الجزيرة:
2024-07-07@08:13:57 GMT

بصمة شات جي بي تي.. باحثون تركوا خلفهم دليل جريمتهم

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

بصمة شات جي بي تي.. باحثون تركوا خلفهم دليل جريمتهم

يقول المتخصصون في البحث الجنائي إن السارق أو مرتكب الجريمة، مهما بلغت درجة دقته عند التنفيذ، لا بد أن يترك خلفه دليلا يقود لاكتشاف جريمته، ومن ثم القبض عليه.

مع الفارق في التشبيه، فإن المحقق العلمي غيوم كاباناك -عالم الكمبيوتر في جامعة تولوز في فرنسا- استطاع اكتشاف جرائم سرقة علمية تتم بواسطة تطبيق الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي"، وذلك بعد أن ترك باحثون خلفهم دليل جريمتهم من دون قصد، وقام بالإعلان عن هذه المخالفات على "باب بير" (PubPeer)، وهو موقع إلكتروني يناقش فيه العلماء الأبحاث المنشورة.

ويصف كثير من الباحثين المهتمين بـ"النزاهة العلمية" إساءة استخدام "شات جي بي تي" بأنها شكل من أشكال السرقة العلمية، ذلك لأن التعريف العلمي لهذا السلوك الأكاديمي غير المنضبط يعني "نسخ كلمات أو بيانات شخص آخر من دون الإشارة إلى ذلك أو من دون تحديد المصدر الذي استعان به الباحث في الحصول على البيانات"، وهو ما ينطبق تماما على هذه الحالة.

العثور على بصمات "شات جي بي تي" في الأبحاث أمر ينذر بالخطر ويقوض مصداقية البحث العلمي (شترستوك) بصمات "شات جي بي تي"

وبلغة البحث الجنائي، يقول كاباناك في تصريحات للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني "في عديد من الأبحاث، تمكنت من العثور على بصمات شات جي بي تي، وهو أمر ينذر بالخطر ويقوض مصداقية البحث العلمي".

والبصمات التي يعنيها كاباناك هي كلمات وجمل شهيرة ترتبط بهذا التطبيق، مثل جملة "إعادة إنشاء الاستجابة"، وهي زر يؤدي النقر عليه إلى جعل "شات جي بي تي" يولد إجابة جديدة، ولكن بأسلوب مختلف عن الإجابة السابقة، ويكون هذا مفيدا عندما تكون الإجابة التي تم إنشاؤها مسبقا غير مرضية للمستخدم، وهذا الزر تم تغيير اسمه في النسخ الأحدث من التطبيق إلى كلمة "تجديد".

والقضية الأحدث، التي لعبت فيها هذه البصمة دورا في اكتشاف إساءة استخدام التطبيق، كانت تخص دراسة نشرتها دورية "فيزيكا سكريبتا" في التاسع من أغسطس/آب الماضي، إذ كانت تلك الدراسة -التي سحبتها دار نشر "آي أو بي بابلشينغ" البريطانية التي تصدر الدورية- تهدف إلى الكشف عن حلول جديدة لمعادلة رياضية، لكنها انضمت، بعد إثارة الجدل حولها، إلى قائمة الدراسات التي يتم الاستشهاد بها عند الحديث عن إساءة استخدام "شات جي بي تي".

أكثر من 12 دراسة يحتوي بعضها على البصمة نفسها، وهي عبارة "إعادة إنشاء الاستجابة" (شترستوك) 12 دراسة

ودراسة "فيزيكا سكريبتا" ليست الحالة الوحيدة التي تتورط فيها دوريات علمية مرموقة في قبول بحث علمي ارتكب صاحبه هذا السلوك غير النزيه، فمنذ أبريل/نيسان الماضي، اكتشف كاباناك أكثر من 12 دراسة يحتوي بعضها على البصمة نفسها، وهي عبارة "إعادة إنشاء الاستجابة"، بينما كان البعض الآخر يحتوي على بصمة أخرى، وهي الجملة الشهيرة للتطبيق "باعتباري نموذجا للغة الذكاء الاصطناعي، لا يمكنني أن.."، التي يكتبها التطبيق عندما تكتب له سؤالا يطلب رؤية تحليلية أو توقع أمر ما.

