قالت دار الإفتاء المصرية، إن من محاسن التشريع الإسلامي وصلاحيته لكلِّ زمانٍ ومكانٍ ورعايته لجميع الأحوال؛ أنْ جعل من الأسس التي تُبنى عليها تشريعاتُه: جلْب المصالح ودفع المفاسد، وجعل في ذلك من المرونة والاتساع ما يجعل الضابط فيه حال الناس الذي يتغير من حالٍ إلى حال ومن مكان إلى مكان؛ ولأجل ذلك وسَّع على الحكام في الوقوف على المصالح وسَنِّ التشريعات التي تحققها.

الإفتاء توضح حكم النقوط في المناسبات الاجتماعية الإفتاء توضح حكم التأمين على الحياة

أضافت الإفتاء، أن التوسعة في أحكام الولاة والحكام ليس مخالفًا للشرع، بل تشهد له القواعد مِن وجوه؛ أحدها: أن الفساد قد كثر وانتشر بخلاف العصر الأول، ومقتضى ذلك: اختلاف الأحكام بحيث لا يخرج عن الشرع بالكلية؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، وترْك هذه القوانين يؤدي إلى الضرر، ويؤكد ذلك جميع النصوص الواردة بنفي الحرج. وثانيهما: أن المصلحة المرسلة قال بها مالك وجَمْع من العلماء؛ وهي المصلحة التي لم يشهد الشرع باعتبارها ولا بإلغائها، وهذه القوانين مصالح مرسلة في أقل مراتبها"؛ كما قال الإمام القرافي في "الذخيرة".

أهمية حضور دورات التأهيل للمقبلين على الزواجالزواج

أوضحت الإفتاء، أن من هنا كانت أهمية حضور دورات التأهيل للمقبلين على الزواج قبل الشروع فيه -مع ما لوحظ من كثرة إغفال عظم وأهمية أمر الزواج، والاستهانة فيه بالحقوق والواجبات-؛ ممَّا يستدعيه الوقت الراهن الذي يصح لولي الأمر الحث عليه والتوعية به، واستدعى ذلك أن يحرص على حضورها كل المقبلين على الزواج؛ إذ السعي إلى القيام بأمور الحياة الزوجية على أكمل وجه وأحسنه وأتمه من المطلوبات، والوسائل المتخذة لأجل القيام بذلك من أفضل الوسائل.

قال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام في "الفوائد في اختصار المقاصد": [وَاعْلَم أَن فضل الْوَسَائِل مترتب على فضل الْمَقَاصِد].

وقال في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام": [إن الشرع يثيب على الوسائل إلى الطاعات كما يثيب على المقاصد، مع تفاوت أجور الوسائل والمقاصد].

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء الزواج دار الافتاء على الزواج

إقرأ أيضاً:

حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال يقول صاحبه ما حكم تأخير الصلاة بسبب العمل؟ مشيرة إلى أن تعيين أول الوقت لأداء الصلاة فيه هو من الفضائل لا من الفرائض التي يأثم تاركها، فإذا مَنَعَ المكلَّفَ مانعٌ عن أداء الصلاة في أول وقتها؛ لانشغاله بأمر متعيَّن عليه في هذا الوقت، فإنه لا يأثم شرعًا بهذا التأخير.

وأشارت دار الإفتاء، عبر فتوى لها على موقعها الإلكتروني، إلى أن الشارع الكريم جعل الصلاة أوقاتًا معينة، وجعل أداءها في غير هذه الأوقات من غير عذرٍ إثمًا، ولرفع الحرج عن المكلَّفين وسَّعَ الشارع الحكيم في أوقات الصلوات، فجعل لها أولًا وآخر، وجعل أداءها في أيّ جزء من هذه الأوقات مُجْزِئًا.

وأضافت الإفتاء، "كان أداء الصلاة في وقتها من باب الواجب الموسَّع الذي يصحّ أداؤه في أي جزء من وقته؛ فالوجوب يتعلق بالأداء في أي جزء من الوقت بحيث لا يجوز إخلاء جميع أجزاء الوقت من العبادة، والسّعَةُ تتعلق بجواز انتقاء أي جزء من أجزاء هذا الوقت لإيقاع الصلاة فيه".

واستشهدت الإفتاء بأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله سلم تقديمه لأَوْلَى المصلحتين على الأخرى حتى ولو كان على حساب تأخير الصلاة عن أول وقتها للمصلحة؛ كالإصلاح بين الناس كما حدث هذا عند إصلاحه بين بني عمرو بن عوف.

هل الذهاب للحج يحتاج لصلاة الاستخارة؟.. علي جمعة يصحح مفهوما خاطئاهل يجوز تعدد صلاة الجمعة بالمسجد الواحد لضيق المكان؟.. الإفتاء تجيبحكم الذكر جماعة وجهرًا عقب صلاة العصر يوم الجمعةحكم نسيان الإمام سجدة التلاوة في الصلاة وما يجب فعله

واستطردت أنه عُرِفَ من الشرع الشريف استحباب تأخير الصلاة عن أول وقتها لبعض المصالح والحاجات الشرعية والعاديِّة؛ كما في استحباب الإسفار بصلاة الفجر، والإبراد بصلاة الظهر، وتأخير العشاء إلى ثلث الليل، وغير ذلك؛ فروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «بلغ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ..» الحديث.

وروى الإمامان أحمد في "مسنده" ومسلم في "صحيحه" عن بُرَيْدَةَ بن الحُصَيْبِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: «صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ، يَعْنِي: الْيَوْمَيْنِ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرَ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ». قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (5/ 114، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفيه احتمال تأخير الصلاة عن أول وقتها، وترك فضيلة أول الوقت لمصلحة راجحة] اهـ.

وذكرت الإفتاء أقوال بعض الفقهاء ومنهم ما جاء في كتب "الأشباه والنظائر" كالإمام السيوطي (ص: 82، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام ابن نجيم (ص: 71، ط. دار الكتب العلمية) من أنواع التخفيفات: تخفيفَ تأخير؛ كالجمع بمزدلفة، وتأخير رمضان للمريض والمسافر، وتأخير الصلاة عن وقتها في حق مشتغل بإنقاذ غريق ونحوه.

وورد في السنة النبوية أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم شغله كفار قريش في يوم الخندق عن صلاة العصر؛ فروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ».

وأخذ الفقهاء من ذلك أن المكلف إذا منعه مانع عن أداء الصلاة حتى خرج وقتها بالكلية؛ لانشغاله بواجب متعين عليه في هذا الوقت، فإنه لا يأثم بهذا التأخير. وممَّا ذُكِر يُعلمُ الجواب عن السؤال.

طباعة شارك حكم تأخير الصلاة الإفتاء حكم تأخير الصلاة بسبب العمل الصلاة دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز للرجل أن يتزوج من مطلقة أخيه؟.. الإفتاء توضح
  • حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم التعويض المالي الناتج عن القتل الخطأ في حوادث السيارات
  • حكم قضاء الصلاة الفائتة .. دار الإفتاء توضح
  • حكم من مات وهو محرم للحج ولم يؤد المناسك؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك .. الإفتاء توضح
  • هل صلاة ركعتين سنة الوضوء مستحبة أم بدعة .. الإفتاء توضح
  • حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح