سأسميه الحسين: قصة حياة أنقذت داخل رحم إحدى الناجيات من الزلزال
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
(إعداد: محمد أصواب)
عادت "لكبيرة" وهي من سكان دوار أسايس الذي يبعد بحوالي 96 كلم عن تارودانت، إلى منزلها أول أمس الخميس، سالمة معافاة... وهي ماتزال تحمل في رحمها جنينا حيا !
تبدو الفرحة على وجوه السكان الذين توافدوا بأعداد كبيرة لاستقبال السيدة الحامل، في هذا "الدوار" النائي الواقع على حدود إقليم تارودانت، ومن بينهم أطفالها الثلاثة الذين افتقدوا والدتهم.
كما يظهر الفخر على م حيا كل المشاركين الذين قاموا بالواجب و نفذوا عملية الإنقاذ منذ بدايتها، وهم ينتمون إلى كل من مؤسسة محمد الخامس للتضامن، ومصالح وزارة الداخلية، والقوات المسلحة الملكية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، والدرك الملكي وكذا المستشفى الإقليمي بتارودانت.
قصة لكبيرة، ذات الثلاثين عاما، بدأت ليلة وقوع الزلزال (ليلة الجمعة إلى السبت). لم تتعرض هي وعائلتها الصغيرة لإصابات جسدية خطيرة، ولكن الحديث في شبكات التواصل على الانترنيت كان عن امرأة في حالة حرجة بسبب الإجهاض.
لم تكن عملية إجلاء الجرحى مهمة سهلة في هذه المنطقة المعزولة والقريبة من مركز الزلزال. كانت الطريق المؤدية إلى جماعة تيزي نتاست، الواقعة ضمن سلسلة جبلية، مقطوعة بسبب الانهيارات الأرضية وسقوط الصخور، فيما لم تنجح عملية الإنقاذ بواسطة مروحية أرسلت على الفور، بعد أربع محاولات للهبوط.
وبعد ثلاثة أيام، وصلت فرق الإنقاذ إلى دوار أسايس، بصعوبة كبيرة، حيث تم تسليم مساعدات عاجلة من قبل السلطات، و تقديم تدخلات طبية في عين المكان وإجلاء الجرحى.
و تم نقل "لكبيرة"، على نقالة، سيرا على الأقدام عبر مسالك وعرة لمسافة 5 كيلومترات، قبل الوصول إلى طريق معبدة. وتم إدخالها، إلى جانب أربعة جرحى آخرين، إلى المستشفى الطبي الجراحي الميداني الذي أقامته القوات المسلحة الملكية في جماعة تافنكولت. وبعين المكان تفاجأ الجميع، حيث كشف الفحص بالموجات فوق الصوتية عن مؤشرات ت ظهر أن الجنين وهو ذكر بصحة جيدة، بعد الشهر السابع من الحمل.
وكإجراء احترازي، لم يتم إبلاغ "لكبيرة" على الفور، لأنها كانت تعاني من نوبة هلع حادة. وتم تحويلها إلى المستشفى الإقليمي بتارودانت، حيث تلقت على مدى يومين، مراقبة طبية ودعما نفسيا. وبمجرد تحسن حالتها سمعت أحدا يخبرها "لالة، جنينك في صحة جيدة وهو صبي!".
لم تتمالك "لكبيرة" دموعها عند سماع الخبر، ولم تصدق أذنيها. فمن وسط الأنقاض والمعاناة والركام، تنبعث الحياة من جديد!
ومع ذلك، كانت "لكبيرة" تود أن تعيش هذه الفرحة العارمة مع أفراد عائلتها. قبل أن يتم تقديم وعد لها بمرافقتها أثناء عودتها إلى "الدوار".
وفي صباح يوم الخميس، انطلقت فرق من مختلف المصالح، بإشراف من مؤسسة محمد الخامس للتضامن، لنقل المساعدات إلى "أسايس"، بالإضافة إلى دوارين مجاورين آخرين هما آيت إيبورك وآيت بوخزير، وبطبيعة الحال، كانت "لكبيرة" ضمن الرحلة!
وفي مشهد مؤثر، تسير عائشة، وهي سيدة ناهزت الستين من عمرها، تعمل ممرضة توليد في المستشفى الإقليمي بتارودانت، رفقة القافلة، حاملة زجاجة ماء في يدها، على طول مسافة 5 كيلومترات تحت أشعة شمس حارقة، في طريق وعرة، جنبا إلى جنب مع حاملي النقالة الذين يتناوبون على نقل "لكبيرة"، حيث استغرقت الرحلة حوالي 45 دقيقة.