ووجد كاباناك هذه البصمة في إحدى دوريات دار النشر الشهيرة "إلسيفير"، وهي دورية "ريسورسيز بوليسي"، التي نشرت في الثالث من أغسطس/آب الماضي دراسة عن "تأثير التجارة الإلكترونية على كفاءة الوقود الأحفوري في البلدان النامية"، ولاحظ كاباناك أن بعض المعادلات الواردة في الورقة البحثية غير منطقية، وتضمنت النتيجة فوق الجدول عبارة "يرجى ملاحظة أنه باعتباري نموذجا للغة الذكاء الاصطناعي، فأنا غير قادر على إنشاء جداول محددة أو إجراء اختبارات".

أزمة تجسد مشكلتين

ووفقا لكاباناك، فإن وجود تلك البصمات يجسد مشكلتين، الأولى هي أن "اكتشاف هذه العبارات في المقالات المنشورة بالمجلات الخاضعة لمراجعة النظراء ذات معامل التأثير العالي أمر غير متوقع ومخيب للآمال ومثير للقلق، لأنه يشكك في جودة عملية مراجعة الأبحاث التي يتم إجراؤها في هذه المجلات".

والمشكلة الثانية هي أن "نسخ ولصق مخرجات برنامج شات جي بي تي من دون حتى قراءتها، في الجزء المخصص لـ(الأعمال ذات الصلة)، هي علامة على الإهمال، وتجعلني أتساءل عن بقية الورقة، إذ كيف يمكن لأي شخص أن يثق بالأساليب والنتائج الخاصة بالبحث، إذا كان المؤلفون غير متقنين عند كتابة الأعمال ذات الصلة".

من المرجح أن تكون الأوراق التي أنشئت باستخدام "شات جي بي تي" أكثر  بكثير مما تم اكتشافه لغاية الآن (شترستوك) غيض من فيض

وإذا كانت المنهجية التي يتبعها كاباناك لا تلتقط سوى الاستخدامات الساذجة للتطبيق، التي نسي فيها الباحثون حذف بصمات التطبيق، فإن هذا يعني وجود عدد من الأوراق البحثية لم يُكشف عنها بعد، وخضعت لمراجعة النظراء، وتم إنشاؤها بمساعدة غير معلنة من التطبيق.

وفي هذا الشأن، يقول كاباناك "من المرجح أن تكون هذه الأوراق أكثر بكثير، ولذلك فإن هناك حاجة إلى رفع مستوى وعي المجتمع البحثي بهذه القضايا".

وتتفق كيم إيجلتون، رئيسة قسم مراجعة النظراء ونزاهة الأبحاث في دار النشر "آي أو بي بابلشينغ"، مع ما ذهب إليه كاباناك من أهمية رفع مستوى الوعي، قائلة في تصريحات للجزيرة نت -عبر البريد الإلكتروني- إنهم استفادوا من الخطأ الذي وقعوا فيه عندما نشروا في دورية "فيزيكا سكريبتا" الدراسة التي بها جملة "إعادة إنشاء الاستجابة".

وأوضحت "نتعلم المزيد عن أدوات شات جي بي تي طوال الوقت، ومنذ حدثت واقعة دورية فيزيكا سكريبتا، قمنا بوضع ضوابط إضافية، ومنها أنه بمجرد تقديم الأوراق نقوم الآن بفحص جميع المقالات بحثا عن بصمات التطبيق، وسنستمر في التعرف على كيفية استخدام أدوات التطبيق في النشر العلمي، سواء للخير أو للشر، وسنقوم بتعديل سياساتنا وإجراءاتنا في أثناء المضي قدما".

وأضافت "نفهم أننا لسنا الناشر الوحيد الذي نشر عملا يحتوي على عبارة (إعادة إنشاء الاستجابة)، ولكننا فخورون بأننا تصرفنا بسرعة وقررنا سحب هذه الورقة البحثية".

انتهاك أخلاقي

وعن الحدود المسموح بها لاستخدام شات جي بي تي، تشير إيجلتون إلى أن المشكلة الكبيرة التي وقع فيها الباحثون أنهم لم يعلنوا استخدامهم للتطبيق في البحث، ولم يكتشف ذلك فريق التحرير والمراجعون.

