عربي21:
2025-04-25@07:02:17 GMT

سيّد الخداع وقمة العشرين ناقصا ثلاثة

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

أعاد مودي إنتاج الفيلم الهندي "بلوف ماستر" سياسياً، الذي مثّل شامي كابور بطولته في أوائل الستينيات، ويروي قصة محتال يتكسب من الغش والخداع، ثم يتوب. للفيلم نسخ ثلاث، هندية محدثة في حدود اطلاعي.

المحتال شخصية أثيرة في السينما، بل إنَّ السينما هي فن الخداع، والمخادع هو أشهر أبطالها، والمكر هو فن السياسة الأول، لكن من العجب أن تجد شخصية لم تؤتَ حظاً من الذكاء مثل عبد الفتاح السيسي يحكم دورتين في مصر، ويهمُّ بالثالثة، وإن عاش من غير تحنيط سيحكم الرابعة أيضاً، وقد بدأ يتلطف ويتودد للشعب، ويبيع بضائعه المغشوشة.

أما في الهند، فحظ رئيس وزرائها رايندار مودي في الخبث والدهاء أكبر من حظ السيسي بكثير، فقد عاش مودي حياة غنية بالدراما، باع الشاي وتشرّد، وتحزب وساس، واتّهم، ومُنع من دخول أمريكا، ويحكم الهند الكبيرة دورة ثانية، وقد انتفخ سحره، وصار سيد الخداع والخواتم أيضاً.

"بلوف ماستر" معناها سيد الخداع، وبلوف وماستر لفظان، كلاهما عربيا الأصل والجذر، بلف من اللف (والدوران)، وقد زيد فيها حرف الباء، والماستر من المسيطر. والهنود يدمرون الذكريات الإسلامية والتاريخية وغير التاريخية في الهند، كما يفعل السيسي، مع أن السيسي ليس هندوسي الظاهر، لكن الهنود سيعجزون عن إتلاف الألفاظ العربية في لغتهم. أول كلمة يسمعها زائر الهند هي: مطلب؟ وتعني: ما طلبك؟ أيّ خدمة يا فندم؟

تكثر في اللغة السنسكريتية الكلمات العربية، ولا تخلو أغنية هندية من كلمات عربية تسربت إليها من الأوردية، والأوردية لغة هجينة تكثر فيها الألفاظ العربية الوافدة من لغة المسلمين العرب الفاتحين. ليس عند الهندوس جنة سوى في السينما، سيدة فن الخداع و"البلف"، فهم يؤمنون بالتناسخ الأبدي، لكن كلمة جنة شائعة في أغانيهم.

والسينما هي من أهم الأمتعة التي تصدّرها الهند إلى العالم، وقد سحرت كثيرين، وصنعت من أبطال بوليود أصناماً حية. وقد أثبتت الدول الكبرى أن أكبر ثروة على وجه الأرض وفي بطنها، ليست الذهب ولا الليثيوم ولا البلاتينيوم، إنما هي الخداع والكذب.

زعم مودي رئيس وزراء الهند أنَّ الهند من أكبر ديمقراطيات العالم، ظناً منه أن الديمقراطية هي صناديق وأصوات، والهند من أشدِّ الدول عنصرية في العالم، وأضراها تفاوتاً طبقياً
نعود إلى سيد الخداع الذي صنع فيلماً في قمة العشرين وخدع شعبه وخدع زعماء الدول العشرين العملاقة، وقد كسا مدخل المطار على قاعة المؤتمرات في نيودلهي بالستائر الخضراء، حتى يجنّب عيون زعماء الدول العشرين الكحيلة رؤية أكواخ فقراء الهند، فأزال كثيراً منها بالجرافات، ونصب أسلاكاً شائكة حول أحياء الفقراء، وصبغ الحيطان والبيوت بالألوان السينمائية الخلابة، حتى تحجب ما عجز عن هدمه، ونثر على أطراف الشارع المؤدي إلى مقر القمة الزهور والشجيرات، حتى إن بعض الهنود اختلسوا كثيراً منها، للزينة في البيوت أو للأكل، وسُرّبت عشرات الفيديوهات والصور عن الهنود البائسين وراء الساتر العالي الذي نصبه بلوف ماستر؛ على اليمين قمة الـ17، وعلى الشمال قاع الملايين.

