- سلطان الجابر يشارك مع رئيس جمهورية مالاوي والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية في جلسة خاصة بالصحة، ويؤكد في كلمته حرص COP28 على ضمان أن تكون الصحة في صميم المناقشات المناخية، وحشد الاستثمارات المطلوبة لبناء منظومات صحيّة عادلة ومرنة مناخياً. -لأول مرة في مؤتمرات الأطراف، رئاسة COP28 تخصص يوماً للصحة وتستضيف اجتماعاً وزارياً حول الصحة والمناخ.

سلطان الجابر:

- تماشياً مع رؤية القيادة في الإمارات، تحرص رئاسة COP28 على وضع البشر والحفاظ على الحياة وسُبل العيش في صميم العمل المناخي، واتباع نهج يركز على حماية الطبيعة ودعم النظم الصحية بالتزامن مع تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

- أدعو المجتمع الدولي إلى معالجة الموضوعات المتعلقة بالارتباط الوثيق بين تغير المناخ والصحة خلال COP28.

نيويورك في 18 سبتمبر / وام/ أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP28، أنه تماشياً مع رؤية القيادة في دولة الإمارات، تحرص رئاسة المؤتمر على وضع البشر والحفاظ على الحياة وسُبل العيش في صميم العمل المناخي، مع اتباع نهج يركز على دعم النظم الصحية.

جاء ذلك خلال كلمته في جلسة نقاشية بعنوان: "يوم الصحة الأول من نوعه في مؤتمرات الأطراف: رؤية طموحة للعمل والمساواة والإشراف والمتابعة" التي عقدت خلال فعاليات أسبوع نيويورك للمناخ، واجتماعات الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك بحضور فخامة الدكتور لازاروس مكارثي تشاكويرا، رئيس جمهورية مالاوي، والدكتور تيدروس غيبريسوس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.

وسلّط معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر الضوء خلال الجلسة على إرث دولة الإمارات الحافل ودورها الريادي في مجال حماية صحة الإنسان من خلال الاسترشاد برؤية ونهج الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، في الالتزام بوضع حياة البشر وتحسين سُبل عيشهم في مقدمة أولويات الدولة.

وأشار معاليه إلى مبادرات مثل "بلوغ الميل الأخير" التي أُطلقت تماشياً مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وخصصت الإمارات من خلالها أكثر من 455 مليون دولار لتحسين نتائج الجهود المتعلقة بالصحة العالمية بالتزامن مع التركيز على دعم النظم الصحية المرنة لتقديم خدمات أفضل للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.

و عقدت الجلسة النقاشية بحضور عدد من كبار المسؤولين من بينهم سعادة عدنان أمين الرئيس التنفيذي لمكتب COP28، والدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في منظمة الصحة العالمية، وأدارتها الدكتورة فانيسا كيري، المبعوثة الخاصة لمنظمة الصحة العالمية المعنية بتغير المناخ والصحة.

وأكد معالي الدكتور سلطان الجابر في كلمته خلال الجلسة أن" COP28 " سيسعى لتحقيق تقدم ملموس وجوهري في العمل الدولي في مجالَي الصحة والمناخ، حيث تم، وللمرة الأولى في مؤتمرات الأطراف، تخصيص يوم للصحة ضمن برنامج المؤتمر للموضوعات المتخصصة، وكذلك سيتم عقد اجتماع الوزاري حول الصحة والمناخ، واللذين يشكلان فرصةً مهمة لبناء منظومات صحية عادلة ومرنة مناخياً، وحشد وتحفيز الاستثمارات الضرورية في هذا القطاع.

ووجه معاليه دعوة مفتوحة إلى المجتمع الدولي لدعم يوم الصحة، والاجتماع الوزاري، اللذين ستتم استضافتهما بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومجموعة من الدول، مشيراً إلى أهمية معالجة الارتباط الوثيق بين تغير المناخ والصحة الذي لم يتم التركيز عليه في مؤتمرات الأطراف السابقة، ومؤكداً ضرورة تغيير ذلك.

