صدور رواية طور البنت للاستاذ فراس عوض البقاعين
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
#سواليف
صدر عن #دار_ورد_الأردنية للنشر والتوزيع #رواية_طور_البنت للاستاذ فراس عوض البقاعين
إن الأحداث والشخصيات الواردة في هذه الحكاية محض أحداثٍ وشخصياتٍ خيالية، فيها الكثير من خيالات تاريخ عاد وثمود وحياة الأنباط والعرب – قبل الإسلام – وعادات البدو الرحل، سكان الصحراء في بلادنا عبر الأزمان الغابرة، منها ما قد يبدو حقيقيًّا، ومنها ما هو خياليّ، غيرَ أنَ قصة “طور البنت” قصةٌ من التّراث الشّفويّ -غير المادي- المحلّيّ، ولا تزال قصةً متداولةً بين سكّان منطقة البيضاء قرب البتراء في جنوب الأردنّ، وقد وظفها الكاتبُ لتكونَ القالَب الذي يضُمّ حيثيّاتِ الحكاية التي بين يدي القارئ وأركانَها …
ربما ستجدُ أنّ هذه الحكاية محاولةٌ لركوب قارب الخيال والإبحار في غمار تجربةٍ إنسانيةٍ خياليّة الملامح، أو هكذا قد يبدو لك…
مقالات ذات صلة بالفيديو .. فراس الور يتحدث عن السينما النظيفة والوضع الدرامي في الأردن 2023/09/18
“طور البنت” هي رواية مذهلة تأخذنا في رحلة عبر الزمن إلى أيّام العرب قبل الإسلام من خلال قصّة تراثيّة متداولة اليوم؛ فالرواية تداخُلٌ تراثيّ بوصفها وعاءً أساسيًّا حاضنًا للبعد التاريخيّ والحضاريّ الأردني. تدور الأحداث في منطقة البيضاء قرب البتراء في جنوب الأردن، متناولةً أساطير وقصص الشّعوب القديمة مثل عاد وثمود والأنباط. وتعكس الرواية صورةً حركيّةً لحياة البدو الرحل وتقاليدهم وعاداتهم والحضارات التي أقاموها في الصحراء والبوادي.
تقص الرواية حياة الشخصية الرّئيسة “سلمى” التي تعيش في بيئة صحراوية. ومن خلال تجربة سلمى وتفاعلها مع الرمل والمكان، تقدّم الرواية أبعادًا نفسيّة وفلسفيّة تتجاوز الواقع المادّيّ، وتحثّ القارئ على التساؤل عن الأسئلة الكبرى مثل الزمان والمكان والوجود، كما تركّز على تحوّل علاقة سلمى بالمكان والتّجارب التي تمرّ بها في هذا العالم الصحراويّ الواسع والغامض.
توفّر “طور البنت” تجرِبَةً روائيّة غنية، تجمع بين الخيال والتّاريخ والتراث، وتقدّم دعوة لاستكشاف العالم الغنيّ والمعقّد للبادية الأردنيّة وأصول الثّقافة البدويّة. من خلالها، يحفّز الكاتب فراس عوض البقاعين القارئَ للنّظر إلى الماضي لفهم الحاضر، وللتّفكير في القيم والمعتقدات التي تشكّل هُويّتنا.
تُقدّم الرّواية شخصيّةَ “سلمى” بطريقة عميقة ومركّبة، وتتعامل مع موضوعات مثل الأخلاق والجشع من خلال موقفها من اكتشاف الكنز، وتنتقل الرّواية إلى الخيال السّحريّ في فصل “نورة”، الّذي يسلّط الضَّوء على نورة التي تتعرّض للتنمر من قبل زوجة أبيها، والنّور الغريب الذي يحيط بها. ومن تجلّيّات الرواية أنّها تصوّر العلاقات العائلية المعقّدة والتوتّرات بين الأب وابنته، وزوجته القاسية والبغيضة، وتُفَسَّر هذه العلاقات بوصفها رموزًا للطّاقة السلبية. تتضمّن الأحداث الرئيسة في فصل نورة العثورَ على المرأة في الحفرة، والتحسّن الذي جاء بفضل النبع، وهو ما يبرِز قوّة الأمل والعدل في مواجهة الكراهيّة والتعصّب.
وتأخد الرواية القارئ في رحلة مشوّقة من خلال أحداثها المتشابكة وشخصيّاتها المعقدة، وتستخدم الألغاز والرّموز لاستكشاف مواضيع الأخلاق والجشع والعدل، وتستمرّ في تقديم لغة معبّرة تُناسِب الأجواءَ الخيالية، وتُقدِّم شخصيّة شداد بن عاد الّذي يبني جنّةً غنيّةً على الأرض تعبيرًا عن قوّته وثروته، وذلك بالسوية اللغوية الغنية والوصفيّة ذاتها الّتي تعزّز الصّور الحيويّة لهذه الجنة، كما تستعرض موضوعات الثروة والقوّة والطّموح، بالإضافة إلى الغرور والجشع.
