قال مايكل بلومبرج هو المبعوث الخاص للأمم المتحدة والعمدة السابق لمدينة نيويورك، إننا نواجه المزيد والمزيد من الحرارة المنهكة، وحرائق الغابات القاتلة والفيضانات، وموجات الجفاف المدمرة، وإن المعايير الطويلة الأجل التي توجه محادثات المناخ العالمية لم تكن قط عديمة الجدوى على الإطلاق، حسبما أفادت قناة سكاي نيوز.

وأضاف: "لا يمكن أن يركز مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28) هذا العام على عام 2050 أو 2040 أو حتى عام 2035، بل يجب أن ينتج إجراءات جديدة من شأنها أن تقلل الانبعاثات بشكل كبير بحلول عام 2030، لأنه الحدث الأهم حتى الآن، لقد حذرت منذ فترة طويلة من الآفاق الزمنية التي قد تمتد لعقود من الزمن لتحقيق الأهداف المناخية لأنها تخدم كذريعة للتأخير والتقاعس عن العمل بشكل خطير، عند هذه النقطة، يجب أن تومض علامة التحذير باللون الأحمر".

وتابع: "وبما أن هذا العام يبدو الأكثر سخونة في التاريخ المسجل، فقد شهدنا أدلة جديدة مثيرة للقلق على تحولين متصلين يمكن أن يؤديا إلى كارثة: الذوبان المتسارع للصفائح الجليدية في جرينلاند والقطب الجنوبي، والذي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في مستوى سطح البحر على طول العالم. السواحل. وخطر انهيار تيارات المحيط الأطلسي - التي تساعد على استقرار المناخ العالمي - مما يؤدي إلى فصول شتاء أكثر قسوة في أوروبا وحرارة شديدة في المناطق الاستوائية".

وأوضح أن حدوث هاتين الكارثتين قد يعتمد على مدى قدرتنا على إنجازه قبل عام 2030. ولهذا السبب فإن التعهدات والالتزامات، مهما كانت جريئة أو حسنة النية، ليست كافية، ويتعين علينا أن نضفي طابعًا عاجلًا جديدًا على مكافحة تغير المناخ من خلال التركيز على السبل الفعّالة لخفض الانبعاثات الآن.

وهناك ثلاثة مجالات رئيسية حيث يمكننا أن نفعل هذا من دون اتفاقيات عالمية جديدة أو إنفاق حكومي جديد هائل.

أولا، يمكن لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) أن يحفز الجهود الرامية إلى استبدال محطات الطاقة التي تعمل بالفحم ــ المصدر الأكبر منفردا لانبعاثات الكربون العالمية ــ بالطاقة النظيفة، متابعا: لقد تم إيقاف نحو 70% من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة منذ عام 2011، كما أغلقت نصف محطات الطاقة في أوروبا أو في طريقها إلى ذلك، وهي الجهود التي ساعدت مؤسسة بلومبرج الخيرية في قيادتها، وإذا قمنا بسرعة بتوسيع نطاق الاستثمار في الطاقة المتجددة ــ وخاصة في العالم النامي، حيث من المتوقع أن يتزايد الطلب على الطاقة بسرعة ــ فإن هذا التقدم من الممكن أن ينتشر على مستوى العالم. وسيتطلب القيام بذلك جميع أشكال رأس المال: العام والخاص والخيري.

ثانيا، ينبغي لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين أن يركز على الحد بشكل كبير من إزالة الغابات، وهو ما من شأنه أن يخلف تأثيرا فوريا كبيرا على مستويات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي. وقد أثبتت دول مثل البرازيل وإندونيسيا بالفعل أن هذا يمكن القيام به بسرعة، إذا توفرت الإرادة السياسية، وبفضل القيادة البيئية القوية للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، انخفض معدل إزالة الغابات في البرازيل بأكثر من الثلث في عام واحد، كما خفضت إندونيسيا معدله بأكثر من الثلثين منذ اتفاق باريس.، والآن هو الوقت المناسب لكي تلتزم جميع الدول بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030 - وهو الأمر الذي سيتطلب تدفقات مالية أكبر من العالم المتقدم إلى العالم النامي.

وأخيرا، فإن الفرصة الثالثة لمؤتمر الأطراف هذا العام هي الأكبر على الإطلاق ــ على الرغم من أنها تحظى بقدر ضئيل للغاية من الاهتمام ــ وتتمثل في الحد من تسرب غاز الميثان الناتج عن إنتاج النفط والغاز، وهو أيضًا المجال الذي يمكن فيه تحقيق الإجماع والتقدم بسهولة أكبر.

