ترك زلزال المغرب صدمة نفسية على من عايشوه، وتختلف درجتها بقدر اختلاف الضرر الواقع على الشخص، وكان الأطفال أكثر الفئات عرضة لتلك الصدمات بعد الكارثة التي طالت نحو 100 ألف منهم، وفق منظمة اليونيسيف.

وليس من السهل اجتياز تلك الصدمة، فقد تتحول إلى ما يسمى "اضطراب ما بعد الصدمة"، وهي حالة صحية عقلية تتضمن آثارا نفسية للشخص بعد حدث مخيف أو كارثة ما، واللافت أن أعراضها قد تظهر خلال شهر من وقوع الحادثة، وفي بعض الحالات تظهر بعد سنوات.

ومن تلك الأعراض، تذكر الأحداث المؤلمة نفسيا، وتجنب الحديث عن الذكريات والأماكن والأشخاص المرتبطين بالحدث، تغيرات سلبية في التفكير والمزاج، وتغيرات في ردود الفعل الجسدية والعاطفية.

أما المضاعفات الصحية التي يسببها هذا الاضطراب فهي الاكتئاب والقلق، واضطراب الأكل، والأفكار والتصرفات الانتحارية، ويحتاج المصابون لدعم نفسي من الأسرة والأصدقاء، واختصاصي الصحة النفسية.

ورصد برنامج شبكات -في حلقته بتاريخ (2023/9/18)- حالات لأطفال المغرب الذين تعرضوا لصدمة بعد الزلزال، ومنهم حالة الطفل حسين (13 سنة) من منطقة أسني في مراكش، الذي فقد والديه و3 من إخوته، ونجا هو مصحوبا بإصابة خطيرة في رجله.

تركت فيه الفاجعة أثرا كبيرا، يظهر من صمته الطويل، حتى في حال التحدث، فيكون مترددا بشدة ثم يعود للصمت الطويل، ويضع يديه خلف رأسه كأنه يحتمي من شيء سيقع عليه، وتظهر عليه ملامح الخوف.

وفي حديث أحد المقربين من عائلة الطفل عن حالته، قال "أشفق كثيرا عليه.. فلم يعد يذهب إلى المدرسة وهو في حزن كبير، ولم يعد يتحدث أو يتحرك أو يخرج" مطالبا الجمعيات بالتكفل به، إذ بقي وحيدا من دون عائل.

ارتفاع الحالات

وفي هذا السياق، قال مدير المستشفى الإقليمي لتحناوت بإقليم الحوز عبد اللطيف الزغادي لوسائل إعلام إن هناك ارتفاعا في حالات الصدمات النفسية بين الأطفال المتوافدين على المستشفيات بالمناطق المتضررة، نتيجة الأحداث التي عاشوها خلال الزلزال وبعده.

ومن جهته، قال الطبيب النفسي أحمد الكرعاني إن ما يعيشه المتضررون من الزلزال من صدمات، قد يكون نتيجة استقبالهم معلومات كبيرة ومخيفة في وقت وجيز، إذ لا يستطع عقلهم استيعاب كل ذلك بطريقة طبيعية، في حين تزيد حدة الانطواء عند من فقدوا عزيزا لهم.

ورصد برنامج شبكات جانبا من تعليق المغاربة على حالة الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية بسبب الزلزال، ومن ذلك ما غرد به أيوب من ضرورة الدعم النفسي للمتضررين، مشددا على أنه "مهم جدا للأطفال؛ فهم رجال الغد".

وكتب موسى "الأحياء في حاجة إلى الدعم النفسي.. أطفال يتبولون لا إراديا. شباب يعيشون حالة صدمة نفسية.. أقرباء الموتى يعانون نفسيا.. من تهدمت منازلهم في حاجة لنقطة ضوء حول الغد.. صوت الزلزال الرهيب ما زال يتردد عند البعض؛ يمنعهم من النوم".

أما أزهار فقالت: "وجب التضامن مع جميع أطفال المغرب الذين هم في حاجة إلى مساعدة، خصوصا المتشردين منهم".

في حين غرد عبد الله يوسف "الدعم النفسي في الكوارث والأزمات من أهم أوجه الدعم والمساعدة التي يحتاج إليها من يمر بأزمات قوية وأحداث قاسية، سواء على الصعيد الجماعي أو الفردي، لا سيما ما نمر به الآن من محنة ما بعد الزلزال".

وتشير تقاريرُ منظمة اليونيسف المعنية بحماية حقوق الأطفال إلى أن أطفال المغرب كانوا يشكلون ثلث سكان البلاد عام 2022، وتشير التقديرات الأولية للمنظمة إلى أن نحو 100 ألف طفل قد تأثروا بالزلزال الذي وصفته بالأقوى منذ عام 1960.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بيان لسفيرة الولايات المتحدة: الطرفان المتحاربان يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان

حدد وزير الخارجية أنتوني بلينكن اليوم قيام عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب إبادة جماعية في السودان، وأتى ذلك بعد مراجعة متأنية للوقائع وتحليل قانوني شامل.