وتابع معاليه قائلاً: "في إطار استعدادنا لإقامة أول يوم الصحة في مؤتمرات الأطراف، نعتزم مناقشة ومواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ على المنظومة الصحية، وتشجيع الاستثمارات الطموحة في قطاع الصحة بهدف بناء منظومات صحية مرنة وعادلة لديها القدرة على مواجهة تداعيات تغير المناخ".

وأشاد معاليه بالجهود الرائدة للدول التي تتعاون مع رئاسة " COP28 " في إدارة المناقشات حول الصحة والمناخ خلال COP28 وهي البرازيل، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ومملكة هولندا، وجمهورية كينيا، وجمهورية فيجي، وجمهورية الهند، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية سيراليون، وجمهورية ألمانيا الاتحادية.

وأشار معاليه في كلمته إلى عدد من الأخطار التي تتعرض لها صحة البشر بسبب تغير المناخ ومنها تحوّر الأمراض، واتساع نطاق انتشارها، وعودة ظهور الأمراض التي تم احتواؤها سابقاً، وأوضح أن إحصائيات منظمة الصحة العالمية كشفت زيادة سنوية في حالات الوفاة الناتجة عن تلوث الهواء تقدر بسبعة ملايين حالةً، وأن الأمراض المُعدية مثل الملاريا، يتوسع نطاق انتشارها بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتغيّر أنماط الطقس، مما يؤثر على المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.

وإلى جانب مناقشة هذه التهديدات المتزايدة، سيركّز يوم الصحة الذي تقام فعالياته يوم 3 ديسمبر القادم في مؤتمر COP28 على هشاشة النظم الصحية الحكومية التي أظهرتها جائحة كورونا في مختلف أنحاء العالم، وكذلك الحاجة الملحَّة إلى إجراء تغييرات جذرية لتمكين هذه النظم من الاستجابة لتداعيات تغير المناخ.

وقال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر: "يعتزم مؤتمر COP28 تسليط الضوء على هذه الموضوعات والجمع بين الشركاء الذي يمكنهم تحقيق تغيير إيجابي، وتحسين الوضع الحالي من خلال توحيد جهود العالم حول خطة عمل تضمن احتواء الجميع، وتركز على تحقيق انتقال مُنظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة، وتوفير التمويل المناخي بشكل أكثر إنصافاً، وتحسين الحياة وسُبل العيش". وسيكون التمويل من الأولويات الرئيسية خلال فعاليات يوم الصحة في COP28، حيث تشير التقديرات إلى أن الخسائر المالية للأزمات الصحية التي يسببها تغير المناخ ستصل ما بين 2 إلى 4 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة الفقر، خاصةً في المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ. ويتوقع البنك الدولي أن تحتل التأثيرات المناخية السلبية على الصحة نحو 40% من مُسبِّبات الفقر الناتج عن تغير المناخ، مما سيؤثر على الإنتاجية والدخل والتكاليف الصحية للأفراد والمجتمعات.

ودعا معالي الدكتور سلطان الجابر إلى توفير مزيد من التمويل الميسّر لدول الجنوب العالمي لتقليل الأخطار التي تهددها، بالإضافة إلى جذب رأس المال من القطاع الخاص، مؤكداً ضرورة تحقيق التوزان بين بنود التمويل المناخي. كما طالب الحكومات بمضاعفة التمويل الخاص بالتكيف بحلول عام 2025، والمساهمة في تجديد موارد الصندوق الأخضر للمناخ.

وأكد معاليه ضرورة زيادة الاستثمار في مجال الصحة لأهميته الحاسمة في تعزيز المرونة المناخية، وضرورة النظر إلى هذه النفقات بوصفها استثمارات في الحياة وليست تكاليفاً، مشيراً إلى تقديرات البنك الدولي التي توضح أن كل دولار يتم استثماره في بناء المرونة المناخية يحقق فوائد تبلغ في المتوسط 4 دولارات.

