فيضانات ليبيا: بعد أسبوع على الكارثة.. هاجس سكان درنة العثور على المفقودين
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
بعد مضي أسبوع على كارثة الفيضانات والسيول التي اجتاحت مدينة درنة شرقي ليبيا، تجثو صابرين على يديها وركبتيها وسط الحطام والأنقاض التي حلّت مكان منزل أخيها، وهي تحفر بيديها متمسكة بالأمل في العثور على العائلة المدفونة تحت الركام، وهي تناديهم وتنتحب.
تناجي صابرين وهي تبكي بحرقة: "يا الله.
وكحال هذه السيدة، لا تزال عائلات أخرى في المدينة الساحلية التي جرفت الفيضانات والسيول وسطها ورمت به في البحر، تحاول استيعاب حجم الخسائر الإنسانية والمادية الفادحة للمأساة ويعتصرها الحزن على من اختفوا من أحبائهم، فيما تطاردهم الهواجس بشأن مصير المفقودين المجهول.
بعد الكارثة، تحوّل وسط المدينة إلى أرض قاحلة تنتشر فيها الكلاب الضالة بين أكوام الحطام الموحلة التي كانت يوما من الأيام بنايات ومنازل. وتقف بعض المباني الأخرى بالكاد في مشهد غريب مستندة على طوابق أرضية دمرتها المياه تقريبا.
وقبل أسبوع، انهار سدان في درنة شرق ليبيا تحت وطأة الإعصار "دانيال" الذي كان مصحوبا بأمطار غزيرة، ما أطلق سيلا ضخما من المياه صوب وادي نهر موسمي جاف يمر عبر وسط المدينة التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة. وتسببت الكارثة في مقتل وفقدان الآلاف.
تباين كبير في حصيلة الضحاياوقدّم مسؤولون يستخدمون طرقا مختلفة لحساب الأعداد بيانات شديدة التباين بشأن حصيلة الضحايا حتى الآن. حيث يقدّر رئيس بلدية درنة أن أكثر من 20 ألفا فقدوا بينما أكدت منظمة الصحة العالمية مقتل 3922.
إلا أن صابرين وسكان آخرين ينتابهم الحزن على آلاف ليسوا في قوائم القتلى المؤكدة. وتتأمل العمة صورة لابن أخيها الصغير على هاتفها المحمول وهو يحمل هرة صغيرة على يديه قبل الكارثة. وقالت وهي لا تتماسك نفسها من البكاء: "المكان اللي كانوا يلعبوا فيه.. كانوا قاعدين هنا.. كانوا يطلعوا ويخشوا ويجوني ونجيهم.. معاش فيه شي باقي. السيل خد كل حاجة، كل شي، خذهم وخذ لعبهم، خذ كتبهم.. خذ أبوهم، خذ أمهم".
اقرأ أيضافيضانات ليبيا: "سمعنا صوت انفجار السد، أطفال ورضع غرقوا".. شهادات مؤلمة عن مشاهد مروعة
ولم تفقد السلطات بعد الأمل في العثور على أحياء. حيث قال عثمان عبد الجليل وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عبر الهاتف إن آمال العثور على ناجين تتضاءل بشدة، لكنه أكد أن جهود البحث ستتواصل للعثور على أي ناجين. مضيفا بأن الجهود تتركز حاليا على إنقاد أي ناج وانتشال الجثث من تحت الحطام ومن البحر أيضا بمشاركة العديد من الغطاسين وفرق الإنقاذ المتخصصة من دول أخرى.
وبالنسبة لأحمد عاشور (62 عاما) فإن تلاشي الأمل في العثور على ناجين يعني أن عليه أن يتقبل واقع فقده لابنته وتركها لرضيعتها البالغة من العمر ثلاثة أشهر ليربيها. وهو يقول: "فقدت ابنتي. أمها مقتنعة أنها لا تزال على قيد الحياة. وأنا سلّمت أنها توفيت... تركت لنا رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر". وفقد عاشور أيضا أكبر شقيقاته وابنتها. وقال: "عندما عرفنا ما حدث للآخرين يمكننا أن نتقبل كل ما جرى لنا".
مخاوف من تفشي الأمراضكما سدّت سيارات الإسعاف والشاحنات، التي تحمل الغذاء والماء والحفاضات والحشايا وغيرها من الإمدادات، الطرق المؤدية إلى درنة الاثنين. ورش رجال يرتدون ملابس بيضاء واقية من المواد الخطرة مطهرات ومواد للتعقيم من مضخات مثبتة على شاحنات وأخرى محمولة على الظهر حيث تأمل السلطات أن يساهم ذلك في منع انتشار الأمراض.
وقال أكبر القطاني مدير إدارة البيئة في بنغازي إنهم يعقمون الشوارع والمساجد والملاجئ التي يقبع فيها المشردون من الكارثة وثلاجات الموتى والشوارع المنكوبة والجثث.
وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة خيرية بأن "أزمة الفيضانات تركت آلاف الأشخاص في منطقة درنة دون مياه شرب نظيفة وآمنة، مما يشكل تهديدا وشيكا على صحتهم وسلامتهم". وأضافت: "المياه الملوثة يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان، وخاصة النساء والأطفال، لخطر متزايد".
اقرأ أيضاليبيا: بعد ستة أيام على كارثة درنة.. هل هناك أمل في العثور على ناجين تحت الأنقاض؟
في درنة.. نقمة على السلطاتوأرسلت دول غربية ودول من المنطقة فرق إنقاذ ومستشفيات متنقلة. ولقي خمسة من عمال الإنقاذ اليونانيين، بينهم ثلاثة من أفراد القوات المسلحة، مصرعهم في حادث سيارة الأحد.