وتقول "عندما سألنا الباحثين عقب الجدل الذي ثار حول دراستهم، أكدوا أنهم استخدموا التطبيق للمساعدة في إعادة صياغة ورقتهم، وذكروا أن ذلك لم يؤثر على دقة أو صحة النتائج التي توصلوا إليها. وفي حين أننا لا نستطيع التحقق من حدود استخدامهم للتطبيق، فإن ما أقدموا عليه انتهاك لسياستنا الأخلاقية، التي تنص على وجوب الإعلان بشكل كامل عن أي استخدام لنماذج مثل شات جي بي تي، كما أننا لا نوافق على استخدامه في إعادة الصياغة، لأن هذا يشير عادة إلى أن المؤلفين يحاولون إخفاء حقيقة أنهم يعيدون استخدام أعمال آخرين، وعلى هذا النحو فقد تقرر سحب الدراسة، وإبلاغ الباحثين بقرارنا".

نحن أمام تطبيق جديد يطور من نفسه، ولا نزال بحاجة إلى فهم كيفية إساءة استخدامه (شترستوك) التعلم بالتجربة

ومن جانبها، ترى نجوى البدري، الرئيس المؤسس لبرنامج العلوم الطبية الحيوية في جامعة العلوم والتكنولوجيا بمدينة زويل بمصر، ومدير مركز التميز لأبحاث الخلايا الجذعية والطب الحيوي بالمدينة، أنه يجب عدم القسوة على دور النشر ومسؤولي المراجعة الذين وقعوا في تلك الأخطاء، مؤكدة أننا أمام تطبيق جديد يطور من نفسه، ولا نزال بحاجة إلى فهم كيفية إساءة استخدامه، وكيف يمكن أن يتحول إلى أداة مفيدة للباحثين.

وحتى تستطيع البدري فهم هذا التطبيق بشكل أفضل، طلبت من طلابها كتابة مراجعة بحثية، ثم قسمتهم إلى فريقين، أحدهما طلبت منه كتابة تلك المراجعة باستخدام شات جي بي تي، والآخر طلبت منه كتابة البحث بالطرق المعتادة.

وتقول في تصريحات هاتفية للجزيرة نت "فوجئت أن مجموعة التطبيق كان بحثها أكثر عمقا، وهذا يعتمد على الكفاءة في طرح الأسئلة على التطبيق، فكلما كان السؤال محددا وواضحا، تم الحصول على إجابة جيدة، والخلاصة -التي توصلت لها- أن هذا التطبيق يهدد نزاهة البحث العلمي عند إساءة استخدامه، بأن يقوم بمهمة الباحث في الكتابة، لكن الاستخدام المفيد له، هو أن يكون أداة أكثر تطورا من غوغل في تجميع المعلومات، التي يقوم الباحث بتحليلها وصياغتها بأسلوبه الخاص".

ويتفق الأكاديمي المتخصص في القانون بجامعة التكنولوجيا في سيدني جورج تيان مع نجوى البدري، في شعورها بأن الخطر من إساءة استخدام التطبيق، إذ يضيف إلى مشكلة "مصداقية البحث العلمي"، مشكلتين أخريين، وهما "التحيز والمعلومات الخاطئة"، و"تناقص الخبرة البشرية".

ويقول تيان في تصريحات للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني إن "بعض المحامين الذين استخدموا التطبيق أشاروا إلى قضايا غير موجودة في المستندات القانونية المقدمة إلى المحكمة، وهو ما يعني أن التطبيق قد يحتوي على تحيزات أو معلومات غير دقيقة، مما يقوض نزاهة الدراسة، كما أن الاعتماد المفرط عليه يمكن أن يؤدي إلى تآكل المعرفة البحثية البشرية والتفكير النقدي".