ووجه معاليه دعوة مفتوحة إلى مؤسسات التمويل، بما في ذلك بنوك التنمية، لإعطاء الأولوية للاستثمار في الصحة والمناخ، وأشاد بالدور الريادي الذي تلعبه منظماتٍ مثل البنك الدولي، ومصرف التنمية الآسيوي، وصندوق المناخ الأخضر، ومؤسسة "روكفلر"، لالتزامها بمعالجة نقص تمويل الصحة والمناخ خلال COP28.

جدير بالذكر أن خطة عمل COP28 تستند إلى الحقائق العلمية، وتركّز على تحقيق نتائج عملية وملموسة، واتباع نهج جديد لحل أزمة المناخ، بما يجمع الشغف والطُموح مع الجانب العمليّ والواقعي. ويأتي موضوع الصحة ضمن واحدة من ركائز خطة عمل المؤتمر وهي التركيز على الحفاظ على البشر وتحسين الحياة وسُبل العيش.

وتتضمن الركائز الثلاثة الأخرى تسريع تحقيق انتقال مُنظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وضمان احتواء الجميع في المؤتمر بشكل تام. وسيشمل بند الحفاظ على البشر وتحسين الحياة وسُبل العيش أيضاً إصدار "إعلان الغذاء" الذي يهدف إلى حشد الإرادة السياسية اللازمة لتطوير المنظومات المعنية بضمان الأمن الغذائي وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة. ومن المخطط كذلك إصدار إعلان وزاري حول الصحة والمناخ لأول مرة في مؤتمرات الأطراف، والدعوة لجذب مزيد من التمويل لتعزيز حلول الطبيعة والمناخ وتوسيع نطاقها.

عماد العلي/ أحمد النعيمي

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: لتداعیات تغیر المناخ الصحة العالمیة النظم الصحیة سلطان الجابر یوم الصحة الصحة فی

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء: تغير المناخ يؤثر عالمياً على الأمن الغذائي ويدفع بالملايين للنزوح

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله مفهوم تغيُّر المناخ ومسبباته وتداعياته على مختلف المناطق، كما استعرض تأثيره على الأفراد والشركات، مع توضيح أبرز مقترحات مواجهته.

أشار التحليل إلى أن تغيُّر المناخ يُعد أحد أخطر التحديات البيئية الأكثر إلحاحًا في العصر الحديث؛ حيث يؤثر بشكل مباشر على الأفراد، من خلال مظاهر هذا التغيُّر التي تشمل ارتفاع درجات الحرارة، والتي تهدد الصحة العامة، لا سيما لدى الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال وكبار السن، كما يؤدي إلى تراجع الموارد الطبيعية، مثل المياه والغذاء، نتيجة لاختلال أنماط هطول الأمطار؛ مما يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، ويهدد الأمن الغذائي، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة الأعباء المعيشية، بالإضافة إلى ذلك، تتسبب الكوارث الطبيعية المتزايدة، مثل الفيضانات والجفاف، في فقدان المنازل وتشريد الملايين؛ مما يؤدي إلى أزمات إنسانية واجتماعية، كما تتأثر سبل العيش؛ حيث يواجه العاملون في الزراعة والصيد والسياحة تحديات تهدد استقرارهم الاقتصادي.

أوضح التحليل أن تغيُّر المناخ يُشير إلى التغيُّرات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس، والتي قد تحدث بشكل طبيعي نتيجة للتقلبات في النشاط الشمسي أو الانفجارات البركانية الكبرى، ومع ذلك، فمنذ القرن التاسع عشر أصبحت الأنشطة البشرية هي العامل الأساسي وراء تغيُّر المناخ، وقد أكد علماء المناخ أنها مسؤولة بشكل كامل عن الاحترار العالمي خلال القرنين الماضيين؛ إذ تؤدي الأنشطة البشرية إلى انبعاث الغازات الدفيئة التي تُسهم في رفع درجة حرارة الأرض بمعدل أسرع من أي وقت مضى، وذلك خلال الألفي عام الأخيرة على الأقل.

أضاف التحليل أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض أصبح الآن حوالي 1.1 درجة مئوية أكثر دفئًا مما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر، أي قبل الثورة الصناعية، ويُعد العقد الماضي (2011-2020) الأكثر دفئًا على الإطلاق، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز. وينتج عن احتراق هذه المصادر انبعاثات الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري)، التي تعمل كغطاء يحيط بالأرض؛ مما يؤدي إلى احتباس حرارة الشمس، وارتفاع درجات الحرارة العالمية.

