لا شك أن رؤية الدعم السريع للحل السياسي التي طرحها قبل عدة أيام تُمثل الخطوة الأولى في تحويل مسار الحرب من حربٍ بين الجيش وفصيل مُتمردٍ منه حاول إبتلاع الدولة بأسلوب الضربة الخاطفة وفشل وتنتهي بمجرد وضع هذا الفصيل للسلاح إلى حرب بين مكونات إجتماعية مُهمشة ذات مظالم ومطالب عادلة ضد جيش الدولة المركزي.

هذا الإطار الجديد للحرب الذي حاول الدعم السريع إعادة موضعة الحرب فيه بعد فشل موضعة الحرب في إطار إنه قوة إحترافية وغير مؤدلجة تهدف إلى محاربة الفلول وعناصر النظام البائد من الإسلاميين الذين يعطلون التحول الديمقراطي داخل الجيش بات من الواضح أن الدعم السريع لجأ إليه بعد الهزائم المتتالية له في معركة الإستنزاف الطويلة، خصوصاً بعد فشل شلة عنتيبي في تحييد سلاح الجو والمدفعية الثقيلة للجيش ، مما جعله يعيد حساباته بخصوص عملية إبتلاع الدولة إذا بات من المستحيل عليه تسجيل نصرٍ عسكري حاسم يمكنه من إتمام هذه العملية (ما لم يحصل على سلاح نوعي من داعميه الخارجيين ) ، وكذلك أصبح من غير الوارد إرجاع إمتيازاته العسكرية والإقتصادية والسياسية وفق تسوية بينه وبين قيادة الجيش بسبب وجود إجماع وطني شامل من كافة قطاعات الشعب ( عدا شلة عنتيبي المتحالفة معه ) وبالضرورة قواته المسلحة علي إنهاء كيان الميليشيا وتفكيكها ونزع كافة إمتيازاتها التي كانت تحظى بها قبل إنقلابها في ١٥ أبريل.

وفقاً لهذه المعطيات يمكن توقع الأهداف التي من أجلها طرح الدعم السريع رؤيته للحل السياسي في الآتي :

١) إعادة تعريف نفسه كحركة ثورية ذات منفستو أشبه بالحركة الشعبية في الجنوب، بدلاً من صورته القديمة كونه الذراع الباطشة للدولة التي أخمدت تمرد الحركات المطلبية وكسرتها عسكرياً وإرتكبت المجازر في حق المكونات الإجتماعية التي تمثلها.

٢) إستقطاب مكونات إجتماعية من دارفور عن طريق إعادة تعريف العدو لها ممثلاً في الدولة المركزية وجيشها وعرض الدعم السريع كحليف ومناصرٍ لها في قضايا التهميش ( السمسرة السياسية باسم شريحة المهمشين في دارفور كغطاء سياسي جديد) بمعنى أن إنسان دارفور والدعم السريع يقاتلان عدواً مشتركاً.

في إطار تحقيق هذه السردية التي يحاول الدعم السريع إعادة تعريف نفسه على أساسها، يمكن قراءة إنشقاق حركة جبريل والهادي إدريس إذ بات من الواضح أن الدعم السريع يحاول إستقطاب جزء من سماسرة السياسة المنضوين تحت الحركات المسلحة حتى يكونوا له غطاءً سياسياً بعد سقوط الغطاء السياسي لشلة عنتيبي وفقدانه لفعاليته نتيجة الإنتهاكات الواسعة التي ارتكبتها الميليشيا سواءً في الخرطوم او الجنينة او كأس او غيرها والإدانات الواسعة التي جلبتها هذه الإنتهاكات بحيث أصبح من الصعب علي شلة عنتيبي الإستمرار في خداع المجتمع الدولي والتستر عليها. لذلك فإن الدعم السريع بات يحتاج إلى غطاء سياسي جديد، و وجد في غطاء التهميش البديل.

بالتأكيد فإن تكوين تحالف هجين من الدعم السريع كقوات رئيسية وبعض السماسرة الذين تم إستقطابهم من الحركات المسلحة كواجهات سياسية ( غير مؤثرين في ميزان القوى على الأرض كسليمان صندل وغيره) لن ينجح في الإستيلاء علي السلطة ولن ينجح في إقناع الغالبية العظمى من مكونات دارفور بالخطاب الإنفصالي لعدة أسباب أهمها :
١) النظرة العنصرية الفجّة التي ينظر بها أفراد الدعم السريع إلى باقي مكونات دارفور الإجتماعية خصوصاً المكونات الزنجية، هذه النظرة التي تجرد المكونات الأخرى لدارفور من الآدمية كانت الدافع الرئيسي للجنجويد لإرتكاب مجزرة الجنينة ونيالا وكأس وغيرها وإبادة مكونات إجتماعية كاملة مثل الذي حدث للمساليت في الجنينة، وبالتالي تصعب علي الدعم السريع التحالف ولو مرحلياً مع هذه المكونات.

