وكالات الأخبار وشبكاتها العالمية تلاحق تطورات الأوضاع في درنة
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
ليبيا – لاحقت شبكات الأخبار ووكالات الأنباء العالمية ما يجري على الأرض في مدينة درنة المبتلاة بفيضانات خلفت كارثة إنسانية كبرى.
ونشرت “سكاي نيوز إنجليزية” الدولية و”سي بي سي نيوز” و”أي بي سي 15 أريزونا” و”سي أن أن” و”صوت أميركا و”رويترز” و”أسوشيتد برس” الأميركية و”بي بي سي” البريطانية وقسم الأخبار الإنجليزية بمجلة “العربي الجديد” القطرية ووكالة الأنباء الفرنسية تقارير بالخصوص.
ووفقا للتقارير التي تابعتها وترجمتها صحيفة المرصد بدت المدينة بعد مرور أيام عدة على كارثتها ساحة عمل لمجموعات صغيرة من المدنيين وبعضهم حامل معاولا فقط لتحديد مكان أقاربهم المفقودين ممن تم تضمينهم في أكثر من 10 آلاف من المفقودين.
وتابعت التقارير أن وسط درنة بات أشبه بمقبرة كبيرة فكتل المباني سويت بأرض ومعها الأرواح المدمرة ومركبات مقلوبة في وسط أشجار ممزقة فيما أُقتلعت البنايات الضخمة المكونة من 9 طوابق من أساساتها واختنقت بكميات من الطين.
وأضافت التقارير أن 3 جسور ضخمة في وسط المدينة سويت بالأرض وباتت سط جبال أنقاض وصخور كانت في يوم من الأيام منازل للناس ومتاجرهم ومراكز تسوقهم وطرقاتهم واصفة مشهدا مريعا لأناس يحملون أكياس مليئة بجثث متعفنة.
وبينت التقارير إن هؤلاء رافقهم جنود وعمال إغاثة طبية بعد ما يقرب من أسبوع من التحلل في ظل حرارة مرتفعة في وقت تحول فيه لون البحر الأبيض المتوسط من أزرق طبيعي إلى بني داكن بسبب بقايا مأساة قبيحة شوهت جمال الحياة.
ووفقا للتقارير بدى المشهد وكأن طفلا عملاقا غاضبا ألقى بالمدينة في حالة غضب طفولي وتناثرت الشوارع بالطين والسيارات فيما كان البحر مغطى بخشب متكسر ومعادن مكسورة وقطع من خزانة ملابس ومراتب مطوية مبللة فالكثير من الحطام لا يشبه على الإطلاق حالته الأصلية.
وأوضحت التقارير إن الغواصين ظهروا على متن قوارب مطاطية يتمايلون صعودا وهبوطا على الأمواج وهم ينظفون المياه وساد لحن جنائزي غير مسموع بعد العثورة على جثة فتاة صغيرة بحرا وطفل صغير برا فيما عبر المهندس الإنشائي غاندي محمد حمود عن مشاعره.
وقال حمود:”شاهدت جيراني وأصدقائي يصرخون في ذعر فيما دمر سيل المياه منازلهم وشققهم ومن ثم ساد الصمت ما يعني أنهم ماتوا ولقد رأينا بعض الأصدقاء يجرفون أمامنا وكان هناك الكثير من التحذيرات من المهندسين بشأن الحالة السيئة للسدين في المدينة”.
وتابع حمود قوله:”ظهرت الحاجة إلى بناء العديد من السدود الأخرى لوقف المياه الناجمة عن هطول الأمطار السنوية الغزيرة بشكل متزايد ولم يتم القيام بأي شيء لتقوية السدين ويجب أن يدفع شخص ما ثمن هذه الوفيات ويجب محاسبته على ما حدث هنا”.
وأضاف حمود بالقول:”إن عدم الاستقرار وسوء الإدارة والفساد والسياسة وشبكة عصابات تهريب البشر تآمرت جميعها لجعل هذه المأساة ممكنة” فيما يعتقد العديد من الليبيين أن الحملة العسكرية لحلف شمال الأطلسي “ناتو” أدت أيضا إلى إضعاف الهياكل.
وقال عبد الله المحاضر بجامعة عمر المختار شاهد العيان في مدينة سوسة إنه مع بدء ظهور الجثث المتحللة بدت رائحة الموت تحيط بالمدينة ولا يزال هناك محاصرون تحت الأنقاض والمنازل المدمرة ومدفونين تحت الطين والحجارة.
وتابع عبد الله قائلا:”أخشى من تفشي المخاطر الصحية إذ ما تأخرت عمليات الإنقاذ في مدينة سوسة بسبب تدمير الطرق فقوافل المساعدات قد وصلتنا لتضاف إلى جهود مبذولة من قبل قطعات عسكرية تابعة القيادة العامة للقوات المسلحة”.
بدورها قالت منظمات صحية دولية في بيان لها:”إن هنالك خوف وسوء فهم لا أساس لهما فيما يتعلق بالموتى فجثث من لقوا حتفهم متأثرين بجراح أصيبوا بها في كارثة طبيعية أو صراع مسلح لا تشكل أبدا خطرا صحيا على المجتمعات المحلية”.
وتابع البيان:”لدينا فرق لمساعدة السلطات المحلية بالتوجيه والمواد اللوجستية والتدريب على دفن الموتى” فيما قالت ماري الدريس أمين عام للهلال الأحمر الليبي إن أكثر من 10 آلاف شخص قد تم الإبلاغ عن فقدهم في مدينة درنة.
من جانبه قال سعد رجب محمد الحاسي ضابط الأمن ذو الـ50 عاما الناجي من مدينة سوسة التي تضررت أيضا بسبب الفيضانات:”ليس من السهل على الرجل أن يمر بهذا والله وحده يعلم ما نمر به وحتى الحكومة لم تساعدنا ولقد تُركنا في الشوارع”.
