إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

بعد مضي أسبوع على كارثة الفيضانات والسيول التي اجتاحت مدينة درنة شرقي ليبيا، تجثو صابرين على يديها وركبتيها وسط الحطام والأنقاض التي حلّت مكان منزل أخيها، وهي تحفر بيديها متمسكة بالأمل في العثور على العائلة المدفونة تحت الركام، وهي تناديهم وتنتحب.

تناجي صابرين وهي تبكي بحرقة: "يا الله.

. يا الله.. يا ربي.. لو نقدر نشيلها.. نشيلها بيدي.. نطلع حتى جثة بس، نقول خلاص اتريحنا عليهم. يا تيم يا تيم، تيم ويزن ولقمان وسلمى وتماضر وحكيم وزوجته يا ربي.. يا ويلتي وينكم؟ يا ربي حتى جثة بس يا ربي رحمتك بينا يا ربي".

ما مصير المفقودين؟

وكحال هذه السيدة، لا تزال عائلات أخرى في المدينة الساحلية التي جرفت الفيضانات والسيول وسطها ورمت به في البحر، تحاول استيعاب حجم الخسائر الإنسانية والمادية الفادحة للمأساة ويعتصرها الحزن على من اختفوا من أحبائهم، فيما تطاردهم الهواجس بشأن مصير المفقودين المجهول.

بعد الكارثة، تحوّل وسط المدينة إلى أرض قاحلة تنتشر فيها الكلاب الضالة بين أكوام الحطام الموحلة التي كانت يوما من الأيام بنايات ومنازل. وتقف بعض المباني الأخرى بالكاد في مشهد غريب مستندة على طوابق أرضية دمرتها المياه تقريبا.

وقبل أسبوع، انهار سدان في درنة شرق ليبيا تحت وطأة الإعصار "دانيال" الذي كان مصحوبا بأمطار غزيرة، ما أطلق سيلا ضخما من المياه صوب وادي نهر موسمي جاف يمر عبر وسط المدينة التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة. وتسببت الكارثة في مقتل وفقدان الآلاف.

تباين كبير في حصيلة الضحايا

وقدّم مسؤولون يستخدمون طرقا مختلفة لحساب الأعداد بيانات شديدة التباين بشأن حصيلة الضحايا حتى الآن. حيث يقدّر رئيس بلدية درنة أن أكثر من 20 ألفا فقدوا بينما أكدت منظمة الصحة العالمية مقتل 3922.

إلا أن صابرين وسكان آخرين ينتابهم الحزن على آلاف ليسوا في قوائم القتلى المؤكدة. وتتأمل العمة صورة لابن أخيها الصغير على هاتفها المحمول وهو يحمل هرة صغيرة على يديه قبل الكارثة. وقالت وهي لا تتماسك نفسها من البكاء: "المكان اللي كانوا يلعبوا فيه.. كانوا قاعدين هنا.. كانوا يطلعوا ويخشوا ويجوني ونجيهم.. معاش فيه شي باقي. السيل خد كل حاجة، كل شي، خذهم وخذ لعبهم، خذ كتبهم.. خذ أبوهم، خذ أمهم".

اقرأ أيضافيضانات ليبيا: "سمعنا صوت انفجار السد، أطفال ورضع غرقوا".. شهادات مؤلمة عن مشاهد مروعة

ولم تفقد السلطات بعد الأمل في العثور على أحياء. حيث قال عثمان عبد الجليل وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عبر الهاتف إن آمال العثور على ناجين تتضاءل بشدة، لكنه أكد أن جهود البحث ستتواصل للعثور على أي ناجين. مضيفا بأن الجهود تتركز حاليا على إنقاد أي ناج وانتشال الجثث من تحت الحطام ومن البحر أيضا بمشاركة العديد من الغطاسين وفرق الإنقاذ المتخصصة من دول أخرى.

وبالنسبة لأحمد عاشور (62 عاما) فإن تلاشي الأمل في العثور على ناجين يعني أن عليه أن يتقبل واقع فقده لابنته وتركها لرضيعتها البالغة من العمر ثلاثة أشهر ليربيها. وهو يقول: "فقدت ابنتي. أمها مقتنعة أنها لا تزال على قيد الحياة. وأنا سلّمت أنها توفيت... تركت لنا رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر". وفقد عاشور أيضا أكبر شقيقاته وابنتها. وقال: "عندما عرفنا ما حدث للآخرين يمكننا أن نتقبل كل ما جرى لنا".