وأشار إلى أن طاقة الميثان التي يتم إطلاقها اليوم ستكون أقوى بـ 85 مرة من قدرة ثاني أكسيد الكربون على احتجاز الحرارة على مدار العشرين عامًا القادمة، لذا فهو جزء رئيسي من لغز المناخ. تمثل التسريبات والتنفيس وحرق غاز الميثان من آبار النفط والغاز وخطوط الأنابيب على مستوى العالم نفس الاحترار الذي تسببه الانبعاثات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي بأكمله.

والخبر السار هو أن شركات النفط والغاز لديها حوافز قوية للمساعدة في حل هذه المشكلة، ففي نهاية المطاف، فإنهم يخسرون منتجاتهم في الغلاف الجوي التي كان يمكن بيعها في السوق لولا ذلك - ويخسر دافعو الضرائب أيضًا، وبالتالي، فإن تنظيف غاز الميثان من النفط والغاز يمثل مشكلة وفرصة للجميع في سلسلة التوريد.

وعلى هذه الجبهة، تمثل شركات النفط المملوكة وطنيا ثلاثة أرباع انبعاثات غاز الميثان العالمية - وهو ما يزيد كثيرا على القطاع الخاص. لذلك، من المشجع أن أحد أكبر مالكي هذه الشركات، دولة الإمارات العربية المتحدة، قد التزم بالوصول إلى مستوى الصفر من غاز الميثان بحلول عام 2030. ويرأس الشركة الوطنية الإماراتية، أدنوك، الدكتور سلطان الجابر، الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي، رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، وهو يحث الدول الأخرى على تقديم نفس الالتزام.

ومع ذلك، فإن وضع معايير صارمة لإطلاق غاز الميثان لا يقع على عاتق منتجي النفط والغاز وحدهم. ويجب على الحكومات الوطنية أيضًا أن تشترط أن يتم اعتماد أنواع الوقود التي تنتجها وتستوردها وتستهلكها على أنها خالية من اشتعال غاز الميثان أو تسربه أو إطلاقه. ولتسريع هذه العملية ومحاسبة الدول على تحقيق أهدافها، نحتاج أيضًا إلى بيانات أفضل ومزيد من الشفافية حول مكان حدوث الانبعاثات.

ينبغي على جميع الدول الاستجابة لدعوة رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) لإنهاء انبعاثات غاز الميثان في قطاع النفط والغاز هذا العقد، وإذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي واحدة من أكبر منتجي الوقود الأحفوري على مستوى العالم، قادرة على القيام بذلك، فإن بإمكان الجميع الآخرين القيام بذلك - وينبغي للولايات المتحدة أن تقود الطريق.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: للأمم المتحدة وحرائق الغابات الأمم المتحدة النفط والغاز غاز المیثان عام 2030

إقرأ أيضاً:

عمان في مؤشر السلام العالمي 2024

يشكِّل السلام جوهر الحياة الإنسانية وسر ازدهارها، فلا يمكن أن ينعم أي شعب بالرفاهية والحياة الكريمة ما لم يتحقَّق له السلام والأمان؛ لأنه لا يدُّل على انعدام العنف وحسب، بل أيضا يشير إلى أنماط الحماية الشاملة والحفاظ على حقوق الإنسان في المجتمعات، إضافة إلى تحقيق المساواة والعدل والرفاه وحرية التعبير وغير ذلك مما يحفظ كرامة الإنسان ويمتِّعه بحياة آمنة مطمئنة.

ولهذا فإن مفهوم السلام يتطوَّر بتطوُّر المجتمعات وتغيُّر احتياجاتها، من هنا برزت الحاجة إلى الحماية الاجتماعية وقدرة المؤسسات على إيجاد أنظمة وسياسات توازن بين احتياجات أفراد المجتمع وأولويات الدولة، ولهذا يُنظر إلى مفاهيم السلام الإيجابي باعتبارها مفاهيم تحويلية تتخذ أساليب وطرق أكثر مرونة وقدرة على إيجاد سبل واضحة وآمنة في تطوير المجتمعات وازدهارها وفق إمكانات تضمن تحقيق ممكنات السلام.

