ما زال الإسرائيليون يحيون الذكرى السنوية الثلاثين لاتفاق أوسلو، وسط سرد لأهم تبعاته ونتائجه المترتبة على دولة الاحتلال من النواحي الأمنية والسياسية، وهو ما تناولته العديد من التحليلات والمذكرات التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية خلال الأيام الأخيرة.

وعبر عن آخر هذه المواقف نائب وزير الخارجية خلال الاتفاق، يوسي بيلين، الذي اعتبر أن "فشل أوسلو يرجع إلى أنه كان ترتيبا مؤقتا، مع أن إقامة الحدود بين الجانبين سيحل الأزمة، وإلى حين ذلك ما زال المستقبل السياسي بين الجانبين ملبدا بالغيوم.



 بينما طالب مستشار الوفد الإسرائيلي بمؤتمر مدريد للسلام، دوري غولد، بضرورة ربط الاتفاق باتفاقيات التطبيع، زاعما أنه "لا يوجد شيء اسمه فلسطين، ولعل تباين هذه الآراء يكشف عن حجم الخلافات بين الإسرائيليين أنفسهم حول هذا الاتفاق بعد ثلاثة عقود من توقيع الاتفاق".

جاءت أقوال بيلين وغولد خلال مقابلتين منفصلتين أجراهما موقع "ويللا" ترجمتهما "عربي21"، لكنهما اتفقا على أن أحداثا هامة عدة ساهمت بالوصول لهذا الاتفاق، أولها انتفاضة الحجارة التي اندلعت عام 1987، وأدت إلى تغير جزء من الرأي العام الإسرائيلي، وتغيير منظمة التحرير الفلسطينية لمواقفها تجاه "إسرائيل، وجاء ذلك بعدما تبين لها وجود خطر على نفوذها في الضفة الغربية وقطاع غزة عقب صعود القوى الإسلامية التي قادت الانتفاضة.


 والحدث الثاني الذي أثر بشكل كبير على إنجاز اتفاق أوسلو هو تفكك الاتحاد السوفييتي، أما الحدث الثالث هي ثورة نتائج الانتخابات الإسرائيلية 1992، وصعود إسحاق رابين للسلطة.

وأوضح بيلين أن "أحد أسباب عدم نجاح الاتفاق أنه كان ترتيبا مؤقتا، ولذلك لم يؤدي إلى اتفاق دائم، ثم جاء اليمين ونتنياهو الذي انتخب رئيسا للوزراء عام 1996، ووعدوا بإلغاء اتفاقات أوسلو، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن اتفاقات أوسلو مؤقتة، ولا يجب تحويلها إلى دائمة، بحيث لا يوجد داعي للانسحاب من المستوطنات، أما غولد الذي تحدث عدة مرات عن موضوع اتفاق أوسلو، لكنه اليوم يقولها بنبرة صريحة أن الاتفاق قد فشل، بزعم أن التسوية السلمية لم تتسبب بتغيير التصورات عند الجانب الفلسطيني تجاه إسرائيل".

وأشار غولد أن "لديه طريقة مختلفة عن أوسلو في التفكير حول ما يجب القيام به لتحقيق الاستقرار في الضفة الغربية أهمها تحقيق احتياجات إسرائيل الأمنية، وإبقاء المناطق تحت سيطرتها"، أما بيلين فاعتبر أن نتنياهو تصرف كإسحق شامير الذي قام مشروعه على ترك الوضع الراهن، وإدارة الصراع في إطار اتفاق، من خلال إزالة عبئ كبير عن إسرائيل عبر التنسيق الأمني، ويعتقد نتنياهو أنه يمكن الاستمرار على هذا النحو دون قيود، مع العلم أن المشكلة الأساسية اليوم هي المستوطنات، حيث يعتقد المستوطنون بعد ثلاثة عقود على أوسلو أنهم انتصروا، ولن يكون ممكنا تقسيم الأرض مع الفلسطينيين، وبهذا يعرضون الأغلبية اليهودية للخطر".

وحذر بيلين أنه "في الذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاق أوسلو فإن ما يدور في أذهان اليمين الإسرائيلي يتراوح بين ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن، أو تركهم في الوضع القائم، ولذلك فإن اقتراحي مختلف ويتمثل بإقامة نموذج يسمى ’اتحاد الأراضي المقدسة’ يتضمن بالضرورة إزالة المستوطنات، وكل من يقع شرق الحدود يمكنه البقاء في منزله، إذا رغب في ذلك، ومن يكون خارجها سيبقى إسرائيليا، لكنه مقيم فلسطيني، مع مستوى عال من التعاون بين الأطراف في قضايا البيئة والصحة والاقتصاد، وترسيم الحدود بيننا تمهيدا للكونفدرالية".