زعم مودي رئيس وزراء الهند أنَّ الهند من أكبر ديمقراطيات العالم، ظناً منه أن الديمقراطية هي صناديق وأصوات، والهند من أشدِّ الدول عنصرية في العالم، وأضراها تفاوتاً طبقياً، فالطبقات دين هندي. الهنود أربع طبقات هي؛ البرهمن والكشاتريا والفايشيا والسودرا، وليس من أمل في زوال الطبقية الهندية. والهندوس نباتيون، لا يأكلون اللحم، وهم أكثر شعوب الأرض هزالاً، وكثير منهم يبيع دمه ليشتري بطاقة دخول إلى دار السينما، ليحظى بساعتين من المتعة الكاذبة المخدرة، لكن الرؤساء هم أكثر من يبيع الأوهام، والآمال الكاذبة.

زيّن مودي الطريق إلى المطار بصوره، فوضع في كل خمسين متراً صورة عملاقة، حتى يثبت أنه صاحب دولة عملاقة، وشنَّ حملة على الكلاب الضالة في منطقة اركيه بورما، أما القرود التي يصعب صيدها، فاحتال عليها بوضع صور ومجسمات لقرد الرباح التي تخشاها قرود المكاك، حتى تفرّ منها. فالقرد حيوان أكثر قدسية من الكلب، ولا يجوز صيده أو أسره.

وقد مُنع رئيس دولة عظمى عن قمة العشرين، هو رئيس روسيا فلاديمير بوتين، وغاب عنها رئيس دولة ثانية هو رئيس الصين، لأن القمّة هي قمة مواجهة الصين. وكذلك غاب رئيس وزراء إسبانيا سانشيز. وأزمع المجتمعون بناء خط حديدي جديد تمرّ مركباته من عربات وسفن بالخليج العربي والصحراء العربية، ثم البحر المتوسط، ثم أوروبا، خط "البهار" ليس تجارياً إنما هو طريق حربي لتسهيل نقل الجيش الهندي إلى الشرق الأوسط، ونقل الجنود من أوروبا إلى الهند للحرب مع الصين إذا أُعلنت. وقد حاربت بريطانيا بالهنود المسلمين، واحتلت بهم مصر وإسطنبول، وربما تتحول الهند والصين إلى مركزين للعالم ما بعد الجديد.

البيوت التي خرّبها مودي من أجل الاستقبال الكريم لقادة دول العمالقة الـ17 هي بيوت من صفيح، وليست بيوتاً أثرية كالتي خرّبها السيسي في مصر، وأنَّ ستائره القماشية وأشجار زينته لا تشبه كباري السيسي وجسوره الاسمنتية. وأنَّ الأشجار والستائر الخضراء لم تكلف الهند أموالا كبيرة، كما كلفت الجسور والطرق مصر تاريخاً ومالاً
طريق البهار الجديد بحري بري، سيوفر أسبوعين من الوقت عن مدة عبور قناة السويس بالسفن، ويجري فيه الاستغناء عن خط باب المندب الذي تسيطر عليه الصين بقاعدتها في جيبوتي، لكن عيوب الخط الجديد أنه غير عملي، لأنه يناوب بين البر والبحر نقلاً للحاويات من السفن إلى القطارات وبالعكس، لكنه سيكون مفيدا عسكرياً لنقل الجند والسلاح الخفيف.

