كمين الضوء .. كتاب جديد عن طروحات المتخيل السردي في روايات أمجد توفيق
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
سبتمبر 18, 2023آخر تحديث: سبتمبر 18, 2023
حامد شهاب
إطلالة جديدة أخرى للكاتبة والروائية والناقدة المتألقة والمبدعة رنا صباح خليل تتمثل بكتابها النقدي ( كمين الضوء .. طروحات المتخيل السردي في روايات أمجد توفيق ) الذي صدر بغلاف أنيق عن دار الرفاه للطباعة والنشر.
وقد وجدت الكاتبة والناقدة رنا صباح خليل ضمن متخيلها الإبداعي وسردها الروائي أن هناك من أعلام الثقافة ومن رموزها الكبار من يستحق أن تؤلف كتابا عنه ألا وهو الروائي والكاتب والإعلامي الكبير أمجد توفيق ، لما أضافه للرواية العراقية والقصة وعموم إنتاجه الأدبي والثقافي ما يستحق أن يكون مؤلفا متفردا يختص بهذا المبدع كونه أسهم في إعلاء شان الثقافة والإبداع العراقي وأوصلهما الى درجات رفيعة .
ويعد إسلوب التحليل النقدي للاعمال الإبداعية الروائية والقصصية ، للناقدة رنا صباح خليل ، من أروع الاعمال التحليلية ، واكثرها قدرة على إستمالة القراء والمتابعين للعمل الابداعي الثقافي والأدبي ، وهي تجمع بين التحليل الفني والنفسي بطريقة تجعل المتلقي يتلهف للدخول في تفاصيل هذا العمل الابداعي ، وربما تيسر عليه مهمة القراءة، ويكون قد أوصلت المتابع الى مبتغاه ودون عناء.
والمعروف عن الناقدة رنا صباح خليل أنها واحدة ممن ولجن هذا الموضوع الحيوي والمهم، من خلال تحليل مضامين روايات نالت اهتماما كثيرا من القراء، ووجدت في روايات الكاتب والروائي والصحفي القدير الأستاذ أمجد توفيق مبتغاها، لتطل علينا بلغة تحليلية ساحرة ومبهجة ، من خلال كتابها النقدي الجديد ( كمين الضوء .. طروحات المتخيل السردي في روايات أمجد توفيق ) وهي تنتقي مفردات وصور بلاغية وثيمات ومضامين تبدأ إنطلاقة انبهارها بها ، من عنوان العمل الروائي ، ومن ثم المقدمة والفصول المتتابعة، وهي تدخلك بإسلوبها النقدي الساحر المحبب ، وكأننا أمام ثراء فكري ونفسي وقيمي وفني كبير، تحيلك كل كلمة فيها الى دلالات متعددة ، لم يفكر حتى الروائي نفسه أن مقاصده ربما كانت وفقا للطريقة التي تعرض بها مضامين ودلالات العنوان وشخوص الرواية وترابط وتشابك فصولها ، وما تهدف اليه من مضامين غاية في التصوير الفني النقدي الابداعي، وتبدو وكأنها أمام راو من النوع المحترف، تريد تحويله الى ” بطل إسطوري” أطل علينا من روايات دخلت في مراحل الاساطير والرموز ، وهي تحتاج الى من يفك طلاسمها ، ويعرضها بإسلوب شيق، يسهل فهم مضامين الرواية وكيف تجري عملية تقسيم الادوار بين الشخوص!!
ومن روائع ما يمكن أن يدخل في الجانب التحليلي لتلك الكاتبة والناقدة المـالقة، انها تختار كلماتها ، وتبدو حروفها تتراقص أمامك ، وتسير في إنسجام وتسابق مع الزمن، في القدرة على التعبير عما تطرحه من تفسيرات وتحليلات ، ياخذ الجانب النفسي الكثير من مضامينها، وان لم تتخل عن تجليات العمل الفني القصصي والروائي ومتطلباته، لكنها ، تبدو أمام المتلقي وكأنها تنحت كلماتها من بين الصخور، وتغوص في أعماق البحر وتستخرج منه لآليء ودرر، ثم تستقل مركبا فضائيا لتطير الى اعماق الفضاء ، ومن ثم تستطلع كنوز الماورائيات ، وهي تغلف سطورها التحليلية بما إستطاعت اختراقه من عمق اللغة وجزالة المعنى وبساطة المضمون ، وهي المتمكنة من نفسها ومن ادواتها، وتظهر بين السطور التي تغترف من معانيها الكثير أنك أمام ناقدة ليست سهلة، وقد توغلت كثيرا في عمق المعاني وغزارة الألفاظ ، وكأنها تضعك امام ” سبيكة ذهبية ” هي من وضعتها على النار ، ومن ثم إستطاعت ترويضها لتتخذ أشكالا فنية مبهرة، حتى تبدو الكلمة أمامك وهي تتزين بجماليتها وعطرها الفواح ، وتبدو وكأنها رشيقة القوام، مثل غزال سحر ناظريه، وهو يسبر أغوار الصحراء بحثا عن بقايا عشب أو ماء يروي ظمأه ، وهو يرى الاخطار تحيط به من كل حدب وصوب، والفرسان يتحينون الفرص للإيقاع به، أو كحديقة غناء احاطت به الاشجار المثمرة من كل جانب، وكأنك في إحدى جنات عدن.
