طلبة صعوبات التعلم
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
علي بن حمد بن عبدالله المسلمي
ali-almuslmi@moe.om
ما أجمل اللفتة الطيبة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق عاهل البلاد المفدى- حفظه الله ورعاه- لأبنائه الطلبة من ذوي الدخل المحدود والضمان الاجتماعي في مختلف مدارس السلطنة التي أثلجت صدور أسرهم، وأعانتهم على نوائب الحياة وشظفها، بتوفير تغذية مجانية لهم في المدارس؛ لتعينهم على تحصيل العلم والمعرفة والتفوق والسير قدمًا، ورفع شأن هذا الوطن وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه المواطنين، ومن أجل الاهتمام بالعلم والمتعلمين وصولا إلى تجويد التعليم.
لا شك أنَّ الاهتمام بهذه الفئات من الطلبة يساعدهم على رفع مستواهم التحصيلي أسوة بأقرانهم، لا سيما أن بعض الدراسات التربوية العلمية القديمة والحديثة المحلية منها والعالمية؛ تثبت أن المستوي الاقتصادي للأسرة يؤثر على مستوى التحصيل الدراسي للطالب.
وفي ظل التغيرات المتسارعة وتبدل نمط الحياة للأفراد والجماعات وظهور أزمات صحية جديدة تُؤثر في صحة الإنسان جسديًا وعقليًا ونفسيًا؛ مما شكل ضغطًا على المؤسسة والمواطن.
والمدرسة إحدى هذه المؤسسات التربوية التي تُعاني من التحديات التي أفرزتها منظومة الحياة المعاصرة، التي ظهرت فيها هذه التحديات، والتي لم تكن موجودة بصورة ملحوظة، بظهور فئات من الطلبة بحاجة إلى عناية خاصة لا تستطيع المدرسة وحدها تحمل أعباء ذلك، في ظل نقص الكوادر المتخصصة للتعامل مع هذه الفئات.
ومن هذه الفئات الطلبة الذين يواجهون صعوبات التعلم (اضطراب المعالجة السمعية والبصرية، واضطراب في النطق).
إن دمج هؤلاء الطلبة في الصفوف العادية يشكل تحديًا لإدارة المدرسة في ظل النقص في الكوادر الإدارية والفنية المتخصصة، وفي ظل عدم وجود معلم صعوبات التعلم على دراية بكيفية التعامل معهم وعدم وجود معلم مشرف صحي أو ممرض صحة مدرسية إلا في يوم محدد.
إن وجود معلم صعوبات التعلم في بعض المدارس وخاصة الإناث وعدم وجوده في مدارس الذكور إلا ما ندر؛ يشكِّل عقبة في تأدية المدرسة لرسالتها التربوية في مدارس البنين، وتحميلها فوق اختصاصها، لأن هؤلاء الطلبة بحاجة إلى معلمين اختصاصيين في هذا الجانب، للتعامل معهم؛ فالمعلم لديه فوق 35 طالبًا، فكيف يستطيع أن يتابع هذا الطالب والاهتمام به، فالطالب ليس مجرد رقم محسوب من ضمن الطلبة؛ وإنما هو كائن بشري له حقوق، وعليه واجبات يؤديها.
إن الاعتناء بهذه الفئة ليس مجرد حصرهم، وتعميم استمارات؛ لتبقى في الملفات محفوظة كل عام دراسي، أو مجرد تشخيصهم وتوفير سماعات لهم، أو كتب مكبرة، أو غير ذلك من الوسائل المعينة، وإنما تحتاج إلى وقفة جادة في المدارس؛ بتعيين معلمين لها، أو مساعد معلم أسوة بالدول المتقدمة، وإضافة فصول خاصة مزودة بمختبرات تعليمية تلبي احتياجاتهم، كل حسب إعاقته، وتدريب المعلمين حول كيفية التعامل معها. وعلى إدارات المدارس في حالة عدم توفير معلم لهذه الفئة ويا حبذا فتح مدرسة في كل ولاية تجمع هؤلاء الطلبة، بالإضافة الى الطلبة الذين يعانون من إعاقات مختلفة؛ من أجل تجويد التعليم لديهم، ومراعاة لظروفهم من مختلف الجوانب؛ الاجتماعية والصحية، والنفسية، والتربوية.
