سواليف:
2024-07-07@01:01:00 GMT

تحت الضوء

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

تحت الضوء

#تحت_الضوء د. #هاشم_غرايبه

من المصطلحات الخبيثة التي ادخلها معادو الإسلام خلال القرن المنصرم، مفهوم الإسلام السياسي، في إشارة الى الذين يدعون لقيام الدولة الإسلامية والعودة الى الحكم بمنهج الله.
المعروف أن الإسلام لم ينزله الله لأداء العبادات فقط، بل لتنظيم كافة أوجه النشاطات المجتمعية، وبما أنه منهج إلهي المنشأ، لذا فهو كامل وملزم، وغير قابل للتجزيء للإنتقاء منه ما يوافق الأهواء وترك ما لا يوافقها، فهو كل متكامل لا ينجح بالنهوض بالمجتمع إلا بتطبيقه كاملا بكافة أوجهه السياسية والاجتماعية والاقتصادية.


بعد قرون من صراع الغرب مع الدولة الاسلامية للإستيلاء على مقدراتها، نجح في بداية القرن العشرين بهزيمتها، لذلك لم يفوت هذه الفرصة لتكريس هذا الاندحار، ومنع عودتها مرة أخرى، فقام بشرذمتها الى كيانات قطرية متنابذة، وجعل متطلب الفوز بالحكم في كل منها الالتزام بشروطه في منع التوحد بين هذه الأقطار من جديد تحت راية الإسلام.
ذلك يفسر لنا لماذا تتشاكس هذه الأقطار وقد يصل الأمر بها الى الاقتتال، ولا تلتقي على أمر وحدوي فيه مصلحة لها أو لشعوبها، سواء كان تنسيقا سياسيا أو اقتصاديا، أو تحالفا دفاعيا ضد قوى الغزو، مثل ما تفعله كل دول العالم التي لا تجمعها روابط بل المصلحة، اما إن كان على سياسة محاربة الوحدة الإسلامية، ستجدها متفقة ومتحمسة، فتعقد المؤتمرات، وتنشئ المعاهدات، بل وتنخرط جماعيا وبأعلى درجات التنسيق في الأحلاف العسكرية الغربية المستهدفة للمقاومين لاحتلالاتها، وتجلى ذلك صريحا، من خلال مشاركتها جميعا وبحماسة عالية في الحملة الأمريكية على الإرهاب (الإسلامي حصرا)، فيما تقاعست واستنكفت حينما تعرضت مختلف أقطار الأمة الى اعتداءات مباشرة.
هكذا نرى أن استخدام مصطلح (الإسلام السياسي) هو تجزيئي، بهدف الاستفراد بالدعاة الاسلاميين الذين حاولوا تنظيم أنفسهم في جمعيات وتنظيمات لتوحيد جهودهم.
ولما كانت الأمة مجمعة على انتهاج العقيدة الإسلامية، فلا يمكن لمعاديها المجاهرة بنواياهم لاجتثاثها، فيلجئون الى تفكيكها لإضعافها، وأول وسيلة هي كشف الغطاء التضامني الشعبي مع الداعين لاتباعها.
في بدايات القرن استخدموا وسيلة اتهامهم بأنهم أدوات استعمارية، يعملون على اعاقة الأنظمة عن التقدم والارتقاء بأقطارها، فبطشوا بهم تحت مسمى محاربة الرجعية.
ولما انكشف زيف ذلك الادعاء، وخاصة بعد سلسلة الهزائم المصنوعة والتي كانت لتبرير عقد المعاهدات الاستسلامية مع الكيان اللقيط لتمكينه، تبين للشعوب أن الأنظمة هي المرتبطة بالمستعمرين الأوروبيين، جرى تعديل التسميات التجزيئية، فاعتبر المسلمون الخانعون لإملاءات الغرب والأنظمة الموالية له هم الإسلام المعتدل، الذي يقبلون بوجوده، أما الجهاديون من المقاومين لقوى الغزو فأطلقوا عليهم مسمى إرهابين.
وفرضوا على الجمعيات والتنظيمات الإسلامية شرطا لقبولها بتصنيف (المعتدل) أن تعلن براءتها من المسلمين الثوريين، بل وتوقف اي دعم أو تضامن معهم، ومن ماطل منهم أو تلكأ سمي بالإسلام السياسي، أي تلك الفئة المطرودة من رحمة الأنظمة الحاكمة لديار الإسلام، وأعطى الغرب الحرية لكل نظام بأن يتعامل معها حسب اجتهاده في المحافظة على الكرسي، فمنها من استغل تشريعات الغرب في محاربة الإرهاب (الإسلام)، فأسرف بالبطش، وأعمل فيها قتلا واعتقالا كالنظام المصري والسوري، ومنها من حظرها وحاصرها وعاقب من يتعاطف معها كالأنظمة الخليجية، ومنها من أبقاها بدرجات متباينة في المحاصرة وقطع مواردها البشرية والمالية، كباقي الأنظمة.
بعد الثورات العربية عام 2011 انحسر الغطاء الشعبي عن القوى السياسية القومية والماركسية بعدما أعلنت تأييدها للأنظمة، فلم يبق في الساحة غير من يطلق عليهم (الإسلام السياسي)، لذلك جاء هؤلاء مدد مجاني لم ينالوه بنضال ولا بتضحية.
هكذا أصبحت الصورة الحالية للواقع السياسي: تعاطف كاسح جماهيريا لمن يدعون لانتهاج الإسلام، والتسمية الأصح لهم هي التيار الإسلامي، فرغم أنه الممثل الوحيد لنبض الشارع، وعليه تعلق أمنياته، إلا أنه لا فعل سياسي له ولا تأثير، بل جل ما يناضل له البقاء على قيد الحياة، لذا لا وجود فعليا للإسلام السياسي.
القوة الوحيدة في هذا التيار المنظمة كحزب هي حركة “الإخوان المسلمون”، وهي لا تحظى بتأييد كاف لتقود هذا التيار، فسلبياتهم المتمثلة بالأنانيات التنظيمية، لا تختلف عن باقي الأحزاب السياسية.
لذلك فلن تصلح أحوال الأمة بالترقيع، بل عندما يقيض الله لهذا التيار من يلم شمله، والأمة مهيئة لاتباع المخلِص وتأييده