باحثون: ليست هناك غضاضة في الاستخدام الرشيد للتطبيق، ولكن بعد الالتزام بعدة شروط (شترستوك) الاستخدام الرشيد

ولا يرى تيان غضاضة في الاستخدام الرشيد للتطبيق، ولكن بعد الالتزام بعدة شروط، وهي:

بيان الإفصاح: إذ يجب على الباحثين الكشف بوضوح عن أدوات الذكاء الاصطناعي التي استخدموها. الموافقة الأخلاقية: التي تعني الحصول على الموافقة لاستخدام أداة الذكاء الاصطناعي في الأبحاث المتعلقة بالإنسان، مثل استخدام التطبيق لتسهيل تشخيص مرضى الصحة العقلية. الاستشهاد والإسناد: ويعني ذلك الاستشهاد بأدوات الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح. مراجعة النظراء: أي تمكين المراجعين للأبحاث من أدوات تمكنهم من تحديد وتقييم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في أثناء عملية المراجعة. التحقق: ويعني ذلك اعتماد دراسات مستقلة للتحقق من صحة النتائج الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، مثل التحقق مما إذا كانت المقالات والحالات الواردة في الاستشهادات موجودة بالفعل. التحديات والفرص

من جهته، يحدد مجالات الاستخدام الرشيد للتطبيق الباحث مايكل بالاس، من كلية الطب بجامعة تورونتو بكندا، الذي قاد فريقا لدراسة استخدام البرنامج في تشخيص أمراض العيون، إذ يقول في تصريحات للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني إن "الذكاء الاصطناعي، عند استخدامه بحكمة، يحقق مجموعة من الفوائد، إذ يمكنه تسريع تحليل البيانات، وتحديد الأنماط والارتباطات في مجموعات البيانات الكبيرة التي قد تكون غير ممكنة للباحثين من البشر، وحتى توليد فرضيات أو طرق جديدة للاستكشاف، ومن الممكن أن تعمل مثل هذه القدرات على تعزيز جهود الباحثين من البشر، ودفع الابتكارات والرؤى بوتيرة لم يكن من الممكن تصورها من قبل".

لكن في مقابل هذه الفرص، فهناك تحديات يشير إليها بالاس، وهي أن الإفراط في الاعتماد عليه أو سوء استخدامه قد يؤدي إلى تعريض سلامة البحث العلمي للخطر عن طريق تقليص الفكر الأصلي، وربما إدخال التحيزات المتأصلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عبر البرید الإلکترونی الذکاء الاصطناعی الاستخدام الرشید إساءة استخدام البحث العلمی شات جی بی تی من دون

إقرأ أيضاً:

المرتزقة والعملاء.. سلاح الاحتلال السري في قطاع غزة

#سواليف

تتعدد الوسائل والتكتيكات التي يستخدمها جيش #الاحتلال الإسرائيلي في مواجهته مع فصائل #المقاومة الفلسطينية في قطاع #غزة، سواء من الناحية العملياتية الميدانية أو طبيعة القصف وتنفيذ العمليات منذ بداية الحرب المتواصلة للشهر العاشر على التوالي، وتثير هذه الأساليب والعمليات العديد من التساؤلات حول دوافعها وتأثيراتها على ديناميات الصراع وعلى النسيج الاجتماعي والسياسي داخل غزة.

على الرغم من أن الدلائل على استخدام الاحتلال لشركات #المرتزقة في غزة قد تكون محدودة ومبهمة، إلا أن استراتيجيات الاحتلال منذ نشأته في عام 1948 تضمنت الاعتماد على القدرات العسكرية والتكنولوجيا المتقدمة، بالإضافة إلى استخدام #العملاء و #الجواسيس لجمع المعلومات الاستخباراتية وتعزيز العمليات العسكرية، (جيش الظل) كما أطلق عليهم هليل كوهين.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة تكررت الإعلانات الصادرة عن الأذرع العسكرية للمقاومة الفلسطينية عن وجود مقاتلين غير شرعيين في صفوف جنود الاحتلال وهو ما أشار له أبو عبيدة المتحدث العسكري باسم القسام، أو بقية الناطقين العسكريين.