ما يثير الارتياح والاعجاب الكبيرين ، لدى تلك الناقدة انها تستخرج كلماتها من خزينها المعرفي المتدفق غزارة في اللفظ والمعنى ، وتجمع بين الجناس والطباق وتبحث عن صور البلاغة اللغوية بين السطور ودلالات الرموز وتعبيرات شخوص الرواية وابطالها أو بطلها الرئيس ، لتحلل تفكير ورؤى كل واحد منهم ، وهي تدخل في اعماق الراوي وكانها تريد أن تكون ربما (بديلا) عنه، أو تتفوق عليه في اختيار الرموز والمصطلحات ، وتجعلك تشعر انها تدخلك قصور السلطة وأبراجها العاجية ، وتستشف عبير ووهج كلماتها المبهرة والمتعمقة في دلالات النص ومضامينه..
وكانت روايات الكاتب أمجد توفيق وبخاصة روايتي ” الساخر العظيم ” و “طفولة جبل ” وآخرها ” ينال” وكانها لغة حب غاصت في الوجدان وتعمقت بين ثناياه ، وتتركك تتابع كل كلمة وسطر وثيمة تقف عندها ، وتطمع بالمزيد مما تفيض عليك من مخزونها الفكري والابداعي والقيمي والفني، وكانها هي” الراوية الأكبر ” ليس رغبة في اعلان طغيانها ودكتاتوريتها وقدرتها الفريدة على تشخيص دلالات الرمزية الموغلة في تقبل التفسيرات المختلفة، ولكن لتضعك في صورة ان العمل الابداعي عندما يرتقي الى تلك المنازل ، فانه يحتاج الى لغة ورموز وحروف تتلاعب بمفرادتها ، حتى يكون العمل السردي قد اكتمل نضجه ، وحان وقت قطاف ثمار إبداعه!!
ربما كان الروائي والكاتب أمجد توفيق محظوظا ، لان ناقدة بهذا المستوى المتألق ، رهنت نفسها، لأن تغوص بعيدا في اعماق رواياته، وتجد فيها ضالتها ،ضمن كتابها السردي الجديد ( كمين الضوء .. طروحات المتخيل السردي في روايات أمجد توفيق ) لإضفاء كل تلك الهالة السحرية بدءا من عناوين روايته التي يختارها بعناية وحتى فصول الرواية وتناسق شخوصها وادوارهم المميزة والتي تمثل كل منها حالة إبداعية متقدمة في الوعي الفني والتحليل النفسي الذي أجادت تغطية نظرياته السلوكية وكانها عالم نفسي قبل ان تكون ناقدة فنية، ويمكن ان نمنح المتتبع بعض ما جرى اختياره من مضامين مقالها السردي للتدلال الى ما اشرنا اليه من رموز ودلالات معرفية وسلوكية غاية في الاهمية..” عند تَلَقينا لرواية (طفولة جبل) للروائي أمجد توفيق كانت أولى غوايات القراءة لدينا متمثلة بعنوان الرواية فهو البوابة التي تمنح قارئها ترحيب الدخول لكشف المخبوء وسبر أغواره، وعلى حد قول رولان بارت” إن العناوين عبارة عن أنظمة دلالية سيميائية تحمل في طياتها قيما اخلاقية واجتماعية وايديولوجية وهي رسائل مسكوكة مضمنة بعلامات دالة مشبعة برؤية العالم يغلب عليها الطابع الأيحائي “)”!!
ومن خلال التمعن في مضامين كتابها النقدي الجديد ” ( كمين الضوء .. طروحات المتخيل السردي في روايات أمجد توفيق )” تبدو الكاتبة والناقدة رنا صباح خليل وكانها تغوص في هذا الوله الابداعي بمضامين روايات عشقتها، حتى وخصصت لها جزءا كبيرا من اهتمامها ، لانها تدرك في قرارة نفسها نفسها ، أنها بإنغماسها في هذا العمل الفني الابداعي الكبير فأنها تقدم للقاريء غذاء روحيا وفكريا وفلسفيا ومعرفيا ، يشوقه لقراءة المزيد، وان توصل الى المتلقي فكرة أن عملا روائيا كبيرا بهذا المستوى من الحبكة الروائية يستحق أن يدخل مرحلة الخلود في العمل الابداعي، وهي تشجع من يغوص في أعماق تلك الروايات ويسبر أغوارها أن يعطيها حقها من الاهتمام!!
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
سجادة إيرانية على جدار امريكي ..( سعادة السفير ) كتاب يستحق القراءة !
بقلم : حسين الذكر ..