مخاوف من تفشي الأمراض

كما سدّت سيارات الإسعاف والشاحنات، التي تحمل الغذاء والماء والحفاضات والحشايا وغيرها من الإمدادات، الطرق المؤدية إلى درنة الاثنين. ورش رجال يرتدون ملابس بيضاء واقية من المواد الخطرة مطهرات ومواد للتعقيم من مضخات مثبتة على شاحنات وأخرى محمولة على الظهر حيث تأمل السلطات أن يساهم ذلك في منع انتشار الأمراض.

وقال أكبر القطاني مدير إدارة البيئة في بنغازي إنهم يعقمون الشوارع والمساجد والملاجئ التي يقبع فيها المشردون من الكارثة وثلاجات الموتى والشوارع المنكوبة والجثث.

وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة خيرية بأن "أزمة الفيضانات تركت آلاف الأشخاص في منطقة درنة دون مياه شرب نظيفة وآمنة، مما يشكل تهديدا وشيكا على صحتهم وسلامتهم". وأضافت: "المياه الملوثة يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان، وخاصة النساء والأطفال، لخطر متزايد".

اقرأ أيضاليبيا: بعد ستة أيام على كارثة درنة.. هل هناك أمل في العثور على ناجين تحت الأنقاض؟

في درنة.. نقمة على السلطات

وأرسلت دول غربية ودول من المنطقة فرق إنقاذ ومستشفيات متنقلة. ولقي خمسة من عمال الإنقاذ اليونانيين، بينهم ثلاثة من أفراد القوات المسلحة، مصرعهم في حادث سيارة الأحد.

وتعرقلت جهود التعافي بسبب الفوضى في البلد الذي تحول إلى دولة فاشلة منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمعمر القذافي في 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي.

وتقع درنة في الشرق خارج سيطرة الحكومة المُعترف بها دوليا المتمركزة في الغرب، وحتى 2019 تعاقبت على السيطرة عليها سلسلة من الجماعات الإسلامية المتشددة من بينها جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة و"الدولة الإسلامية".

ويقول سكان إن تهديد السدين المنهارين للمدينة كان معروفا إلى حد كبير مع توقف مشروعات لإصلاحهما لأكثر من عشر سنوات. كما يتهمون السلطات بالفشل في إجلاء السكان في الوقت المناسب.

وتضيف صابرين وسط البكاء الحار: "مين نحاسبه، مين المسؤول مين اللي نقوله أنت المسؤول؟"

فرانس24/ رويترز

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا وفاة مهسا أميني ريبورتاج ليبيا فيضانات ليبيا كوارث طبيعية إعصار التغير المناخي سدود فی العثور على

إقرأ أيضاً:

فيضانات مفاجئة تجتاح البوسنة: تدمير واسع للبنية التحتية وفقدان 5 أشخاص على الأقل

تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة والانهيارات الأرضية التي ضربت وسط وجنوب البوسنة يوم الجمعة في أضرار جسيمة، وسط مخاوف من فقدان ما لا يقل عن خمسة أشخاص، حسبما أفاد مسؤول في الدفاع المدني.

اعلان

أعلنت ماجدة كوفاتش، المتحدثة باسم مكتب الحماية المدنية في اتحاد البوسنة والهرسك، أن بلدية يابلانيتسا، التي تقع على بعد حوالي 70 كيلومترا جنوب غرب العاصمة سراييفو، أصبحت معزولة تماما عن العالم الخارجي. جاء ذلك بعد أن دمرت الفيضانات المفاجئة الطرق وخطوط السكك الحديدية، مما أدى إلى قطع جميع وسائل الاتصال والتنقل مع المنطقة.

مركبات مغمورة جزئيًا بمياه الفيضانات خارج مبنى سكني في قرية كيسلياك شمال البوسنة، الجمعة، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024. (AP Photo/Armin Durgut)The AP. All rights reserved

وفي تطور آخر، أعلنت الرئاسة الثلاثية للبوسنة عن إصدار أوامر بتقديم مساعدات عسكرية عاجلة لمنطقة يابلانيتسا والمناطق المحيطة بها. وجاء في بيان صادر عنها أنه "تم استدعاء وحدات الهندسة والإنقاذ، بالإضافة إلى طائرة هليكوبتر، لتقديم الدعم الفوري للسلطات المحلية".