مقالات ذات صلة الصوت العربي والمسلم يعاقب “العمال” في بريطانيا.. هكذا أثرت “غزة” على النتائج (أرقام) 2024/07/06

وبحسب تقرير لشبكة “أوروبا ١” في ديسمبر ٢٠٢٣ فقد تم تسليط الضوء على فرنسيون يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، تبع ذلك إعلان صادر عن كتائب القسام قال فيه إنها استطاعت قتل 7 مرتزِقين أوكرانيين كانوا يقاتلون مع القوات الإسرائيلية في حي الشجاعية في 14 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد رصدهم في أحد شوارع الحي، وأن الاحتلال لا يدرج القتلى ضمن الأرقام التي يعترف بها حول خسائرها من الجنود.

فرنسا في الواجهة، لم تكن هذه المرة الأولى التي يُكشف فيها عن وجود قوات مرتزقة بجنسيات مختلفة تقاتل مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، فقد كتب النائب الفرنسي توما بورتيه عن حزب “فرنسا الأبية”، عبر حسابه بمنصة “إكس” أنه قدم شكوى جنائية إلى النيابة العامة الفرنسية ضد أكثر من 4000 جندي إسرائيلي من أصول فرنسية، وهم يمثلون أكثر من 2% من القوى العاملة في الجيش، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة والضفة الغربية المحتلة، وأنه اتصل بالمدعي العام بموجب المادة 40 حتى يمكن إجراء تحقيقات معهم.

وكتبت أيضاً جريدة إلموندو الإسبانية في أول نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن استخدام الاحتلال مجموعة من المرتزقة الإسبان للقتال في غزة، وقد تواصلت الجريدة الإسبانية مع أحد الإسبان اسمه بيدرو دياز فلوريس كوراليس (27 عاماً)، وهو جندي سابق في الجيش الإسباني.

وصرح هذا الجندي بأن قرار قتاله إلى جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب الرواتب المجزية من الجانب الإسرائيلي فهو يتقاضى نحو 3900 يورو (4187 دولاراً) راتباً أسبوعياً، بخلاف المكافآت، كما أن دورهم يتمثل فقط في الدعم الأمني لخطوط إمداد القوات البرية التابعة للاحتلال، وضمان أمن نقاط التفتيش ومراقبة الدخول على الحدود.

تعريف المرتزقة والعملاء:

المرتزقة، هم مقاتلون غير نظاميين يتم تجنيدهم للقتال مقابل المال، وغالبًا ما يكونون من خلفيات متنوعة ولا تربطهم علاقة مباشرة بالصراع الأساسي. العملاء، هم أفراد يتم تجنيدهم من داخل المجتمعات المحلية لجمع المعلومات أو تنفيذ مهام معينة لصالح طرف خارجي، وغالبًا ما يكونون من نفس المجتمع الذي يعملون ضده.

دوافع استخدام المرتزقة والعملاء

زيادة الفعالية العملياتية: يمكن للمرتزقة توفير مهارات وقدرات عسكرية إضافية لا تتوفر دائمًا داخل الجيش النظامي، مما يعزز الفعالية القتالية. تقليل الخسائر البشرية: من خلال الاعتماد على مقاتلين خارجيين، يمكن للجيش الإسرائيلي تقليل الخسائر البشرية بين صفوف جنوده. جمع المعلومات الاستخباراتية: العملاء المحليون يمكنهم توفير معلومات دقيقة ومهمة حول تحركات ونوايا الفصائل الفلسطينية، مما يساعد في تخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية.

شركات تقدم المرتزقة

في السنوات الأخيرة، أصبح استخدام الشركات الخاصة التي تقدم خدمات المرتزقة (المعروفة أيضًا بالشركات العسكرية الخاصة أو شركات الأمن الخاصة) جزءًا من التكتيكات التي تلجأ إليها الدول في النزاعات المسلحة. يمكن لهذه الشركات أن توفر مجموعة واسعة من الخدمات، من التدريب والاستشارات إلى المشاركة المباشرة في العمليات القتالية. وفيما يلي بعض الأمثلة على تلك الشركات:

