هل تزيد قرارات الحماية الاجتماعية الأخيرة معاناة المصريين اقتصاديا؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
القاهرة– أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حزمة ثانية من القرارات الاقتصادية الرامية لتحسين الدخل خلال العام الجاري، بعد حزمة أولى صدرت في مارس/آذار الماضي لرفع أجور العاملين بالدولة وأصحاب الكادرات الخاصة والمعاشات.
وأعقبت القرارات الأخيرة مخاوف عديدة بين المصريين من غلاء الأسعار وتعويم الجنيه.
ففي الوقت الذي أقر فيه السيسي بمعاناة الأسر في مواجهة الأعباء المعيشية، تضمنت القرارات الرئاسية 8 توجيهات بالدعم للحكومة، اقتصرت على العاملين بالجهاز الإداري للدولة، الهيئات الاقتصادية، شركات قطاع الأعمال، القطاع العام، أصحاب المعاشات، برامج الحماية المجتمعية، الصحفيين المقيدين بالنقابة، صغار الفلاحين والمزارعين المتعثرين.
من جانبه، قدّر وزير المالية محمد معيط تكلفة الحزمة الجديدة بنحو 60 مليار جنيه سنويا، موضحا أن حزمة القوانين ستحال إلى مجلس النواب فور انعقاده في أكتوبر/تشرين الأول القادم، بحيث يكون استحقاق هذه الحزمة اعتبارا من مطلع الشهر المقبل.
كما شدد الوزير على أن العامين الأخيرين شهدا 4 زيادات للأجور والمعاشات منذ أبريل/نيسان 2022، بما يعكس حرص القيادة السياسية على تخفيف الأعباء عن المواطنين بقدر الإمكان، وفق بيان رسمي.
ووصل معدل التضخم السنوي في مصر إلى 39.7% خلال الشهر الماضي، وهو مستوى قياسي حسب آخر الإحصاءات الرسمية مطلع الشهر الجاري.
وزير المالية: قوانين حزمة الحوافز والزيادات الجديدة للعاملين والمعاشات أحيلت لمجلس النواب (المالية المصرية) مخاوف مشروعةيرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن المخاوف من الغلاء التي انتشرت عقب إصدار القرارات باتت حقيقة بعد أقل من 24 ساعة في الأسواق، إذ ارتفعت أسعار الخضراوات والفاكهة والسكر وبعض منتجات الألبان، بنسب تتراوح بين 5% و10%، وفق رصده.
ويضيف عبد المطلب -في حديثه للجزيرة نت- أن البعض يرى أن ذلك الارتفاع الفوري لا علاقة له بقرارات الحماية الاجتماعية التي صدرت، وأنه مجرد جشع تجار اغتنموا الفرصة كالعادة بمجرد الإعلان عن أي زيادة في الرواتب، لكن المحصلة أن البلاد في حالة قد تكون صعبة بالفعل، وفق تأكيده.
ويوضح أن تلك القرارات ليس مواكبة لغلاء المعيشة، فالزيادة التي وصلت 300 جنيه ليست رقما كبيرا، وحتى زيادة الحد الأدنى هو للدرجة السادسة فقط، وليس إعادة توزيع لكل الدرجات الوظيفية الأخرى، وبالتالي فتأثيرها ضعيف.
بيد أن الخبير الاقتصادي يرى أن التخوف الحقيقي بدأ يمس طبقة رجال الأعمال من تلك القرارات التي اعتبروها بداية للتعويم، رغم الحديث عن أن بعثة صندوق النقد الدولي تراجعت وأنه لا يوجد مراجعات هذا العام على الأقل، مما تسبب في حدوث بلبة لدى مجتمع الأعمال.
ويعرب عبد المطلب عن خشيته من بدء استغلال رجال الأعمال لهذه الظروف في رفع الأسعار مجددا، في ظل توقعات لديهم تصل بالعملة المحلية إلى 40 جنيها مقابل الدولار الواحد الذي يتوقف عند 30.90 جنيها حاليا.
زيادة التضخم والفقرأما الباحث الاقتصادي إبراهيم الطاهر فيحذر -في حديث للجزيرة نت- من أن تلك القرارات لها تبعات قاسية على الاقتصاد المصري إذا تزامنت مع تحريك سعر العملة المحلية، مما يؤدي إلى زيادات في معدلات التضخم ونسب الفقر، وانفلات متزايد في جميع أسعار السلع والمنتجات خاصة أن القرارات المتخذة ليست متناسبة مع الضرر الواقع على الشرائح المستهدفة.
