مزاد الأصوات الانتخابية يدشن آليات متطورة.. تنويم الناخبين مغناطيسيًا بوعود ليس عليها شاهد
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
يبدو أن تكرار التجارب الانتخابية والترويجية خلال السنوات الماضية، جعلت القوى السياسية والمرشحين يكتسبون خبرة في مواكبة آليات "خطف اصوات الناخبين" وجعلهم يصوتون لهم دون غيرهم، ومن بين هذه الآليات منع التصوير كشاهد على الوعود التي يطلقها المرشحون للمواطنين، الامر الذي يدفعهم لاطلاق وعود ضخمة ليس عليها رقيب، فضلا عن تنويع الوعود حتى وصلت الى تقديم "سفرات سياحية" مقابل التصويت.
ووسط كل هذا، تبقى المنافسة "غير متكافئة" فبينما تتحرك القوى السياسية والشخصيات التي لها ثقل اقتصادي ودعم سياسي، بأريحية وتطلق وعودها دون وجل، تبقى القوى السياسية والشخصيات المستقلة تراقب من بعيد، لعدم امتلاكها قاعدة تستند عليها في اطلاق الوعود والعطايا، وسط جمهور من الناخبين المتعطشين لتقديم أي شيء لهم، وسط الحرمان المستمر من مقومات المعيشة الكريمة.
ويشهد التنافس الانتخابي في ديالى تصاعدا في وتيرته مع رغبة قوى سياسية مهمة ان يكون لها وزن في مجلس المحافظة المقبل خاصة مع ما تقدمه بعض هذه القوى من مغريات من اجل حصاد الاصوات قبل بدء يوم الحسم في 18 كانون المقبل.
السياسي المستقل علاء الربيعي قال في حديث لـ "بغداد اليوم"، ان "في ديالى هناك قوى ثرية وهناك فقيرة ومستقلون ليس لديهم سوى برامج مميزة لكن مستوى تأثيرها في جمهور غارق في مآسي سوء الخدمات والبطالة والبحث عن محاولة انقاذ من انقطاع الكهرباء وتردي الخدمات الاخرى".
وأضاف، ان "بعض المرشحين يعتمد تضليل وجوه من يلتقي بهم عند نشر الصور لتفادي ان يتعرضوا الى مضايقات والبعض الاخر يسرد قصصا وتعهدات امام جمهوره بدون وجود هواتف نقالة، لانه يدرك بأنه سيقع أمام مطب كبير اذا ما تسرب بعض مما يطلق من الوعود، فضلا عن اطلاق تعهدات بسفرات سياحية لبعض الشباب الناشطين لكسبهم في حصاد الاصوات".
أما علي حسن ناشط سياسي فقد اشار الى ان "احد النواب روج بشكل غير معلن بانه وراء حصول قبيلته على عشرات العقود في وزارة الداخلية في محاولة لكسب الاصوات لصالح شقيقه المرشح رغم ان الجميع يعلم بان القرعة الكترونية ولم يكن هناك اي دور سواء لنائب او مسؤول في تغير الاسماء".
وتابع، ان "البعض يمارس تضليلا متعمدا بحق الناس من اجل الظفر باصواتهم خاصة في الارياف وكل ذلك يتم بدون توثيق حتى لاتتحول الوعود الى فضائح امام جمهورهم الذي للاسف البعض منهم يحاول اقناع ذاته بانه قد يتحول الكذب الى صدق"، بحسب تعبيره.
الناشط سلام هادي فقد اشار الى ان "هناك مرشحين لديهم المال والسلطة وتحريك كل شيء باتصال واحد وهناك مرشحين يقفون في الطابور مثل اي مواطن من اجل لقاء مدير دائرة لانهم ببساطة غير مدعومين من قبل قوى متنفذة".
واضاف، انه "لاتوجد محددات للانفاق، واستغلال امكانيات الدوائر الحكومية في الدعاية امر معلن ويمكن رصده من خلال تفحص صفحات المسؤولين المرشحين للانتخابات".
اما رئيس بيارق الخير محمد الخالدي فقد اشار الى أن "المال السياسي واستغلال امكانيات الدولة ليس غريب عن ماراثون الانتخابات وهو يجري من قبل القوى الكبيرة دون اي خوف لانها قوى حاكمة".
واضاف، ان "منح اي موظف حكومي مرشح للانتخابات اجازة مبكرة مهما كان منصبه خطوة منصفة لكن للاسف لاتنفذ وهناك من يستغل موقعه في الكسب الانتخابي"، لافتا الى ان "البرامج الانتخابي هي محولات كهربائية وسبيس والتي تمول من خزينة الدولة وليس من جيوب احزاب ومسؤولين".
واشار الى ان "البذخ في الانتخابات بدأ من الان وسنرى مليارات تنفق باشكال متعددة من اجل حصاد الاصوات"، مؤكدا بان "واقع المستقلين والاحزاب الناشئ سيكون مؤلما في ظل عدم وجود اي مقاييس للتنافس العادل سواء في ديالى او غيرها".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
بيع عرش في مزاد علني!
