شكاوى الفلاح الفصيح في العرض المسرحي "عباد الشمس" بمهرجان مسرح الهواة
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
قدمت مؤسسة "س" للثقافة والإبداع العرض المسرحي "عباد الشمس" ضمن فعاليات اليوم الرابع لمهرجان مسرح الهواة الدورة التاسعة عشرة، دورة الكاتب "يسري الجندي"، المقام برعاية د. نيفين الكيلاني وزير الثقافة، والذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني.
تفاصيل عرض “عباد الشمس”
"عباد الشمس" من تأليف وأشعار أسامة فرغلي، سينوغرافيا وإخراج حمدي طلبة، ألحان حسين محمد حسين، تصميم ملابس وتنفيذ هناء الشاذلي، إضاءة الفنان المخرج محمد فؤاد، بطولة بيشوي ميلاد، إيريني رءووف، أبانوب بباوي، مريم محمد، مصطفى سيد، أبانوب صليب، معتز رضا، يوستينا ياسر، ميساء عبد الرحمن.
العرض يمتزج فيه شكاوي الفلاح الفصيح إلى السلطة والحاكم، بشكاوي المرأة المصرية في غنائها التي كانت تعرض فيها أفراحها وأحزانها وأمانيها وأحلامها.
حضور لجنة التحكيم
جاء العرض بحضور لجنة التحكيم المكونة من الناقد د. أحمد مجاهد، د. عبدالناصر الجميل، الفنان د. هاني كمال. وأعقب العرض ندوة نقدية وشارك بها الناقد والكاتب المسرحي إبراهيم الحسيني، الناقدة د. داليا همام، والناقد المسرحي محمد الروبي.
العمل به مزج بين عدة أشياء مختلفة
في البداية تحدث "الحسيني" موضحا أن العمل به مزج بين عدة أشياء مختلفة، حيث يوجد مزج بين حالة الحكي، ومزج من خلال القصص ما بين مستلهم من قصة الفلاح الفصيح، ومستلهم من بعض هموم النساء في الجنوب، وفكرة الخلاص المسيحي، إلى جانب مزج وتطواف في الثقافة الإسلامية والمسيحية والجنوبية، ومزج بين قصة الفلاح الفصيح القديم والمعاصر وقدم بشكل غنائي درامي، فتناول العرض الشكاوى المقدمة من الشعب إلى السلطة، وتميز الإيقاع بالعمل بالبطئ الهادي المتزن المشحون بانفعالات من خلال أبطال العمل، كما توافر في العمل حالة توحد جمعي بنفس الحالة الانفعالية طوال العرض.
وقال "الروبي" عباد الشمس هو حالة عصرية ممزوجة تشكيليا بحالة من مصر القديمة، من استخدام الألفاظ التي لها أصول منذ القدم، كما تميز العرض بما يسمى الكولوفوني وهو تعدد الأصوات مع بعضها في نفس الوقت لا يصنعون نشاذا، كما أكد على أن التمثيل هو ابن المنهج من خلال التدريب طوال الوقت وهذا ما رأيناه في عباد الشمس وهو الحفاظ على الإحساس نفسه منذ بداية العرض حتى آخره.
وبدأت "همام" حديثها مؤكدة أن اللغة في الأصل هي كائن حي، فأضفت اللغة في هذا العمل جمالا واضحا، ونسج المخرج الموسيقى بإيقاعاتها بينها وبين الممثلين وأصواتهم فصنعت حالة من الامتداد الزمني من الفلاح الفصيح حتى هذه اللحظة الآنية، كما تلاءمت الموسيقى والآلات مع فكرة الترانيم والزار، والإيقاع الموسيقي الداخلي متوافق مع إيقاع الممثلين، فالعرض به قدر كبير من الإبداع.
مهرجان مسرح الهواة في دورته التاسعة عشرة تترأسه الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز، ويقام بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر مسعود شومان، وتستمر فعالياته حتى 19 سبتمبر الحالي، وتنفذه الإدارة العامة للجمعيات الثقافية برئاسة عبير رشيدي، بالتعاون مع فرع ثقافة القاهرة التابع لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد برئاسة لاميس الشرنوبي.