يظهَر الماء في الرواية عنصرًا أساسيًّا مشترَكًا في ثلاثة فصول؛ في “سلمى”، الكنز يُكتَشَف عند النبع، بينما في “نورة”، يحدث تحسُّنٌ في الحياة بفضل النبع، وفي “شداد”، الجنّة تكون غنيّةً وجميلةً بفضل الماء. يمكن تفسير الماء بوصفِه رمزًا للحياة أو التجديد أو الثّروة، ويذكّرنا بالإبداع الذي حقّقه الأنباط في تقنيات المياه وسحبها إلى مدينتهم، إضافة إلى المخزون المخبوء احتياطًا، أو في سكناهم في البادية.
يكشف لنا الراوي مفاهيم الحياة والموت والسعادة، مما يعكس العمق الفلسفيّ للرواية، والنّضج العاطفيّ، وصراعه الداخليّ حول هذه المفاهيم يمكن أن يشكِّل نقطة تحوّلٍ في الرواية. ويقدّم صاحب العمل فراس بقاعين لوحة حيّة من السّوق في العصور القديمة، وبلغة غنيّة وتفصيليّة يكاد القارئ يشمُّ رائحةَ البخور والتوابل ويسمع أصوات الباعة وضاربي الدفوف. في هذا السياق، تظهر شخصيّة الراوي، الذي يعامل النّساء بوصفهِنّ أملاكًا يمكن شراؤها وبيعها، ما يعكس نظرة الذكوريّة السّائدة في تلك الحقبة الزمنيّة، ويأخذنا البقاعين إلى تفاصيل حياة الجواري التي يشتريهنّ الراوي، مع التركيز بشكل خاص على “حُباب”، الشّخصيةِ الّتي تميّزت بجمالها وجاذبيتها، وهنا، يُبرِز الكاتب المعاناة الشّديدة التي يعشنها هؤلاء النساء، ويقدّم واقعًا قاسيًا لتجارة الرقّ في تلك الحقبة. كما يعبّر الراوي عن كراهيّته للنفاق الذي يلحَظُه في أفراد مجتمعه، ويأتي ذلك بلغة حارّةٍ، مرّة، تعكِسُ شُعورَهُ بالقلق والشكّ بشأن طبيعته وأهدافه، ويرتبط هذا الشعور بالتّساؤلات الّتي يثيرها الراوي حول طبيعة الإنسان ومدى صدق العَلاقات بين النّاس.
من خلال تتابع فصول الرواية نشهد تطوّرًا في الشّخصيّات الرّئيسة؛ إذ ندرِكُ قيمة “حُباب”، ونكتشف فقرها الدّاخليّ والكآبة التي تغزو حياتها، والألم والفشل يظهران من خلال تصرّفاتها المتكررة، والرّغبة في النّوم والهدوء، كلّ هذا كان يعكس حاجتها إلى الهروب من الواقع. أما فيما يتعلّق بالحاجب، فيُقدَّمُ بصفته رجلًا قويَّا ومهيبًا، لكنّه عديمُ الثّقة بالآخرين بسبب خلفيّته المتواضعة وخيانة صديقه السابق. وعلى الرّغم من سعيه للنجاح وفرض هيبته، فإنّه لا يجد الرّضا الكامل، بل يزداد الشّعور بالفراغ والوَحْدَة. وفي المنحى التأثيثيّ لنموّ الرواية تُنووِلَتْ قضايا السّلطة والطّغيان، والحرّيّة والعبوديّة، والشّهوة والرّغبة. علاوة على أنّ الأحداث بُنيَت بطريقة تزيد من التشويق والإثارة، مع تقديم الشخصيات في طابع درامي يَشُدّ القارئ.
