سيّد الخداع وقمة العشرين ناقصا ثلاثة
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
أعاد مودي إنتاج الفيلم الهندي "بلوف ماستر" سياسياً، الذي مثّل شامي كابور بطولته في أوائل الستينيات، ويروي قصة محتال يتكسب من الغش والخداع، ثم يتوب. للفيلم نسخ ثلاث، هندية محدثة في حدود اطلاعي.
المحتال شخصية أثيرة في السينما، بل إنَّ السينما هي فن الخداع، والمخادع هو أشهر أبطالها، والمكر هو فن السياسة الأول، لكن من العجب أن تجد شخصية لم تؤتَ حظاً من الذكاء مثل عبد الفتاح السيسي يحكم دورتين في مصر، ويهمُّ بالثالثة، وإن عاش من غير تحنيط سيحكم الرابعة أيضاً، وقد بدأ يتلطف ويتودد للشعب، ويبيع بضائعه المغشوشة.
"بلوف ماستر" معناها سيد الخداع، وبلوف وماستر لفظان، كلاهما عربيا الأصل والجذر، بلف من اللف (والدوران)، وقد زيد فيها حرف الباء، والماستر من المسيطر. والهنود يدمرون الذكريات الإسلامية والتاريخية وغير التاريخية في الهند، كما يفعل السيسي، مع أن السيسي ليس هندوسي الظاهر، لكن الهنود سيعجزون عن إتلاف الألفاظ العربية في لغتهم. أول كلمة يسمعها زائر الهند هي: مطلب؟ وتعني: ما طلبك؟ أيّ خدمة يا فندم؟
تكثر في اللغة السنسكريتية الكلمات العربية، ولا تخلو أغنية هندية من كلمات عربية تسربت إليها من الأوردية، والأوردية لغة هجينة تكثر فيها الألفاظ العربية الوافدة من لغة المسلمين العرب الفاتحين. ليس عند الهندوس جنة سوى في السينما، سيدة فن الخداع و"البلف"، فهم يؤمنون بالتناسخ الأبدي، لكن كلمة جنة شائعة في أغانيهم.
والسينما هي من أهم الأمتعة التي تصدّرها الهند إلى العالم، وقد سحرت كثيرين، وصنعت من أبطال بوليود أصناماً حية. وقد أثبتت الدول الكبرى أن أكبر ثروة على وجه الأرض وفي بطنها، ليست الذهب ولا الليثيوم ولا البلاتينيوم، إنما هي الخداع والكذب.
زعم مودي رئيس وزراء الهند أنَّ الهند من أكبر ديمقراطيات العالم، ظناً منه أن الديمقراطية هي صناديق وأصوات، والهند من أشدِّ الدول عنصرية في العالم، وأضراها تفاوتاً طبقياً
نعود إلى سيد الخداع الذي صنع فيلماً في قمة العشرين وخدع شعبه وخدع زعماء الدول العشرين العملاقة، وقد كسا مدخل المطار على قاعة المؤتمرات في نيودلهي بالستائر الخضراء، حتى يجنّب عيون زعماء الدول العشرين الكحيلة رؤية أكواخ فقراء الهند، فأزال كثيراً منها بالجرافات، ونصب أسلاكاً شائكة حول أحياء الفقراء، وصبغ الحيطان والبيوت بالألوان السينمائية الخلابة، حتى تحجب ما عجز عن هدمه، ونثر على أطراف الشارع المؤدي إلى مقر القمة الزهور والشجيرات، حتى إن بعض الهنود اختلسوا كثيراً منها، للزينة في البيوت أو للأكل، وسُرّبت عشرات الفيديوهات والصور عن الهنود البائسين وراء الساتر العالي الذي نصبه بلوف ماستر؛ على اليمين قمة الـ17، وعلى الشمال قاع الملايين.
زعم مودي رئيس وزراء الهند أنَّ الهند من أكبر ديمقراطيات العالم، ظناً منه أن الديمقراطية هي صناديق وأصوات، والهند من أشدِّ الدول عنصرية في العالم، وأضراها تفاوتاً طبقياً، فالطبقات دين هندي. الهنود أربع طبقات هي؛ البرهمن والكشاتريا والفايشيا والسودرا، وليس من أمل في زوال الطبقية الهندية. والهندوس نباتيون، لا يأكلون اللحم، وهم أكثر شعوب الأرض هزالاً، وكثير منهم يبيع دمه ليشتري بطاقة دخول إلى دار السينما، ليحظى بساعتين من المتعة الكاذبة المخدرة، لكن الرؤساء هم أكثر من يبيع الأوهام، والآمال الكاذبة.
زيّن مودي الطريق إلى المطار بصوره، فوضع في كل خمسين متراً صورة عملاقة، حتى يثبت أنه صاحب دولة عملاقة، وشنَّ حملة على الكلاب الضالة في منطقة اركيه بورما، أما القرود التي يصعب صيدها، فاحتال عليها بوضع صور ومجسمات لقرد الرباح التي تخشاها قرود المكاك، حتى تفرّ منها. فالقرد حيوان أكثر قدسية من الكلب، ولا يجوز صيده أو أسره.
