بيت العائلة الإبراهيمية يعلن برامجه في سبتمبر
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
أعلن بيت العائلة الإبراهيمية عن أجندة برنامجه في سبتمبر (أيلول) الذي يتضمن مجموعة من الجلسات الحوارية والفعاليات التي تتناول محاور أبرزها، التعايش السلمي والنهوض بالثقافة والفنون، ومعالجة التحديات العالمية
وتشارك في البرنامج نخبة من أبرز الخبراء، بينهم قادة المجتمعات، والأكاديميين، ورجال الدين والفنانين، الذين يسعون من خلال مداخلاتهم إلى تعزيز الحوار بين الأديان لترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي، بما يتماشى مع رؤية بيت العائلة الإبراهيمية.كما ستعقد مجموعة من ورش العم،ل والجلسات فيالأشهر المقبلة حول فن الزراعة المستدامة وفن الخط، والحوار بين الأديان، لمشاركة المعارف والأفكار والتجارب بين الأجيال، بالإضافة إلى عروض سينمائية وجلسات قراءة شعرية وأدبية.
كما ستنظم دُور العبادة الثلاث مسجد الإمام أحمد الطيب، وكنيسة القديس فرنسيس، وكنيس موسى بن ميمون، كل على حدة برنامجها من الشعائر والبرامج الدينية الموجَّه لأتباعها من الديانات السماوية الثلاث. برنامد ديناميكي
ويتيح بيت العائلة الإبراهيمية منذ افتتاحه هذا العام فرصاً للتعلم والحوار بين مختلف المجتمعات عبر برنامج ديناميكي، ويستهل برنامجه في 21 سبتمبر (أيلول) بجلسة حوار "إعادة التفكير في الاستدامة والسلام من منظور روحي" التي تخوض في أعماق التعاليم والمبادئ الدينية الكامنة وراء ممارسات الحياة المستدامة ومكانة البيئة في الإسلام والمسيحية واليهودية، كما ستتطرق جلسة "الفن والرمزية في التقاليد العابرة للأديان" في 27 سبتمبر (أيلول) إلى أهمية فن الخط والفنون في الأديان الثلاثة، فضلاً عن الحديث عن دور الفن في التعبير عن التجارب الدينية ورحلة النمو الروحي.
وتتضمن البرامج المجتمعية، مجلس السلام، المبادرة التي تدعو إلى استكشاف حلول للتحديات العالمية وسط أجواء إبداعية تفاعلية، ثم ورشة عمل فن الزراعة "كيفية زراعة المحاصيل الغذائية والحفاظ على حدائق مجتمعية معافاة ومستدامة"، وجلسات حوار "تبادل اللغات" لاستكشاف الثقافات واللغات، ثم نادي الكتاب: جلسات شهرية متخصصة للكبار والناشئة، تتمحور حول مواضيع ومحتوى كتب مختارة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أبوظبي
إقرأ أيضاً:
العائلة الديمقراطية في تونس بين الوظيفة والدعوى
لفهم الإطار العام الذي تشكلت فيه "العائلة الديمقراطية" قبل الثورة، سيكون علينا -خلافا لأغلب الأطروحات الصادرة عن المنتمين إلى تلك العائلة- أن نذكّر منذ البدء بأن هذه التسمية لم تظهر إلا في إطار هيمنة ما يسميه الباحثون الجادون بـ"منظومة الاستعمار الداخلي" في تونس. فقد احتاجت هذه المنظومة لشرعنة سلطتها -بعد الاستقلال الصوري عن فرنسا- إلى أشكال أربعة من الهيمنة، ضبطها وفصّل القول فيها المفكر الصغير الصالحي في كتابه المرجعي "الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة"، وتلك الأشكال الأربعة هي الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وبحكم سيطرة الدولة العميقة -عبر من يسمّون أنفسهم بـ"الديمقراطيين"- على الإعلام والثقافة والتعليم وغيرها من أدوات الضبط الاجتماعي والتوجيه الأيديولوجي، فإن العلاقة "المشبوهة" بينهما نشأة ووظيفة -أي ما يمكن تسميته بعلاقة التعامد/التخادم بين أشكال الهيمنة الأربعة المذكورة أعلاه- لم تكن يوما قضية رأي عام قبل الثورة أو بعدها.