ورأى غولد أن "المهم هو المصالح الأمنية الإسرائيلية للحفاظ عليها من خلال بقاء قبضتها على الأرض، أما الأشياء الأخرى فيمكن التفاوض عليها، أنا لا أعترف بفلسطين، لا يوجد مثل هذا المفهوم، غور الأردن هو الجزء الأكثر أهمية، لكننا لم نستثمر ما يكفي هناك، ولم نقم بالإجراءات التي يجب القيام بها لتطويره".


 أما بيلين فرأى أن "مشكلة غور الأردن لديها العديد من البدائل الحديثة، يمكن من خلالها إنشاء غلاف أمني مثل محطات الإنذار، دون الحاجة للتواجد فيه، حتى نتنياهو اعتبر أننا يمكن ترك الغور لنا لمدة 40 عاما".

بدوره، اعتبر المستشرق الإسرائيلي، إيهود يعاري، أن "مرور ثلاثين عاما على أوسلو يكشف عن الفرصة الإسرائيلية الضائعة، لأن المعضلة الأساسية التي واجهت إسرائيل منذ 1967 في سعيها للتعايش مع الفلسطينيين هي المضي قدما في صفقة مع المقاومة من الخارج، أو اللجوء للقيادة المحلية داخل الأراضي المحتلة، صحيح أن الاتفاق ظهر بعيون كثير من الإسرائيليين معيبا بشكل خطير، لكنه الآن يجب الحفاظ عليها، مع تصحيح بعض الأخطاء بمرور الوقت للتأكد أنه لا يوصل لطريق مسدود، بل يمهد لتسوية مستقرة".

وأضاف يعاري، في مقال نشرته "القناة 12" وترجمته "عربي21"، أن "اندلاع انتفاضة الحجارة 1987 شكل مفاجأة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وخلال أيام أنشأ الناشطون الفلسطينيون "القيادة الموحدة" المؤلفة من جميع الفصائل لتوجيه الإضرابات والمظاهرات وأيام الغضب عبر توزيع المنشورات، وحافظت على علاقة فضفاضة مع قيادة المنظمة في تونس البعيدة، وأداروا الانتفاضة بمفردهم، وقد دأبت دائما على توجيه النصيحة لرئيس الوزراء الراحل إسحق رابين، الذي كان يدعوني في كثير من الأحيان لمناقشة الوضع، بالحديث مع القيادة المحلية الفلسطينية للتوصل إلى مخطط تفصيلي متفق عليه".

ما زال الإسرائيليون يعيشون مرور مناسبة ثلاثين عامًا على اتفاق أوسلو الذي تصفه قطاعات كبيرة منهم بأنه "حماقة وكارثة"، بزعم نتائجه السلبية عليهم، رغم ما حققه لهم من إنجازات سياسية وأمنية اختصرت عليهم عقودا طويلة من الصراع، وقد كشفت هذه الآراء والمواقف التي سردها الإسرائيليون عن جملة من المآخذ التي يعلنها اليمين تجاه اتفاق أوسلو، رغم أنه قدم للاحتلال إيجابيات لافتة وجدت طريقها لحفظ أمنه، وشرعنة مصادرة أراضي الفلسطينيين، وترسيخ الاستيطان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة أوسلو الاحتلال اتفاق أوسلو الأراضي المحتلة الاحتلال أوسلو الأراضي المحتلة اتفاق أوسلو صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاق أوسلو

إقرأ أيضاً:

فيدان يكشف عن مقترح قدمته بلاده لسوريا بشأن الأكراد.. ماذا عن الاتفاق مع قسد؟

كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن تفاصيل المباحثات التي أجراها خلال زيارته مع وفد تركي رفيع المستوى إلى العاصمة السورية دمشق، لافتا إلى أن أنقرة لديها مصالح حيوية متعلقة في مجال الأمن، في إشارة إلى رفض أنقرة وجود كيان كردي مستقل على حدودها مع سوريا.

وتطرق فيدان خلال مقابلة مع تلفزيون تركي، مساء الجمعة، إلى زيارته الأخير إلى دمشق قبل أيام، قائلا "لدينا في تركيا مصالح حيوية، لا سيما في مجال الأمن".