ويوضح الطاهر أن برامج الحماية الاجتماعية الموجودة بمصر مثل "تكافل وكرامة" لم تغطِّ إلا شرائح محدودة من الشعب بأرقام تصل إلى 10 ملايين مستفيد -وفق المعلن- مما يعني أن ثلثي الفقراء لا يصلهم هذا الدعم إذا تم وضع بعض التقديرات بالحسبان والتي تصل بعدد فقراء بمصر إلى 30 مليون مواطن، بينما تشير الوقائع أنه مع وصول عدد السكان إلى 105 ملايين، فإن نسب التضرر والفقر ستكون أكبر في حال صدور قرارات للتعويم.
ويشير الباحث الاقتصادي إلى أن الحديث المتوقع بعد قرارات الحماية الاجتماعية عن فوائد التعويم، كما حدث سابقا، سيكون إمعانا في التضليل، لأن مصر ليست دولة منتجة، ونسب صادرتها لا تؤهلها لجبر أي ضرر أو سلبيات متوقعة من تحريك العملة، مما يعني أن المواطن هو الضحية في نهاية المطاف.
تقليل النفقات الأسريةمن جانبها، اتجهت "آلاء محمد" إلى تقليل نفقاتها إلي الحد الأدنى، رغم أنها تعمل معلمة بمدرسة خاصة، لكن العادة -كما تقول- أن أصحاب تلك المدارس لا يرفعون الرواتب مع ارتفاع الأسعار أو حتى مع قرارات الرئيس للحماية المجتمعية، ويخيرونهم بين البقاء أو الرحيل مثلما يحدث في القطاع الخاص كله وفق تأكيدها.
وتضيف "آلاء" -وهو اسم مستعار بناء على طلبها- أن ظروف انفصالها عن زوجها ضاعفت من معاناتها، هذه الأيام، مما دفعها إلى تقليل نفقاتها في الأكل والأساسيات، في ظل عدم وجود دخل كاف أو نفقة عادلة من طليقها.
وتشير إلى أن أخاها -الذي يعمل في وظيفة حكومية براتب متواضع- لم يجد سوى سيارته الخاصة للعمل عليها سائق "أوبر" لأن أي زيادة في الأجور تلتهمها أسعار الأسواق، وبالتالي فإنه يواصل العمل بعد انتهاء دوامه، وفي أيام لا يحضر بالأساس حتى يوفر احتياجات بيته.
من جانبه اعتبر مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار -في حديث للجزيرة نت- أن القرارات الصادرة دون تنسيق مع القطاع الخاص تحمل سمة تمييز وعدم مساواة، في ظل عدم قدرة الحكومة على مساواة القطاع الخاص بالحكومي رغم أن الجميع متضرر، مؤكدا أن الحقوق الاقتصادية للمصريين مهدورة ولا يصلحها قرارات محدودة لا تراعي الضرر المستمر.
ومن المقرر -حسب تصريحات رسمية- انعقاد المجلس القومي للأجور (جهة حكومية) لمناقشة مسؤولية القطاع الخاص عن زيادات مماثلة، وذلك بعد التشاور مع جميع الأطراف، سواء أصحاب الأعمال أو العمال والحكومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحمایة الاجتماعیة القطاع الخاص
إقرأ أيضاً:
رجال الأعمال المصريين تناقش التشريعات المطلوبة لربط تطوير الصناعة الوطنية بالبحث العلمي
عقدت جمعية رجال الأعمال المصريين برئاسة المهندس علي عيسى – رئيس مجلس الإدارة، اجتماعا نظمته لجنة الصناعة والبحث العلمي برئاسة المهندس مجد الدين المنزلاوي الأمين العام ورئيس اللجنة لمناقشة أهمية البحث العلمي والتعاون بين القطاع الصناعي والجامعات من أجل تطوير الصناعة المصرية وزيادة قدراتها التنافسية.
أكد المهندس مجد الدين المنزلاوي الامين العام للجمعية ورئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي بها، أن اللجنة تؤمن تماماً بأهمية دور البحث العلمي في خفض تكلفة المنتجات المصرية وزيادة تنافسيتها لتغطي السوق المحلية والتصدير.
هوية الإسكندرية ودعم الأنشطة الفنية في لقاء وزير الثقافة وجمعية رجال الأعمالجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة وجامعة النهضة يطلقان المنتدى الاقتصادي الثالث
وأشار أن اهتمام القيادة السياسية في مصر بالصناعة الوطنية يعزز من فرصة لجنة الصناعة والبحث العلمي بالجمعية في التحرك نحو صياغة توصيات ومقترحات من شأنها أن تساعد متخذي القرار والمسئولين عن البحث العلمي في اتخاذ الإجراءات اللازمة للنهوض بالصناعة الوطنية من خلال التعاون مع لجنة التشريعات الاقتصادية بالجمعية
وسيتم عمل ورقة عمل بأهم التشريعات والإجراءات المطلوبة لتحفيز القطاع الصناعي وعلى رأسها تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلي إلى جانب مناقشة القوانين واللوائح المنظمة لحاضنات الابتكار بالجامعات المصرية ومراكز البحث العلمي واهم التحديات التي تحد من انطلاقها من الناحية التشريعية واقتراح الحلول المناسبة ،الأمر اللازم لانطلاق عجلة الصناعة والتطوير في مصر.