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الإسلام السیاسی

إقرأ أيضاً:

بعد حرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟

نكتب ساخرين رغم آلام غزة، وحُق لنا أن نسخر من النظام الرسمي العربي، وخاصة ما كان يسمى بالدول المؤثرة أو ذات الثقل، ولا نظنه بعد الطوفان إلا ثقل شحوم ودهون (ونحفظ للمقال رائحة طيبة). سقطت إلى الأبد مؤسسة كانت تسمى الجامعة العربية، وتلك الجملة التي تليها في نشرات الأخبار مؤسسات العمل العربي المشترك.

يحق لنا طرح السؤال، فقد عشنا طيلة أكثر من نصف قرن بوهم تحرير فلسطين عبر العمل العربي المشترك، فإذا بالأنظمة العربية تشترك كلٌّ بما استطاعت من وسائل في تأبيد احتلال فلسطين، وفوق ذلك لا يستحون أن يفضح العدو تحريضهم إياه على تدمير المقاومة.

بماذا سيحكمون شعوبهم الآن وقد انفضح تآمرهم على المقاومة وعلى من يناصرها ولو بالكلمة؟ ستكسب المقاومة الكثير من حربها، وهي الآن فاعل مركزي في المنطقة، فكيف ستفعل الأنظمة التي تكلمت ذات يوم باسم فلسطين وتحرير المقدسات؟

عشنا طيلة أكثر من نصف قرن بوهم تحرير فلسطين عبر العمل العربي المشترك، فإذا بالأنظمة العربية تشترك كل بما استطاعت من وسائل في تأبيد احتلال فلسطين، وفوق ذلك لا يستحون أن يفضح العدو تحريضهم إياه على تدمير المقاومة. بماذا سيحكمون شعوبهم الآن، وقد انفضح تآمرهم على المقاومة وعلى من يناصرها ولو بالكلمة؟ 
لم نعد نر إلا أجهزة القمع

منذ أول انقلاب عسكري عربي، كان خطاب الشرعية السياسية يقوم على معركة تحرير الأمة، بدءا بتحرير فلسطين، ولا نحصي كم حج خطباء الانقلابات إلى القدس الشريف. لكن بعد حرب الطوفان والتآمر على المقاومة، هل مازال يمكن تسويق هذا الخطاب للجمهور الذي عاش المعركة، ومُنع بكل السبل من المشاركة فيها، أو حتى التبرع لها بالدم؟