ذكر التحليل أن ثاني أكسيد الكربون والميثان يُعدوا من الغازات الدفيئة الرئيسة المسؤولة عن تغيُّر المناخ؛ حيث تنتج هذه الغازات من استخدام البنزين في وسائل النقل أو حرق الفحم لتدفئة المباني، كما أن إزالة الغابات تُسهم في إطلاق كميات إضافية من ثاني أكسيد الكربون، وتُعد الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي، من بين القطاعات الرئيسة المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وعند وصول الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، ستصبح موجات الحر أكثر شدة، وستمتد الفصول الدافئة لفترات أطول، بينما ستتقلص الفصول الباردة، أما في حال ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 2 درجة مئوية، فستصل موجات الحر المتطرفة بشكل متكرر إلى مستويات حرجة؛ مما يشكل تهديدًا مباشرًا للزراعة والصحة.

أوضح التحليل أن تأثيرات تغيُّر المناخ لا تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة فقط، بل تمتد لتشمل تغييرات واسعة في مختلف الأنظمة البيئية والمناطق الجغرافية، والتي ستزداد حدتها مع استمرار الاحترار، وتشمل هذه التأثيرات:

-تغيُّر أنماط هطول الأمطار: حيث من المتوقع أن تزداد نسبة الهطول في المناطق الواقعة عند خطوط العرض العليا، بينما ستنخفض بشكل ملحوظ في أجزاء واسعة من المناطق شبه الاستوائية، كما ستتغير أنماط الأمطار الموسمية وفقًا لكل منطقة، مع حدوث فيضانات متكررة بالتزامن مع موجات جفاف أكثر حدة بعدد من المناطق.

-ارتفاع مستوى سطح البحر: سيستمر مستوى سطح البحر في الارتفاع على مدار القرن الحادي والعشرين؛ مما سيؤدي إلى تفاقم الفيضانات الساحلية في المناطق المنخفضة، وزيادة معدلات تآكل السواحل، ومن المتوقع أن تتحول الأحداث المتطرفة لارتفاع مستوى سطح البحر، التي كانت تحدث مرة كل 100 عام، إلى ظواهر سنوية بحلول نهاية القرن.

- ذوبان الجليد وفقدان الغطاء الثلجي الموسمي: سيؤدي الاحترار المستمر إلى تسارع ذوبان التربة الصقيعية، واستمرار فقدان الجليد البحري في القطب الشمالي خلال فصل الصيف، إلى جانب تراجع الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية.

-تغيُّرات في المحيطات: حيث يشهد المحيط ارتفاعًا في درجة حرارة مياهه، وزيادة في موجات الحرارة البحرية، وتحمضًا متزايدًا، وانخفاضًا في مستويات الأكسجين، وهي تغييرات مرتبطة بالنشاط البشري، ومن المتوقع أن تؤثر هذه التحولات على النظم البيئية البحرية والمجتمعات التي تعتمد عليها، وستستمر على الأقل حتى نهاية هذا القرن.

-تأثيرات على المدن: حيث ستتفاقم بعض جوانب تغيُّر المناخ في المناطق الحضرية، لا سيما ارتفاع درجات الحرارة؛ حيث تكون المدن عادة أكثر دفئًا من المناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى زيادة مخاطر الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة، وارتفاع مستوى سطح البحر في المدن الساحلية.

علاوةً على ذلك، تُسهم الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير وحرائق الغابات في تدمير المنازل والبنية التحتية؛ مما يجبر الكثيرين على النزوح من مناطقهم، كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد المدن الساحلية؛ مما يجعل السكان أكثر عرضة لفقدان مساكنهم ومصادر رزقهم، ولا تقتصر التأثيرات على الصحة والاقتصاد فحسب، بل تمتد إلى الجوانب النفسية والاجتماعية؛ حيث يزيد القلق بشأن المستقبل مما يتسبب في زيادة مستويات التوتر والاكتئاب بين الأفراد.