بإعادة قراءة تاريخ الثورة الإسلامية في ايران /1979 كانت دائما تستوقفني أدوار مكاتب الطلبة المسلمين الإيرانيين في اوربا وامريكا واتسائل عن مؤسسيها وادوارهم المعدة سلفا .. سيما وان الكثير من عناصرها الملتحقين بالثورة اما اعدموا او اقصوا او همشوا او اعتزلوا .. ومن بقى يعمل ( كمحمد جواد ظريف ) شكل مصدر اثارة بما يكمن من اسرار لا تحتاج الى كتمان .
حينما وقع هنري كسنجر وزير خارجية أمريكا كتابه ( الدبلوماسية ) اهدى نسخة منه الى وزير خارجية ايران الذي يعد كسنجر احد كثير الامريكيين المعجبين بشخصية ظريف الظريفة ، حاء بالاهداء :
( الى عدوي المحترم .. محمد جواد ظريف ..) .
ظريف مواليد 1960 من اسر التجار والده متدين تقليدي وكان مخالفا للثورة ولنظام الجمهورية الإسلامية حتى وفاته 1984 . يشير ظريف الى انه التحق الى الولايات المتحدة بعمر 17 عشر سنة عام 1977 بموجب مساعدة المخابرات قبل الثورة باشهر وحينما تم غلق السفارة الإيرانية وطرد جميع الدبلوماسيين الإيرانيين وافق الامريكان على ان يديرها ظريف وحيدا مع عدم حصوله على صفة دبلوماسية .
يقول ظريف ( اللبرالي ) وهي الصفة التي كان يناديه بها الامريكان .. بعد انتهاء الحرب مع العراق كانت لنا مطالب عدة حققها لنا صدام مباشرة بعد دخوله الكويت 1990 .. مما جعلنا نتفرغ للعمل كي يحدد اسم العراق كمعتدي في الحرب .
يصف العلاقة مع أمريكا هي أداة لتتبع تحقيق المصالح الوطنية مشيرا الى ان ايران كانت جزء من تشكيل الأمم المتحدة (2+6) الخاص بافغانستان وقد حققت ايران مصالحها بالفعل وحازت على سمعة إيجابية في المجالس السياسية الامريكية حتى قال كولن باول امام مجلس الشيوخ الأمريكي : ( لو لا ايران لما نجح المؤتمر) .
بعد احتلال العراق 2003 صنف السفير جواد مواقف العرب : ( سوريا لا تريد حل حزب البعث .. والسعودية وتركيا وبريطانيا ودول أخرى لا تريد إقامة انتخابات بالعراق) . يضيف انه التقى جيمس بيكر ولجنة أمريكية خاصة حول العراق بعد الاحتلال لكن القيادة الإيرانية لم ترغب باستمرار المفاوضات فتوقفت .
يضيف ظريف انه لم يستطع العمل في طهران بسبب الانتقادات والتهم غير المبررة حيث اتهموه بانه جزء (من العصابة الامريكية ) كما كان يردد البعض بشكل دائم .. وقد رشحه كمال خرازي لمنصب سفير ايران الدائم في نيويورك وحصل على موافقة القائد .. الذي اوصاه قائلا : ( وظيفتك ان تطرح رؤيتك ، حتى لو تيقنت انها مخالفة لرؤيتي 180 درجة ، لا تغيب رؤاك الشخصية ، بل ان طرحها يعد وظيفة شرعية ) .. يصف ظريف كلمات السيد الخامنئي تلك كان لها صدى في اعماقه وبقى حريص على طرح وصاياه لطلبة الدكتوراه حينما شغل منصب أستاذ في الجامعة .
يصف عمله في أمريكا : ( كنت اتحرك بحرية تامة والتقي شخصيات ووجوه المجتمع الأمريكي بشكل مستمر وكنت مرخص بذلك من حكومتي لكنها لم تكن أوامر ..كما كنت احضر الندوات والتصريحات التلفزيونية حتى سخر البعض الامريكان وقالوا عنه : ( هل ظريف مرشح للانتحابات الامريكية ) .
يختم اشهر وزير خارجية إيرانية بعد الثورة الإسلامية انهم استخدموا سجادة إيرانية خمسة في خمسة سعرها يقدر بملايين الدولارات حاكها الفنان ناصريان كتب بوسطها بيت للشاعر سعدي جاء فيه :-
( كل البشر أعضاء في جسد واحد،
كلنا جئنا من نفس الجوهر.
عندما يصيب الزمن أحد الأطراف بالألم،
لا يمكن ترتاح الأطراف الأخرى.
إذا لم تشعر ببؤس الآخرين،
فلا يمكن أن تكون إنسانًا ) .
وقد عملنا المستحيل ونجحنا من اجل وضعها على جدار الأمم المتحدة كاحد اهم استخدام ايران للوسائل الناعمة التي تركت اثر طيب عند كل من شاهدها وقراها وما زالت قائمة الى اليوم .