هذه الذريعة لبناء الشرعية سقطت، بل تعرت ككذبة وفضيحة، وصارت مطعنا في الشرعية السابقة؛ فقد صحح الطوفان إذن الأكاذيب السابقة، وسحب الأكاذيب الراهنة، ومنع أكاذيب في المستقبل. الأنظمة العربية إلا الاستثناء القطري، لم تعد تملك الكذب باسم فلسطين، ولن يمكنها إسناد كراسيها على المعركة القومية التي خذلوها. وما يسري على الأنظمة، يسري على الحركات السياسية القومية واليسارية، التي تدافع عن هذه الأطروحة وتبني عليها وجودها، ومن أجلها وقفت مع كل انقلاب حتى صارت مجرد حركات انقلابية.

وإذا أضفنا هذا الخذلان السياسي والعسكري للمقاومة إلى فشل الأنظمة العربية في كل معارك التنمية المعلنة، ودفعها بلدانها إلى درجات من التداين التي تكبلها الآن وفي المستقبل، فبماذا ستسند شرعيتها؟ علما أن لا أحد منها وصل إلى الحكم بانتخابات نزيهة أو تقف وراءه كتلة شعبية محترمة، أو خاض معركة حقيقة حتى ضد وباء كورونا. لم تبق إلا أجهزة القمع بكل عتادها، ونظنه العتاد الوحيد الصالح للاستعمال في ثكنات الأنظمة.

وتيرة القمع سترتفع

تآكل عناصر الشرعية لم يُبق للأنظمة العربية أسسا تحكم بها غير أن تغتصب إرادة شعوبها لمدة أخرى بوتيرة قمع أشد وأنكي. تقف معها الآن فئات من الطامعين في الفيء، ولكن هذا الفيء نفسه يتقلص باستمرار، ولن يكون بالإمكان رشوة أجهزة إعلامية عالمية ذات مصداقية للدفاع عنها. وحتى الصحف الغربية ذات الصيت التي كانت تنشر لها مقالات دعاية مدفوعة الأجر، فقدت مصداقيتها في حرب الطوفان، ولن يمكن ترويج المزيد من الأكاذيب عن نجاحات سياسية عربية أمام شعوبها أو أمام العالم. لقد مسح بها نظام جنوب أفريقيا البلاط.

وقد استعمل الكيانُ الأنظمةَ قبل الطوفان ثم استنزفها حتى العظم في هذه المعركة، وباركت الأنظمة الغربية دور هذه الأنظمة وأسندتها بالمال والسياسة. ولكن الأنظمة الغربية فقدت الكثير من المصداقية أمام شعوبها، وستناور في المدة القريبة -بمجرد الوصول إلى وقف إطلاق نار- من أجل ترميم علاقتها بشعوبها الثائرة، ومن أجل إعادة تسليك قنوات العمل لشركاتها التي تضررت بالمقاطعة. ومن أجل ذلك، ستتخلى عن كثير من دعم الأنظمة العربية وتمارس تمثيليات دعم الديمقراطية، وهي عادة تتقنها، ولهذا ثمن مالي وسياسي في مدى منظور.

استعمل الكيانُ الأنظمةَ قبل الطوفان ثم استنزفها حتى العظم في هذه المعركة، وباركت الأنظمة الغربية دور هذه الأنظمة وأسندتها بالمال والسياسة. ولكن الأنظمة الغربية فقدت الكثير من المصداقية أمام شعوبها، وستناور في المدة القريبة -بمجرد الوصول إلى وقف إطلاق نار- من أجل ترميم علاقتها بشعوبها الثائرة، ومن أجل إعادة تسليك قنوات العمل لشركاتها التي تضررت بالمقاطعة. ومن أجل ذلك، ستتخلى عن كثير من دعم الأنظمة العربية وتمارس تمثيليات دعم الديمقراطية.
سنسمع في منتديات الغرب السياسية حديث دعم الحريات والديمقراطية في مصر وتونس والجزائر، وحتى في حقول النفط السعودية، وتترجم هذه الخطابات بابتزاز وضغط، قد تفلح نخب مقموعة في الاستفادة منه والخروج إلى الشوارع (وإن كان هذا أملا ضعيفا). كل هذا سيدفع الأنظمة إلى المزيد من القمع والفشل الاقتصادي، بما يجعلها في مواجهة شوارع مفقرة ومقهورة، ترى في يحيى سريع بطلا قوميا، وتسخر من السيسي وتبون وسعيد.