استعرض التحليل تأثير تغير المناخ على الأفراد من خلال تسليط الضوء على عدة جوانب رئيسية وهي:

أولاً: تأثيرات تغيُّر المناخ على الصحة: تصف منظمة الصحة العالمية تغيُّر المناخ بأنه أكبر تهديد صحي يواجه البشرية، إذ تُقدر أنه سيتسبب في نحو 250,000 وفاة إضافية سنويًّا بين عامي 2030 و2050، وستكون معظم هذه الوفيات ناتجة عن سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، على أن الحرارة هي أخطر أنواع الطقس القاسي؛ حيث تُسهم درجات الحرارة المرتفعة في وفيات العمال الذين يعملون في الهواء الطلق، والسياح، والحجاج الدينيين، والأشخاص الذين يعانون من التشرد، لكن تأثير الحرارة لا يقتصر على ذلك، بل يؤثر أيضًا على الصحة الجسدية والعقلية بطرق مختلفة:

1- تسببت فصول الشتاء الأقصر والأكثر دفئًا في انتشار أكبر للأمراض المنقولة عبر الحشرات، مثل داء لايم، وزيكا، والملاريا، وحمى الضنك، وفيروس غرب النيل، وشيكونغونيا.

2- تؤدي موجات الحر، خاصةً عند اقترانها بتلوث الهواء الناتج عن حركة المرور، إلى ارتفاع مستويات الأوزون؛ مما يُسهم في تفاقم العديد من المشكلات الصحية، مثل: الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.

3- زيادة تركيزات حبوب اللقاح وإطالة مواسم الحساسية، فوفقًا لمؤسسة الربو والحساسية الأمريكية، فإن ارتفاع درجات الحرارة في الولايات المتحدة أدى إلى تمديد موسم حبوب اللقاح بين 11 و27 يومًا خلال الفترة من 1995 إلى 2011.

وأضاف التحليل أن تغيُّر المناخ يزيد احتمال حدوث جائحة جديدة؛ حيث إن ارتفاع درجات الحرارة سيجبر الحيوانات البرية على تغيير موائلها (بيئاتها)، ووفقًا لتقرير نُشر في المجلة العلمية Nature، فقد يؤدي ذلك إلى دفع هذه الحيوانات إلى العيش بالقرب من المناطق المأهولة بالسكان؛ مما يزيد فرص انتقال الفيروسات وحدوث جائحة جديدة.

ويشير التقرير إلى أن "تغيُّر النطاق الجغرافي" سيؤدي إلى تفاعل الثدييات مع بعضها بعضًا لأول مرة؛ مما قد يتسبب في تبادل آلاف الفيروسات. ويؤكد العلماء أنه حتى في حال الحد من الاحتباس الحراري إلى أقل من 2 درجة مئوية هذا القرن، فإن ذلك "لن يقلل من انتقال الفيروسات في المستقبل".

وأوضح التحليل أنه بالرغم من أن التغيُّر المناخي يؤثر على الجميع، فإن بعض الفئات أكثر عرضة للمخاطر الصحية، وتشمل:

1-الأطفال: بسبب جهازهم المناعي غير المكتمل، يكونون أكثر عرضة للإجهاد الحراري والجفاف، كما أنهم أكثر حساسية لتلوث الهواء ودخان حرائق الغابات.

2-النساء الحوامل: يواجهن خطرًا متزايدًا من الإجهاد الحراري أثناء موجات الحر بسبب التغيُّرات الفسيولوجية المرتبطة بالحمل، كما أنهن وأجنتهن أكثر حساسية لتلوث الهواء ودخان الحرائق.

3-كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة: يكونون أكثر عرضة للجفاف، والإجهاد الحراري، والالتهابات، وتفاقم أمراض القلب والجهاز التنفسي.

4-السكان في المناطق الريفية والنائية وسكان الشعوب الأصلية والأشخاص ذوي الدخل المنخفض: يواجهون مخاطر أكبر بسبب قلة الخدمات الصحية، وزيادة التعرض للكوارث الطبيعية، مثل: حرائق الغابات والجفاف والعواصف وارتفاع مستوى سطح البحر.

