تشكيل الرأي العام وصناعته !!
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
يقول جيري ماندر: ((أنا شخصياً لم أصادف أي رجل إعلان يعتقد صراحة بوجود أي حاجة لـ99% من المواد الاستهلاكية التي تملأ موجات الأثير، وصفحات الصحف والمجلات…)).
إن في الغرب مفكرين يطلقون الصرخات بين الحين والآخر، منذرين قومهم، ومشيرين إلى مكمن الداء، وإن لم يوفقوا بَعْد في الوصول إلى حلول تناسب فطرة الإنسان ومتطلباته.
ومن هؤلاء (جيري ماندر) المفكر الأمريكي الذي أفزعه ما تحقق لديه – نتيجة خمسة عشر عاماً عاشها مدير دعاية وعلاقات عامة – من آثار التليفزيون – كإحدى وسائل الإعلام – المدمرة للإنسان، فألف كتاباً دعا فيه إلى التخلص من التليفزيون أسماه (أربع مناقشات لإلغاء التليفزيون) استطاع من خلاله الإشارة إلى مكامن الخطر في هذا الجهاز العجيب، وكانت آراؤه وليدة تجربة حقيقية لطبيعة عمله في مجال الإعلام، مما أتاح له ملاحظة ما لأجهزة الإعلام من تأثير انحرافي في هذا العالم، يتعذر اجتنابه أو تفاديه.
لقد فاقت جاذبية التليفزيون قديما وللأسف حاليا الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي كل حد، حتى أضحت إدماناً استسلمت له طوائف كثيرة من الناس، ودخلت الهواتف الذكية إلى المصنع والمتجر، ورافقت المسافرين في مركباتهم، والمتنزهين في نزهاتهم، حتى أصبحت الرفيق الدائم الذي لا يُمل. وطاب لكثير من الناس أن يتناولوا طعامهم أمام شاشة التليفزيون أو شاشة الجوال، ليساعدهم على ازدراد الطعام والتهام أكبر كمية منه، حتى أطلقوا في أمريكا على طريقة الأكل هذه (غذاء التليفزيون)، والتي تشير إلى أن الناس غدوا يتناولون وجبات طعامهم أثناء مشاهدة التليفزيون؛ إذ يستسلم شعورهم وإحساساتهم للبرامج، فلا يدرون كم أكلوا وشربوا.
ومما لاشك فيه أن للتليفزيون – وغيره من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ـ آثاراً خطيرة على اقتصاد الفرد والجماعة، إذ هي أصلاً سلعة ليست رخيصة، وابتياعها يعطي دافعاً قوياً للإعلام الاستهلاكي والنظام الاستهلاكي.
إذ تعتبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة محرضاً قوياً على الاستهلاك؛ بما تمتلكه من الثقة لدى معظم المشاهدين والمتابعين، وبما تبثه من البرامج المعدّة خصيصاً لتوجيه الجمهور ودفعه إلى الاستهلاك.
ولعل الأسر التي تقتني مثل هذه الوسائل تشعر منذ أن تقوم بدفع ثمنها بانتقالها إلى مرحلة جديدة في نمط جديد للحياة اليومية، وما دامت اللحظات الأولى لامتلاك وسيلة الإعلام والتواصل تقترن بدفع مبلغ من المال ليس باليسير بالنسبة لمعظم الأسر على امتداد وطننا الإسلامي، فإن هذا يعني تدريب هذه الأسر على اقتحام مجال الإسراف الذي تبدو أهم ملامحه في تلك الفوضى التي لا تعرف توازناً بين الحق والواجب، والأهم والمهم، والضروري والكمالي.
وقد قيل إن اقتناء التليفزيون أو الجوال أو أحدهما يعدّ إشارة واضحة لتخطي الأسرة حدود الاقتصاد في المعيشة، إلى الانغماس في حمى الاستهلاك التي يعمل منتجو السلع على تعميمها وإشاعتها.
وهكذا، يتبين لنا بشكل واضح ما لهذه الأجهزة والوسائل من آثار سلبية على الفرد والجماعة، ولذلك فإن من الخير لنا – أفراداً وأمة – أن نقدم الأهم على المهم والضروري على الكمالي، والنافع على الضار، وألا نصدق أن مقالة اللحاق بركاب التقدم تعني الاستمساك بأسوأ ما لدى الأمم من التطلعات السُّفلية التي ما هبّت رياحها على قوم إلا حاولت أن تقتلع منهم جذور الخير والطهر والكرامة.
إن الإعلام الآن بتعدد وسائله تحول إلى سلطة من جهة، وأداة لتشكيل الرأي العام وصناعته من جهة أخرى .
للتواصل : [email protected]
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
" الأمن المائى وترشيد الاستهلاك" ندوة بالفيوم
نظم مركز النيل للإعلام بالفيوم، التابع لقطاع الإعلام الداخلى بالهيئة العامة للإستعلامات ندوة، اليوم الاثنين، بقاعة المؤتمرات بالمركز تحت عنوان "الأمن المائى وترشيد الاستهلاك"وذلك فى إطار الحملة الإعلامية لقطاع الإعلام الداخلى لدعم مبادرة " بداية جديدة لبناء الإنسان " تحت إشراف الدكتور احمد يحيى رئيس القطاع والتى يتم تنفيذها من خلال مراكز النيل والإعلام على مستوى الجمهورية .