بكل عزم وإخلاص، جاءت عائشة لإكمال ما بدأته، واستغلال هذه الرحلة لمساعدة من يحتجن إليها من النساء الحوامل الأخريات.
"لكبيرة"، التي تأثرت بمدى الرعاية السخية التي أحاطها بها هؤلاء الرجال والنساء من حولها، عجزت عن التعبير واكتفت بجملة واحدة: "سامحوني. لن أنسى أبدا ما فعلتموه من أجلي!".
انتهت المهمة حوالي الساعة الرابعة والنصف عصرا في دوار أسايس، حيث تم توزيع المساعدات على المستفيدين، مع تدخلات طبية قدمتها فرق متخصصة. وكانت "لكبيرة"، محاطة بأطفالها، تعدهم "بشقيق لهم بعد شهرين إن شاء الله".
وتروي لكبيرة تفاصيل قصتها لنساء الدوار اللائي أتين للاطمئنان عليها، رغم أنها لا تجد الكلمات المناسبة لوصفها.
وأخبرتهم: "سأسميه الحسين"، وهو الاسم الذي اقترحه عليها أحد الأشخاص الذين شاركوا في عملية الإنقاذ.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
مستشفى كمال عدوان.. قنابل مستمرة على رؤوس 66 مريضا ومصابا
غزة- في تصعيد جديد للأزمة الإنسانية في شمال قطاع غزة، يتعرض مستشفى كمال عدوان لضغوط إسرائيلية مكثفة بهدف إخلائه، وذلك ضمن الحملة التي يشنها جيش الاحتلال على المنطقة منذ نحو 77 يوما.
ويُعدّ المستشفى شريان حياة لعشرات الآلاف من المدنيين الذين بقوا في شمال القطاع، ويواجه حاليا خطر التوقف عن تقديم خدماته الطبية، وسط استهداف عسكري مباشر وتهديد بنقل المرضى إلى مستشفى آخر.
وقال مدير المستشفى الطبيب حسام أبو صفية إن الاحتلال بدأ منذ مساء أمس السبت هجوما جديدا على المستشفى بكافة أنواع الأسلحة، مطالبا بإخلائه.
وأضاف أبو صفية للجزيرة نت "أتحدث لكم، وطائرات الكواد كابتر منذ الصباح وحتى الآن، لا تكاد تغادر سماء مستشفى كمال عدوان، وتلقي قنابل على مدار الساعة، واستهدفوا مولد الكهرباء، وأحدثوا حريقا فيه، ويلقون قنابل مباشرة على خزان الوقود الخاص به".
المرضى يختبئون داخل ممرات المستشفى خوفا من استهدافهم من قبل الاحتلال (الجزيرة) أوامر إخلاءوذكر الطبيب أبو صفية أنه تلقى بلاغا من الاحتلال يأمره بإخلاء المستشفى خلال الساعات المقبلة، وأوضح أن هذا الأمر ترافق مع مهاجمة الاحتلال للمستشفى دون سابق تحذير باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، مستهدفا جميع الأقسام وخاصة العناية المركزة والحضانة والولادة.
إعلانولفت إلى أن إخلاء المستشفى سيكون "كارثة"، لكونه الوحيد الذي يقدم الخدمات الصحية في شمال القطاع. وقال إن المستشفى يقدم الخدمات لـ66 مريضا، و"من المستحيل نقلهم في ظل الظروف الحالية، لعدم وجود سيارات إسعاف، أو تأمين للطرقات".
وأضاف "لا نعرف أين يمكننا نقل مرضانا، ولكن من المحتمل أن يكون المستشفى الإندونيسي بديلا، ومع ذلك فإن نقل المرضى إليه وتوفير الموارد ليس بالأمر السهل"، حيث ذكر أن المستشفى الإندونيسي غير مؤهل للعمل، لتعطّل مولدات الكهرباء ومحطة الأكسجين فيه.
ويبعد المستشفى الإندونيسي قرابة 3 كيلومترات عن "كمال عدوان"، وسبق أن أخرجه الاحتلال عن الخدمة في بداية عدوانه على شمال القطاع.
وحمّل الطبيب أبو صفية "المجتمع الدولي" مسؤولية جرائم الاحتلال، مطالبا بتدخل دولي عاجل، لإجبار الاحتلال على التخلي عن قراره بإخلاء المستشفى ونقله.
استهداف متعمد
ويروى الطبيب محمد بريك تفاصيل العدوان الذي تعرض له قسم العناية المركزة، حيث يقول إن ليلة أمس وصباح اليوم الأحد كانت "شديد القسوة"، حيث تم استهداف القسم بشكل مباشر، لدرجة أن النيران اشتعلت داخل القسم جراء القصف.