ويقدم المهرجان عشرة عروض لفرق الجمعيات الثقافية من مختلف الأقاليم، بالإضافة للعديد من الندوات النقدية المصاحبة، وصدر عنه أول ذاكرة توثيقية له منذ بداية دوراته عام 1996 وحتى الدورة الحالية ويتضمن الكتاب سيرة ومسيرة المهرجان راصدا أماكن الانعقاد، رؤساء المهرجان، مديرو المهرجان، المكرمون، الجوائز، اللجان الفنية، وغيرها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مسرح الهواة مسرح الهواة مهرجان مسرح الهواة
إقرأ أيضاً:
الأول من نوعه .. سايكولوجية الرجل والمرأة المتناقضة في رسالة كوميدية
الحديث عن العرض المسرحي الكويتي "الأول من نوعه" يتشعب إلى عدة محاور، منها محور الحضور الجماهيري لعرض مسرحي "تجاري"، ومحور الحكاية المسرحية التي اتسمت بالكوميديا وحملت في طياتها رسائل متعددة، منها رسالة عامة وأخرى ثانوية، كذلك لا يمكن إغفال محور الفن البصري المصاحب للعمل المسرحي، الذي أراه متكاملًا من النواحي الفنية والمعنوية، شاملًا النص، والإخراج، والسينوغرافيا، بما فيها الإضاءة، والديكور، والموسيقى التعبيرية، والفواصل الغنائية.
العمل الفني الكويتي "الأول من نوعه" من تأليف وإخراج الدكتور عبدالعزيز صفر، وبطولة الكويتيين النجم خالد المظفر، والفنانة إيمان فيصل، والفنان أحمد المظفر، والفنان محمد صفر، إلى جانب عدد من الفنانين الكويتيين الذين أبدعوا في تقديم فرجة مسرحية متكاملة على مسرح مدينة العرفان بمسقط، بواقع عرضين في يوم واحد الخميس 21 نوفمبر، بالتعاون مع الشركة العمانية المتعهدة "ومض للخدمات الفنية"، التي تُعد من أوائل الشركات العمانية في استقطاب عروض مسرحية جماهيرية والمراهنة على نجاحها.
الحضور الجماهيري
قبل عدة أيام، تناولت جريدة "عُمان" موضوع استضافة العرض المسرحي الكويتي "الأول من نوعه"، وذلك في حوار مع رئيس شركة "ومض" المعتصم البلوشي، وكان من ضمن الأسئلة مدى تحقق أهداف هذه الاستضافة، فأجاب أن الهدف الأول تحقق باستضافة العرض، أما الهدف الثاني، هو النجاح الجماهيري، فقد أوضح أنه يقاس بعد العرض.
ومن خلال حضوري للعرض الأول، اتضح أن الجانب الاستثماري قد حقق النجاح، إذ تم الإعلان قبل العرض الأول بحوالي يومين عن نفاد جميع التذاكر، ما يعني بيع أكثر من 3000 تذكرة على مختلف المستويات والدرجات، ومسرح مدينة العرفان يتسع لحوالي 3200 متفرج، مع وضع احتمالية الدعوات الخاصة لبعض الضيوف، وهذا يُعد إنجازًا حقيقيًا ونجاحًا في "تحدي شباك التذاكر"، الذي لطالما كان يؤرق المسرحيين خوفًا من قلة الإقبال وضعف سوق شباك التذاكر في سلطنة عُمان، أما العرض الثاني فقد حقق أيضًا حضورًا جماهيريًا كبيرًا، بدا واضحًا أثناء مغادرة المسرح، حيث كانت جموع الجماهير تقف في طوابير طويلة جدًا بانتظار إخلاء المسرح من حضور العرض الأول.
