هل تغير مظاهرات السويداء سلبية إدارة بايدن تجاه الملف السوري؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
واشنطن- دفع استمرار اندلاع المظاهرات المناوئة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة السويداء خلال الأسابيع الأخيرة إلى التدقيق في سياسة إدارة الرئيس جو بايدن تجاه سوريا.
ويشارك الآلاف من أهالي محافظة السويداء -التي ينتمي أغلب سكانها للطائفة الدرزية منذ منتصف أغسطس/آب الماضي- في مظاهرات احتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية، وسط مطالب بدولة وطنية ديمقراطية.
وكان بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما عندما أعلن أول مرة عام 2011 أن "الأسد يجب أن يرحل" ولم يعد يقول مسؤولو الإدارة الحاليون ذلك، لأنه في بعض الأحيان يبدو أن نظام الأسد متماسك.
ومنذ بداية الانتفاضة الديمقراطية في سوريا عام 2011 -والتي تحولت إلى حرب أهلية شرسة- دعمت واشنطن المعارضة، وفرضت عقوبات على نظام بشار الأسد وشركائه.
وبعد تراجع الحراك الشعبي والمقاومة المسلحة وسيطرة النظام على أغلب الأراضي السورية ربطت واشنطن استعادة العلاقات مع دمشق بإحراز تقدم نحو حل سياسي للصراع المستمر منذ 12 عاما.
وفي الوقت ذاته، لم تتراجع واشنطن بعد في سياساتها الهادفة إلى معاقبة نظام الأسد وعزله دوليا.
وحتى الآن، لم تعلق إدارة جو بايدن بوضوح على أنباء هذه المظاهرات المتزايدة، وأشار إيثان غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية لملف سوريا وبلاد الشام إليها سريعا خلال اجتماع مع نشطاء المعارضة السورية بتركيا في الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري.
وفي الكونغرس، صرح جو ويلسون النائب الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية بأن الاحتجاجات "ألهمت العالم وأظهرت أن سوريا ليس لها مستقبل، ولن تستقر أبدا في ظل الأسد".
عقوبات الكبتاغون وتجاهل التطبيع العربي
أقر الكونغرس في أواخر العام الماضي تفويضا للحكومة الأميركية لاستهداف تهريب الكبتاغون في الشرق الأوسط، ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانونا.
وفي مارس/آذار الماضي فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عدد من المسؤولين السوريين بسبب دورهم في "إنتاج أو تصدير الكبتاغون".
وفي يونيو/تموز الماضي قدمت وزارة الخارجية إستراتيجية بناء على تفويض من الكونغرس لمكافحة تجارة المخدرات السورية.
وفي الوقت ذاته، تواصل إدارة بايدن تأييدها الضمني لإعادة تأهيل نظام بشار الأسد عربيا ما دامت الحكومات العربية "تحصل على شيء في المقابل"، طبقا لما ذكرته مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف.
وبدأت الدول العربية خلال الأشهر الماضية خطوات عملية لاستعادة العلاقات مع حكومة الأسد بحجة أن أفضل طريقة لمعالجة تدفق اللاجئين والمخدرات من سوريا هي إعادة دمج سوريا في أنشطة جامعة الدول العربية.
ورغم رفض واشنطن المنطق العربي فإن إدارة بايدن غضت الطرف عن فرض أي عقوبات أو توجيه توبيخ رسمي للدول العربية المطبعة مع النظام السوري.
ويرى إريك يافورسكي الباحث في الشأن السوري في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن المتاعب الاقتصادية في سوريا تمنح واشنطن وشركاءها الإقليميين نافذة لاستخدام النفوذ الاقتصادي وسلاح العقوبات للحصول على تنازلات من الأسد على طاولة المفاوضات، لكن رفض النظام السوري تقديم تنازلات دفع إلى زيادة دعم الحزبين الأميركيين لتجديد عقوبات "قانون قيصر"، والتي من شأنها أن تحد من مقدار ما يمكن أن تستثمره دول الخليج الغنية في الاقتصاد السوري.
من جانبها، أعربت إدارة بايدن عن دعمها اتفاقا إقليميا لتصدير الغاز الطبيعي والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر سوريا، واصفة إياه بأنه جهد إنساني سيتم تمويله من قبل البنك الدولي، وبالتالي لا يتطلب إعفاء من العقوبات.
