يجزم خبراء المناخ بأن الفيضان الذي اجتاح شرقي ليبيا في وقت سابق من هذا الشهر ليس إلا واحدة من الكوارث التي ستضرب العالم جراء التغيرات المناخية، في حين لا يزال الجدل دائرا بشأن العلاقة بين حركة الكواكب والزلزال الذي ضرب وسط المغرب.

لم تعد هواجس الاحتباس الحراري وهما من وجهة نظر العلماء الذين أكدوا أن درجات الحرارة القياسية المسجلة خلال الصيف الماضي ستفتح الباب أمام مفاجآت، خصوصا على سواحل البحر المتوسط وفي منطقة شمال أفريقيا على وجه التحديد.

حلقة (18 سبتمبر/أيلول 2023) من برنامج المرصد، أشارت إلى تأكيدات العلماء أن ما حدث في مدينة درنة ليس إلا انعكاسا للاحتباس الحراري وتغيرات المناخ المتسارعة التي بدأت تداعياتها الكارثية في التسارع.

لقد ابتلع الفيضان الذي ضرب الشرق الليبي ربع مدينة درنة وتركها أثرا بعد عين حيث ألقى ببنايات كاملة إلى البحر، في حين تحول الجزء المتبقي إلى بركة وحل.

الفيضانات ليست جديدة على درنة التي تعرضت إلى 5 فيضانات منذ 1941، وكان أشدها فيضان عام 1959، لكن السدين الواقعين على أطراف المدينة خففا من وقع السيول.

في المرة الأخيرة، كان الوضع مختلفا بعدما تمرد وادي درنة على كل الحدود وجرف كل ما وجده في طريقه بعدما فاق منسوب المياه قدرة السدين اللذين انهارا تاركين المدينة في وجه الفيضان.

خلال السنوات الماضية، حذر خبراء ليبيون من أن درنة تواجه خطر الفيضان بسبب تآكل السدين، لكن العلماء يلقون بما جرى كله على عاتق الاحتباس الحراري وتغيرات المناخ التي باتت تهدد ساحل المتوسط كله، لا سيما أن الصيف الماضي كان مؤشرا على كوارث مقبلة على هذه المنطقة، برأيهم.

كان الارتفاع القياسي في درجات الحرارة خلال الصيف مؤشرا على زيادة احترار الغلاف الجوي وتآكل نسبة الرطوبة في الهواء، مما يعني هطول أمطار طوفانية لا يمكن توقع مداها، كما يقول العلماء.

ما يزيد الأمر خطورة أن هذه الحرارة المرتفعة تزيد من جفاف التربة وتقلل قدرتها على امتصاص الأمطار، مما يعزز قدرتها على اجتياح كل ما يقف في طريقها من بشر وحجر.

جدلية الكواكب والزلزال

لكن العلماء وإن كانوا يجزمون بعلاقة فيضان درنة المدمر بتغيرات المناخ، فإنهم يخوضون جدلا بشأن علاقة حركة الاحتباس الحراري والزلزال الذي ضرب المغرب.

حيث يستعبد الخبراء علاقة تغيرات المناخ بالزلازل، لأن ما يحدث في باطن الأرض لا علاقة له بما يجري في طبقاتها الجوية العليا، كما يقولون.

كما يستبعد الخبراء أيضا النظرية التي يطرحها عالم الفلك الهولندي فرانك هوغربيتس بشأن علاقة الزلازل بحركة كواكب المجموعة الشمسية، حتى وإن صادف الواقع توقعاته، كما حدث في زلزالي تركيا (فبراير/شباط 2023)، والمغرب (سبتمبر/أيلول 2023).

مع ذلك، فإن مراكز بحث ألمانية دافعت خلال السنوات القليلة الماضية عن وجود ارتباط مؤكد للزلازل بتغيرات المناخ، وقد بررت الأمر بأن السيول الطوفانية تشبع التربة وزيادة وزن القشرة الأرضية مما يزيد في ضغطها وحركتها ويؤدي لاصطدامها ببعضها البعض.

وتعتقد هذه المراكز أيضا أن ذوبان القطبين وما ينتجه من ارتفاع مستوى المياه يزيد من تسربها لباطن الأرض ويحدث تصدعات تنتج الزلازل وموجات تسونامي.