الرواية ثريّة وعميقة في تناول قضايا مثل الحبّ والخوف والرّغبة في الانتماء، بالإضافة إلى الأحلام والتّطلّعات الشّخصيّة. يتجاوز الشّخص الأوّل الحبّ المشترك والحياة المشتركة، ويُظهِر نوعًا من الأنانيّة والرّغبة في التملّك عندما يتمنّى نهاية العالم لأجل “حُباب”؛ الشّخصيّة الأنثويّة التي يحبّها بعمق، وفي جانب آخر تعيش سلمى – الشّخصيّة الرّئيسة الثّانية- التجربةَ المرهقة للولادة، تتذكّر صرخات أمها وخوفها من الفقد، لكنّها في النهاية تتجاوز الألم وتجد الفرح في الحياة الجديدة. وهذا يعكس الجانب الإنسانيّ الحقيقيّ لتجربةِ الأمومة، بعيداً عن التلميع والتّجميل. وهكذا نجد أنّ الرواية تواجه القارئ بأسئلة عميقة حول طبيعة الحبّ والخوف والتطلّعات الإنسانيّة، وكيف يمكن أن يكون الحبّ جميلًا، لكنّه في الوقت ذاته يكشف عن الأنانيّة، وكيف يمكن للخوف أن يكشف الوجهَ الحقيقيّ لتَجرِبَة الأمومة. فالرواية كاشف حقيقي للصراعات الداخليّة للشخصيات، وتدعو القارئ للتفكير في قضايا إنسانية مهِمّة، نلحَظ ذلك حين يُجَسَّدُ القَلَقُ والخوف الذي تشعرُ به الطفلة “سلمى” وهي تشهد ولادة أخيها الصغير، وآلام المخاض التي تعاني منها أمها. يُبرِز النصّ تناقضات الولادة والإنجاب، بين الألم والفرح، والشّخصيّ والجماعيّ
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف من خلال ة التی
إقرأ أيضاً:
بي بي سي: قصص مروعة لسودانيات في أبوسليم مقابل ظروف أفضل في الشرق
ليبيا – تناول تقريرٌ ميدانيٌّ نشره القسمُ الإنجليزيُّ في شبكةِ “بي بي سي” الإخباريةِ البريطانيةِ ما عُبِّرَ عنه بـ”جحيمٍ حيٍّ” تواجهه سودانياتٌ في ليبيا.
التقريرُ الذي تابعتهُ وترجمت أهمَّ ما ورد فيه من مضامين صحيفةِ المرصد، أكَّد مواجهةَ هؤلاء النساء للاغتصاب والإساءة في البلاد، ناقلًا عن “ليلى” – وهو اسمٌ مستعار – قولَها: “نحن نعيش في رعبٍ بعدَما هربتُ من السودان مع زوجي وستةِ أطفالٍ في أوائل العام الماضي بحثًا عن الأمان في ليبيا”.
وقالت “ليلى”: “ذهبت الأسرة إلى مصر أولًا قبل أن ندفع للمتاجرين بالبشر 350 دولارًا لنقلنا إلى الأراضي الليبية، حيث قيل لنا إن الحياة ستكون أفضل، وسنتمكّن من العثور على وظائف في التنظيف والضيافة. ولكن بمجرد عبورنا الحدود احتجزونا كرهائن، وضربونا، وطالبونا بمزيدٍ من المال”.
وأضافت “ليلى” قائلة: “احتاج ابني إلى رعايةٍ طبيةٍ بعد أن تعرّض للضرب مرارًا وتكرارًا على وجهه، وبعد ثلاثة أيامٍ أطلق المتاجرون بالبشر سراحنا من دون إبداء الأسباب. اعتقدت أن حياتي الجديدة في ليبيا بدأت تتحسّن بعد أن تمكّنت الأسرة من السفر غربًا، واستأجرت غرفةً وبدأت العمل”.
وقالت “ليلى”: “ولكن ذات يومٍ غادر زوجي للبحث عن عملٍ ولم يعد، ثمّ تعرّضت ابنتي ذات الـ19 عامًا للاغتصاب من قِبل رجلٍ يعمل معي، وقد أخبرها أنه سيغتصب أختها الصغرى إذا تكلّمت عمّا فعله بها. وأخشى أن يتم طردي من العمل وأسرتي بعدما علمت صاحبةُ المنزل بالتهديدات”.
وأضافت “ليلى”: “نحن محاصرون في ليبيا، وليس لدينا المال لدفعه للمتاجرين من أجل المغادرة، ولا يمكننا العودة إلى السودان الذي مزّقته الحرب. وبالكاد لدينا أيُّ طعامٍ، وأطفالي لا يذهبون إلى المدرسة، وابني يخاف مغادرة المنزل لأن الأطفال الآخرين يضربونه ويهينونه لأنه أسود. أشعر أنني سأفقد عقلي”.
ووفقًا لـ”سلمى”، فقد أمضت عائلتُها ما يقرب من شهرين في مستودعٍ لتجارِ البشر في ليبيا بعد أن نُقلوا من مصر إليها، ليتم لاحقًا فصلُها عن زوجها ونقلُها إلى غرفةٍ للنساء والأطفال، لتتعرّض هي وطفلاها لأشكالٍ مختلفةٍ من الوحشية؛ لأنهم أرادوا المال.