حاول بايدن غير جاد أن ينتقص من ديمقراطية الهند، ويشكو من ظلم حكومة الهند للأقليات، لكن مودي ردّ عليه، ووصف الهند بأنها أكبر ديمقراطية في العالم، فسكت بايدن سكوت الرضى، مع أنه لا يمضي يوم من غير قتل للمسلمين والمسيحيين، والاعتداء على مساجدهم وكنائسهم حرقا وتدميرا.

في الأفلام الهندية يتوب الأبطال، وينتهي الفيلم نهاية سعيدة، لكن أسياد "البلف" الساسة لا يتوبون. يجدر بالذكر، أنّ البيوت التي خرّبها مودي من أجل الاستقبال الكريم لقادة دول العمالقة الـ17 هي بيوت من صفيح، وليست بيوتاً أثرية كالتي خرّبها السيسي في مصر، وأنَّ ستائره القماشية وأشجار زينته لا تشبه كباري السيسي وجسوره الاسمنتية. وأنَّ الأشجار والستائر الخضراء لم تكلف الهند أموالا كبيرة، كما كلفت الجسور والطرق مصر تاريخاً ومالاً.

twitter.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مودي الهندي السينما قمة العشرين الأفلام سينما أفلام الهند قمة العشرين مودي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهند من

إقرأ أيضاً:

الخداع تحت غطاء الصداقة وخيمة الثقة !

قد لا تتخيل يومًا أن يصدمك صديق أو عزيز عليك بخدعة محكمة، قد لا يكون من بني جلدتك لكنه تودد إليك ليصل إلى مكانة عظيمة في قلبك، فكثيرًا ما تحدثك نفسك: "ربّ أخٍ لك لم تلده أمك".

المخادع قد لا يكون غريبًا أو بعيدًا عن محيط حياتك، فمن الممكن أن يكون من أقرب الناس إليك. لن نُسمِّي أسماء أو نقرب علاقة الدم والنسب، لكن نذهب إلى الصدمات التي يمكن أن تتوالى إذا ما جدَّدت الثقة في ذلك الشخص مرة أو مرات عدة.

قد تتوالى الأخطاء، وتظن في كل مرة بأنك قد تعلَّمت من الدروس الماضية، لكنك تكتشف مع مرور الوقت مجرَّد شخص يعيش الوهم ويكذب الكذبة ويصدقها، فالأخطاء تُرتكب ثانية وثالثة وعاشرة.

في سياق الخيانة بأنواعها، برع الحكماء في وصفها، وخرج إلى العلن مجموعة وفيرة من الحكم والمواعظ التي تلامس جراح المخدوعين، وتجعلهم يفتحون جراحهم أمام الآخرين كنوع من التنفيس عن النفس أو لأخذ العبر والتنبه والحذر.

ومن صدق ما قيل: "مع كل ضيق أصبحنا نخسر صديق"، والبعض يرى بأن الغدر والخيانة من الصديق هي أشد من ألف طعنة سيف قاطع، وعندما يتحدث البعض عن الصداقة فإنه يؤكد بأنها سفينة مبحرة يحركها الوفاء، ويغرقها فعل الغدر والخيانة. والصداقة هي أيضًا صخرة قوية لا يحطمها إلا مطرقة الغدر. وقيل قديمًا: "احذر عدوك مرة، وصديقك ألف مرة".

ومع توالي الأحداث والمواقف، سوف تثبت لك الأيام حقيقة ربما كنت يومًا تجهلها، لكن طعمها المُر هو من يجعلك تستفيق من غيبوبة الابتسامات الجميلة والأقنعة التي تُخفي وراءها الوجوه القبيحة، لتؤكد لكل من يُحدثك عن الخيانات بأنه "لا يجب عليك أن تخاف من غدر الأعداء، بل احذر من غدر الأصدقاء، فإنه أقوى وأصعب على العقل والروح".