ولأننا نؤمن بأن "التحرير الوطني" لن يكون بالأطروحات التي ساهمت في تعميق وضعية التخلف والتبعية -مهما كانت ادعاداتها الذاتية وقدراتها الفردية أو المؤسساتية على ممارسة الإرهاب الفكري والتهميش والشيطنة ضد خصومها- فإننا نعتبر أن خيار النقد الجذري لكل الخطابات "العمومية" هو الخيار الأمثل. ففي غياب "النقد الذاتي" والمراجعات، وفي ظل هيمنة مشاريع التزييف والدمغجة، فإن وظيفة المشتغل بالشأن العام ستكون أساسا طرح اللامفكر فيه والمقموع وبيان "بياضات" الخطابات المتنازعة على إدارة التخلف وإعادة إنتاج أبنيته الفكرية والموضوعية، وهي الوظيفة الحقيقية للنخب العربية حسب رأي عبد الله حمودي في كتابه القيم "الشيخ والمريد"، أو لنقل إنها الوظيفة الوحيدة لمن أوكلت إليهم وظيفة تسيير "الكيانات الوظيفية" على حد تعبير الكاتب الأردني هشام البستاني في أطروحته القيمة التي ميز فيها بين "الدولة" وبين "الكيان الوظيفي" في مؤلفه "الكيانات الوظيفية: حدود ممارسة السياسة في المنطقة العربية".
في غياب "النقد الذاتي" والمراجعات، وفي ظل هيمنة مشاريع التزييف والدمغجة، فإن وظيفة المشتغل بالشأن العام ستكون أساسا طرح اللامفكر فيه والمقموع وبيان "بياضات" الخطابات المتنازعة على إدارة التخلف وإعادة إنتاج أبنيته الفكرية والموضوعية، وهي الوظيفة الحقيقية للنخب العربية
لو أردنا التجريد، فإننا سنقول إن منظومة الاستعمار الداخلي -في تونس وغيرها من الدول العربية- هي "وكيل" داخلي يشرف على إدارة "كيان وظيفي" باستعارة مفردات "الدولة". وقد يكون من المفيد أن ينكب البحث على فهم العلاقة بين "تضخم" الخطابات الوطنية في الكيانات الوظيفية وبين استراتيجيات المنظومات الحاكمة للتغطية على غياب "الدولة" في أبسط تعريفاتها (الهيمنة على مجال جغرافي معين والتحكم فيه بمنطق السيادة الداخلية). وهو بحث قد نعود إليه في مقالات لاحقة، ولكننا نرجو أيضا أن يتصدى له غيرنا في إطار تفكيك الأساطير المؤسسة لمنظومة الاستعمار الداخلي. فنحن نؤمن أن طرح أي إصلاح "قطاعي" (أو جزئي) هو مشروع فاشل بالضرورة، ما لم يتحرك بمنطق النقد الجذري لمنظومة الاستعمار الداخلي وما يؤسسها في سرديتها الأم أو "خطابها الكبير": البورقيبية.
وبحكم ما تتمتع به "البورقيبية" من إجماع داخل "العائلة الديمقراطية" بمختلف مكوناتها الوطنية والقومية واليسارية، بل بحكم "تطبيع" حركة النهضة ذاتها مع البورقيبية في إطار مشروعها "للتَّونسة"، وعجز النخب يمينا ويسارا عن بناء سردية خاصة بالثورة واستصحابها للبورقيبية في ظل خيار "استمرارية الدولة"، بحكم ذلك كله فإن أي نقد جذري يتوجه إلى "البورقيبية" -باعتبارها إلى حد هذه اللحظة خطابا "مقدّسا" في الوعي النخبوي والشعبي- يُعتبر ضربا من المغامرة/ المخاطرة التي ستتحرك بالضرورة ضد "الحس العام"، مع ما يعنيه ذلك من شيطنة ووصم وتهميش وإرهاب فكري قد يبلغ مرحلة التخوين. ورغم عدم وقوفنا على دراسات تؤرخ لتعبير "العائلة الديمقراطية" ولتداوله في تونس، فإننا نرجّح أنه قد ظهر في عهد المخلوع بن علي. وهي فرضية مبنية على تحول بعض "القوى الديمقراطية" (اليسارية والقومية) إلى جزء من الحقل السياسي القانوني/الديكوري بعد انقلاب 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987، وتحديدا بعد احتياج النظام إلى تقوية موقفه من "حركة النهضة" وتبرير استهدافها الأمني الممنهج. وهو ما جعل النظام ينفتح على القوى اليسارية والقومية في الحزب الحاكم ذاته، ويقوم بالتوازي مع ذلك بتقوية قبضة هؤلاء على المجتمع المدني والتعليم والثقافة لتحقيق غايتين أساسيتين: أولا، خلق نخب جديدة تدين له بالولاء وتهمش النخب الدستورية المحسوبة على بورقيبة؛ ثانيا توظيف هؤلاء في صراعه ضد "النهضة" باعتبارهم النقيض الفكري، وكذلك إظهار الصراع -للرأي العام الداخلي وللقوى الخارجية- وكأنه صراع "الديمقراطية" ضد أعدائها الوجوديين، وصراع الديمقراطيين ضد الرجعيين والظلاميين المعادين "للنمط المجتمعي التونسي" وللحريات الفردية والجماعية.