وأوضح بريك، في حديثه للجزيرة نت، أن قسم العناية المركزة كان مكتظا بالمرضى خلال القصف، علما أنه الوحيد الذي يقدم العناية الطبية المكثفة للذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة في شمال القطاع.
ويقول "لا مبرر لاستهداف العناية المركزة، فالمرضى فيها على أجهزة التنفس الصناعي، ولا يشكلون خطرا على أحد".
وفي السياق ذاته، يكشف الصحفي إسلام أحمد الموجود داخل المستشفى، بعض جوانب المأساة التي يعيشونها. ويقول للجزيرة نت "بالأمس خرجت طفلة تُدعى آمنة المُفتي لساحة المستشفى لتعبئة قارورة مياه، وتم استهدافها بصاروخ استطلاع، واستشهدت على الفور".
ويضيف "أيضا الجثث ملقاة في الشوارع المحيطة بالمستشفى، لأن الاحتلال يستهدف كل من يتحرك"، كما كشف أن مجموعة من المواطنين ذهبوا قبل يومين لدفن شهيد وصل إلى المستشفى، فتم استهدافهم بعد دفنه، فاستشهد اثنان منهم وأُصيب ثالث.
إعلانكما أشار إلى أن الاستهداف المتكرر للمستشفى خلال الفترة الماضية أدى إلى تعطيل شبكة المياه ووحدة الأكسجين ومولدات الكهرباء.
المستشفى يتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة تهدف إلى إخلائه (الجزيرة) أحوال المرضىوحول إخلاء المستشفى ونقل المرضى للمستشفى الإندونيسي، قال الصحفي إسلام إن ذلك يعتبر أمرا "كارثيا" نظرا لافتقار الأخير لمقومات العمل الطبي، حيث إنه من دون غرف عمليات ومحطة أكسجين ومولدات كهرباء، بالإضافة إلى صعوبة نقل المرضى دون سيارات إسعاف، وتأمين الطرقات لهم، في ظل استهداف الاحتلال لكل ما يتحرك في شمال القطاع.
وحول أوضاع المرضى الموجودين داخل المستشفى، قال إسلام إن عددهم بلغ 66 شخصا، ويعانون أوضاعا صحية ومعيشية مزرية للغاية، مضيفا "لا تتوفر أدوية ولا مستهلكات طبية ولا أطباء متخصصون لإجراء عمليات جراحية".
وتابع موضحا أن "بعض المرضى تعفنت جراحهم، وتم بتر أطرافهم لعدم وجود جراحين متخصصين، وبعض المرضى توفوا لعدم وجود أخصائيين في بعض المجالات مثل المخ والأعصاب، كما أن الاحتلال اعتقل عددا منهم أثناء اجتياحه الأول للشمال في أكتوبر/تشرين الأول 2023″، ولفت إلى أن قلة الأدوية والطعام يؤخر شفاء المرضى كثيرا.
وردا على سؤال الجزيرة نت حول كيفية وصول الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفى، أجاب الصحفي أن "إمدادات الغذاء والماء والدواء تأتي عن طريق منظمة الصحة العالمية عبر سيارات إسعاف، لكنها قليلة جدا ولا تكفي إلا لعدة أيام"، وذكر أن جنود الاحتلال يصادرون بعض هذه الإمدادات الغذائية والدوائية على الحواجز المؤدية للمستشفى.
وفي هذا الصدد، يقول "هناك بعض الأطباء مثل هاني بدران ونهاد غنيم، وصلهم نبأ فقدان عائلاتهم جراء جرائم الاحتلال وهم على رأس عملهم"، كما تطرق إلى حادثة استشهاد الطبيب سعيد جودة الذي كان آخر أخصائي عظام في شمال القطاع، حيث أصابته رصاصة قاتلة في رأسه أدت إلى استشهاده على الفور، في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
إعلانبدوره، يصف الصحفي محمد الشريف الموجود داخل المستشفى الأوضاع داخله بالكارثية، ويقول "الأوضاع المعيشية صعبة جدا، والناس هنا يواجهون خطر الموت والعطش والجوع".
وحول ما جرى مساء أمس وصباح اليوم، قال الشريف للجزيرة نت "منذ الأمس وحتى الآن يحاصر الجيش المستشفى ويستهدف كل من يخرج أو يتحرك، بالإضافة إلى أن القصف المدفعي لا يزال مستمرا، وإطلاق النار مستمر حتى هذه اللحظات، كما أن الطيران المُسيّر يلقي القنابل على المستشفى وساحاته وأقسامه، ما أدى الى دمار هائل داخل أروقة كمال عدوان".