7 كانون الثاني/يناير 2025

بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة
مكتب الصحافة والدبلوماسية العامة
7 كانون الثاني/يناير 2025

حدد وزير الخارجية أنتوني بلينكن اليوم قيام عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب إبادة جماعية في السودان، وأتى ذلك بعد مراجعة متأنية للوقائع وتحليل قانوني شامل.

ويبني تحديد وقوع الإبادة هذا على إعلان الوزير بلينكن في شهر كانون الأول/ديسمبر 2023 عن مسؤولية عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها عن ارتكاب أعمال تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية. وقد حدد الوزير بلينكن في العام 2023 أيضا مسؤولية عناصر من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية عن ارتكاب جرائم حرب.

وبالإضافة إلى تحديد وقوع الإبادة الذي نعلن عنه اليوم، تم فرض عقوبات على سبع شركات تمتلكها قوات الدعم السريع وتقع مقراتها في الإمارات العربية المتحدة وعلى فرد مسؤول عن شراء أسلحة لقوات الدعم السريع.

لقد تجاهل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي بشكل متعمد الالتزامات بموجب القانون الإنساني الدولي، وإعلان جدة للعام 2023 والخاص بالالتزام بحماية المدنيين في السودان، ومدونة قواعد السلوك للعام 2024 التي أطلقتها مبادرة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان”.

ينبغي تحقيق المساءلة عن هذه الفظائع، لذا فرضت الولايات المتحدة إلى جانب تحديد وقوع الإبادة عقوبات على حميدتي لدوره المحوري في تأجيج الحرب في السودان. وقد تم أيضا إدراج حميدتي على قوائم العقوبات بموجب المادة 7031(ج) لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات اغتصاب جماعية لمدنيين على يد جنود قوات الدعم السريع تحت أمرته.

وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة اليوم عقوبات على حميدتي بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 الخاص بـ “فرض عقوبات على بعض الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي”، وقد تم فرض العقوبات بسبب قيام قوات الدعم السريع بقتل عشرات الآلاف وتشريد 12 مليون شخص والتسبب بمجاعة واسعة النطاق في مختلف أنحاء السودان.

لا تدعم الولايات المتحدة أيا من طرفي هذه الحرب ولا تشير هذه الإجراءات ضد حميدتي وقوات الدعم السريع إلى أي دعم للقوات المسلحة السودانية أو محاباة لها، فقد وجهت هذه الأخيرة ضربات جوية وهجمات مدفعية ضد المدنيين، وتواصل عرقلة عمليات تسليم إيصال المساعدات الإنسانية. ويتحمل الطرفان المتحاربان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان بشكل سلمي في المستقبل.

كان ينبغي أن يقوم الطرفان المتحاربان بالتخلي عن سلاحهما منذ وقت طويل، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق، والوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي، فالشعب السوداني يطالب بالحماية والسلام والعدالة ويستحق الحصول على مطالبه هذه.

لقد دعوت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي منذ اندلاع هذه الحرب إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لوضع حد لهذه المعاناة التي تفوق التصور، وقمت بالدعوة إلى عقد اجتماعات عديدة ضمن مجلس الأمن الدولي وخارجه، إلا أن ذلك ليس بكاف. وهذه خطوة صغيرة تهدف إلى اتخاذ إجراءات باتجاه مساءلة الطرفين المتحاربين.

الولايات المتحدة هي أكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية للشعب السوداني، وتبقى ملتزمة بتخفيف معاناة العديد من السودانيين الضعفاء العالقين في هذه الحرب، وهي ملتزمة بمساعدة الشعب السوداني ليكون له صوت ويبني مستقبله بنفسه.

وسنواصل في الأيام المقبلة اتخاذ إجراءات ضد من يقوضون الأمن والاستقرار في السودان واستخدام كافة الأدوات المتاحة لتعزيز السلام والمساءلة والديمقراطية للشعب السوداني.  

مقالات مشابهة

  • اليونيسيف: إيصال الإمدادات لأطفال غزة مسألة حياة أو موت
  • اليونيسيف: إيصال المساعدات لأطفال غزة مسألة حياة أو موت
  • بيان لسفيرة الولايات المتحدة: الطرفان المتحاربان يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان
  • معاناة نازحي غزة في مواجهة الشتاء القارس: مأساة إنسانية تتفاقم
  • قصة كفاح أرملة ومحاربة.. «عزة» هزمت السرطان وأصبحت ضمن فريق الدعم النفسي
  • بنسعيد..مارس 2025، نهاية الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر في المغرب
  • وزير الخارجية: مصر تواصل تقديم كافة أشكال الدعم للبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها
  • الأطباء الداخليون والمقيمون يعلقون الإضراب
  • الثقافة والإبداع.. أهمية الدعم النفسي في نقاشات قافلة ثقافة المرأة بالإسكندرية
  • صدمة بعد عرض أطفال للبيع عبر فيسبوك.. وتحرك رسمي في مصر