تاريخيا، كانت "القوى الديمقراطية" اليسارية والقومية موجودة منذ عهد الرئيس الراحل بورقيبة، ولكن هذا الأخير لم يكن محتاجا للاعتراف بـ"عائلة ديمقراطية" في ظل الثالوث المؤسس للدولة-الأمة: الزعيم-الحزب-الوطن. فالاعتراف بوجود "عائلة ديمقراطية" يعني هدم ذلك الثالوث والتشكيك في شرعية قيادة "الزعيم" ووساطة "الحزب" في تمثيل الإرادة الشعبية واحتكار حكم "الوطن"، كما أن "الديمقراطية" التي تتبناها الأطراف المنازعة للدولة لم تكن هي الديمقراطية الليبرالية "المشوَّهة" التي ركزتها "دولة الاستقلال".
فللقوميين ديمقراطيتهم ولمكونات اليسار ديمقراطيتهم، وهو ما لم يكن يسمح بوجود "عائلة ديمقراطية" حتى لو كان ذلك بقيادة الحزب الحاكم. ورغم أننا نقدّم هذه الفرضية بشيء من الاحتراز، فإن ما يقوّيها هو أن مفهوم "العائلة الديمقراطية" هو مفهوم مشروط بأمرين: تذويب التناقضات مع النظام في ظل مشترك "حداثي" حقيقي أو متخيل (التناقض الثانوي)، وتقوية التناقض مع الإسلاميين (التناقض الرئيس). وهو أمر تحقق خلال الحملة الأمنية على حركة النهضة وبعدها، وتحقق أيضا بارتداد نسبة كبيرة من اليساريين عن "الأطروحات الصلبة" للماركسية (مثل الصراع الطبقي والعنف الثوري.. الخ) وتحولهم إلى العمل الحقوقي والمجتمع المدني والنشاط الثقافي والإعلامي، أي "تطبيعهم" مع النظام في إطار تسويات معينة لا تهدد منظومة الاستعمار الداخلي ونواته الصلبة (المركّب الجهوي-المالي-الأمني) بل تمدها بشرعية مستأنفة، خاصة في المستوى الأيديولوجي.
بعد الثورة التونسية، كان لمكونات "العائلة الديمقراطية" دور مركزي في إفشال الانتقال الديمقراطي سياسيا واقتصاديا، كما كان لها دور بارز في إبقاء البلاد تحت هيمنة منظومة الاستعمار الداخلي. فقد حرص أغلب "الديمقراطيين" على حرف الصراع عن مداراته الاقتصادية والاجتماعية إلى مدار الصراعات الهوياتية، كما حرصوا على ابتزاز حركة النهضة؛ وحملها على تبني مشروع "تَونسةٍ" ليس في جوهره إلا تحويلا لها إلى "وكيل" جديد لمصالح منظومة الاستعمار الداخلي ورساميلها المادية والرمزية.
ونحن لسنا بوارد الدفاع عن هذه الحركة التي عليها أن تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية لكل خياراتها بعد الثورة، كما أننا لا نقول إن "الابتزاز" الذي تعرضت له هذه الحركة هو المحدد الأوحد لخيار التطبيع مع المنظومة القديمة بشروط تلك المنظومة. فهذا الخيار مردود إلى عوامل كثيرة بعضها يتعلق ببنية الإسلام السياسي الإخواني ذاته وسقفه "الإصلاحي" لا الثوري، وبعضها يتعلق بقراءة غير موفقة لموازين القوى وتوجهات الرأي العام، وبعضها يتعلق بأجندات الجناح المهيمن على سياسة التوافق ورهانات أصحابه الشخصية.
