زلزال "الحوز" يؤجل انتخابات المجلس الوطني للطائفة اليهودية بقرار لوزير الداخلية
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
بعد نحو 10 أيام عن صدور قرار لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، يتعلق بتحديد كيفيات تنظيم انتخابات أعضاء المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية واللجان الجهوية التابعة له، ويحدد يوم الأحد 29 أكتوبر المقبل، لتنظيم هدذه الانتخابات، وقع وزير الداخلية قرارا جديدا صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، يقضي بتأجيل الانتخابات المذكورة لوجود “ظرف قاهر”.
ووفق القرار الجديد الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، فإن قرار تأجيل الانتخابات، يأتي “أخذا بعين الاعتبار الزلزال الذي وقع مساء الجمعة 8 شتنبر 2023”..
وأوضح لفتيت، أنه “في ظل هذا الوضع الاستثنائي، الذي يشكل قوة قاهرة، يتعذر توفير الشروط الكفيلة بضمان إجراء العمليات المتصلة بتحضير وإجراء الاقتراع في التاريخ المحدد”.
وتنص المادة الاولى من القرار، على أن الانتخابات تؤجل إلى تاريخ لاحق، يحدد بقرار لوزير الداخلية قبل انصرام أجل ثلاثة أشهر يبتدئ من يوم 29 أكتوبر المقبل”.
يذكر أنه خلال المجلس الوزاري، المنعقد يوم 13 يوليوز الماضي، قدم وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، عرضا أمام الملك، يتعلق بالتدابير التي تم إعدادها تنفيذا للتعليمات الملكية بشأن تنظيم الطائفة اليهودية المغربية.
وتشمل المنظومة المرفوعة للملك، والتي تم إعدادها بعد مشاورات موسعة مع ممثلي الطائفة اليهودية وشخصيات منتسبة لها، ثلاث هيآت، وهي “المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية: ويتولى السهر على تدبير شؤون الطائفة والمحافظة على التراث والإشعاع الثقافي والشعائري للديانة اليهودية وقيمها المغربية الأصيلة”.
وتوجد أيضا، “لجنة اليهود المغاربة بالخارج: وتعمل على تقوية أواصر ارتباط اليهود المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي، وتعزيز إشعاعهم الديني والثقافي، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة”، ثم “مؤسسة الديانة اليهودية المغربية: وتسهر على النهوض والاعتناء بالتراث اللامادي اليهودي المغربي والمحافظة على تقاليده وصيانة خصوصياته”.
كلمات دلالية زلزال الحوز، الطائفة اليهوديةالمصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: مدونة الأسرة المغربية.. اجتهاد شرعي في ظل التحولات المجتمعية
تشكل مراجعة مدونة الأسرة المغربية، التي أُشرف عليها تحت قيادة الملك محمد السادس، خطوة مفصلية في تحقيق التوازن بين الثوابت الشرعية ومتطلبات العصر.
هذه المراجعة تأتي في سياق وطني ودولي يشهد تغيرات اجتماعية واقتصادية عميقة، حيث تتطلب التشريعات الأسرية مراجعات مستمرة تُراعي خصوصيات المجتمع وتستجيب لتحولاته. وقد كان الالتزام بمبدأ “لن أُحلل حرامًا ولن أُحرم حلالًا” أساسًا اجتهاديًا ومنهجيًا لهذا المشروع الإصلاحي.
ارتكزت المراجعة على مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الحقوق وتحقيق العدل، وتمحورت حول قضايا حيوية مثل الحقوق المالية داخل الأسرة. ومن بين المفاهيم البارزة التي لعبت دورًا في معالجة القضايا، كان مفهوم الكد والسعاية، الذي يمثل أساسًا فقهيًا في المذهب المالكي. لم يُطرح هذا المفهوم كمطلب مستقل، ولكنه استُخدم كأداة تحليلية لمعالجة قضايا متعددة، خصوصًا تلك المتعلقة بالحقوق المالية للزوجين.
من بين أهم القرارات التي اعتمدها المجلس العلمي الأعلى، جاء إيقاف بيت الزوجية عن الدخول في التركة كخطوة جوهرية لحماية حقوق الأسرة، وخصوصًا الزوجة والأبناء، من التشرد أو الضياع بعد وفاة أحد الزوجين. هذا القرار يعكس تقديرًا عمليًا للدور الذي تلعبه الزوجة في بناء الأسرة واستقرارها. كما أقر المجلس الاعتراف بالعمل المنزلي كمساهمة في تنمية الأموال المشتركة، ليُعطي قيمة قانونية للجهد غير المادي الذي تبذله الزوجة، وهو تطور يعزز العدالة بين الزوجين ويكرس الشراكة الحقيقية في الحياة الزوجية.
قرار آخر هام تمثل في جعل الديون المشتركة بين الزوجين مقدمة على غيرها، حيث يعكس هذا القرار الفهم الاجتهادي لمسؤولية الطرفين في تحمل الأعباء المالية بشكل متساوٍ ومنصف. هذه القرارات، التي استندت إلى مبادئ الكد والسعاية، تُبرز كيف يمكن للفقه الإسلامي أن يواكب التحولات الاجتماعية دون التفريط بثوابته.
على الجانب الآخر، تمسك المجلس العلمي الأعلى بثوابت الشريعة في بعض القضايا الحساسة. رفض المجلس مقترحات مثل استعمال الخبرة الجينية لإثبات النسب، وإلغاء العمل بقاعدة التعصيب في الإرث، والتوارث بين المسلم وغير المسلم. هذه المواقف لم تكن مجرد آراء محلية، بل جاءت متسقة مع ما أقرته المجامع الفقهية الكبرى، ومنها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الذي يولي أهمية كبيرة للنصوص القطعية باعتبارها مرجعية لا تقبل الاجتهاد.
اللافت أن القضايا المتعلقة بحقوق المرأة والأسرة التي يتناولها المغرب اليوم ليست محلية فقط، بل تعكس قضايا متشابهة تواجهها معظم الدول الإسلامية. ما يُقدم عليه المغرب تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين قد يصبح نموذجًا يُستفاد منه في العالم الإسلامي، حيث يمكن لهذا النهج الاجتهادي أن يُلهم دولًا أخرى في تحديث تشريعاتها الأسرية بما يراعي التوازن بين الثوابت الدينية ومتطلبات العصر.
ختامًا، تبرز مراجعة مدونة الأسرة المغربية كمثال على قدرة الشريعة الإسلامية على تقديم حلول مبتكرة لقضايا معقدة، دون المساس بثوابتها. ولكن يبقى السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للاستمرار في الاجتهاد الشرعي أن يُلبي احتياجات المجتمعات الإسلامية المتغيرة مع الحفاظ على المرجعيات الشرعية؟ هذه المراجعة تُذكرنا بأهمية الاجتهاد في تحقيق العدل والإنصاف في ظل إطار الشرع الحنيف.
وفي هذا السياق، يُسعدنا التذكير بأننا أصدرنا العام الماضي كتابًا بعنوان “حق الكد والسعاية: مقاربات تأصيلية لحقوق المرأة في الإسلام” عن دار نهضة مصر. يقدم هذا الكتاب قراءة معمقة لهذا المفهوم الفقهي، ويُبرز دوره في تعزيز العدالة الاجتماعية، مما يجعله مرجعًا هامًا لفهم الإصلاحات التي يشهدها المغرب اليوم.