فتاوى تشغل الأذهان

حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريفهل احتفل السلف بيوم ميلاد الرسول؟حكم إقامة الأمسيات الدينية خلال شهر ربيع الأول

 

نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان، نرصد أبرزها في فتاوى تشغل الأذهان.

يعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي ﷺ ومحبَّة النبي ﷺ أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه ﷺ قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده».

[رواه مسلم]. وأنه ﷺ قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». [رواه البخاري]

يقول ابن رجب: «محبَّة النبي - ﷺ - من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} . ولما قال عمر للنبي - ﷺ -: أنت أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلاَّ من نفسي فقال: «لا يا عمر، حتَّى أكون أحبَّ إليك من نفسك» فقال عمر: والله أنت الآن أحبُّ إليَّ من نفسي، قال: «الآن يا عمر». [رواه البخاري].

وبحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء في حديثه عن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، فالاحتفاء به ﷺ أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرَّف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.

ودرج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله ﷺ ، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.

وألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في [المدخل] في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلاما مفيدا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه المدخل في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي.

قال خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي في كتابه «حسن المقصد في عمل المولد» بعد سؤال رفع إليه عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع، وهل هو محمود أو مذموم، وهل يثاب فاعله؟ قال: «والجواب عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي - ﷺ - وما وقع في مولده من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه و ينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي - ﷺ - وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.

ورد السيوطي على من قال: «لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة» بقوله: «نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود مبينا أن إمام الحفاظ أبا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قد استخرج له أصلا من السنة، واستخرج له هو - يعني السيوطي- أصلا ثانيا موضحا أن البدعة المذمومة هي التي لا تدخل تحت دليل شرعي في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة»

روى البيهقي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: «المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما : أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر بن الخطاب في قيام شهر رمضان نعم البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي.

قال السيوطي: «وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان، فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك سلطان العلماء العز ابن عبد السلام».

وأصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة، لأن ولادته أعظم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، وهذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال: «لأن في هذا الشهر منّ الله تعالى علينا بسيد الأولين والآخرين، فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير وشكر المولى على ما أولانا به من النعم العظيمة».

وقد ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول: ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي بالأمسيات الدينية؛ بأن يأتوا بقارئ للقرآن من بعد صلاة المغرب أو العشاء ويقرأ القرآن، ثم بعد ذلك يعقبها كلمة من واعظ يعظ الناس، ثم بعد ذلك يختمون برجل يقول التواشيح، فهل هذا الفعل جائزٌ أم لا؟ فهناك من يقول إنه غير جائز، وهناك من يقول إن هذا الفعل ليس فيه شيء، وأن من يقول إنه بدعة يُضيِّق على العباد ويُحرِّم الحلال وأن الدين يسر وأن هذا من التشدد وعدم الفهم، فأين الحق هل مع الفريق الذي يقول إنه سنة وليس فيه شيء؟ أم مع الفريق الذي يقول إنه بدعة، فقد كثر الكلام في هذا الأمر، مع ذكر الدليل لأن الفريق الذي يقول إنه بدعة يقول إن البدعة ما لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا الصحابة ولا التابعين ولا القرون الثلاثة المفضلة، فهل هذا القول صحيح، وما القول الراجح مع الدليل؟ 

وقالت الإفتاء في جوابها: الاحتفالُ بِمولدِ النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم مِن أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أصل من أصول الإيمان؛ فقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري، كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد سنَّ لنا جنس الشكرِ لله تعالى على مِيلاده الشريف؛ فكان يَصومُ يومَ الإثنينِ ويقول: «ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المولد النبوي الشريف مولد النبوي ميلاد الرسول شهر ربيع الأول فتاوى تشغل الأذهان الاحتفال بذکرى المولد النبوی الشریف صلى الله علیه وآله وسلم الله تعالى الاحتفال ب یقول إنه

إقرأ أيضاً:

الأكبر من نوعها.. «الشؤون الدينية» تدشن خطة موسم العمرة للعام 1446هـ

أطلقت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، خطة موسم العمرة لعام 1446 هـ، التي تعد الأكبر من نوعها في تاريخ الرئاسة، لإثراء تجربة القاصدين والمعتمرين والزائرين، وتهيئة الأجواء التعبدية لهم، من خلال حزمة من مئات المبادرات والبرامج العلمية الدينية طوال موسم العمرة، واستقطاب الآلاف من المتطوعين في الحرمين الشريفين.

