مفاوضات مشفرة بالرياض بين السعودية ووفدي الحوثي عمان.. هل تؤسس لسلام حقيقي ودائم في اليمن؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
بين الحذر والتفاؤل يترقب اليمنيون مخرجات المفاوضات التي تجري في العاصمة السعودية الرياض بين الجانب السعودي وجماعة الحوثي بمشاركة وفد الوساطة العماني وغياب الأمم المتحدة.
والخميس وصل وفد عماني إلى صنعاء حيث اجتمع مع قيادات جماعة الحوثي قبل أن يصحبه على متن طائرة عمانية مساء اليوم ذاته باتجاه الرياض.
جاءت الزيارة العلنية الأولى لجماعة الحوثي إلى السعودية بناء لدعوة من الرياض لاستكمال النقاشات واللقاءات، والتي تتوسط فيها مسقط، إذ كان آخر لقاء بين الأطراف المعنية في أبريل/نيسان في سلطنة عمان.
والسبت كشفت مصادر دبلوماسية عن ترتيبات تجريها السعودية لتوقيع اتفاق برعايتها بين الحكومة اليمنية والحوثيين. ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله، عن المصادر قولها إن الرياض بدأت بإجراء ترتيباتها، منذ أيام، لحفل توقيع إنهاء حالة الحرب في اليمن بشكل رسمي.
وقال رئيس وفد جماعة الحوثي المفاوض محمد عبدالسلام، إن المفاوضات المرتقبة لجماعته مع السعودية، ستركز على صرف المرتبات وفتح المطارات والوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن عبدالسلام قوله إن السلام هو الخيار الأول الذي يجري العمل عليه، معبّراً عن أمله أن تُتوَّج نقاشات الرياض بتقدم ملموس في كل الملفات الإنسانية والعسكرية والسياسية، وبما يحقق السلام والاستقرار في اليمن ودول الجوار والمنطقة.
ولليوم الخامس منذ وصول وفد الحوثيين الرياض تدور مفاوضات مشفرة بين السعودية والحوثي وعمان، في ظل غياب مثلي الحكومة الشرعية.
وفي السياق قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي إن "مباحثات الحوثي بالرياض لإقرار هدنة دائمة واجراءات ثقة تؤدي الى مفاوضات يمنية-يمنية".
وأكد أن الرياض ليست بديلاً عن أحد ولا تتحدث باسم أحد، انما داعمة لحوار اليمنيين مع بعضهم ولتطبيع معيشتهم، بعد أن ثبت أن الصراع لن تحسمه القوة، بعيداً عن المزايدات؛ السعودية تقوم بعمل تاريخي لليمن والجزيرة العربية" حد قوله.
وأضاف "الحرب في اليمن ستنتهي إن شاء الله، لأن لكل حرب نهاية، والدولة المركزية في اليمن ستقوم في يوم ما، ولا يحفظ البلدان إلا سلطة جامعة حاضنة حامية ودستور وقانون". مستدركا بالقول "وإذا قامت السلطة بشروط العدل والمساواة تحقق الأمن في البلاد وتحرك الاقتصاد وبلغ الناس مقاصدهم وزرعوا أرضهم ودارت تجارتهم ومصالحهم".
من جهته قال المحلل السياسي عادل دشيلة "إن الحوثيين يريدوا الحصول على الامتيازات المادية من السعودية باسم الأزمة الإنسانية، وتريد السعودية الحصول على احتياجاتها الأمنية".
وتابع "بعد أن تتحقق مطالب الحوثي سوف يدخل الحوثي الجميع في معمعة الحوار السياسي، نفس استراتيجية إيران في حوارها مع الغرب بشأن برنامجها النووي"، مضيفا "طريق السلام واضح".
الباحث سيف مثنى غرد بالقول "المفاوضات سوف تكون على مرحلتين: الأولى بين جماعة الحوثي والسعودية، حول وقف الحرب، وتوسيع وجهات الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى خمسة مطارات أخرى، وفتح الموانئ وإيرادات النفط والغاز.
وأردف "المرحلة الثانية بين جماعة الحوثي والمجلس الرئاسي، بخصوص صرف المرتّبات وفتح الطرقات بالإضافة إلى حلّ ملف الأسرى والمعتقلين المتعثّر وفق قاعدة الكل بالكل".
وأشار إلى أن مراسيم التوقيع ستكون بين الحكومة اليمنية "المجلس الرئاسي" وجماعة الحوثي عبر وفدها الموجود في الرياض حاليا بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا و"مجلس التعاون الخليجي" والأمين العام لـ"الجامعة العربية".
ولفت الباحث مثنى إلى أن هناك أيضًا توجه سعودي أممي لترحيل عدد من الملفات المختلف على آلياتها إلى وقت لاحق يجري ترتيبها على يد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبيرج.
في حين دعا الباحث تركي القبلان رئيس مركز ديمومة للدراسات والبحوث أطراف الصراع في اليمن إلى الاستماع لصوت العقل والاصغاء لدعوات السلام.
وقال "الشعب اليمني الشقيق بدلاً من "البكاء على اللبن المسكوب" بين صراع المصالح الشخصية والحزبية، أخذ العبرة من حالة شتات الأمر والتناحر والفُرقة ، والتوجه إلى بناء الدولة في ظل الدعم والعون المقدم من السعودية والأشقاء "المخلصين"، والاستفادة من اصغاء المجتمع الدولي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ اليمن وحتى لا يدير ظهره وتصبح اليمن قضية منسية".
وأكد أن اليمن يحتاج بناء رؤية وطنية تقوم على سواعد ابناءه، وبناء استراتيجية تنموية ترتكز على كل امتياز استراتيجي لكل اقليم من الاقاليم ضمن الامتياز الجغرافي لليمن تقوم على الكفاءة وتحقق الكفاية، والعمل على اعادة النهوض لأحد مراكز حواضر العرب سعياً لاكتمال العِقد في جيد شبه جزيرة العرب.
وكتب الباحث السعودي المهتم بالشأن الإيراني د. زايد محمد العمري "سخرت المملكة جميع قدراتها للأشقاء اليمنيين للوصول إلى حلول ترضي جميع الاطراف وفق المرجعيات الثلاث".
وقال "من يحاول أن يغفل أي منها أو يتجاوز عليها، فلن يجد إلا رفض مشروعه مهما كانت دوافعه، ولدي أمل بتجاوز الاشقاء اليمنيين المشاريع الشخصية والوصول إلى حل توافقي يرضي كافة الأطراف".
وفي الشأن ذاته وصف الباحث والخبير العسكري علي الذهب، المفاوضات في الرياض، بين السعودية والحوثي وعمان بـ "المشفرة".
ورجح الذهب أن المفاوضات شبه جاهزة مسبقا، كمشاورات الرياض عام 2022، غير أن الحوثي لا يفرط بما في يده كما يفعل أطراف الشرعية.
وأضاف "ما يثير الانتباه أن الرئيس العليمي ونائبه الزبيدي رتبت لهما، مسبقا، زيارة إلى نيويورك في التوقيت نفسه".
الأكاديمي والمحلل السياسي عادل الشجاع، تساءل: هل السلام يحتاج إلى تجزئة، لماذا التفاوض على فتح بعض الطرقات وليس كلها ولماذا فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وليس كل المطارات والموانئ اليمنية ولماذا نقل البنك المركزي إلى دولة محايدة وليس محافظة يمنية ولماذا وقف إطلاق النار وليس السلام الدائم والعادل؟
وأضاف: "لأنهم لا يريدون سلام حقيقي".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية الحوثي الحكومة اليمنية مفاوضات جماعة الحوثی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
ياسين نعمان : هل يجر الحوثي اليمن إلى مستنقع دموي جديد؟
شمسان بوست / متابعات:
أشار السفير اليمني لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين سعيد نعمان، في مقال له إلى أن عبد الملك الحوثي لم يدرك بعد حجم الفشل الكبير الذي أصاب المشروع الطائفي العسكري الإيراني في المنطقة.
وقال نعمان، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني، إن خطاب الحوثي الأخير خلو من أي إشارة إلى الوضع المأساوي في اليمن أو الخراب الذي خلفه انقلاب جماعته، الذي أوقع البلاد في دوامة من الأزمات السياسية والإنسانية. وأكد نعمان أن الحوثي لم يتنبه إلى النكسة التي أصابت المشروع الإيراني في المنطقة، مشيراً إلى أن عاصمتين عربيتين، بيروت ودمشق، قد عادتا إلى الحاضنة العربية والشرعية الوطنية، وهو ما يمثل تراجعاً كبيراً للمشروع الإيراني الذي كان يفاخر بالهيمنة على بعض العواصم العربية مثل بغداد وصنعاء.
وأضاف نعمان أن الحوثي فشل في فهم التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة، مثل تراجع النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، وتزايد الغليان الشعبي في صنعاء. ولفت إلى أن الشعب اليمني قد قدم للحوثي العديد من الفرص للإفلات من هذا المشروع الفاشل، لكنه أصر على المضي قدماً في إصراره على التحالف مع إيران، مما جعل اليمن يتحول إلى مجرد أداة في يد النظام الإيراني، في حين كان من الممكن أن يكون له دور أكبر في حماية مصالحه الوطنية.
وتابع نعمان قائلاً: “لقد فشل الحوثي في فهم طبيعة الشعب اليمني، الذي يمتاز بتنوعه الثقافي والسياسي، ولا يمكن أن يستقر فيه حكم دكتاتوري قمعي، أو حكم يفرضه سلاح جماعة واحدة على حساب الجميع.” وأكد أن اليمن بحاجة إلى حكومة تحترم هذا التنوع ولا تفرط في مصالح الشعب لصالح مشروع خارجي يهدف إلى خدمة مصالح طهران.
وأكد نعمان في ختام مقاله أن الحوثي يواصل السير في طريق يضر بمصلحة اليمن ويغرقه في مزيد من الصراعات والدمار، متوقعاً أن يسعى الحوثي ليصبح ركيزة للمشروع الإيراني في المنطقة بعد تراجع دور حزب الله. إلا أن نعمان حذر من أن اليمن يجب أن لا يسمح لهذا السيناريو أن يتحقق، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من المعاناة.