وأوضح "المنزلاوي" أن للبحث العلمي أهمية خاصة لدى حكومات الدول الإقتصادية والصناعية الكبرى، وعلى مستوى القطاع الخاص حيث يحظى بأولوية كبيرة في الإستثمار وأيضا من الناحية الضريبية من أجل مواصلة الابتكار والتطوير لتعزيز تنافسية المنتجات على الصعيدين المحلي والتصديري، مشيراً إلى أن موزانة البحوث والتطوير في معظم ميزانيات الشركات العالمية تتعدى 2% من حجم الإستثمارات.
واكد أهمية تشجيع الدولة للقطاع الخاص في الإستثمار في البحوث العلمية وتطوير التعاون بين الجامعات البحثية والمصانع من خلال وضع خارطة طريق حول كيفية الحصول على التمويل اللازم للأبحاث والحصول على إعفاء ضريبي وكذلك من الناحية التشريعية التي تكفل حقوق الملكية الفكرية للشركات الصناعية.
وأوضح رئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي بجمعية رجال الأعمال المصريين، أنه يوجد نوعان من الطلبات البحثية وهي إما من شركة ناشئة في مرحلة ما قبل الاستثمار والإنتاج أو بحوث لمصانع قائمة تستخدم مدخلات إنتاج مستوردة أو محلية ولكنها غير متطورة.
وقال : "جمعية رجال الأعمال المصريين قامت بعمل العديد من بروتوكولات التعاون المشتركة مع أكثر من جامعة مصرية في مجالات متنوعة منها الهندسة المعمارية والصناعة وتدريب الطلاب داخل الشركات ومصانع شركات الأعضاء، كما قامت بزيارات مع أكثر من جامعة ممن لديها حاضنات الأعمال والمراكز البحثية مثل الجامعة البريطانية بالقاهرة والجامعة الألمانية وجامعة النيل".
واكد "المنزلاوي" أن التحدي الأكبر في تعزيز التعاون العلمي والصناعي في مصر يكمن في من له حق استخدام هذه الأبحاث هل هي الجامعات ام الشركات؟ فيما يعرف بالملكية الفكرية وهو ما يتطلب إعادة النظر في التشريعات الاقتصادية بما يخدم القطاع الخاص ويحفز البحث العلمي على الانطلاق نحو ايجاد حلول للتغلب على التحديات الحالية مثل استيراد مستلزمات الإنتاج وتعميق الصناعة الوطنية وزيادة القيمة المضافة والجودة وتنافسية المنتجات المصرية بما يسهم في تطبيق قانون تفضيل المنتج المحلي.
واستمعت اللجنة إلى عرضا قدمه الدكتور إيهاب عبد الرؤوف مدير حاضنة حلوان التكنولوجية حول الحضانات التكنولوجية في مصر، لافتاً إلى أن الحاضنات التكنولوجية تمثل بيئة داعمة لرعاية رواد الأعمال والمبتكرين في جميع المراحل بداية من الفكرة وحتى الإنتاج والتسويق.
وأوضح أن جامعة حلوان بها 5 حاضنات في المجالات التكنولوجية الحيوية وحاضنة في مجال تكنولوجيا الأثاث المصري وحاضنة الأميرة فايزة في مجال الرياضة وأخرى للصناعات الإبداعية وفي مجال الخدمات التعليمية، مشيرا إلى أن الحاضنة توفر مساحة عمل مشتركة بين المعامل ورواد الأعمال وتقدم العديد من التسهيلات منها المالية وخدمات الدعم الفني والتقني والتدريب والتأهيل.
ولفت إلى الحاضنة تتيح لرواد الأعمال تصنيع النماذج الأولية للمنتجات والمشاركة في المعارض والمؤتمرات الدولية وقمم ريادة الأعمال والتعاون مع الجهات المانحة، بجانب توفير خريطة المستثمرين والجهات التمويلية إلى جانب تقديم أنشطة وفعاليات لنشر ثقافة ريادة الأعمال.
وأكد المشاركون في الاجتماع أن التحديات التي تواجه ربط الصناعة بالبحث العلمي تتمثل في وجود تداخل بين الوزارات وداخل الجامعات والمراكز البحثية فيما يخص تسجيل براءات الاختراع وتحديد من له الحق في الاستخدام وأيضا نسبة المشاركة.
ولفت المشاركون إلى أن تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلي مرهون باجتيازه المعايير الدولية والجودة والمواصفات وهي مسؤولية الهيئة العامة المصرية للمواصفات والجودة وكذلك الاعتراف الدولي من خلال توفير بعض الإختبارات الضرورية والمكلفة للشركات في بعض