ثانياً: التأثير الاقتصادي لتغيُّر المناخ على الأفراد والشركات: أشار التحليل إلى أن موجات الحرارة المرتفعة، والجفاف الطويل الأمد، والفيضانات الشديدة تُسهم في ارتفاع تكاليف المعيشة وجعل الناس أكثر عرضة للمخاطر.

1- التأثير على الأمن الغذائي والأسعار: تؤثر الأحوال الجوية القاسية على إنتاج العديد من المحاصيل الأساسية، مثل الأرز، والقمح، والذرة، والقهوة، والكاكاو؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الجودة.

2- تراجع استقرار شبكة الكهرباء وارتفاع التكاليف: حيث تصبح شبكة الكهرباء أكثر عرضة للاضطرابات، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الضغط عليها، خاصة مع تزايد الاعتماد على أجهزة التبريد، كما يواجه مزودو الخدمات أضرارًا متزايدة بسبب الظواهر المناخية المتطرفة، مثل حرائق الغابات والعواصف العنيفة، وفي النهاية، تنعكس هذه التحديات على المستهلكين من خلال ارتفاع تكاليف الكهرباء.

3- ارتفاع حرارة المحيطات يهدد حياتنا واقتصادنا: يشكل ارتفاع مستوى سطح البحر خطرًا غير مسبوق على سلاسل التوريد العالمية، فقد يؤدي إلى تعطيل الموانئ والبنية التحتية الساحلية، كما أن ارتفاع درجات حرارة المياه يُسهم في زيادة شدة العواصف في المناطق الاستوائية؛ مما يعرض الأرواح والممتلكات للخطر، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن المحيطات تعد موطنًا لغالبية التنوع البيولوجي في العالم، كما يعتمد عليها 3 مليارات شخص في كسب رزقهم، ومع ذلك، تؤدي انبعاثات الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية إلى ارتفاع حرارة المحيطات، وزيادة حموضتها، ونقص مستويات الأكسجين؛ مما يهدد مستقبل الوظائف والصناعات المرتبطة بالبحار.

4- تغيُّر المناخ يدفع بالملايين إلى النزوح: يُعد تغيُّر المناخ أحد العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى الهجرة الداخلية؛ حيث يؤثر سلبًا على سبل العيش، ويجعل بعض المناطق غير صالحة للسكن بسبب تعرضها الشديد للظواهر المناخية القاسية، وتشير التوقعات إلى أن 216 مليون شخص قد يضطرون للنزوح بسبب تغيُّر المناخ بحلول عام 2050، وذلك عبر ست مناطق حول العالم، وستكون أكبر أعداد النازحين في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (86 مليون شخص)، تليها شرق آسيا والمحيط الهادي (49 مليون شخص)، ثم جنوب آسيا (40 مليون شخص).

5- تغيُّر المناخ قد يجعل تأمين الممتلكات أكثر تكلفة: ففي عام 2021 تسببت الكوارث الجوية المتطرفة في خسائر مؤمَّنة بلغت 105 مليارات دولار، وهو رابع أعلى مستوى منذ عام 1970، وذلك وفقًا للتقديرات الأولية لشركة Swiss Re، إحدى الشركات الرائدة عالميًّا في التأمين وإعادة التأمين، ولا يؤدي هذا فقط إلى ارتفاع تكاليف التأمين للجميع، بل قد يجعل بعض الأصول غير قابلة للتأمين تمامًا. ووفقًا لمجلس المناخ الأسترالي، فإن واحدًا من كل 25 منزلًا في أستراليا قد يصبح غير قابل للتأمين بحلول عام 2030.

6- تكاليف باهظة للشركات بسبب المخاطر البيئية: أشارت دراسة صادرة عن منظمة CDP غير الربحية في عام 2021، التي تدير أكبر نظام عالمي للإفصاح البيئي، إلى أن الشركات قد تتحمل ما يصل إلى 120 مليار دولار من التكاليف المرتبطة بالمخاطر البيئية في سلاسل التوريد بحلول عام 2026، وتشمل هذه التكاليف ارتفاع أسعار المواد الخام، بالإضافة إلى تغييرات تنظيمية مثل فرض ضرائب الكربون، وذلك في إطار الجهود العالمية للتصدي للأزمات البيئية.