٢) أن الدعم السريع بعد أن قُطعت عنه موارد الدولة وتم إيقاف صرف مرتبات أفراده سيتحول بصورةٍ تلقائية إلى السلب والنهب لكل ما يقع في طريقه دون فرز بعد أن تنفذ مدخرات أفراد هذه القوات، ولذلك ستنشأ تتاقضات ربما تصل إلى قتال الأفراد لبعضهم البعض ستصعب من تماسك الميليشيا عسكرياً لإن أفرادها سيكونون في حالة بحث دائمة عن موارد محلية جديدة للاستيلاء عليها. وسيجعل النخب المحلية تُرجح مصالحها مع الدولة المركزية خصوصاً في التجارة الخارجية والخدمات.

خلاصة القول إن هذا التحالف سيولد ميتاً وأن الدعم السريع لن يكون سوى أكبر تجمع لسماسرة السياسة واللصوص وقطاع الطرق، لكن يجب أن يتم محاصرة محاولات إعادة تعريف هذه الحرب وفقاً للمنطق العنصري الذي يريده الدعم السريع وحصرها في إطار حرب بين جيش نظامي وفصيل منه تمرد عليه وتنتهي بوضع هذا الفصيل للسلاح، فهذا المنطق هو الذي سيساعد علي إستمرار الحرب وتسعيرها وإدخال مناطق ومكونات إجتماعية أخرى فيها.. هذه المحاصرة لا بد أن تتم بتصدير خطاب مضاد يحصر الحرب في إطارها الصحيح وأيضاً لابد لسكان دارفور و نخبهم من تسجيل مواقف تعبر عنهم في رفض وجود كيان الميليشيا والموقف الصارم ضد مشاركتها في تشكيل واقع ما بعد الحرب وما موقف هيئة محامين دارفور ومنظمة شباب من أجل دارفور إلا مثالٌ لهذه المواقف رغم ما حدث لبعض من أعضاء هيئة محامين دارفور وتفهم أن معارضة الجنجويد يمكن أن يكون له تبعات مباشرة.

شادي علي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أن الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