يتصوَّر البعض بأن طريق خداع الآخرين، سواء الأصدقاء أو غيرهم، هو جزء من الفهم الخارق للعادة، فمن فكرة إلى أخرى يتيقن البعض بأنهم قادرون على أخذ ما بيد الآخرين من أشياء بطرق ملتوية ومبتكرة. لكن الواقع هو أن الزمن يُثبت لك مدى تفاهة تفكيرهم.

البعض يكف يده عن الإنفاق وإعطاء الناس حقوقهم، ويعتقد بأنه بذلك يوفر للمستقبل أو أنه قادر على إقناع الغير بأنه غير مستحق للعطاء، أو يمكنه أن يظلم وقتما يريد، فما "يدخره البخيل يأكله النصاب".

البعض يعلّق أموره على حبال الوهم، ويعتقد بأن كل الناس من حوله أشخاص مسالمون مدركون لخطورة أفعالهم وسوء نواياهم، لكن الحقيقة أن البعض يُقبل على المحرَّمات دون أن يفكر ولو لثوانٍ معدودة بأن كل ما يفعله سيرُدّ إليه بصورة أو أخرى.

يخطئ من يعتقد بأن النصب أو الاحتيال أو الخداع أو الخيانة هي شطارة ومهارة لا يجيد فنونها سواه أو غيره من المحتالين. الصداقة أسمى وأشمل، ومن الملاحظ بأن الأصل الطيب يُنبت نباتًا طيبًا، ولا علاقة للصحبة أو الزمالة في أمر الخيانة بشيء.

هل العِشرة بين الناس سبب كافٍ لوقف سموم الخديعة والتعدي على الحرمات؟

لا أعتقد ذلك مطلقًا، بدليل أن أشخاصًا خُدعوا من زملائهم بعد سنوات من العِشرة الطيبة. لحظة التحول من الخير إلى الشر تأتي في غضون ثوانٍ معدودة، ينقلب حال البعض ويدخلون بوابات الضلالة دون أن يكون هناك سابق إنذار أو تجربة قديمة.

يشتكي بعض الناس من حالة الحسد والشحناء والبغضاء التي تنشب ما بين الأهل والأصدقاء والزملاء نتيجة حصول البعض على نعمة من الله، تسود القلوب وتتلوث الألسن بالكلام الجارح، متناسين ما ورد في الحديث الشريف عن يزيد بن أسد القسري قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتحب الجنة؟" قلت: نعم، قال: "فأحب لأخيك ما تحب لنفسك".

من لا يخاف الله، لا يهاب المحرَّمات، فما أكثر قضايا النصب وخيانة الأمانة في ساحات المحاكم، وبعض القصص مخزية للغاية، وتستغرب كثيرًا كيف حدثت؟ ولماذا حدثت؟

أعتقد بأن غياب الضمير، وضعف الإيمان، والتراخي في ارتكاب المحرَّمات هي جزء من الأسباب، فالخيانة صفة ذميمة، تعرض لها القرآن الكريم في خمس معانٍ مختلفة منها: المعصية، والذنب، ونقض العهد، وغيرها.

مقالات مشابهة

  • مُقاربة كولمبو: كيف توازن زيارة “مودي” سياسة سريلانكا الخارجية؟
  • لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين
  • قبل مغادرة السعودية.. الكشف عن فكرة ناقشها مودي وأمين العالم الإسلامي محمد العيسى
  • الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي رئيس الوزراء الهندي
  • الخداع تحت غطاء الصداقة وخيمة الثقة !
  • الرئيس السيسي يعزي رئيس وزراء الهند في ضحايا حادث إرهابي استهدف سائحين بكشمير
  • الرئيس السيسي يعزي رئيس وزراء الهند هاتفيًا في ضحايا الحادث الإرهابي بولاية كشمير
  • السيسي يعزى رئيس وزراء الهند جراء الحادث الإرهابي ويؤكد تضامن مصر مع أسر الضحايا
  • صور مرعبة لـ أعلى جسر جديد في العالم
  • مودي يقطع زيارته للسعودية وحملات واسعة للقوات الهندية في كشمير