وأشارت دراسة حديثة أصدرتها خدمة أبحاث الكونغرس -وهي الجهة البحثية التي توفر دراسات موثقة لأعضاء الكونغرس- إلى وجود 4 أهداف لواشنطن في ما يتعلق بالشأن السوري في إطار سعيها المتمثل في التوصل إلى تسوية سياسية للصراع طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وذلك على النحو التالي:
الحفاظ على حملة الولايات المتحدة العسكرية ضد الدولة الإسلامية. دعم وقف إطلاق النار المحلي. توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية. الضغط من أجل مساءلة وحساب النظام السوري بفرض عقوبات محددة الهدف.ومن هذا المنطلق تركز القوات الأميركية داخل سوريا منذ عام 2015 على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، ووفقا لتقرير المفتش العالم بوزارة الدفاع فإن "تقديم المشورة والمساعدة وتمكين القوات الشريكة حتى تستطيع هزيمة داعش بشكل مستقل في مناطق معينة من العراق وسوريا" هو هدف الوجود العسكري داخل الأراضي السورية.
ويتمركز نحو 900 جندي أميركي في سوريا، وتنتشر معظم تلك القوات في المناطق الشرقية الشمالية لدعم القوات الكردية (قسد)، كما يوجد نحو 100 جندي أميركي في منطقة التنف على طول طريق العبور بين العراق وسوريا، حيث يدعمون الجيش السوري الحر.
ومنذ عام 2015 تشن القوات الأميركية ضربات عسكرية دورية في سوريا على أهداف مرتبطة بتنظيم القاعدة، والحكومة السورية، والمليشيات المدعومة من إيران.
ويسعى برنامج تدريب وتجهيز قوات سوريا الديمقراطية -والذي خصصت له الميزانية الفدرالية مبلغ 475 مليون دولار في ميزانية عام 2023- إلى تمويل وتدريب "القوات الشريكة في سوريا لتستطيع هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية".
لا تطبيع دون تقدمبدوره، أوضح متحدث باسم مجلس الأمن القومي موقف بلاده من سوريا قائلا "لن نطبّع العلاقات مع نظام الأسد دون إحراز تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع، ونحن متحالفون مع شركائنا العرب بشأن الأهداف النهائية".
وفي النهاية، تأمل واشنطن أن تدفع أعمال المعارضة المتزايدة في مناطق الأقليات المهمة تاريخيا للنظام في السويداء على دفع نظام الأسد لتقديم تنازلات كبيرة، خاصة في ما يتعلق بإطلاق سراح السجناء، وإجراء مفاوضات بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لإنهاء الحرب الأهلية، والانخراط مع المعارضة السورية بشأن إدخال تعديلات على الدستور.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إدارة بایدن نظام الأسد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هل ينأى ترامب بواشنطن عن سوريا حقا؟
بانتظار تبلور توجه أميركي واضح تجاه دمشق، تبرز في الفريق الجديد في البيت الأبيض ملامح خطابين رئيسيين؛ يتمثل أولهما في النأي بالنفس الذي عبّر عنه الرئيس دونالد ترامب بأن سوريا "ليست صديقتنا" وما يجري فيها "ليس معركتنا"، في حين يحمل وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو أجندة أكثر إيجابية تتلخص في ضرورة المبادرة لاغتنام ما وصفها بالفرصة الراهنة التي يجدر التعاطي معها.
ورغم أن الرئيس الأميركي قد ينأى بنفسه عن الملف السوري في معظم الأحيان، فإنه يرجح أن يستمر الاشتباك الأميركي مع الملف على مستويات أخرى.
يأتي خطاب ترامب امتدادًا لقناعة ارتسمت خلال ولاية رئاسة باراك أوباما الثانية، حين أكد الرئيس الأسبق أن سوريا غير مهمة إستراتيجيًا في سياق تبرير تقاعسه عن إنفاذ تهديده بمعاقبة نظام الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية، وراهن على إعادة العلاقة مع إيران التي أجرى مع رئيسها أول اتصال لرئيس أميركي منذ عقود بعد شهر واحد على مجزرة الغوطة بالأسلحة الكيميائية في عام 2013.
شملت مراهنة أوباما على إيران السكوت عن استحواذها العسكري على المشهد السوري الذي مهد لتدخل روسيا في عام 2015، لتكون النتيجة إحدى أكبر الكوارث الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية التي خلفت بين الموت والدمار هجرة قسرية بلغت هزاتها الارتدادية دول أوروبا الغربية.