وقد مُنع رئيس دولة عظمى عن قمة العشرين، هو رئيس روسيا فلاديمير بوتين، وغاب عنها رئيس دولة ثانية هو رئيس الصين، لأن القمّة هي قمة مواجهة الصين. وكذلك غاب رئيس وزراء إسبانيا سانشيز. وأزمع المجتمعون بناء خط حديدي جديد تمرّ مركباته من عربات وسفن بالخليج العربي والصحراء العربية، ثم البحر المتوسط، ثم أوروبا، خط "البهار" ليس تجارياً إنما هو طريق حربي لتسهيل نقل الجيش الهندي إلى الشرق الأوسط، ونقل الجنود من أوروبا إلى الهند للحرب مع الصين إذا أُعلنت. وقد حاربت بريطانيا بالهنود المسلمين، واحتلت بهم مصر وإسطنبول، وربما تتحول الهند والصين إلى مركزين للعالم ما بعد الجديد.
البيوت التي خرّبها مودي من أجل الاستقبال الكريم لقادة دول العمالقة الـ17 هي بيوت من صفيح، وليست بيوتاً أثرية كالتي خرّبها السيسي في مصر، وأنَّ ستائره القماشية وأشجار زينته لا تشبه كباري السيسي وجسوره الاسمنتية. وأنَّ الأشجار والستائر الخضراء لم تكلف الهند أموالا كبيرة، كما كلفت الجسور والطرق مصر تاريخاً ومالاً
طريق البهار الجديد بحري بري، سيوفر أسبوعين من الوقت عن مدة عبور قناة السويس بالسفن، ويجري فيه الاستغناء عن خط باب المندب الذي تسيطر عليه الصين بقاعدتها في جيبوتي، لكن عيوب الخط الجديد أنه غير عملي، لأنه يناوب بين البر والبحر نقلاً للحاويات من السفن إلى القطارات وبالعكس، لكنه سيكون مفيدا عسكرياً لنقل الجند والسلاح الخفيف.
حاول بايدن غير جاد أن ينتقص من ديمقراطية الهند، ويشكو من ظلم حكومة الهند للأقليات، لكن مودي ردّ عليه، ووصف الهند بأنها أكبر ديمقراطية في العالم، فسكت بايدن سكوت الرضى، مع أنه لا يمضي يوم من غير قتل للمسلمين والمسيحيين، والاعتداء على مساجدهم وكنائسهم حرقا وتدميرا.
في الأفلام الهندية يتوب الأبطال، وينتهي الفيلم نهاية سعيدة، لكن أسياد "البلف" الساسة لا يتوبون. يجدر بالذكر، أنّ البيوت التي خرّبها مودي من أجل الاستقبال الكريم لقادة دول العمالقة الـ17 هي بيوت من صفيح، وليست بيوتاً أثرية كالتي خرّبها السيسي في مصر، وأنَّ ستائره القماشية وأشجار زينته لا تشبه كباري السيسي وجسوره الاسمنتية. وأنَّ الأشجار والستائر الخضراء لم تكلف الهند أموالا كبيرة، كما كلفت الجسور والطرق مصر تاريخاً ومالاً.
twitter.com/OmarImaromar
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مودي الهندي السينما قمة العشرين الأفلام سينما أفلام الهند قمة العشرين مودي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهند من
إقرأ أيضاً:
توصيات المؤتمر العشرين لقسم جراحة التجميل بكلية طب عين شمس
افتتح الدكتور علي الأنور، عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، والدكتور طارق يوسف، المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة عين شمس، فعاليات المؤتمر العشرين لقسم جراحة التجميل والحروق والوجه والفكين، والذي انعقد يومي 18 و19 ديسمبر 2024، برعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس،
شهد المؤتمر، حضورًا لافتًا لأساتذة وشباب أطباء جراحة التجميل من الجامعات المصرية ووزارة الصحة ومستشفيات القوات المسلحة، بهدف تعزيز التواصل وتبادل الخبرات الطبية لتحسين الخدمات الصحية المقدمة. تناول المؤتمر موضوعات متخصصة، كان من أبرزها جراحات بناء الأذن وتجميل الأنف.
فعاليات المؤتمر
في كلمته، أشاد الدكتور علي الأنور بأداء أعضاء القسم وجهودهم المتميزة، مؤكدًا حرص الجامعة على دعم التميز الطبي.
كما استعرض الدكتور طارق يوسف التطورات التي شهدها قسم جراحة التجميل، خصوصًا في وحدتي الحروق والليزر، مشيدًا بجهود القسم في تقديم خدمات طبية متقدمة.
من جانبه، رحب الدكتور أحمد علي حسن، رئيس قسم جراحة التجميل ورئيس المؤتمر، بالحضور، مثمنًا دور المؤتمرات في تعزيز التواصل العلمي وتطوير المهارات لدى شباب الأطباء. وفي ختام الجلسة الافتتاحية، قدم رئيس المؤتمر درع التكريم للدكتور علي الأنور والدكتور طارق يوسف، تقديرًا لدورهما في دعم القسم.
توصيات المؤتمر
الاستمرار في تنظيم ورش العمل لتدريب شباب أطباء جراحة التجميل على جراحات بناء الأذن وتجميل الأنف.
تعزيز التدريب على استخدام الأجهزة والمعدات الجراحية الحديثة.