وجاء في بيان لشركة "ومض" بعد ذلك أن الحضور تجاوز 6000 متفرج في كلا العرضين، وهذا يُعد دليلًا قويًا على أن العروض المسرحية ذات الطابع الجماهيري تمثل عنصر جذب للجمهور العماني.
ونجاح العروض المسرحية يتطلب دراسة مكثفة من الشركة المتعهدة للعناصر الفنية، وعلى رأسها الممثلون، ويُعد الفنان خالد المظفر من أبرز نجوم الكوميديا في الخليج العربي والوطن العربي، إذ تشهد أعماله مشاركة مع فنانين من خارج منطقة مجلس التعاون، ويتميز بجماهيرية واسعة تحققت في وقت قياسي.
وقال الفنان خالد المظفر في بيان شركة "ومض": "الجمهور العماني جمهور مثقف وراقٍ ومحب للفنون، وسلطنة عُمان رائدة في المسرح، ودائمًا تحرص على الأعمال ذات العمق الثقافي، ولهم ظهور مميز في المهرجانات الأكاديمية وإتقان كبير للغة العربية، وشخصيًا فخور بوجودي بين أهلي وناسي".
وأضاف في حديثه مع بعض جمهوره: "سلطنة عُمان كانت دائمًا محطة مهمة، وكنت فقط أحتاج إلى من يمهد لنا الطريق لتقديم العروض على هذه الأرض، وشركة ومض حققت هذه الصلة بيننا وبين الجمهور العماني، والجمهور كان مهيبًا وكبيرًا جدًا، وهذا ينفي القول الذي سمعته عن ضعف سوق التذاكر المسرحية في سلطنة عُمان، وما وجدته اليوم عكس تمامًا ما سمعته".
وعن الإقبال على شراء التذاكر، قال المعتصم البلوشي رئيس شركة ومض: "الإقبال لم يكن ضعيفًا منذ البداية، ولكن ربما كان هناك حذر من الجمهور بسبب انتشار الحسابات الوهمية والمتحايلة، ولكن بمجرد أن تأكد الجمهور من حقيقة العرض، بدأ التوافد على شراء التذاكر، بل إن التذاكر الأغلى هي التي نفدت أولًا".
الرسالة الفنية
دارت الحكاية المسرحية حول الشاب "طلال"، الذي قام بتأدية دوره الفنان خالد المظفر، و"طلال" هو دكتور محاضر في الجامعة ومتخصص في علم الحشرات، وقع في حب "طيبة"، وهي إحدى طالباته، ورغم محاولة أهلها إفساد هذا الزواج، حيث كانوا يرونه مجرد مخادع ورجلًا يكبر ابنتهم بكثير، إلا أن الحب جمع بينهما فتزوجا، وتدخل محامي عائلة الفتاة "عزيز" محاولًا إقناع "طيبة" بالعدول عن قرارها، إذ كان يحبها ويريدها زوجة له، فهو ابن خالتها والأحق بها كما يرى، وكذلك حاول أخوها إفساد الزواج بحجج واهية.
ويسير "طلال" في هذه الحكاية معتمدًا على "عليم"، وهو دكتور نفسي اكتشف قاعدة للحياة الزوجية أطلق عليها "الأول من نوعه"، وكان "طلال" أول من جرب هذه القاعدة، التي انتهت به إلى الطلاق، وهنا تستعرض المسرحية الفروقات النفسية بين الرجل والمرأة، مشيرة إلى الطبيعة الفطرية المختلفة لكل منهما، وهي طبائع يجب على كلا الزوجين مراعاتها.