قبل مرحلة التوافق، كانت "العائلة الديمقراطية" هي المعبر الملكي لإعادة تدوير المنظومة القديمة بصورة مُمنهجة سواء في الحقل السياسي أو النقابي أو الإعلامي أو المدني. فإذا كان "التجمع" هو قاطرة "العائلة الديمقراطية" وعرّابها قبل الثورة، فإن "الديمقراطيين" -بما في ذلك الكثير من أولئك الذين كانوا من المعارضة الراديكالية لنظام المخلوع- قد حرصوا في إطار سردية الصراع ضد القوى غير الديمقراطية -أي حركة النهضة أساسا- على استصحاب منطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي لإدارة مرحلة التأسيس وما بعدها. ولذلك لم تكن "منظومة الاستعمار الداخلي" هي العدو الرئيس للعائلة "الديمقراطية"، بل أصبح الإسلاميون هم ذلك العدو. وهو ما أعادنا إلى زمن المخلوع لكن مع بعض التعديلات التي لا تمس البنية العميقة للخطابات "الحداثية" أو "الديمقراطية". فإذا لم تكن "الثورة التونسية" والربيع العربي كله مؤامرة صهيو- إمبريالية، فإنها على الأقل لا تخدم إلا عملاء الخارج من "الإسلاميين". وإذا لم تكن الديمقراطية شرا في ذاتها، فإنها ستتحول بالضرورة إلى شر إذا ما شارك فيها أو استفاد منها "الإسلاميون".
أما "العائلة الديمقراطية" فلا يضيرها شيء أن تنفتح على من ليس لهم من الديمقراطية إلا الدعوى، أي لا يضيرها أن "تطبّع" مع ورثة التجمع ومع منظومة الاستعمار الداخلي، بل لا يطعن فيها أن تطبع حتى مع الكثير من الفاسدين والمشبوهين ما داموا ضد "الإسلاميين"، وأن تتحالف مع محور الثورات المضادة ما دام هو الآخر ضد "الإسلاميين".
لقد أكّدت حركة النهضة أن صفة "الإسلامية" لا تعني بالضرورة معاداة منظومة الاستعمار الداخلي، ولا تعني كذلك التخلص من أساطيرها التأسيسية، ولكنّ ذلك لم يشفع لها عند تلك المنظومة ولا عند وكلائها "الديمقراطيين". كما أكّد "تصحيح المسار" أن صفة "الديمقراطية" ليست بالضرورة "شيكا على بياض" يستطيع أصحابه أن يستعملوه في كل الأنظمة بحثا عن "امتيازات السلطة وشرف المعارضة"، كما أكد أن "التأسيس الثوري الجديد" ليس بالضرورة تخلصا حقيقيا من منظومة الاستعمار الداخلي.
ولذلك فإننا نذهب إلى أنّ الصفة الجوهرية التي لا غنى لمنظومة الاستعمار عنها -في علاقتها بالنخب أو بأداتي الهيمنة الثقافية والسياسية- هي "الوظيفية السياقية". فـ"الإسلامي الجيد" هو الذي يمكن لتلك المنظومة توظيفه في سياق معين، وكذلك شأن "الديمقراطي الجيد"، وهو ما يعني أن نظام التسمية المهيمن في "الكيانات الوظيفية" هو نظام لا يأبه بالهويات الأيديولوجية، ولا ينظر إليها إلا من جهة القدرة على استعمالها في تأبيد وضعية الاستعمار الداخلي ضمن استعارة تحديثية ووطنية زائفة. إننا أمام واقع لا يبدو أن الفاعلين الجماعيين في تونس مستعدون للاعتراف به واستخلاص الدروس منه على الأقل في المدى المنظور، فكلفة هذا الاعتراف قد تكون هدم أنساق فكرية مفوّتة ما زال أصحابها يتوهمون أنها قد تكون أداة الخلاص الجماعي ولو بعد حين.
x.com/adel_arabi21