وقالت “سلمى”: “لقد تركت سياطُهم آثارًا على أجسادنا. كانوا يضربون ابنتي ويضعون يدَ ابني في فرنٍ مشتعلٍ بينما كنت أشاهدهم. وفي بعض الأحيان كنت أتمنى أن نموت جميعًا معًا، ولم أستطع التفكير في أي مخرجٍ آخر. وأُصيب ابني وابنتي بصدمةٍ نفسيةٍ ويعانيان من سلس البول منذ ذلك الحين”.
وأضافت “سلمى” قائلة: “كانوا يأخذونني إلى غرفةٍ منفصلةٍ للاغتصاب مع رجالٍ مختلفين في كلِّ مرة، وأنا أحمل طفلًا من أحدهم. وفي النهاية جمعنا بعضَ المال من خلال صديقةٍ في مصر، وأطلق المتاجرون بالبشر سراحنا، وأخبرني أحدُ الأطباء أن الأوان قد فات لإجراء عمليةِ إجهاض”.
وتابعت “سلمى” بالقول: “وعندما اكتشف زوجي أنني حامل، تخلى عني وعن الأطفال، وترَكنا لننام في العراء، لنأكل بقايا الطعام من صناديق القمامة ونتسوّل في الشوارع. وجدنا ملجأً في مزرعةٍ نائيةٍ في شمالِ غربِ ليبيا لفترةٍ من الوقت، حيث قضينا أيامًا كاملةً بقليلٍ من الأكل أو من دونه”.
وقالت “سلمى”: “روّينا عطشنا بشرب المياه الملوّثة من بئرٍ قريبة. ويحزنني أن أسمع ابني الأكبر يقول إنه يموت من الجوع حرفيًا، فهو جائعٌ للغاية، ولكن ليس لديَّ أيُّ شيءٍ ولا حتى ما يكفي من الحليب في ثديي لإطعامه”، في وقتٍ روت فيه “جميلة”، وهي في منتصف الأربعينيات، قصتَها.
وقالت “جميلة”: “صدقنا التقارير الواردة من المجتمع السوداني بأن حياةً أفضل تنتظرنا في ليبيا، وتعرّضت اثنتان من بناتي للاغتصاب مرارًا وتكرارًا منذ ذلك الحين. كانتا تبلغان من العمر 19 و20 عامًا عندما حدث ذلك لأول مرة، وأرسلتهما إلى وظيفةٍ في التنظيف بينما كنت مريضة”.
وأضافت جميلة بالقول: “عادتا في الليل ملطّختين بالتراب والدماء، فقد اغتصبهما أربعةُ رجالٍ حتى أُغمي على إحداهما. وتعرّضتُ للاغتصاب والاحتجاز لأسابيع من قبل رجلٍ أصغرَ مني سنًا بكثيرٍ عرض عليَّ وظيفةً لتنظيف منزله، وكان يناديني بالسوداء المقزِّزة”.
وتابعت “جميلة” بالقول: “حتى الأطفال هنا يعاملوننا بقسوة، ويهينوننا لكوننا سُودًا وأفارقة. وعندما تعرّضت بناتي للاغتصاب لأول مرة، أخذتهما إلى المستشفى وأبلغت الشرطة في غرب ليبيا. وعندما أدرك الضابط أننا لاجئاتٌ، سحب البلاغ وحذّرني من أنني سأسجن إذا تم تقديم الشكوى رسميًا”.
وبالانتقال إلى “هناء”، العاملة في جمعِ الزجاجاتِ البلاستيكية من الصناديق لإطعام أطفالها، فقد قالت: “اختُطفت في غرب ليبيا، وتم اقتيادي إلى غابةٍ واغتصابي من قبل مجموعةٍ من الرجال تحت تهديد السلاح. وأخذوني في اليوم التالي إلى منشأةٍ يديرها جهازُ دعمِ الاستقرار لاحتجازي”.
وتابعت هناء بالقول: “وهناك تعرّض الشباب والأولاد للضرب، وأُجبروا على خلعِ ملابسهم تمامًا بينما كنت أشاهد ذلك. وكنت هناك لأيامٍ أنام على الأرض العارية، وأريح رأسي على نعلي البلاستيكي. وكانوا يسمحون لي بالذهاب إلى المرحاض بعد ساعاتٍ من التوسّل. وتعرّضت للضرب مرارًا وتكرارًا على رأسي”.
واختُتم التقرير بالإشارة إلى رفضِ السلطاتِ في وزارة داخلية الدبيبة الردَّ على الاستفسارات بخصوص ما ورد من معلوماتٍ فيه.
ترجمة المرصد – خاص