وأضافت كوفاتش أن جميع الطرق المؤدية إلى يابلانيتسا مغلقة، مشيرة إلى أن السلطات بدأت عمليات الإجلاء في البلديات المتضررة من الفيضانات، بما في ذلك 17 شخصًا من مستشفى للصحة النفسية.

المباني السكنية تنعكس على ملعب كرة قدم غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة في قرية كيسلياك شمال البوسنة، الجمعة، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024. (AP Photo/Armin Durgut)Armin Durgut/Copyright 2024 Relatedالبوسنة تعتقل 5 جنود صرب يشتبه في تورطهم في مذبحة سربرنيتساشاهد: صرب البوسنة يحتلفون بعيد الغطاس بالسباحة في نهر درينا المتجمدشاهد: مسيرة سلام في البوسنة إحياء لذكرى مجزرة سريبرينيتشا

وفي كيسيلياك، الواقعة على بعد 20 كيلومترًا غرب سراييفو، انحسرت المياه إلى حد كبير بحلول ظهر يوم الجمعة. وقد بدأ السكان في تنظيف الطين وإزالة الحطام، بينما يقومون بتقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات.

وفي الدول المجاورة، أصدرت السلطات في كرواتيا تحذيرًا من الطقس السيئ للساحل الأدرياتيكي والمناطق الوسطى من البلاد، كما أصدرت الجبل الأسود وصربيا تحذيرات مماثلة.

المصادر الإضافية • رويترز

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية جنوب ووسط أوروبا يشتعل نيرانا.. حريق كبير في متنزه غابات في جمهورية البوسنة الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة المفوضية الأوروبية توصي ببدء مباحثات انضمام البوسنة للاتحاد الأوروبي فيضانات - سيول الطقس البوسنة والهرسك اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. في اليوم 364 للحرب: إسرائيل تصعد هجماتها الجوية في غزة والضفة ولبنان وتستهدف خليفة نصرالله المحتمل يعرض الآن Next خامنئي: إسرائيل لن تنتصر أبدا على حماس وحزب الله ولا تراجع للمقاومة مهما اغتالوا من رجالاتها يعرض الآن Next نازحون يعبرون الحدود سيرًا على الأقدام بعد غارة إسرائيلية قطعت الطريق الدولية بين لبنان وسوريا يعرض الآن Next تونس تنتخب الأحد: استحقاق رئاسي وسط غياب المنافسة وتصاعد الأزمات الاقتصادية يعرض الآن Next بالفيديو: الجيش السوداني يسيطر على شوارع بحري بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع اعلانالاكثر قراءة الأردن يعيد مشهد نيسان ويعترض صواريخ إيران وهي بطريقها إلى إسرائيل.. "موقف مبدئي للمملكة" حب وجنس في فيلم" لوف" بين الشيعة والسنة :الفروق و المحددات حسب المصادر بعد الهجوم الإيراني.. قاعدة نيفاتيم الإسرائيلية تتعرض لأضرار جسيمة والتهديدات النووية تلوح في الأفق الحوثيون يعلنون استهداف هدف حيوي في تل أبيب ومعارك ضروس بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في الشمال اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب اللهإسرائيلجنوب لبنانلبناناعتداء إسرائيلميشال بارنييهدونالد ترامبتايوانالصينفرنساقطاع غزة Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • البوسنة والهرسك.. وفاة 18 شخصا في فيضانات وانهيارات أرضية
  • مقتل 16 شخص على الأقل بعد أن تسببت عاصفة في فيضانات وانهيارات أرضية في البوسنة
  • فيضانات مفاجئة تجتاح البوسنة: تدمير واسع للبنية التحتية وفقدان 5 أشخاص على الأقل
  • فيضانات إفريقيا تقتل أكثر من 1000 شخص وتهدم آلاف المنازل بـ16 دولة
  • ارتفاع حصيلة غرق قارب في نيجيريا إلى 60 قتيلًا والبحث مستمر عن المفقودين
  • أبو النجا: تعاقدنا مع 669 معلما جديداً لتعويض النقص في درنة
  • 16 قتيلا وعشرات المفقودين جراء غرق قارب في نيجيريا
  • غرق قارب في نيجيريا يخلّف 16 قتيلاً وعشرات المفقودين
  • بدء صرف إعاشة أبناء الشهداء المفقودين
  • إعصار كراثون يقترب من تايوان.. فيضانات مفاجئة وأمطار