وتعرقلت جهود التعافي بسبب الفوضى في البلد الذي تحول إلى دولة فاشلة منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمعمر القذافي في 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي.
وتقع درنة في الشرق خارج سيطرة الحكومة المُعترف بها دوليا المتمركزة في الغرب، وحتى 2019 تعاقبت على السيطرة عليها سلسلة من الجماعات الإسلامية المتشددة من بينها جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة و"الدولة الإسلامية".
ويقول سكان إن تهديد السدين المنهارين للمدينة كان معروفا إلى حد كبير مع توقف مشروعات لإصلاحهما لأكثر من عشر سنوات. كما يتهمون السلطات بالفشل في إجلاء السكان في الوقت المناسب.
وتضيف صابرين وسط البكاء الحار: "مين نحاسبه، مين المسؤول مين اللي نقوله أنت المسؤول؟"
فرانس24/ رويترز
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا وفاة مهسا أميني ريبورتاج ليبيا فيضانات ليبيا كوارث طبيعية إعصار التغير المناخي سدود فی العثور على
إقرأ أيضاً:
جوتيريش: على المجتمع الدولي إيجاد سبل لمساعدة الشعب السوداني وخروجه من الكارثة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن أعمال القصف والغارات الجوية العشوائية في السودان تواصل قتل وتشويه الناس، فيما تُهاجَم الأسواق والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومواقع النزوح.
تعرض النساء والفتيات للعنف الجنسيوأضاف، أن العنف الجنسي الذي تتعرض له النساء والفتيات لأعمال مروعة، كما يعاني المدنيون من انتهاكات جسيمة من جميع الأطراف المتقاتلة.
السودان أصبح أكبر أزمة نزوح في العالموأشار إلى أن السودان أصبح أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ نزح ما يقرب من 12 مليون شخص، عبر أكثر من 3.8 مليون منهم الحدود إلى الدول المجاورة، ويحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى الدعم الإنساني، ويعاني أكثر من نصف عدد السكان- أي نحو 25 مليون شخص من الجوع الحاد.
وأشار الأمين العام في بيانه إلى استهداف العاملين في المجال الإنساني، إذ فقد 90 شخصا منهم حياتهم منذ اندلاع الحرب، مشيرًا إلى تدمير الخدمات الأساسية وحرمان ملايين الأطفال في التعليم، وعدم قدرة سوى أقل من ربع المنشآت الصحية على مواصلة العمل في أكثر المناطق تضررا.
ونوه أنه قد وصلت الأمم المتحدة وشركاؤها، خلال العام الماضي، إلى أكثر من 15.6 مليون شخص بنوع واحد على الأقل من المساعدة، إلا أن الاحتياجات لا تزال هائلة كما قال الأمين العام.
العاملين في المجال الإنساني غير قادرين على تعزيز وجودهم
وذكر أن العاملين في المجال الإنساني غير قادرين على تعزيز وجودهم في الكثير من المناطق التي تشتد فيها الحاجة، بسبب الصراع وانعدام الأمن المقرونين بالعوائق البيروقراطية والخفض الحاد للتمويل.
واستكمل، يواصل المدنيون تحمل عبء تجاهل الأطراف للحياة البشرية" كما قال الأمين العام الذي أشار إلى الالتزامات التي أعلنتها الأطراف بشأن حماية المدنيين بما في ذلك في إعلان جدة في مايو 2023، بالإضافة إلى الالتزامات التي تقع عليها بموجب القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وأكد جوتيريش ضرورة ترجمة مثل هذه الالتزامات إلى عمل حاسم، وأهمية إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وشفافة في جميع التقارير التي أفادت بوقوع انتهاكات.
وأعرب الأمين العام عن القلق البالغ بشأن مواصلة تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان بما يسمح باستمرار الصراع وانتشاره عبر أنحاء البلد. وشدد على ضرورة توقف الدعم الخارجي وتدفق الأسلحة.
وقال، إن على المتمتعين بأكبر نفوذ لدى الأطراف، استخدام هذا النفوذ لتحسين حياة شعب السودان بدلا من إطالة أمد هذه الكارثة.
وشدد على الحاجة الماسة لبذل جهود سياسية شاملة ومنسقة جيدا لمنع المزيد من التجزئة في السودان، وقال إن على المجتمع الدولي إيجاد سبل لمساعدة الشعب السوداني على إنهاء هذه الكارثة وإقامة تدابير انتقالية مقبولة.
السودان يظل أولوية كبرى لدى الأمم المتحدةوأكد أن السودان يظل أولوية كبرى لدى الأمم المتحدة، وقال: "سأواصل الانخراط مع القادة الإقليميين حول سبل تعزيز جهودنا الدولية من أجل السلام، ويُكمّل هذا، العمل المستمر الذي يقوم به مبعوثي الشخصي رمطان لعمامرة الذي سيسعى إلى ضمان أن تعزز الجهود الوساطة الدولية بعضها".
وأفاد الأمين العام بأن لعمامرة سيواصل أيضا - مع الأطراف - استكشاف سبل تقريبها من حل سلمي ودعم وتمكين المدنيين فيما يعملون من أجل رؤية مشتركة لمستقبل السودان.
وشدد الأمين العام على ضرورة تجديد التركيز على إيجاد نهاية لهذه الحرب الوحشية، وعلى ألا ينسى العالم شعبَ السودان.