وأكّدت المسرحية أن قاعدة "الأول من نوعه" ليست قادرة على بناء الأسر، بل إن التفاهم بين الزوجين هو الأساس في أي علاقة زوجية، وهذا ما حاول العمل المسرحي إيصاله للجمهور، وكان خطأ "طلال" أنه طبق قواعد "الأول من نوعه" ذات المعايير الصارمة بحذافيرها، ومنها "كن على طبيعتك"، و"جاوب بكل صدق وأمانة"، و"اجعلها المحبوبة الأولى"، وغيرها، إضافة إلى التأثير السلبي من تدخل الأهل في العلاقة الزوجية الخاصة بالزوجين فقط، وبعد فشل حياته الزوجية، يبتكر له "عليم" آلة زمن، وهي أيضًا "الأولى من نوعها"، لإعادته إلى نقطة البداية، ووجد "طلال" نفسه في حالة نفسية يُرثى لها بعد الطلاق، فعاد بالزمن إلى الوراء، إلى ما قبل الحب والإعجاب ونية الزواج، وكأن شيئًا لم يكن، ولكن بمجرد رؤيتها من جديد، وقع في حبها مرة أخرى.
وحمل العمل رسالة مفادها أنه لا توجد قواعد ثابتة لأي علاقة زوجية، وأن استمرار الحياة الزوجية يعتمد على التفاهم والتنازل والتضحية بين الطرفين، وهذا ما أكّده المؤلف والمخرج الدكتور عبدالعزيز صفر، إذ صرّح في لقاء مع إذاعة الوصال: "الفكرة العامة للعمل المسرحي ليست بالجديدة، ولكنني حرصت على دراسة سيكولوجية الرجل والمرأة لفهم طريقة تفكير كل منهما بشكل عام، وبناء العمل المسرحي استنادًا إلى ذلك".
المحور الفني
اتسم العمل بالطابع المتكامل، حيث تم بناؤه وفق أسس ومعايير احترافية عالية، وانتقل الدكتور طلال في المشاهد بين قاعة المحاضرات، وغرفة الطبيب النفسي، والمنزل، وقاعة الزفاف، وقاعة السينما، وتم ذلك بأسلوب رشيق، حيث تحركت أدوات الديكور بسرعة ودقة، دون التأثير على تسلسل العمل، كما كان للإضاءة دور فني كبير، إذ نقلت الجمهور بين الماضي والحاضر، وجسدت حالات الشعور المختلفة من النشوة والفرح إلى الحب والهيام، ومن البؤس إلى السوداوية.
إلى جانب ذلك، كانت الموسيقى التعبيرية والوصلات الغنائية، التي تراوحت بين الأداء المباشر والتسجيل، عنصرًا مؤثرًا أضاف بعدًا عاطفيًا آخر، وأسهمت هذه العناصر في إضفاء نقاط كوميديا صاخبة على العمل، الذي سيطر عليها الطابع الكوميدي في أغلب الأحيان، مع لحظات من الحوار الجاد والمؤثر، ودفع هذا التنوع الجمهور إلى الضحك تارة، والصمت والتركيز تارة أخرى، وكما قال أحد الحضور: "مشاعري اختلطت بين الضحك والحماس والجدية والبكاء"، في هذا العرض المسرحي الذي استمر حوالي ثلاث ساعات.
وإلى جانب حبكة العمل والروح الكوميدية العالية التي استحوذت على حماس الجمهور، أضاف الفنان خالد المظفر بعدًا آخر إذ اقترب من جمهوره المحب والمنتظر له، مارًا على كافة ممرات المسرح من المستوى الأول، مرورًا بالمستوى الثاني، وانتهاء بالمستوى الثالث، منتقلًا بين شقي المسرح الأيمن والأيسر، فكانت فرصة للجمهور بالتقاط الصور معه في لحظات عفوية تزيد من ارتباط الممثل بجمهوره، كما قام بتوزيع باقات الورد على عدد من الجماهير.
ويبقى السؤال: هل ستنجح العروض الجماهيرية القادمة في استقطاب الجمهور كما حدث مع "الأول من نوعه"؟ وهل ستظل "ومض" الشريك الفني لفريق خالد المظفر لنشهد عروضه المستقبلية في سلطنة عُمان؟ وهل ستكون هذه التجربة الجريئة بداية انتعاش شباك التذاكر في سلطنة عُمان؟ كلها تساؤلات مرهونة بالمستقبل الفني للمسرح.