فبحسب تقرير السلام الإيجابي 2024، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، فإن الدول التي تتمتع بالسلام الإيجابي هي تلك التي تتميَّز بمستويات عالية من «المرونة وقادرة على تقديم حماية أكثر فاعلية لمواطنيها ضد الصدمات السلبية، سواء أكانت سياسية أو بيئية أو اقتصادية»، ولهذا فهي سريعة التعافي من الصدمات وأكثر قدرة على مواجهة التحديات وتخطيها لتصل إلى أفضل النتائج وأسرعها نموا، وبالتالي تحقيق تنمية مجتمعية مزدهرة.

إن السلام الإيجابي مفهوم تحويلي لأنه يحوِّل الظروف ويوجهها نحو إيجاد سياسات تعزِّز السلام من خلال دعم أكبر لمستويات المرونة وإيجاد مقاييس أفضل للرفاهية، وضمان تطوُّر المجتمع وتحوُّله نحو الرفاه الاجتماعي المنشود، لذا فإن معايير السلام تشمل تحقيق مستويات (الثقة والتعاون والشمولية) اللازمة لمواجهة التحديات وتخطيها بأفضل الوسائل، خاصة في ظل تنامي التقنيات الحديثة والتطورات التي عزَّزت أهمية السلام الإيجابي للمجتمعات باعتباره إطار شامل ومنهجي.

يقيس مؤشر السلام الإيجابي 2024 مستوى المرونة المجتمعية لـ (163) دولة في العالم، فهو لا يركِّز على المرونة في حل القضايا السياسية أو القضاء على العنف وحسب، بل أيضا الحوكمة والتنمية الاقتصادية والرفاه والأداء البيئي، إضافة إلى التطور التقني، وصُنفت الدول بحسب ما تقدِّمه من مستويات تلك المرونة، وقد جاءت عُمان في هذا المؤشر في المرتبة (62)، فبالرغم من تراجعها مرتبتين عن مركزها في العام الفائت، إلاَّ أنها تأتي من بين 40 دول من العالم تتمتع بسلام إيجابي جيد، ونمو مزدهر في معايير المؤشر الخاصة بالتنمية المجتمعية.

ولأن عُمان تتمتع بمقومات محفزِّة للسلام الإيجابي فإنها تُعد من الدول التي تتخذ أنظمة راسخة في التنمية المجتمعية من حيث اتباع أفضل الممارسات في تنمية القطاعات وأنظمة الحوكمة والحماية الاجتماعية بما يضمن مرونة الأداء والقدرة على الصمود في الظروف الصعبة وتحقيق شراكة أكبر مع المجتمع (مؤسسات وأفراد)، وبالتالي فإنها بيئة قادرة على تطوير أنظمتها وممارساتها وفقا للأولويات من ناحية ومسارات تطوُّر المجتمع من ناحية أخرى.

يخبرنا مؤشر السلام العالمي للعام 2024، الصادر عن المعهد نفسه، أن العالم يعاني من «تدهور متوسط مستوى السلام القُطري بنسبة 0.56%» للسنة الخامسة على التوالي؛ حيث سجَّلت 65 دولة فقط تحسنا في مجال السلامة والأمن، في حين تدهورت 97 دولة في المؤشر ضمن مجالي النزاع المستمر والعسكرة، الأمر الذي يعني أن هناك تداعيات كثيرة تحدث في العالم جرَّاء الصراعات المختلفة وخاصة الجيوسياسية التي تحدث في أقاليم عدة من العالم.

إن هذه الصراعات العسكرية تؤثر بشكل مباشر على القطاعات التنموية كلها خاصة الاقتصادية، وهي هنا لا تؤثر على الدول التي تحدث فيها تلك الصراعات وحسب، بل أيضا ينعكس على دول العالم كلها خاصة الدول الواقعة في الإقليم نفسه، أو تلك التي تتعامل معها ضمن الشراكات التجارية والمالية، إذ يكشف لنا تقرير مؤشر السلام العالمي 2024 أن التأثير الاقتصادي للعنف بلغ «19.1 تريليون دولار في عام 2023، أي ما يُعادل 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي»، وهو أمر يكشف بوضوح التأثير الكبير للعُنف والنزاعات العسكرية المسلحة التي ينتج عنها دمار وتشرُد ولجوء ونزوح على المستوى الإنساني وتدهور على المستوى الاقتصادي.