في الأخير، فإن الأسباب العميقة لهذه الظواهر تكمن في أنشطة الإنسان على الكوكب، حيث لا يزال كبار الملوثين يكابرون في الاعتراف بتدمير الأرض عبر استغلال ثرواتها بجشع بدأت نتائجه تتجلى في شكل كوارث طبيعية تزيد عاما بعد آخر.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

فيضان النيل الأبيض يهدد جزيرة أبا ويكشف أزمات السودان المتفاقمة

تواجه ولاية النيل الأبيض في السودان كارثة بيئية وإنسانية متفاقمة، حيث اجتاحت مياه فيضان النيل الأبيض مناطق واسعة، متسببة في أضرار جسيمة وتشريد آلاف السكان.

تبرز أبا من بين المناطق الأكثر تضررًا، المدينة التاريخية التي شهدت انطلاق الثورة المهدية، والتي أصبحت الآن مهددة بالغرق الكامل.

الأضرار والتهديدات

غمرت المياه أجزاء كبيرة من الجزيرة أبا، بما في ذلك أحياء مثل زغاوة والإنقاذ والمزاد، مما أدى إلى انهيار مئات المنازل وتشريد آلاف الأسر، كما تأثرت البنية التحتية بشكل كبير، حيث انهارت جسور واقية وتضررت الطرق، مما صعّب حركة التنقل وعمليات الإجلاء.

بالإضافة إلى ذلك، تهدد المياه محطة مياه الشرب الرئيسية التي تزود نحو 70 ألف مواطن بالمياه النظيفة، مما ينذر بأزمة صحية وبيئية خطيرة.

الأسباب والخلافات

أشار وزير البنى التحتية بولاية النيل الأبيض، الطيب محمد الحسن، إلى أن إغلاق قوات الدعم السريع لخزان جبل أولياء ساهم في ارتفاع منسوب مياه النيل الأبيض، مما أدى إلى تراكم المياه خلف السد وزيادة حدة الفيضانات في المنطقة. 

 

الاستجابة والمخاوف الصحية


في مواجهة هذه الكارثة، بذل السكان المحليون جهودًا مضنية لتشكيل سدود وحواجز في محاولة لوقف تدفق المياه، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل أمام قوة الفيضان.

أعرب مهندسون في محطة مياه الشرب عن قلقهم من انقطاع المياه، مما قد يؤدي إلى تفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا، كما أن اختلاط مياه الفيضان بمياه الصرف الصحي يزيد من المخاطر الصحية، في ظل غياب الدعم الفني واللوجستي اللازم.

الوضع الإنساني

نزحت العديد من الأسر إلى مناطق أكثر أمانًا، حيث لجأ البعض إلى المساجد، بينما يفترش آخرون العراء دون مأوى، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع نقص في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى تهديدات من ظهور العقارب والثعابين نتيجة غمر المياه لمناطق واسعة.

دعوات للتدخل

في ظل هذه الظروف القاسية، تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل عاجل من قبل السلطات السودانية والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة اللازمة، سواء من خلال توفير مأوى للنازحين أو تقديم الدعم الطبي والغذائي.

كما يُطالب بفتح تحقيق حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الفيضانات ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير أو إهمال.

مقالات مشابهة

  • 5 عادات يومية تغير من حياتك في 2025| اعرفها
  • بسبب تغير المناخ.. قناة بنما تواجه مشكلة كبيرة
  • خلال 2024.. البيئة: توفير دعم لـ3 مشروعات من صندوق المناخ الأخضر وتوجه لإدماج التغيرات المناخي في قانون البيئة.. خبراء: مصر تتبني المطالبة بتعويض الخسائر والأَضرار.. والتمويل والقروض الخضراء كلمة السر
  • وزيرة البيئة تستقبل وزير الطيران لبحث التعاون المشترك في ملف تغير المناخ والسياحة البيئية
  • وزير الطيران يناقش مع نظيرته للبيئة مواجهة آثار تغير المناخ وملف الوقود المستدام
  • بحث التعاون بين البيئة والطيران المدني لمواجهة آثار تغير المناخ
  • 10% فقط من الحيوانات والنباتات.. ما الأنواع الجديدة التي اكتشفها العلماء في العام 2024
  • الحرائق تهدد المدن والصحاري.. آثار تغير المناخ تجتاح الشرق الأوسط
  • أهلا بالعالم في السعودية (3-3)
  • فيضان النيل الأبيض يهدد جزيرة أبا ويكشف أزمات السودان المتفاقمة