمات دلالية: أسبوع الموضة تصميم باريس الذكاء اصطناعي لندن ليبيا فيضانات سيول إيران تغير المناخ ضحايا قتل فرنسا إيطاليا أستراليا درنة الشرق الأوسط ليبيا فيضانات سيول إيران تغير المناخ ضحايا قتل الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي
يحظى موضوع الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع عبر العالم في المناقشات والمنتديات والمجادلات حول الموضوع. ولقد سبق أن تناولت هذا الموضوع في مقالين بهذه الجريدة الرصينة: أحدهما عن الذكاء الاصطناعي والإبداع، والآخر عن الذكاء الاصطناعي والترجمة. ولكن هذا الموضوع يحتمل المزيد من التأملات دائمًا، إذ إن له أبعادًا كثيرةً لا حصر لها؛ ولذلك فإنني أريد في هذا المقال التنويه إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية التعليمية والبحث العلمي.
وقد يبدو أن استخدام كلمة «تأثير» أفضل من استخدام كلمة «مخاطر» الواردة في عنوان هذا المقال؛ لأن هذه الكلمة الأخيرة قد لا تبدو محايدة، وإنما تنطوي على حكم مسبق يتخذ موقفًا متحيزًا ضد تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهذا تفسير غير صحيح؛ لأن كلمة «مخاطر» تعني أن هناك طريقًا نسير عليه -أو ينبغي أن نسير فيه- ولكنه يكون محفوفًا بالمخاطر التي ينبغي أن ندركها لكي يمكن اجتنابها. فلا مراء في أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة كبرى في المعرفة البشرية.
هذه الثورة المعرفية تتمثل في القدرة الهائلة للآلة على توفير بيانات ضخمة في أي مجال معرفي، بل يمكن لبرامج هذه الآلة أن تؤلف نصوصًا أو موضوعات بحثية أو تصمم ابتكارات ومخترعات باستخدام هذه البيانات.
ولقد أثمرت هذه الثورة المعرفية بوجه خاص في مجال تطبيقات العلوم الدقيقة، وعلى رأسها الرياضيات البحتة التي تمتد جذورها في النهاية في المنطق الرياضي، كما لاحظ ذلك برتراند رسل بشكل مدهش في مرحلة مبكرة للغاية في كتابه أصول الرياضيات!
ولا شك أيضًا في أن الذكاء الاصطناعي له استخدامات مثمرة في مجال العملية التعليمية، إذ إنه يسهِّل على المعلم والطالب معًا بلوغ المعلومات المهمة والحديثة في مجال الدراسة، ويقدِّم المعلومات للطلبة بطريقة شيقة ويشجعهم على البحث والاستكشاف بأنفسهم.
وهنا على وجه التحديد مكمن المشكلة، فعندما نقول: «إن الذكاء الاصطناعي يشجع الطلبة على البحث والاستكشاف بأنفسهم»، فإننا ينبغي أن نأخذ هذه العبارة بمعناها الدقيق، وهو أن الذكاء الاصطناعي هو ذكاء الآلة، والآلة دائمًا هي أداة للاستخدام، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تكون بديلًا لدور المستخدِم الذي يجب أن يقوم بنفسه بالبحث والاستكشاف. وهذا يعني أن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي والتعويل عليه في عملية التعلم، سيؤدي إلى القضاء على روح المبادرة والاكتشاف، وسيحول دون تعلم مهارات التفكير الناقد critical thinking وتنميتها من خلال عملية التفاعل المباشر بين الطلبة والمعلم. وتلك كلها مخاطر حقيقية على التعليم.
ولا تقل عن ذلك مخاطر الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي الذي يصبح تكريسًا لسوء استخدام هذا الذكاء في مراحل التعليم المختلفة. بل إن المخاطر هنا تصبح أشد وأكثر ضررًا؛ لأنها تتعلق بتكوين باحثين وأساتذة يُرَاد لهم أو يُرجى منهم أن يكونوا علماء حقيقيين في مجالاتهم البحثية المتنوعة. ولعل أشد هذه المخاطر هو شيوع السرقات العلمية من خلال برامج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بعملية التأليف من خلال كتابات ودراسات وبحوث منشورة؛ وهو ما قد يشجع الباحث على استخدام المادة المُقدّمة له باعتبارها من تأليفه ودون ذكر للمصادر الأصلية التي استُمدت منها هذه المادة.
حقًّا أن الذكاء الاصطناعي نفسه قد ابتكر برامج لاكتشاف السرقات العلمية (لعل أشهرها برنامج Turnitin)؛ ولكن هذا لا يمنع الباحثين الذين يفتقرون إلى أخلاقيات البحث العلمي من التحايل على مثل هذه البرامج من خلال التمويه، وذلك بتطعيم البحث بمادة موثقة من مصادرها، بحيث يبدو البحث مقبولًا في الحد الأدنى من نسبة الاقتباسات المشروعة! وهذا أمر لا ينتمي إلى البحث العلمي ولا إلى الإبداع والابتكار.
وبصرف النظر عن مسألة السرقات العلمية، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي له مخاطر أخرى تتمثل في أن المادة المقتبَسة كثيرًا ما تكون مشوهة أو غير دقيقة، وهذا يتبدى -على سبيل المثال- في حالة النصوص المقتبسة المترجَمة التي تقع في أخطاء فادحة وتقدم نصًا مشوهًا لا يفهم مقاصد المؤلف الأصلي، وهذا ما فصلت القول فيه في مقال سابق. وفضلًا عن ذلك، فإن برامج الذكاء الاصطناعي لا تخلو من التحيز (بما في ذلك التحيز السياسي)؛ ببساطة لأنها مبرمَجة من خلال البشر الذين لا يخلون من التحيز في معتقداتهم، وهذا ما يُعرف باسم «الخوارزميات المتحيزة» biased algorithms.
ما يُستفاد من هذا كله هو أن الذكاء الاصطناعي ينبغي الاستعانة به في إطار الوعي بمخاطره؛ ومن ثم بما ينبغي اجتنابه، ولعل هذا ما يمكن تسميته «بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي»، وهي أخلاقيات ينبغي أن تَحكم برامج هذا الذكاء مثلما تَحكم المستخدم نفسه.