ما وراء مشروع ممر “الهند/أوروبا” ؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
بقلم: *لواء دكتور/ شوقي محمد صلاح
(زمان التركية)ـ طرحت الولايات المتحدة الأمريكية على هامش قمة مجموعة G20 في نيودلهي (سبتمبر٢٠٢٣) مشروع طريق “الهند/أوروبا” ويتلخص في إنشاء خط ملاحي بحري/بري لربط الهند والدول المجاورة لها بأوروبا، من خلال خط ملاحي يبدأ من موانئ الهند وصولًا لموانئ دولة الإمارات العربية، ثم يتم نقل الحاويات بخطوط للسكك الحديدية تقطع مسارها أراضي الإمارات ثم المملكة العربية السعودية، وصولًا للمملكة الأردنية، وأخيرًا إسرائيل، حيث يتم شحن البضائع مرة أخرى بسفن من موانئ الأخيرة حتى اليونان، ثم تنقل حاويات البضائع عبر خطوط للسكك الحديدية من اليونان وصولًا لباقي دول أوروبا.
ولا شك أن المشروع سيتضمن في جانب منه نقل الركاب لأغراض سياحية وغيرها، كما أنه يتضمن في جانب آخر إنشاء بنية تحتية لخدمات التكنولوجيا الرقمية، وكذا إنشاء خطوط لنقل الطاقة، ورغم أن المشروع تمت الموافقات المبدئية عليه من قبل الدول المعنية، إلا أن تكلفته التقريبية لم يعلن عنها بعد، ومع هذا فإنه مشروع طموح، وغالبًا ستتجاوز تكلفته التريليون دولار. ونؤكد هنا أن موافقة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على المشاركة في المشروع إنما تأتي من يقين قيادات البلدين من عدم تأثر قناة السويس ماليًّا.. بهذا المشروع، ولكن بحسابات الأهمية السياسية فهذا شأن آخر.
هذا ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتحمل الجانب الأكبر من تكلفة المشروع، وبالتالي ستجني في المقابل النسبة الأعظم من العوائد، وستتولى الهند -عضو مجموعة البريكس- مهمة إنشاء خطوط السكك الحديدية للمشروع.
ومنذ الإعلان عن المشروع فقد أفاض المحللون والخبراء في ذكر أهميته وتأثيراته الاقتصادية والتجارية، ولا نريد في هذا السياق تكرار تلك المشاركات، لذا سيقصر رأينا التحليلي على زاويتين جوهريتين لما وراء المشروع:
الأولى: نرى أن الباعث الأساسي وراء المشروع الأمريكي المشار إليه هو: “تمكين الدولار” والتأكيد على الاحتفاظ به باعتباره العملة الأساسية على المستوى الدولي، فالهند -العضو المؤسس لتحالف البريكس- وغيرها.. عندما تتقاضى مبالغ طائلة من الدولارات الأمريكية ستكون حريصة كل الحرص على احتفاظ الدولار بقيمته السوقية العالمية، كما أن الولايات المتحدة من جانب آخر ستتبوأ مركز الصدارة بين الرابحين من المشروع، نظرًا لأنها ستجني عوائد هائلة تشترط بأن تكون “دولارية” وذلك فور تشغيل المشروع. لذا، فعلى الدول المشاركة الانتباه لأهمية اتخاذ ما يلزم لتقوية عملاتها أيضًا، وذلك على ضوء أحكام التعاقد النهائي للمشروع، فالتفاوض في هذا المقام سيكون لفريق متعدد التخصصات: قانوني/ اقتصادي/ مالي/سياسي/ تجاري.
وتجدر الإشارة إلى أنه من المؤكد أن الصين سوف تقابل هذا النشاط بتحركات مضادة لمواجهة هذه الهيمنة الأمريكية.. ربما من خلال إحياء مشروع “الحزام والطريق” بعد تطويره وفقًا لمعطيات الموقف الراهن.