إيطاليا – شهدت الإمبراطورية الرومانية في 28 مارس عام 193 ميلادية، حادثة غير مسبوقة قام خلالها الحرس “البريتوري”، أي قوات الحرس التي تتولى حماية الإمبراطور، ببيع المنصب الشاغر في مزاد علني.
لجأ قادة الحرس الإمبراطوري الذي يبلغ عدد أفراده حوالي 10000 جندي، إلى هذه الوسيلة الغريبة، إثر تطورات خطيرة حدثت في روما في حقبة متوترة وفوضوية. حينها تعاقب خمسة أباطرة على عرش روما خلال 12 شهرا، ولذلك تعرف تلك الفترة باسم “عام الأباطرة الخمسة”.
بعد أن اعتلى الإمبراطور بوبليوس هيلفيوس بيرتيناكس عرش روما، أراد خلال فترة حكمه التي استمرت 87 يوما فقط، إحداث تغييرات هامة في الإمبراطورية والتقرب من رعاياه بتخفيض حاد في الأموال المخصصة للقصر، وبمراجعة قوائم الارستقراطيين، والبدء في توزيع الأموال على المواطنين الرومانيين العاديين، وإلغاء بعض الضرائب المفروضة عليهم، وحاول حتى العمل بسياسة “الأرض للفلاحين”.
إصلاحات هذا الإمبراطور الروماني المالية طالت حرسه الخاص، وكان قوة ضاربة رئيسة، وصاحب نفوذ واسع في تلك الحقبة المضطربة.
الحرس الإمبراطوري استلوا سيوفهم وانتقموا من الإمبراطور بيرتيناكس بقتله. أدى ذلك إلى فراغ في السلطة، فقرر الحرس بيع “العرش” لمن يدفع أكثر!
تجرأ اثنان ممن يوصفون باللغة المعاصرة بـ “القطط السمان” على التنافس على المزاد، والمجازفة بقبول هذا العرض الغريب من جنرالات أطاحوا لتوهم برأس إمبراطور!
الأول، هو حاكم مدينة روما ووالد زوجة الإمبراطور القتيل ويدعى تيتوس فلافيوس سولبيسيانوس، والثاني ثري وجنرال سابق يدعى ماركوس ديديوس جوليانوس كان في السبعينيات من العمر.
عرض الأول سولبيسيان على الحرس الإمبراطوري مبلغا ضخما قدره 20 ألف “سيسترس” لكل واحد من أفراد هذا الفيلق. أي ما يغطي فترة خدمة الجندي في الحرس الإمبراطوري لمدة خمس سنوات.
المنافس الآخر جوليانوس عرض مبلغا أكبر بلغ 25 ألف “سيسترس” لكل واحد، أي إجمالا 250 مليون سيسترس.
بالطبع وافق الحرس الإمبراطوري على صفقة البيع مع الثري جوليانوس، ودفعوا به إلى أعضاء مجلس الشيوخ الذين لم يكن أمامهم أي خيار سوى الموافقة.
بعد أن تولى المنصب الذي اشتراه، تفاجأ جوليانوس بأن خزانة الإمبراطورية خاوية تماما، وأن جميع أمواله الخاصة لم تكن كافية لدفع قيمة “المزاد”.
سلم قسما من المبلغ الموعود للحرس الإمبراطوري، ولم يتبق لديه المزيد، ووجد الرجل العجوز نفسه في ورطة كبيرة، خاصة أن المواطنين العاديين استقبلوه في الشوارع بالشتائم والوعيد. كان مواطنو روما يحنون إلى سخاء بيرتيناكس القتيل.
علاوة على ذلك لم يعترف بهذا الإمبراطور قادة الجيوش الرومانية في المقاطعات، واعتبروا صفقة المزاد العلني، إهانة للإمبراطورية ذاتها.
لم يستطع جوليانوس التماسك والاحتفاظ باتزانه في ظل هذا المأزق، فغرق في “نوبة” سكر لمدة شهرين.
كان مصيره في مهب الريح ولم يكن أمامه أي مخرج. في تلك الأثناء، تمرد ثلاثة من القادة العسكريين الكبار، ونصبوا أنفسهم اباطرة على روما، وهم سيبتيموس سيفيروس وبيسكينيوس النيجري وكلوديوس ألبينوس.
بعد مرور 66 يوما من توليه المنصب الذي اشتراه، تخلى الحرس الإمبراطوري عن التعيس جوليانوس بضغط من الجنرال القوي سيبتيموس سيفيروس، وتم إعدامه ليتولى بعده الحكم سيفيروس.
بذلك دخل ماركوس ديديوس جوليانوس التاريخ بصفة أكثر المزايدين خسارة في التاريخ. لم يفقد هذا الثري والجنرال السابق فقط أمواله، بل ورأسه بجريرة مزاد علني وجشع مرضي للسلطة!
المصدر:RT