إننا نقترح لوزارة التربية والتعليم متابعة هذه الفئة من الطلبة عن قرب، ووضع حلول عاجلة لها، وعدم تحميل المدرسة العادية مسؤولية هذه الفئة من الطلبة؛ لأنها تشكل تحديًا لها، وللأسرة، وينبغي توجيهها الوجهة الصحيحة لأهل الاختصاص؛ من أجل مستقبل أفضل لهم ولذويهم؛ لضمان عيش كريم لهم، وحياة مستقرة؛ لا سيما في ظل ظروف هذا العصر الذي يتطلب الوعي، والإدراك؛ لمواجهة الأزمات، وإنشاء مدارس مختصة تعنى بها أسوة بأقرانهم في المدارس الحكومية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا يتجاهل المعلمون أنماط التعلم لطلابهم؟
فاطمة بنت خلفان العبرية
يتبادر إلى ذهني هذا السؤال كثيرًا ولا أجد له إجابة، وأحاول أن أجد مبررات للمعلم ككثرة المهام التدريسية الموكلة له وانشغاله بإنهاء المنهج في الوقت المحدد بالإضافة إلى الأنشطة المدرسية الأخرى التي يقوم بها المعلم إلى جانب عملية التدريس خاصة بعد نظام الإجادة والذي زاد العبء على المعلم من وجهة نظره، وأصبح المعلم يميل إلى تطبيق نفس الاستراتيجيات التدريسية لجميع طلابه متجاهلا الفروق الفردية بينهم، وأن لهم طرقا وسلوكيات معينة ومختلفة لاكتساب المعلومات، وهو ما يعرف بأنماط التعلم.
وهناك النمط السمعي الذي يفضل المعلومات السمعية وطريقة المحاضرة والنقاش والتسجيلات الصوتية، والنمط البصري الذي يفضل المعلومات المرئية والصور والرسوم البيانية والخرائط الذهنية، والنمط الحركي الذي يفضل أن يتعلم عن طريق اللمس والحركة والتجارب والخبرة والنماذج والنمط الذي يفضل التعلم بالقراءة والكتابة فيميل إلى استخدام الكتب والقواميس وتدوين الملاحظات، وهذه الأنماط الأربعة للتعلم لا تخفى على المعلمين حيث لها عدة فوائد تعود على الطالب فعلى المستوى الأكاديمي تزيد إمكانيات التعلم لديه، ويحصل على درجات أفضل في الاختبارات، أما على المستوى الشخصي فتزيد الثقة لديه ويعرف نقاط قوته وضعفه، كما أنه يستمتع بعملية التعلم، ويعرف كيف يستفيد من مهاراته وميوله الطبيعية.