استعرض التحليل طرق مواجهة تغيُّر المناخ ومنها:

-التمويل المتعلق بالمناخ: يلعب الدعم الاقتصادي دورًا كبيرًا في معالجة تغيُّر المناخ؛ حيث تحتاج الدول النامية إلى 127 مليار دولار سنويًّا بحلول عام 2030، و295 مليار دولار سنويًّا بحلول عام 2050 للتكيف مع تغيُّر المناخ، في الوقت الحالي، يبلغ تمويل التكيف مع المناخ نحو 50 مليار دولار سنويًّا؛ مما يشكل فجوة كبيرة في تلبية الاحتياجات المتزايدة لمواجهة التحديات البيئية.

-التخفيف والتكيف: يجب أن تضمن جهود التخفيف والتكيف مع تغيُّر المناخ عدم تضرر أي فئة بشكل غير عادل، خلال مسيرة الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، ويجب أن تلعب السياسات الحكومية دورًا حاسمًا في الحد من التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، فعلى سبيل المثال، يمكن دعم إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، من خلال برامج تأهيل العمال لاكتساب مهارات جديدة تلائم الوظائف المستدامة، كما يمكن توجيه العائدات الناتجة عن تطبيق سياسات مثل ضرائب الكربون لدعم المجتمعات منخفضة الدخل.

-الأمن الغذائي والمائي: يعد تطوير نظم إنتاج الغذاء وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية من الخطوات الأساسية للتكيف مع الواقع الجديد الذي يفرضه تغيُّر المناخ. ومع ذلك، هناك تفاوتات كبيرة في استهلاك المياه بين الدول الغنية والدول منخفضة الدخل، وكذلك بين الفئات الاجتماعية والاقتصادية داخل كل دولة. لذا، فإن ضمان توزيع عادل ومستدام للموارد أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وأكد التحليل في ختامه أن مواجهة أزمة تغيُّر المناخ، تتطلب تعزيز الوعي واتخاذ تدابير جادة للتخفيف من آثاره والتكيف معها؛ حيث إن المسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمعات والأفراد، فالتغيير يبدأ من السياسات البيئية المستدامة، مرورًا بالاستثمارات في الطاقة النظيفة، وصولًا إلى تبني سلوكيات صديقة للبيئة. كما يلعب التعاون الدولي دورًا أساسيًّا في وضع سياسات فعالة للحد من الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة؛ لضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

طباعة شارك تغير المناخ الأمن الغذائي مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

مقالات مشابهة

  • وزير العدل يؤكد مواصلة ملاحقة كل الدول التي اجرمت في حق الشعب السوداني
  • مذكرة داخلية للأمم المتحدة تكشف عن خطط للتعامل مع أزمة التمويل
  • ‏الرئيس اللبناني يؤكد حرصه على مواصلة ترسيخ العلاقات الثنائية مع الإمارات خلال المرحلة المقبلة
  • الوزير الشيباني: نتوجه بالشكر للأمم المتحدة، ولسعادة الأمين العام السيد أنطونيو غوتيريش، ولمسؤول الجمعية العامة على تعاونهم واستقبالهم الإيجابي. كما نشكر بعثة المملكة العربية السعودية على دعمها وتعاونها، وكذلك دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة
  • ما الفرق بين الطقس والمناخ؟
  • تشقق الأرض تحت طهران بسبب تغير المناخ يقلق الإيرانيين
  • معلومات الوزراء: تغير المناخ يؤثر عالميا على الأمن الغذائي ويدفع بالملايين إلى النزوح
  • معلومات الوزراء: تغير المناخ يؤثر عالمياً على الأمن الغذائي ويدفع بالملايين للنزوح
  • الشيباني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: نطالب برفع العقوبات عن سوريا ودعم إعادة الإعمار فيها
  • خطاب وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.