احتلت عُمان في مؤشر السلام العالمي للعام 2024 المرتبة (37)، حيث جاءت من بين الدول التي تتمتع بمؤشرات سلام جيدة، فهي في المرتبة الثالثة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رغم أن المنطقة تعاني من الكثير من النزاعات بسبب ما تشنه إسرائيل من حرب انتقامية جائرة على غزة، وما تعانيه سوريا والسودان واليمن من نزاعات وظروف قاسية، إلاَّ أن عُمان تأتي في مرتبة الدول التي تتميَّز بمؤشرات سلام وأمان جيدة، إذ تأتي من بين (50) دولة من العالم حافظت على السلام والأمان في مجتمعها، بل وقدمت أدوارا مهمة في الحفاظ على ممكناته بين دول المنطقة والعالم، إضافة إلى ما تبذله من جهود في الإنفاق العسكري والحفاظ على الأمن الوطني وحماية المجتمع.

فلطالما كانت عُمان نموذجا لمعايير السلام في العالم، خاصة تلك المتعلِّقة بالعلاقات السياسية وحسن الجوار والدعوة إلى الحوار والمساهمة في فض النزاعات والخلافات، وبالتالي فإن مبادئ السلام التي تتخلَّق بها تجعلها من بين تلك الدول الرائدة في نبذ العنف والدعوة إلى التسامح والتفاهم والحوار البنَّاء بما يُعزِّز أواصر الخير والمحبة بين شعوب العالم، إضافة إلى دورها في حماية أفراد المجتمع وتنمية القطاعات بما يضمن الحياة الكريمة وتحقيق الرفاه، وحماية البيئة وحقوق الإنسان وثقافة المجتمع.

لذا فإن وجود عمان من بين الدول المتقدمة في مؤشر السلام العالمي لهذا العام، لا يكشف سوى جزء يسير مما تقدِّمه لمواطنيها من حماية، وما تنفذه من سياسات حوكمة ومحاربة للفساد، وما تقوم به من برامج اقتصادية وتنموية في كافة القطاعات، وما تؤديه من دور محوري في العديد من قضايا المنطقة، وما تبذله من تطوير في المنظومة التقنية والعسكرية، إذ ليس من الغريب أن تقفز في المؤشر إلى المراتب الأكثر تقدما في تقارير الأعوام اللاحقة، فهي من بين تلك الدول القادرة والمؤهلة لذلك.

إن السلام والأمان مطلب أساسي للمجتمعات، وما أحوجنا إلى القبض بممكناته وأسبابه في ظل تزايد الصراعات العسكرية العنيفة والجائرة على العديد من دول العالم، وما تمر به الشعوب من ظلم وتعدٍّ على حقوقها وإنسانيتها، فما ننعم به من أمن وسلام يعود إلى حرص دولتنا وعنايتها بتلك الممكنات وتوفير أسبابها، ودور مجتمعنا الواعي في ترسيخ قيم التسامح والتفاهم على المستوى الوطني والإقليمي، ومشاركته الفاعلة في التنمية المجتمعية وتعاونه المستمر ودعمه لكل ما من شأنه تعزيز تلك المبادئ والقيم وتأصيلها.

إننا جميعا جزء أساسي في تنمية مجتمعنا وترسيخ مبادئه القائمة على التفاهم وحسن الجوار، والبناء والعطاء والتطوير والتغيير للأفضل، وما تعكسه المؤشرات العالمية من نتائج، يكشف هذا الدور المتكامل بين المؤسسات بأنواعها وبين أفراد المجتمع، وكُلنا نعمل على تحقيق الوعد في أن تكون عُمان (في مصاف الدول المتقدمة).

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • بايدن قد يواجه مشكلة ارتفاع أسعار البنزين
  • مرصد الأزهر يستقبل وفدًا قضائيًا إفريقيًا بالتعاون مع الأمم المتحدة
  • حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟
  • الأونروا: نقص الوقود يعيق جهود الاستجابة الإنسانية في غزة
  • وزير الخارجية يلتقي نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة
  • الدول الأكثر امتلاكاً للرؤوس النووية في العالم (إنفوغراف)
  • عمان في مؤشر السلام العالمي 2024
  • بالملايين.. تقرير أممي صادم يكشف أعداد متعاطي المخدرات حول العالم
  • رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة: "كفى للقتل في غزة"
  • رئيس الجمعية العامة الأممية: "كفى للقتل في غزة"