إعلانوإذا كان نأي أوباما بأميركا عن سوريا فشلًا إستراتيجيا، فقد كان نأي ترامب عنها قرارًا حكيما وفقًا لمنظوره الذي عبّر عنه في رئاسته الأولى، حين أقر بالفشل الأميركي في معادلة الصراع الذي خسرت فيه أميركا سوريا على حد وصفه، بعد أن صارت أرض "الموت والرمال"، حتى إنه سخِر قبل دخول الثوار إلى دمشق مؤخرًا من التدخل الروسي الذي لم يجلب لموسكو فائدة تذكر سوى إظهار سلفه أوباما بـ"مظهر الغبي".
واشنطن الحاضر الغائبلكن هذا الخطاب لا يلتقط الصورة الكاملة للاشتباك الأميركي مع هذا الملف منذ البداية، ولا يكفي للتعبير عن التعاطي الأميركي معه خلال السنوات الأربع القادمة، إذ لم تستطع الحكومات الأميركية السابقة النأي بنفسها تمامًا عن سوريا التي خسرتها إستراتيجيًا لصالح إيران وروسيا، ولم تجد مفرًا من التدخل على الأرض السورية لدواعٍ محلية وإقليمية ودولية يرجح أن معظمها ما زال موجودًا حتى الآن.
محليا، لم تضع واشنطن ثقلها للدفاع عن السوريين في وجه قمع نظام الأسد أو لتمكينهم من إسقاطه كما لم توفر للنظام غطاءً دوليا صريحا يحصّنه، لكنها في الوقت نفسه لم تغب عن المشهد طوال سنوات الثورة رغم أن حضورها لم يكن حاسمًا، حيث أبقت على قنوات اتصال مع النظام السوري، كما فرضت عليه سلسلة من العقوبات، وكونت علاقات مع تشكيلات المعارضة ودعمت بعضها من خلال برامج ومبادرات مختلفة، وقدمت للسوريين أيضا دعمًا إنسانيا تقول إنه الأكبر عالميا، وتدخلت بقواتها من خلال تحالف دولي ضد "الإرهاب".
وعلى الصعيد الإقليمي، كانت سوريا عقدة لعدد من القضايا المهمة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بدءًا بتركيا الجار الشمالي الذي شارك واشنطن في الحملة الدولية لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية وما زالت أنقرة تطالبها برفع الغطاء عن التشكيلات الحليفة لها في شمالي شرقي سوريا المتداخلة مع "تنظيم إرهابي" مُعادٍ لأنقرة، وانتقالًا إلى مجموعة دول عربية على رأسها السعودية تضررت من التمدد الإيراني في المنطقة بما فيها سوريا وما زالت تضغط لتحجيمه، وانتهاءً بإسرائيل التي تشترك مع هدف تحجيم إيران وقد شنت هجمات طوال السنوات الماضية على أهداف سورية لقطع خط الإمداد بين طهران وحزب الله في لبنان.
إعلانأما على المستوى الدولي، فقد ظهر أثر هجرة السوريين نتيجة قمع النظام وما تبعه من تدهور للأوضاع الاقتصادية بأوضح أشكاله في دول جوار سوريا التي تعيش أوضاعًا اقتصادية صعبة، ثم في دول أوروبا الغربية الحليفة للولايات المتحدة التي حوّل دخول أعداد كبيرة من اللاجئين إليها معالجة مسألة اللجوء إلى أولوية حكومية وجعلها مادة للاستقطاب السياسي، الذي أدى في بعض الدول إلى صعود اليمين المتطرف حاملًا معه أجندة معادية للمهاجرين شبيهة بأجندة ترامب المحلية.
يضاف إلى ذلك تنامي التهديدات الأمنية وخطر الإرهاب العابر للحدود نتيجة للفوضى الأمنية في سوريا لتصل إلى الولايات المتحدة وحلفائها حول العالم. وبالمحصلة، كانت هجرة السوريين والتهديدات الأمنية أحد الدوافع الدولية للتدخل الأميركي على المستوى الأمني والدبلوماسي وحتى الإنساني، حيث تعلن الحكومة الأميركية أنها أكبر مانح للمساعدات الإنسانية للسوريين بأكثر من 18 مليار دولار منذ عام 2011.
دواعي التدخلعمليًا، تمثل إعادة قراءة دواعي التدخل الأميركي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 مدخلًا لفهم منافذ واشنطن المتوقعة تجاه دمشق، بدءًا من التهديد الأمني المتمثل في ضبط الأمن في سوريا عمومًا، والحيلولة دون صعود تنظيم الدولة التي تعد مصلحة دولية وإقليمية ومحلية، والبناء على الانسحاب الإيراني من سوريا وترسيخ حالة انقطاع خط الإمداد البري من طهران إلى حزب الله، وتهيئة بيئة مواتية لعودة المهاجرين فيما يمكن الاصطلاح عليه بإعادة الإعمار.
وقد ذكر ماركو روبيو في جلسة إقراره وزيرًا للخارجية هدفًا جيوسياسيا يضاف إلى دواعي التدخل السابقة، يتمثل في استغلال التراجع الروسي والإيراني الذي حذّر من أن لا يستمر بسبب الطبيعة البراغماتية لكل من موسكو وطهران التي قد تمكنهما من إيجاد سبيل للعودة إلى سوريا.
إعلانيدرك صانع قرار السياسة الخارجية الأميركي في أثناء تعاطيه مع عوامل التدخل هذه امتلاكه أوراق قوة ورثتها واشنطن نتيجة لاشتباكها مع الملف السوري في السنوات السابقة، وستمكنها من اغتنام الفرصة الراهنة التي تحدث عنها روبيو بما يصب لصالح الأمن القومي للولايات المتحدة ولكل دولة في الشرق الأوسط على حد وصفه.
أوراق القوةأولى هذه الأوراق هي ورقة إزالة العقوبات المترتبة على وصف سوريا دولة راعية للإرهاب لدى مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية منذ عام 1979، والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الحكومات الأميركية السابقة.
يترتب على وصف الدولة بأنها راعية للإرهاب تقييد تقديم الدعم الحكومي الأميركي لها، وحظر صادرات ومبيعات السلاح إليها، ومنع تصدير بعض المواد ذات الاستخدام المزدوج، وفرض قيود على التعاملات المالية، إضافة إلى معاقبة المتعاملين معها من الأفراد والدول ضمن هذا الإطار.
في حين حظرت العقوبات الاقتصادية التعامل التجاري مع قطاعات رئيسية في سوريا وتجميد أصول مسؤولين كبار في النظام السابق، وصولًا إلى قانون قيصر الذي يستهدف الأفراد والكيانات التي كانت تدعم حكومة النظام السوري السابق وقانون "الكبتاجون 2" الذي يستهدف الأفراد والجهات الضالعة في شبكة صناعة أو توزيع المخدرات.
كان وزير الخارجية روبيو طوال السنوات الماضية من الدافعين باتجاه إقرار هذه العقوبات على نظام الأسد وتحديثها باستمرار، وصولًا إلى قانون قيصر الذي وصفه مؤخرًا بأنه من الأسباب المباشرة لسقوط النظام، وأكد أنه أداة تستطيع واشنطن استخدام إزالته ورقة قوة في الملف السوري.
ورغم تخفيف واشنطن مؤخرًا للعقوبات المفروضة على سوريا من خلال السماح ببعض التعاملات مع المؤسسات الحكومية المدنية والحوالات المالية الشخصية، فإن هذا التخفيف الجزئي مؤشر على نفوذ صانع قرار السياسة الخارجية الأميركي في الملف السوري من خلال هذه العقوبات، وهو نفوذ لم يصرح بنيته التخلي عنه في المدى المنظور.
إعلانأما الورقة الثانية بيد واشنطن فهي إزالة اسم هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. ورغم إشارة روبيو إلى هذه المسألة صراحة في حديثه لمجلس الشيوخ بقوله إن أفراد الإدارة الجديدة في سوريا لن ينجحوا في تدقيق أمني لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، وإن تاريخهم ليس مدعاة للثقة لدى واشنطن، لكنه أكد في الوقت نفسه ضرورة استخدام إزالة هذه العقوبات أداة في التعاطي مع سوريا.
يعد شطب اسم الهيئة من القائمة أمرًا سهلًا نسبيا وله سوابق كثيرة، إذ تم حتى يناير/كانون الثاني 2025 شطب 20 اسمًا من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لوزارة الخارجية الأميركية، بما في ذلك جماعات انتقلت نحو الحوكمة مثل "القوات المسلحة الثورية الكولومبية". وعمليًا، يتمتع وزير الخارجية الأميركي بسلطة إلغاء التصنيف في أي وقت، وذلك بقرار يؤكد تغير الظروف الأصلية التي أدت إلى التصنيف بما يكفي لتبرير إلغائها أو يبرر إلغاءها بأنه مصلحة للأمن القومي الأميركي.
وجود عسكري مستمروالورقة الثالثة هي الوجود العسكري في شمالي شرقي سوريا المستمر منذ تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة عام 2015. ورغم انتفاء السبب الرئيسي للوجود الأميركي في عام 2017 حين أعلنت الحكومة العراقية هزيمة التنظيم، فإن القائد السابق للقيادة المركزية للولايات المتحدة "سنتكوم" الجنرال كينيث مكينزي أعلن في عام 2019 أنه لا يوجد موعد نهائي للتدخل الأميركي في سوريا.
أعادت القوات الأميركية تموضعها في ذلك العام في محافظتي دير الزور شرقي البلاد والحسكة في الشمال الشرقي، بغرض حماية حقول النفط من التنظيمات الإرهابية ومن نظام الأسد والقوات الروسية، وتمكين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من حراسة السجون التي تضم سجناء مرتبطين بتنظيم الدولة وأسرهم. ومنذ ذلك الحين، ظلت الحيلولة دون صعود التنظيم وحماية السجون الهدفين الرئيسيين من الشراكة الأميركية مع "قسد".
إعلانوجود حقول النفط في مناطق انتشار القوات الأميركية في سوريا كان ولا يزال مثارًا للحساسية لدى السوريين التي لم يُسعفها تضارب التصريحات الأميركية بهذا الشأن، وأبرزها تصريح لوزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في عام 2019 أكد فيه أن حماية هذه الحقول تضمن دخلًا لقوات "قسد"، تلته دعوة من ترامب إلى "الاحتفاظ بالنفط" هدفًا للوجود العسكري الأميركي، لكن وزارة الدفاع سارعت إلى نفي ذلك والتأكيد على أن الهدف الوحيد هو هزيمة تنظيم الدولة.
تبين لاحقًا أن إدارة ترامب منحت شركة أميركية إعفاءً من العقوبات المترتبة على العمل على الأراضي السورية على أن تُقدّم المشورة والعون لشركة محلية في شمالي شرقي سوريا مقابل عمولة دولار واحد عن كل برميل نفط، لكن إدارة بايدن ألغت هذا التكليف وصرحت في عام 2021 بأن القوات الأميركية الموجودة لهزيمة تنظيم الدولة ليست معنية بحماية حقول النفط السورية أو مخولة بمساعدة أي شركة في تطويرها.
وقد كانت مراجعة وزارة الدفاع الأميركية للعدد المعلن لقواتها الموجودة في سوريا بعد سقوط الأسد بأحد عشر يومًا رسالة أميركية واضحة مفادها أن الولايات المتحدة طرف في إدارة توازنات الملف السوري على الأقل في شرقي سوريا والشمال الشرقي.
عدّل البنتاغون العدد المعلن للقوات الأميركية في سوريا إلى قرابة 2000 عنصر بعد أن كان 900 عنصر. يعبر هذا العدد عن القوات النظامية الموجودة في أي لحظة، لكنه لا يشمل عدد الجنود الذين يتعاقد معهم الجيش الأميركي لأداء مهام مختلفة، ولا يمكن الجزم بأنه يشمل القوات الخاصة التي قد تدخل سوريا في فرق صغيرة لأداء عمليات محددة.
كان ماركو روبيو قبل الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي من أشد معارضي نظام الأسد، وإذا افترضنا بقاء حبل الود بينه وبين ترامب بما يضمن له البقاء في منصبه، يُرجح أن يكون مفاوضا صعبًا من الجانب الأميركي في أي مباحثات تتناول الملف السوري سواء مع الحكومة في دمشق أو أي من حكومات المنطقة، وذلك لاطلاعه على الملف عن قرب لسنوات.
إعلانوقف روبيو ضد التطبيع مع نظام الأسد، وشدد على مسؤوليته عن جرائم حرب ضد الشعب السوري بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، وكان أحد المشاركين في تقديم قوانين معاقبة مسؤوليه ومساءلتهم عن جرائم الحرب.