واختلاف أنماط التعلم للطلبة يستدعي وقفة من قبل المعلم حيث يأتي دوره الأساسي في معرفة أنماط التعلم لدى طلبته من أجل مراعاة الفروق الفردية بينهم، ومعرفة نقاط القوة والضعف لديهم، وبناءً عليها يختار الاستراتيجيات التدريسية المناسبة والوسائل التعليمية لإكسابهم المعارف والمهارات بطريقة سريعة و وفعالة لتحقيق الأهداف المرجوة، كما أن المعلم يستفيد من معرفة أنماط التعلم لطلبته في إعداد الخطط الإثرائية والعلاجية، والتي أصبحت مهملة من قبل بعض المعلمين لدسامة المناهج المدرسية وضيق الوقت، لذا يختار الطريقة السهلة وهي تقديم المعلومة بطريقة واحدة لمعظم الدروس، وعدم تنويع استراتيجيات التدريس مما يضفي طابعا من الملل والروتين في الغرفة الصفية، وقد يعيق تعلم بعض الطلبة ممن لا تناسبهم تلك الاستراتيجيات التدريسية، لذا ينبغي على المعلم من بداية العام الدراسي أن يستعين بإحدى
اختبارات أنماط التعلم المقننة والمعروفة كاختبار فارك لأنماط التعلم كاختبار تشخيصي يحدد من خلاله المعلم أنماط التعلم لطلبته، والذي يمتاز بسهولة تطبيقه وتصحيحه، حيث يشير الحرف (V) إلى النمط البصري، والحرف (A) إلى النمط السمعي، والحرف (R) إلى نمط القراءة والكتابة، والحرف (K) إلى النمط الحركي، ويحتوي اختبار فارك على ست عشر مفردة من نوع اختيار من متعدد حيث يوجد لكل سؤال أربع خيارات ويعبر كل خيار عن نمط من أنماط التعلم الأربعة وبعد تصحيح المعلم للاختبار يستطيع تحديد نمط التعلم للطالب وفقا لنموذج الإجابة الخاص بالاختبار، ويستطيع أن يعد الخطط الإثرائية والعلاجية بناءً على أنماط التعلم لطلبته والتي أراها مهمة من وجهة نظري كمعلمة حيث تعزز نقاط القوة وتعالج نقاط الضعف للطلبة وهذا يساهم في رفع المستوى التحصيلي لهم وهو ما يسعى له كل معلم باختلاف الطريقة التي يختارها للوصول لذلك الهدف ، لذا لابد على المشرفين التربويين زيادة وعي المعلمين حول أنماط التعلم وضرورة الاهتمام بها لتلبية احتياجات الطلبة وتنمية رغباتهم والتي قد تصبح مصدر رزق لهم في المستقبل.
هذه المقالة لقسم التحرير أريد نشرها في المجلة
هل أدمغتنا تتعفن؟
نعم فإن الدماغ البشرية تتعفن مثلما تتعفن الفاكهة، وذلك عندما يقضي الإنسان ساعات طوال يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي بدون وعي ولا أهداف خاصة إذا كان محتوى ما يشاهده تافها ولا يعود عليه بمنفعة ويتكرر لديه الأمر كل يوم، وتضيع ساعات عمره الذي سيسأل عنه بعد مماته، وما يزيد الأمر سوءا أن قدراته العقلية والفكرية تبدأ بالتدهور، فيجد نفسه أسيرا لتلك المواقع مدمنا على محتواها، ولا يدرك أنه بهذه الطريقة تقل جودة أفكاره، وتتلاشى روح الابتكار لديه، وينعدم تركيزه، فيصبح كالمغشي عليه لا ينتهز الفرص من حوله، ولا يسعى لتطوير ذاته، ويبقى حبيسا في زنزانة وسائل الاجتماعي مستهلكا لمحتواها السيئ بدلا أن يكون منتجا ينفع نفسه وأهله ومجتمعه، ولا يدرك عقله بأن ساعة واحدة بدون تلك المواقع يستطيع أن يجعلها مثمرة بالعمل النافع، وقد يستبدل محتوى تلك المواقع إلى المحتوى المفيد الذي يحسن من جودة أفكاره، ويحفزه إلى التطوير والتحسين بدلا أن ينتهي به المطاف ويندم على تضيع وقته وعقله وروحه وجسده معا، فيدفع ضريبة تلك الساعات غاليا، فعلى المرء أن يصحو من تلك الغفلة، ويدرك نفسه قبل فوات الأوان، ولا يتركها للندم والحسرة، والعاقل فينا من ينتبه لخطورة الوضع وتأثير محتوى وسائل التواصل الاجتماعي التافه الذي يسلب من الإنسان عقله ووفكره وجودة أعماله، فيصبح كالأعمى الذي يتكأ على عكازة تلك المواقع بدلا من أن يقود نفسه إلى ما يصلحها ويهذبها ويجعلها تقوم بدورها الذي خلقت من أجله.