بلاك ووتر (Blackwater)، تأسست في عام 1997 في الولايات المتحدة. تقدم خدمات الأمن والحماية والتدريب العسكري، شاركت بلاك ووتر في العديد من العمليات العسكرية في مناطق النزاع، وغالبًا ما تكون خدماتها مطلوبة من قبل الحكومات والشركات الخاصة. وتورطت في العديد من العمليات المثيرة للجدل في العراق وأفغانستان.
دينكورب (DynCorp)، تأسست في عام 1946 في الولايات المتحدة. تقدم خدمات التدريب العسكري، الدعم اللوجستي، وإدارة البنية التحتية في مناطق النزاع. لديها تاريخ طويل في تقديم الخدمات الأمنية في مناطق النزاع مثل العراق وأفغانستان.
جروب فور سيكيوريتاس (Group 4 Securicor, G4S)تأسست في عام 2004 من اندماج شركتين أمنيتين بريطانيتين. تقدم خدمات الأمن والحماية، ونقل الأموال، وإدارة السجون. عملت في العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك مناطق النزاع.
إيرينيس إنترناشونال (Erinys International)، تأسست في عام 2001. تقدم خدمات الحماية والأمن، وتدريب القوات المحلية. نشطت بشكل خاص في العراق خلال فترة ما بعد الغزو الأمريكي.
شركة فاغنر (Wagner Group) تأسست في عام 2014، وهي واحدة من أبرز الشركات العسكرية الخاصة في العالم، واشتهرت بتورطها في عدة نزاعات حول العالم. تأسست الشركة على يد رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، وتتمتع بعلاقات قوية مع الحكومة الروسية. تعتبر شركة فاغنر مثالاً على كيفية استخدام الدول للمرتزقة لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية دون التورط المباشر. شاركت في عدة نزاعات حول العالم، بما في ذلك أوكرانيا، سوريا، ليبيا، وجمهورية أفريقيا الوسطى.

الفيديو واللغز

نشرت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، في الأول من يونيو/حزيران مقطع فيديو يظهر جثة لرجل قيل إنه سقط في كمين للكتائب. أسفل رأس الرجل، كتب تعليق “جثته بين أيدينا”، وفي صورة منفصلة، شوهدت زي الجيش الإسرائيلي ومعداته القتالية.

بعد أيام، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي هوية الشخص الذي ظهر في الفيديو. قيل إنه شاب فلسطيني من مخيم عقبة جبر للاجئين قرب أريحا، كان قد اتهم سابقًا بالتعاون مع إسرائيل وفرّ إلى إسرائيل بعد أن أفرجت عنه السلطة الفلسطينية.

هذا الفيديو أثار جدلًا واسعًا، وأعاد طرح السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل تستخدم المرتزقة والعملاء في قتالها. يزداد هذا السؤال أهمية في ضوء أن الجيش الإسرائيلي لم يصدر أي معلومات في ذلك الوقت عن جندي قُتل واحتُجزت جثته.

التقارير التي أشارت إلى أن الشخص كان قد اتهم بالتعاون مع إسرائيل، تفتح الباب أمام احتمالات مختلفة تتعلق بتكتيكات الجيش الإسرائيلي. استخدام المرتزقة والعملاء قد يكون جزءًا من استراتيجية إسرائيلية للتغلغل في المناطق التي تسيطر عليها حماس وتنفيذ عمليات معقدة دون المخاطرة بحياة الجنود النظاميين، لكن دون وجود دليل دامغ.

طرف الخيط مع برنيع

في مقاله الذي نُشر في موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم الجمعة 7 مايو 2024، والذي حمل عنوان “من يُطرد، من يتقاعد”، أعرب نوحم برنيع عن استيائه وضيقه من اللغز الذي تولد في أعقاب نشر فيديو القسام، مثلما شعرت زميلته ياعيل تشيخنوفر مراسلة “يديعوت أحرونوت”، التي حصلت على معلومات من مصادرها.

في محاولة لحل هذا اللغز، قاموا بالاتصال بجميع المسؤولين المحتملين في مختلف الأجهزة الأمنية. سألوا إذا ما كانوا يُرسلون السكان المحليين إلى منازلهم أو الأنفاق أمام القوات، وهو ما كان يُعرف سابقًا بـ “إجراء الجار” والذي أُلغيه المحكمة العليا. هل يتولى السكان المحليون دور الكلاب من فرقة “عوكتس”؟

الإجابات التي حصلوا عليها: تنفذ هيئتان أمنيتان المهام في المنطقة من خلال عملاء مدربين، ولا تتم هذه المهام بواسطة السكان المحليين. يتم كل شيء بشكل منظم وفقًا للقانون، وأن أي انحرافات في هذه العمليات خارجة عن الهيئتين.