“بيوت” ترصد مميزات مشروع القطار السريع بين أبوظبي ودبي على القطاع العقاري

من المرتقب أن يكون لمشروع القطار السريع بين دبي وأبوظبي آثار إيجابية ضخمة على الاقتصاد الإماراتي، وإحداث نقلة نوعية على صعيد المشاريع العقارية المتوقع إطلاقها على جانبي مسار القطار، مما يضيف مزيدًا من النهضة العقارية إلى الدولة على مدار العقود المقبلة.
وجرى الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة الذي يربط بين العاصمة أبوظبي وإمارة دبي، وذلك في حفل رسمي نظّمته شركة قطارات الاتحاد، في محطة الفاية يوم الخميس 23 يناير 2025.
ورصدت “بيوت”، البوابة العقارية الرائدة في الإمارات العربية المتحدة، مميزات هذا المشروع والتبعات الاقتصادية المصاحبة لإطلاقه وانعكاساته الإيجابية على القطاع العقاري على وجه الخصوص إذا سيضيف مزيدًا من الانتعاش إلى السوق والذي يسجل حاليًا مستويات قياسية على صعيد المعاملات والمبيعات بالإضافة إلى ذلك يسهل تحقيق زيادة قيمة معاملات العقار في دبي بنسبة 70% إلى تريليون درهم، وذلك في ضوء الأهداف الطموحة التي تضمنتها أجندة دبي الاقتصادية D33.
وستتولى شركة “قطارات الاتحاد”، مهمة تطوير وتشغيل هذا المشروع الرائد، استكمالًا للإنجازات التي حققتها الشركة في تطوير قطاع السكك الحديدية في الدولة، وتشغيل شبكة السكك الحديدية الوطنية، وفق أعلى مستويات الكفاءة والجودة والموثوقية وسيتيح القطار للأفراد، سواء من سكان الدولة أو الزوار، سهولة التنقّل بين أبوظبي ودبي في مدة زمنية لا تتجاوز 30 دقيقة وبسرعة قصوى تصل إلى 350 كيلومترًا في الساعة، مرورًا بأبرز الوجهات الاستراتيجية والمعالم السياحية.
قيمة مضافة للاقتصاد الوطني
يساهم مشروع القطار فائق السرعة في الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي بما يصل إلى 145 مليار درهم في غضون العقود الخمسة المقبلة، فضلًا عن الآثار الإيجابية جدًا في جميع القطاعات الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والعقارية، مع ترسيخ مكانة الدولة على خارطة الدول المتقدمة على صعيد النقل المستدام والمعاصر بخطوط السكك الحديدية، بفضل ما يتميز به من مواصفات السرعة والكفاءة والأمان في التنقل.
التوسع العمراني
يسهم القطار السريع بين دبي وأبوظبي في تحفيز التوسع العمراني وإنشاء مدن سكنية وتجارية جديدة، وسيجعلها هذا المشروع أكثر جذبًا للسكن والعمل وإطلاق الاستثمارات الجديدة في مجالات العقارات والصحة والتعليم والترفيه وجميع الخدمات المصاحبة، مما يشجع على جذب استثمارات أجنبية ضخمة كأثر اقتصادي غير مباشر للمشروع على المديين المتوسط وطويل الأجل.
زيادة الطلب السكاني
في البداية تستفيد المناطق السكنية القريبة من مسار محطات القطار السريع سواء للسكن والإيجار أو العمل، ثم يبدأ التوسع الأفقي تدريجيًا لأماكن سكنية نائية سيمر بها القطار.
أراضي جديدة قابلة للتطوير
يسمح مشروع القطار السريع في إضافة مخزون كبير جدًا من الأراضي القابلة للتطوير العقاري على جانبي مسار القطار وبالقرب من المحطات، بالتالي من المتوقع أن يتنافس المطورين العقاريين على شراء الأراضي في وقت مبكر للاستفادة من أسعارها المنخفضة حاليًا، مقارنة مع أسعارها بعد التشغيل الكامل للقطار.
انتعاش سياحي
تسهيل التنقل يعد أحد العوامل الداعمة لتنشيط القطاع السياحي، ويعزز من البرامج السياحية داخل الدولة وزيادة العديد من الأماكن أثناء الرحلة السياحية للزائر، وتعزيز الثقة في السوق، وترك تجربة أكثر من جيدة حول البنية التحتية المتطورة، لذا فإن تجربة تنقل أكثر سهولة بين دبي وأبوظبي يعزز السياحة الوافدة من الداخل أو الخارج.
تعزيز البنية اللوجستية
تعد خطوط السكك الحديدية ضمن أهم الخدمات اللوجستية لدعم القطاعات الاقتصادية، والتي تكون تكلفتها أقل قياسًا على بعض وسائل النقل الأخرى، فضلًا عن دورها في تحسين حجم التبادل التجاري بين دبي وأبوظبي، كما يشجع المستثمرين والشركات على إطلاق أعمال مشتركة بين الإمارتين بفضل الربط السريع.
وتعليقاً على ذلك، قالت فيبا أحمد، نائب الرئيس لمبيعات العقارات في “بيوت”: “سيحدث القطار السريع تحولاً كبيراً في سوق العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، فكما عزز مترو دبي من أهمية المناطق المجاورة لمساره، وأثر إيجاباً على أسعار العقارات فيها مما أدى إلى ازدهارها بشكل واضح، حيث سبق وشهدت مناطق مثل أبراج بحيرات جميرا ودبي مارينا ارتفاعًا ملحوظاً في أسعار العقارات بسبب وسيلة النقل المتوفرة وسهولة التنقل، فإنني أتوقع حدوث نفس التأثير بالنسبة للمناطق المتواجدة على طول مسار قطار الاتحاد، بما في ذلك الموانئ، والمناطق الصناعية وأواسط المدن ومراكز الأعمال في كافة الإمارات السبع، وستعمل شبكته الواسعة على تعزيز إمكانية التنقل والوصول لمختلف المناطق، مما سيؤدي إلى حدوث زيادة في الطلب على العقارات القريبة منه”.
وأضافت فيبا أحمد أن “هذا يتماشى مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق النمو المستدام، وخلق فرص استثمارية جديدة ودفع عجلة التقدم الاقتصادي وإعادة تشكيل سوق العقارات، الأمر يعود بالمنفعة على السكان والشركات والمستثمرين مع تعزيز التزام الدولة بالابتكار والتطوير”.


مقالات مشابهة

  • “بيوت” ترصد مميزات مشروع القطار السريع بين أبوظبي ودبي على القطاع العقاري
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • سودان تربيون: الدعم السريع تنقل عتادًا ثقيلًا من ليبيا إلى دارفور
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم
  • قتلى وجرحى إثر قصف للدعم السريع بالفاشر
  • الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع
  • آلاف النازحين الجدد شمال دارفور خوفا من «الدعم السريع»
  • الهجرة الدولية: 3960 أسرة نزحت من الفاشر جراء هجمات “الدعم السريع”
  • مستقبل القبائل العربية بعد هزيمة الدعم السريع في السودان
  • تطهير عرقي وانتهاكات جسيمة.. الجنائية الدولية تتجه لإصدار مذكرات اعتقال بحق متهمين بجرائم في دارفور