شاحنة الحاويات العملاقة “إيفر جرين” تعطل الملاحة بقناة السويس (مارس 2021)
الزاوية الثانية لمشروع ممر ” الهند/أوروبا”: هو المتعلق بتأثيره المرتقب على قناة السويس، وبإيجاز فإن الممر سيأخذ مؤكدًا حصة من كميات البضائع التي تنقل من خلال القناة، إلا أنه نظرًا لكون تكاليف نقل البضائع من خلال مراحله المتعددة.. سيصبح مكلفًا جدًّا مقارنة بنقلها عبر قناة السويس، لذا فمن المؤكد أن هيئة قناة السويس سترفع رسوم العبور من جانبها، وسيعوض هذا قدر الفاقد من البضائع التي ستنقل باستخدام ممر “الهند/أوروبا”. وجدير بالذكر أن هناك ادعاءات صدرت عن السيد آموس هوكستين كبير مستشاري الرئيس الأمريكي خلال لقائه مع سكاي نيوز عربية صرح فيه بأن مشروع الممر “سيغير قواعد اللعبة في المنطقة” حيث تكلفته الأقل بشأن نقل البضائع !!! وهي تصريحات تخالف المنطق من حيث تكلفة نقل البضائع.. ولكن، أتفهم تصريحه في إطار أن: هذا الممر يمكن أن يكون -بالنسبة لنقل البضائع– احتياطيًّا لقناة السويس، في حالة لا قدر الله تعطلت الملاحة فيها لسبب أو لآخر.. كما سيقوم بالمهمة أيضًا الممر المصري “العريش طابا”.
هذا، كما فاجأت مصر الجميع مؤخرًا باستئنافها مد خط السكة الحديد “العريش/طابا” لوأد أي منافسة لمشروعات تضر بقناة السويس، كما أن المشروع الأخير سوف يعزز جهود تنمية سيناء، حيث سيساهم خط السكة الحديد في نقل المواد الخام الموجودة بسيناء لخطوط الإنتاج من ناحية ولموانئ التصدير من ناحية أخرى، لذا أعتقد بأن قناة السويس ستظل الممر الأهم على المستوى الدولي.
تم بحمد الله
*الخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بكلية الشرطة المصرية
Tags: الشرق الأوسطالممر الهنديتركياطريق "الهند/أوروباقمة العشرين
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الممر الهندي تركيا قمة العشرين
إقرأ أيضاً:
تعاون بين “الطاقة والبنية التحتية” و”باكت كربون”
أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية، توقيع اتفاقية مع شركة “باكت كربون”، تهدف إلى تنفيذ وتطوير مشروع تجريبي للتوسع في استخدامات الدراجات الكهربائية، فضلاً عن إعداد دراسة لاستكشاف آفاق التوسع في الشراكة مستقبلاً، بما يتماشى مع التوجهات الوطنية لدولة الإمارات نحو التحول إلى التنقل الأخضر والمستدام.
وأكد سعادة المهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة والبترول، أن الاتفاقية تعد خطوة مهمة في مسيرة تحقيق التنقل المستدام وخفض البصمة الكربونية في قطاع النقل، وتعزيز التحول إلى وسائل نقل صديقة للبيئة، بما يواكب توجهات القيادة الرشيدة ورؤية الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وقال سعادته إن الوزارة تعمل على تحفيز التحول إلى منظومة التنقل الأخضر، وتحقيق الحياد المناخي، من خلال خفض البصمة الكربونية في قطاع النقل، وتشجيع استخدام وسائل النقل المستدامة المتمثلة بالدراجات الكهربائية، وذلك انسجاماً مع مستهدفات تصدُّر مؤشرات التنافسية العالمية ورؤية نحن الإمارات 2031، ودعم السياسة الوطنية للمركبات الكهربائية.
وأوضح أن الاتفاقية تعكس توجه الوزارة نحو تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والاستفادة من الخبرات والإمكانات المتاحة لتطوير حلول تقنية مبتكرة تخدم قطاع النقل، وأن الوزارة تتطلع إلى أن يكون هذا المشروع نموذجاً ناجحاً للتعاون المستقبلي، يسهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية في مجال الاستدامة.
وأشار إلى أن المشروع التجريبي للدراجات الكهربائية لا يهدف فقط إلى خفض الانبعاثات الكربونية، بل يسعى أيضاً إلى تعزيز ثقافة التنقل الأخضر بين أفراد المجتمع وتشجيع الابتكار في قطاع النقل، مؤكداً التزم الوزارة بالعمل مع شركائها لتحقيق رؤية الإمارات الطموحة في مختلف القطاعات بما يضمن مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً للأجيال المقبلة.
وأكد العلماء أن الاتفاقية تجسد التزام الوزارة بتشجيع الابتكار والاستدامة، وتعكس رؤية الإمارات لتعزيز الشراكات الإستراتيجية بين القطاعين العام والخاص من أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
من جانبه قال أوليغ بالتين الرئيس التنفيذي لشركة باكت، إن توقيع اتفاقية تطبيق المشروع التجريبي المشترك مع وزارة الطاقة والبنية التحتية، يعتبر خطوة مهمة في إيجاد حلول فعالة للتحول نحو التنقل الأخضر، وستعمل الشركة على تكثيف جميع جهودها لضمان نجاح المشروع التجريبي، مما سيساهم في التوسع المستقبلي للشراكة مع الوزارة.وام