هذا الاعتراف الضمني هام ويعزز ما ذكرته صحيفة إلموندو الإسبانية في شهر نوفمبر من العام الماضي، حيث أفادت بأن الجيش الإسرائيلي يستعين بعدد من المرتزقة المتعاقدين مع شركات عسكرية خاصة لتنفيذ خدمات عسكرية، بعضها مرتبط بدعم غير مباشر للحرب على غزة. الصحيفة تحدثت إلى أحد هؤلاء المرتزقة، الجندي السابق بالجيش الإسباني بيدرو دياز فلوريس كوراليس (27 عامًا)، الذي يشارك كمرتزق في دعم القوات الإسرائيلية. قد شارك سابقًا في العراق والحرب الروسية الأوكرانية قبل أن ينتقل إلى الاحتلال.

في نص نوحم برنيع، يؤكد أن الاحتلال يستخدم عناصر من خارج جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه بقطاع غزة. هذا الاعتراف يُعتبر سابقة، حيث كان الاحتلال يبرر وجود العناصر الأجنبية في صفوفها بأنهم من ذوي الجنسيات المزدوجة (يحمل الجنسية الإسرائيلية وجنسية دولة أخرى) وليسوا مرتزقة. يظهر أيضًا أنه من شبه المؤكد بأن الشاب الذي ظهر في الفيديو هو نفسه الذي تم تداول اسمه من مخيم عقبة جبر.

من الجدير بالذكر أنه لا يُشترط في تسمية “عملاء” فقط أن يكون كل من يتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيًا، بل يُعتبر عميلاً سواء كان محليًا أم أجنبيًا.

يبدو أن جهاز الموساد في إسرائيل يعتمد على المرتزقة والعملاء في عمليات الاغتيال خارج فلسطين. على سبيل المثال، يشير التحقيق إلى أن الأشخاص المشتبه بهم في اغتيال الشهيد محمد الزواري في صفاقس، تونس عام 2016، كانا يحملان الجنسية البوسنية. وفي عملية اغتيال المهندس فادي البطش في ماليزيا عام 2018، تم اعتقال مشتبه به من غزة، يحمل الجنسية الفلسطينية، على يد الأمن الداخلي عام 2020.

ختامًا، يظل استخدام المرتزقة والعملاء جزءًا من تكتيكات الجيش الإسرائيلي في مواجهته مع غزة، ورغم أن الأمر لا يزال غامضًا ومبهمًا، إلا أنه يمكن أن تحقق هذه الممارسات بعض الأهداف العسكرية على المدى القصير. كما كشف برنيع طرف الخيط في هذا الصدد، فسوف يتضح كل شيء مع مرور الوقت بالنسبة لهذه المسألة المعقدة.

مقالات مشابهة

  • تراجع في بعض القدرات العقلية الأساسية.. مرصد الأزهر يحذر من تأثير الذكاء الاصطناعي على التفكير البشري.. ومخاطر من مواجهة إعاقة عقلية
  • د. بنطلحة يُبرز النجاعة الدولية للأمن الوطني المغربي في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي
  • واتساب يغير شارة التحقق الخضراء للون الأزرق لهؤلاء المستخدمين.. تفاصيل
  • بعد البرازيل.. تحقيق قضائي إسباني بشأن ميتا على خلفية الذكاء الاصطناعي
  • 8 تطبيقات للصحة النفسية تساعدك على إدارة القلق والاكتئاب
  • المرتزقة والعملاء.. سلاح الاحتلال السري في قطاع غزة
  • البرازيل تأمر شركة ميتا بتعليق استخدام بيانات المستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي
  • تحقيق قضائي إسباني ضد شركة "ميتا" على خلفية انتهاك الذكاء الاصطناعي حماية البيانات 
  • تحقيق قضائي إسباني بشأن "ميتا" بسبب الذكاء الاصطناعي
  • مناقشة آلية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق ميزة تنافسية وتحسين الأداء في السوق العقاري