وأضاف أن "هناك تنظيمات إرهابية تستغل الظروف التي تمر بها سوريا، وكان لا بد من مناقشة هذه القضايا ومراجعة التطورات الحالية"، حسب وكالة الأناضول.

ووفقا لفيدان، فإن الوفد التركي الذي ضم وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات التركية ناقش في دمشق أيضا "القضايا الأخرى التي يجب أن تكون على جدول الأعمال بين البلدين، مثل الطاقة والمساعدات وغيرها من الملفات المهمة".


وشدد وزير الخارجية التركي على أهمية عودة الحياة إلى طبيعتها في سوريا، ما يعد ضروريا أيضًا لعودة اللاجئين المقيمين في تركيا والدول المجاورة.

وقال: "بدون استعادة الحياة الطبيعية، لن يكون من الممكن عودة اللاجئين سواء في تركيا أو في البلدان المجاورة. نرى بعض التطورات الإيجابية ولو بشكل محدود، لكن الأهم هو ضمان الأمن والاستقرار"، وفقا للأناضول.

وتحدث فيدان عن الاتفاق الموقع بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، موضحا أن أنقرة "لا تعتقد أن يكون هناك أي تنازلات في سوريا بشأن مساعي الحكم الذاتي".

وأضاف أن أنقرة قدمت "مقترحا للإدارة الجديدة (في سوريا) هو إعطاء الأكراد السوريين حقوقهم لكن في المقابل يجب القضاء على أي كيان إرهابي في المنطقة".

وأوضح فيدان أن بلاده تتابع التطورات في سوريا على كثب، لافتا إلى أن الاتفاق قد يكون له تداعيات مختلفة، لا سيما فيما يتعلق بتنظيم وحدات حماية الشعب الكردي "واي بي جي"، التي يشكل العمود الفقري العسكري لقوات سوريا الديمقراطية.

وأشار إلى أنه أبلغ الجانب السوري مخاوف تركيا بهذا الصدد، مشددا على ضرورة التأكد من إمكانية تنفيذ هذا الاتفاق لتحديد طبيعة الخطوات المستقبلية.

وأضاف "ثمة احتمال دائما لوجود استفزازات أو مؤامرات مستقبلية. إذا تم التوصل إلى اتفاق بحسن نية، فيجب تطبيقه فعليا، لكن قد تكون هناك ألغام مزروعة للمستقبل، نتابع الوضع عن كثب، ونأمل أن يتم الانتقال إلى حياة طبيعية دون إراقة الكثير من الدماء، وأن ينتهي الإرهاب".

وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على شمال شرقي سوريا خطرا على أمنها القومي بسبب ارتباطها بحزب العمال الكردستاني الذي تدرجه أنقرة والولايات المتحدة على قوائم الإرهاب.


ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أواخر العام الماضي، دأب المسؤولون الأتراك على التلويح بعملية عسكرية ضد "قسد" شمالي شرق سوريا، لكن خطاب زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا عبد الله أوجلان الداعي إلى حل التنظيم وإلقاء السلاح فتح الباب أمام العملية السياسية.

والأسبوع الماضي، وقيع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، على اتفاق دمج "قسد" في مؤسسات الدولة، وذلك ضمن مساعي دمشق لحل كافة الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها على كافة التراب الوطني.

ونص الاتفاق المكون من ثمانية بنود، على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".

مقالات مشابهة

  • حماس: تهديدات "ويتكوف" بشأن اتفاق غزة تعقد الأمور
  • لماذا تركيا حذرة من اتفاق الشرع مع قسَد؟
  • مفاوضون إسرائيليون في مصر لمناقشة قضية محتجزي غزة
  • فيدان يكشف عن مقترح قدمته بلاده لسوريا بشأن الأكراد.. ماذا عن الاتفاق مع قسد؟
  • حماس والجهاد تطالبان بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. وخبير يكشف السيناريوهات المحتملة
  • تركيا: نراقب عن كثب اتفاق الحكومة السورية مع قسد
  • اتفاقية سلام جوبا: التمادي في بذل العهود المستحيلة (5-7)
  • ماذا بعد اتفاق الرئيس السوري وقائد قسد؟
  • عقبات على الطريق.. ماذا بعد اتفاق قسد والشرع؟
  • اتفاق تاريخي في ألمانيا حول الديون لبدء تمويل الإنفاق الدفاعي