مجلس الشورى ... وُجد ليستمر
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
@mohd5765
في 21 أبريل 1979م، صدر المرسوم السلطاني رقم (19/ 79) في شأن إنشاء مجلس الزراعة والأسماك والصناعة، هذا المجلس كان البذرة الأولى لتجربة شوروية مُتفردة حيث اختصَّ بدراسة القوانين والأحكام والأنظمة والقرارات السارية والتي تصدر مستقبلا والتي تكون مُتعلقة بتنظيم النشاط الاقتصادي في تلك القطاعات الثلاثة، وإصدار ما قد يرى مناسبته من توصيات ودراسة السياسات والإجراءات والمشروعات التي تطبقها الأجهزة المسؤولة عن القطاعات الثلاثة، وإصدار ما يرى مناسبته من توصيات.
هذا التأسيس المنهجي من لدن السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وفي تلك الحقبة الزمنية الهامة والمفصلية من تاريخ عُمان الحديث، له دلالات واضحة حول النهج الذي يرسمه لمُستقبل سلطنة عُمان، ورغبته مشاركة أبناء الشعب في رسم المستقبل وتحديد أولويات التنمية.
وفي 18 أكتوبر 1981، صدر المرسوم السلطاني رقم (84/ 81) بإنشاء مجلس استشاري للدولة بتنظيم أعلى من المجلس السابق وباختصاصات أوسع؛ حيث أوكلت للمجلس مجموعة من الاختصاصات مثل إبداء الرأي في القوانين الاقتصادية والاجتماعية النافذة في السلطنة والتوصية بما يرى المجلس تطويره منها لمواجهة ما طرأ أو يطرأ من متطلبات التنمية، كذلك إبداء الرأي فيما تعرضه عليه الحكومة من سياسة عامة في مجال التنمية، والتوصية بما يرى المجلس اتخاذه من أجل استكمال الخطط الإنمائية وتشريعاتها التي تنوي الحكومة استصدارها بالإضافة إلى اختصاصات أخرى، ويتم تعيين أعضاء المجلس من قبل جلالة السطان وفق حصص لكل قطاع حددها القانون، ويعد هذا التحول نقلة نوعية هامة ومرحلة جديدة أعطت التجربة بعدًا مُتقدمًا خاصة على مستوى الدول المحيطة.
وفي 12 نوفمبر 1991، صدر المرسوم السلطاني رقم (94/ 91) بإنشاء مجلس الشورى، لتبدأ مرحلة جديدة مختلفة كليًا من مراحل العمل الشوروي، حيث وسعت الصلاحيات لتصبح أكثر شمولية وأضيفت اختصاصات أخرى للمجلس، وفي هذه المرحلة تغيرت آلية اكتساب عضوية المجلس لتكون بالانتخاب المباشر من قبل المواطنين وفق آلية وضعت وحددت بشكل أعطى المواطن القدرة والحق في الترشح أو انتخاب الأعضاء، وقد بدأت منذ هذا التاريخ فترات مجلس الشورى لنصل اليوم إلى أعتاب الفترة العاشرة من فترات مجلس الشورى.
وخلال الفترات التسع التي مرت من عمر المجلس حدثت جملة من التغييرات التي ارتقت بأداء المجلس وربما كان من أهمها على الإطلاق صدور المرسوم السلطاني رقم (7/ 2021) والقاضي بإصدار قانون مجلس عمان في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه، هذا المرسوم نظم العلاقة بين المجلس والحكومة بشكل واضح وأطر الصلاحيات بشكل جعل من ممارسة الأعضاء لأعمالهم أكثر سهولة، وقد لا يتسع المجال في هذا المقال للتطرق إلى جملة الصلاحيات والاختصاصات التي منحها القانون لمجلس الشورى.