شارك فى الندوة عدد كبير ممثلا للقطاعات الحكومية والأهلية والمرأة وعدد من طلاب المدارس الثانوية، وبحضور محمد جمعة مدير إدارة التوعية بشركة مياه الشرب والصرف الصحى بالفيوم، والمهندس نصر مطاوع مدير إدارة الموارد البشرية بمديرية الرى، والشيخ على صلاح مدير عام الوعظ والإرشاد بالمنطقة الأزهرية بالفيوم وفريق عمل مركز النيل ومحمد هاشم مدير المركز ،و حنان حمدى مدير البرامج بالمركز .
ثقافة ترشيد الاستهلاكوتناولت الندوة التوعية بمفهوم الأمن المائى وخطة الدولة للحفاظ على أمنها المائى وأهمية نشر ثقافة ترشيد استهلاك المياه باعتبارها ضرورة للحفاظ على الأمن المائى وكيفية المحافظة على مصادر المياه من التلوث .
وأكد محمد جمعة، أن الأمن المائى يعد أحد أهم ملفات الأمن القومى المصرى مؤكدا أن القيادة السياسية تعتبر قضية المياه هى مسألة وجود وحياه لمصر لافتا إلى أن ثقافة الترشيد أصبحت ضرورة ملحة فى ظل تزايد احتياجاتنا من المياه مع ثبات حصة مصر والتى تقدر ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنويا ومع الزيادة السكانية المستمرة أصبح هناك مايسمى بالفقر المائى نظرا للفجوة بين الاحتياجات من المياه والتى تقدر ١٢٠ مليار متر مكعب سنويا وموارد المياه التى تقدر ٦٠ مليار متر مكعب أغلبها من مياه نهر النيل .
وقال إن شركة المياه وبالتعاون مع جميع الأجهزة التنفيذية تقوم بحملات توعية حول ترشيد استهلاك المياه وحث المواطنين علي عدم الإسراف فيها واستخدامها قدر الاحتياج وعدم إهدارها أو استخدامها في غير الأغراض المخصصة لها وأشار إلى الحملة التى تقوم بها إدارة التوعية بالتعاون مع التربية والتعليم بهدف نشر ثقافة الترشيد لدى الأطفال فى المدارس الابتدائية على مستوى المحافظة مؤكدا على أن الشركة تعمل على استخدام التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في القطع الموفرة التي تقلل قيمة الفاتورة وتقلل كميات المياه المتدفقة من صنابير المياه وتوفير هذه القطع للمواطنين للحد من إهدار المياه وشدد على ضرورة اتباع السلوكيات الصحيحة تجاه التعامل مع مصادر المياه وعدم الاسراف فى الاستخدام لافتا إلى أن الدولة تتكلف المليارات للحفاظ على شبكات المياه .
ومن جانبه أكد المهندس نصر مطاوع على أهمية التوعية للفلاحين بعدم الاسراف فى استخدام مياه الرى مشيرا إلى أن الدولة وفى إطار الاستراتيجية القومية للحفاظ على الأمن المائى أوجدت قانون لروابط مستخدمى المياه للمساهمة فى ترشيد استهلاك مياه الرى مشيرا إلى أن نظام الرى بالفيوم يعد نظام فريد حيث يدار بـ "ميل " .
وأكد على أن وزارة الرى تقوم بجهود عديدة للحفاظ على مياه الرى من خلال مشروعات التبطين للترع والمصارف وبناء المساقى والتصدى للتعديات على المجارى المائية والحفاظ عليها من التلوث وتوعيه الفلاحين والمزارعين بأهمية ترشيد استهلاك المياه والتى تقوم ادارات التوجيه المائى مؤكدا على دور المرأة ووجودها ضمن روابط مستخدمى المياه .
كما أكد الشيخ على صلاح مدير عام الوعظ والإرشاد بالفيوم على أن الدين الاسلامى نهى عن الاسراف حتى فى العبادات مؤكدا على أن الدين الاسلامى دين وسطية فى كل شئ لافتا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلوا واشربوا ولاتسرفوا" ، وقوله " لا تسرف فى الماء ولوكنت على نهر جارى " , وان الحفاظ على المياه وعدم الاسراف فى الاستخدام يعد من القيم الدينية التى يجب أن يتحلى بها الإنسان وأشار إلى الدور الهام للأئمة والوعاظ لتوعيه المواطنين بأهمية الترشيد والحث عليه باعتباره واجب دينى .
وفى ختام اللقاء أوصى الحضور بضرورة تكثيف التوعية للحفاظ على المياه وعدم الاسراف فيها وتعاون كافة الأجهزة فى مجال التوعية.
000 00 0 45 444