وقال رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس خلال تدشينه للخطة بمكتبه، إن خطة موسم العمرة انطلقت مع بداية العام الهجري الجديد ١٤٤٦هـ , مؤكدا أن الخطة تهدف لتعزيز مكامن القوة في موسم العمرة، مع تعظيم مفهوم خدمة المعتمر والعناية به، كونه شعارًا محوريًا، وتعزيز الأدوار التكاملية مع منظومة العمرة، والتناغم مع الجهات الحكومية كافة وشركاء النجاح، مبيناً أنّ مدة الخطة التشغيلية لموسم العمرة في الحرمين تستغرق ٩ أشهر، تنقسم لثلاثة مراحل، وتنتهي بنهاية شهر شعبان عام ١٤٤٦هـ ، حيث تنطلق بعدها خطة شهر رمضان المبارك لعام ١٤٤٦ هجري.

وكشف أن الرئاسة بصدد إطلاق العديد من الروبوتات الدينية الذكية التي تسهم في تقديم الخدمة للقاصدين بشكل فعال في المسجد الحرام والمسجد النبوي للتسهيل على ضيوف الرحمن، والوصول للخدمات في كل الأوقات، مشيراً إلى أن استمرار رسالة الحرمين الشريفين الدعوية والتوجيهية، وأعدت الرئاسة العديد من الدروس والمحاضرات العلمية والتوجيهية التي يشارك بها أصحاب المعالي والفضيلة من هيئة كبار العلماء ومدرسو المسجد الحرام والمسجد النبوي.

وأوضح الدكتور السديس أن الرئاسة حرصت في خطتها لموسم العمرة على تكريس العمل التطوعي والإنساني، حيث يعد الحرمين الشريفين بيئتان جاذبتان للعمل التطوعي، ويُستهدف أن يكون الحرمان الشريفان أكبر مجتمعين تطوعين في العالم، إيماناً في قدرات شباب المملكة وفتياتها في خدمة ضيوف الرحمن، وتزويد الحرمين الشريفين بما يصل إلى مليون مصحف موزعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، في موسم العمرة حتى يتسنى للقاصد الكريم تلاوته وقراءته، مع إتاحة عدد من حلقات تعليم وتحفيظ القرآن الكريم، يقوم عليها كوكبة من المدرسين والمحفظين من ذوي المهارة والقدرة، بهدف خدمة المعتمر والزائر.

وأضاف أن الرئاسة حرصت في خطتها لموسم العمرة عام ١٤٤٦ هجري، على تنويع المبادرات والبرامج والخدمات لتحقيق أقصى مراحل الراحة للقاصد الكريم تيسيراً وتخفيفاً له، حتى يؤدي المعتمرون مناسكهم بيسر وسهولة، في بيئة إيمانية خاشعة صحية، فضلًا عن تكثيف الدروس العلمية والإرشادية وزيادة حلق القران والتوعية الميدانية الدينية، وإطلاق المعارض الإثرائية الدينية، وتدشين أكبر برنامج للإهداءات الدينية، مع استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي، ورقمنة البرامج، وتسخير التطبيقات الإلكترونية في مختلف المجالات خدمةً للقاصدين، ومخاطبتهم باللغات العالمية، لتسهيل نُسكهم وإثراء تجربتهم.

مقالات مشابهة

  • رئاسة الشؤون الدينية تطلق مبادرة “الإكرام في تعظيم البيت الحرام”
  • "الإكرام في تعظيم البيت الحرام".. السديس يطلق أولى المبادرات في العام الجديد
  • «هدية» تقدم أكثر من مليوني عبوة ماء لزوار المسجد النبوي
  • "هدية" تقدم أكثر من مليوني عبوة ماء لزوار المسجد النبوي
  • رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين تدشن خطة موسم العمرة للعام 1446هـ
  • مئات المبادرات.. تفاصيل خطة موسم العمرة 1446هـ الأكبر من نوعها
  • الأكبر من نوعها.. «الشؤون الدينية» تدشن خطة موسم العمرة للعام 1446هـ
  • «أوقاف مطروح» تحتفل بذكرى الهجرة النبوية بـ120 أمسية في المساجد
  • برعاية السديس.. تدشين خطة موسم العمرة لعام ١٤٤٦هـ
  • بالصور.. المحافظون يشهدون احتفال «الأوقـاف» بذكرى الهجرة النبوية