إنَّ السرد السابق لمراحل تشكل ونمو هذه التجربة أراه مهمًا، حتى ندرك أهمية هذا الصرح الوطني الذي هو ثمرة من ثمار النهضة المُباركة التي انطلقت في العام 1970م والتي تستكمل اليوم في هذا العهد الزاهر، وأن الحفاظ على هذه الثمرة والحرص على نموها هو مسؤولية وطنية على كل فرد، وأن هذا الدور يتم من خلال الحرص على المشاركة الفاعلة في الانتخابات من خلال الترشيح أو الترشح، ومن خلال تقديم المقترحات والتوصيات التي تساهم في تطوير أداء المجلس حتى ترتقي خدماته وتعظم فائدته.
هذا المجلس هو صوت الشعب ونافذتهم الرسمية للتعبير عن آرائهم وقضاياهم ووجهات نظرهم، ولا يجب بأي حال من الأحوال التقليل من هذا الدور، الذي كما رأينا آخذ في التطور وما زال يتطور مع مرور الوقت، وهذا ما أشار إليه السلطان قابوس في خطابه بمناسبة افتتاح الفترة لأولى من مجلس الشورى في العام 1991، عندما قال: "إنها لمسؤولية جسمية أنتم أول من يتحملها وأمانة عظيمة أنتم في مقدمة من يُسأل عنها.. فلا بد من تقديرها حق قدرها وأدائها على الوجه الأكمل الذي يمهد الطريق لمزيد من التطور في مستقبل الأيام أمام هذه التجربة الرائدة".
وعملية تطور المجلس واختصاصاته، عملية ممنهجة رسمها عاهل البلاد الراحل بنظرة ثاقبة ورؤية تتناسب مع متطلبات كل مرحلة، كما إن الاهتمام الكبير من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بأن تستمر مسيرة الشورى وفق النهج المحدد، أمرٌ واضحٌ وجليٌ، وتُوِّجَ بإصدار جلالته لقانون مجلس عمان وحرص جلالته السامي على متابعة أداء المجلس والالتقاء بأعضاء مكتب المجلس وأعضاء المجلس في لقاءات جلالته السامية سواء المنفردة أو في المحافظات.
إنَّ هذا النهج يضعنا كمواطنين أمام واجب وطني يتمثل في مدى قدرتنا إلى الارتقاء بهذا الصرح الوطني واستثماره بما يُحقق المصلحة الوطنية واضعين وطننا نصب أعيننا، ومتمثلين للمسؤوليات المُلقاة على عاتقنا، ومحافظين على هذا المنجز الذي وجد ليستمر وينمو ويتطور خدمة لأبناء هذا البلد العزيز.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: مجلس الشورى
إقرأ أيضاً:
جلالة السلطان يبعث برسالة خطية إلى رئيس الوزراء العراقي
بغداد- العُمانية
بعث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- رسالة خطية إلى دولة محمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء بجمهورية العراق، تتصل بالعلاقات الأخوية المتينة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، وسبل تعزيزها في كافة المجالات.
سلّم الرسالة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، خلال استقبال دولة رئيس مجلس الوزراء العراقي لمعاليه في بغداد اليوم السبت.
وقد نقل معالي السيد خلال اللقاء تحيات وتمنيات حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه– لدولة رئيس الوزراء بدوام الصحة والسعادة، وللشعب العراقي الشقيق استمرار التقدم والازدهار.
من جانبه، حمّل دولة رئيس مجلس الوزراء العراقي معالي السيد نقلَ تحياته وتمنياته الطيبة لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم– حفظه الله ورعاه– وللشعب العُماني الشقيق بدوام التقدم والرخاء.
من جهة ثانية، التقى معالي السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، مع معالي الدكتور فؤاد حسين، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي بمقر وزارة الخارجية العراقية في العاصمة بغداد اليوم السبت.
وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية المتينة بين سلطنة عُمان وجمهورية العراق، وسُبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وتبادل الوزيران وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك؛ انطلاقًا من الحرص المشترك لحكومتي البلدين في دعم جهود ومساعي إيجاد الحلول السياسية العادلة والسلميّة للصراعات القائمة في المنطقة وتخفيف حدّة التوتر والتصعيد، تحقيقًا للأمن والاستقرار لتنعم كافة الشعوب باستمرار التقدم والازدهار والتنمية الاقتصادية الشاملة. حضر اللقاء عدد من المسؤولين من الجانبين.