شرعية المقاومة تعود وتوجه الشارع العربي

هذه نتيجة مباشرة وسريعة لمعركة الطوفان؛ فقد اتضحت الصفوف وتعمق الفرز، حتى لم يعد هناك مجال للتراجع. توقعاتنا -وهي متفائلة- أن لن تطير الطائرات فوق غزة وترجمها، فقد استقلت غزة، وستعاني إعادة الإعمار بالروح نفسها التي قاومت بها تسعة شهور (نرجح تواصل المناوشات حتى نهاية السنة). وستتكلم المقاومة وأنصارها في الشعوب عن مكاسب المقاومة وتبني عليها، وسيكون خطابها القادم: القدس محررة دون تدخل الأنظمة المتواطئة.

شرعية أخرى قامت على الأرض وخارج الخطاب القومجي المخادع للأنظمة وللحركات القومية التي تخلفت عن المعركة. لقد خاب ظننا وقت المعركة من درجة التعاطف الشعبي الضعيفة، وعدم تثوير الشوارع العربية مع المقاومة، ولكن هبة الأردنيين للتبرع بالدم عندما نادى المنادي بذلك، كشفت مقدار الإخلاص للمقاومة، وهذه أرصدة كامنة سيكون لها أثر وفعل في قادم الأيام.

ترك الربيع العربي أثرا في النفوس، وطعم الحرية لم يغب عن ألسنة تذوقته، وقد أعقبته مرارة الانقلابات والخيبة، ولكن رُب خيبة تعلم. سيخوض التونسيون انتخابات مغشوشة ويزداد وعيهم بالحرية، وستكون لأزمات الكهرباء وانقطاع مياه الشرب وتجميد الرواتب وإغلاق باب التشغيل، وحتى انعدام أعلاف الدواب؛ أثر في النفوس. وهذه التراكمات مضافة إلى انتصار غزة واستقلالها لن تكون بلا تأثير، إنما الأمر متعلق بقادم لا يمكن توقعه.

في انتظار هذا القادم المجهول، الذي قد يكون صفعة أمنية أخرى على وجه فقير مثل البوعزيزي، فإننا أيقنّا أن لا نظام من أنظمة الحكم العربية يملك شرعية البقاء وشرعية الحكم، لقد كشفتهم حرب الطوفان، فتعرّت بقية العورات التنموية والسيادية. نحن الآن محكومون بأجهزة قمعية تحمي أنظمة فاشلة ومعادية لشعوبها، وهذا وضع مؤقت كلما رفع من درجة القمع ليبقى، انكشف أكثر مثل ضرس أصابه سوس.

السياسي العربي المعارض الذي سيرتب جمله وأفعاله على نتائج حرب الطوفان، سيكون له الحق في قيادة شعبه نحو نصر ديمقراطي عظيم. متى ذلك؟ لقد علمتنا غزة الصبر.

مقالات مشابهة

  • الإسلام لا يُهزم، وإن هُزِم المسلمون
  • شيخ الأزهر: وسطية الإسلام هي الحل لمكافحة ظاهرة الجرأة على التكفير
  • مساجد الجزائر تحيي الذكرى 62 للإستقلال
  • شيخ الأزهر: القرآن نقل الأمة من حالة الضعف والبساطة إلى العالميَّةِ
  • شيخ الأزهر: النهج الوسطي الذي لا يعرف الإقصاءأو شيطنة تلقتها جماهير الأمة بالقبول
  • بعد حرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟
  • بعد جرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟
  • شيخ الأزهر من ماليزيا: وسطية الإسلام هي الحل لمكافحة ظاهرة الجرأة على التكفير والتفسيق والتبديع
  • قوجيل: عيدا الاستقلال والشباب منبع كبرياء الأمة ووحدتها
  • فعالية خطابية في إب بذكرى يوم الولاية