وتابع الحاسي وهو ليس لوحده من السكان المحبط من السلطات المنقسمة التي لم تتحرك بشكل أسرع قائلا:”الدولة لا تنفعنا والآن أنا في الشارع مع أطفالي وزوجتي وكنت جالسا في غرفة معيشتنا بينما كانت زوجتي تحضر العشاء عندما دخل الفيضان إلى منزلنا”.
وأضاف الحاسي بالقول:”بدأت أصرخ داعيا الله السلامة وأمامي الفيضان حاملا معه المعدن والألواح الخشبية والكتل الإسمنتية ورأيت المنطقة كلها غارقة في المياه” في وقت دعت فيه منظمة الصحة العالمية السلطات إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية.
وبحسب الأمم المتحدة تم دفن ما لا يقل عن ألف جثة بهذه الطريقة وهو ما يحذر الخبراء من تسببه في مزيد من الصدمات لأفراد الأسر المنكوبة فيما قال بلال صبلوح من اللجنة الدولية للصليب الأحمر:”المقابر تحتاج إلى رسم خرائط”.
وتابع صبلوح قائلا:”ولذلك هناك سجل لمن دفنوا هناك وأتاحت هذه الجهود للأحباء استعادة الجثة لاحقا وإغلاق هذا الدفن الخاص فيما أدلى “كازونوبو كوجيما” المسؤول الطبي للسلامة البيولوجية والأمن البيولوجي في برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية بدلوه.
وقال “كوجيما”:”نحث السلطات بالمجتمعات المتأثرة بالمأساة على عدم التسرع في عمليات الدفن الجماعي وتحديد المقابر الفردية وتوثيقها فالدفن المتسرع قد يؤدي إلى معاناة نفسية للأسر بالإضافة إلى مشاكل اجتماعية وقانونية”.
واختتم “كوجيما” وجهة نظره عبر القول:”إن جثث ضحايا الصدمات الناجمة عن الكوارث الطبيعية لا تشكل أبدا تهديدا صحيا إلا إذا كانت في أو بالقرب من مصادر إمدادات المياه العذبة لأن الجثث قد تتسرب منها فضلات”.
أما المجلس الدنماركي للاجئين فقد أكد إنه سيرسل فريقا من خبراء التخلص من المتفجرات بسبب خطر الألغام الأرضية المزاحة بسبب الفيضانات فيما علق “مارتن غريفيث” كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة ووكيل أمينها العام ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
وقال “غريفيث”:”المجالات ذات الأولوية الآن هي المأوى والغذاء والرعاية الطبية الأولية الرئيسية بسبب القلق من تفشي وباء الكوليرا” في وقت تذكر فيه عادل عياد أحد الناجين من الفيضانات كيف شاهد ارتفاع المياه إلى الطابق الـ4 من المبنى الذي يقيم فيه”.
وقال عياد:”جرفت الأمواج الناس عن أسطح المباني وكنا نرى منهم من تحملهم مياه الفيضانات ومن بينهم جيراني” في وقت قالت فيه “مارغريت هاريس” المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية:”يوجد الكثير من المياه الراكدة”.
وأضافت “هاريس” قائلة:”وهذا لا يعني أن الجثث تشكل خطرا لكنه يعني أن المياه نفسها ملوثة بكل شيء ولذا عليك حقا التركيز على ضمان حصول الناس على المياه الصالحة للشرب” فيما حذرت إيمان الطرابلسي من اللجنة الدولية للصليب الأحمر من وجود خطر آخر بالوحل.
وقالت الطرابلسي:”هذا الخطر هو الألغام الأرضية وغيرها من مخلفات المتفجرات التي خلفها الصراع الذي طال أمده في البلاد ومنها ما يعود إلى الحرب العالمية الثانية والجهود والقدرة على اكتشاف مناطقها وإزالتها كانت محدودة”.
واختتمت الطرابلسي حديثها بالقول:”وبعد الفيضانات ربما تم نقل العبوات الناسفة إلى مناطق جديدة لم يتم اكتشافها” فيما قال”لوري هيبر جيرارديت” رئيسة فرع معرفة المخاطر بمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث:”المؤسسات الحكومية لا تعمل كما ينبغي”.
وبالعودة إلى “غريفيث” الذي قال إن اقتراح عمادة بلدية درنة بإنشاء ممر بحري لتوصيل المساعدات يمكن أن يكون خيارا قابلا للتطبيق نظرا لوقوع المدينة على البحر الأبيض المتوسط في وقت لا زال فيه فارون جنوبا نحو المساعدات بعيدا عن المدن يحتاجون للدعم.
وبالانتقال إلى خليفة عثمان أحد سكان درنة الباحث بشدة عن أحبائه المفقودين فقد ألقى باللوم على السلطات في حجم الكارثة فابنه الطبيب الذي تخرج هذا العام وابن أخيه وجميع أفراد أسرته وحفيدته وابنته وزوجها كلهم مفقودون وما زل يبحث عنهم.
واختتم عثمان بالقول إن كل الناس مستاءون وغاضبون إذ ولم يكن هناك أي استعداد فيما قال إبراهيم العربي وزير البيئة بحكومة تصريف الأعمال إنه متأكد من أن المياه الجوفية ملوثة بإفرازات الجثث والحيوانات النافقة والنفايات والمواد الكيماوية.
وحض العربي الناس على عدم الاقتراب من الآبار في درنة فيما قال محمد القبيسي رئيس مستشفى الوحدة بالمدينة إن المشفى الميداني يعالج مصابين بأمراض مزمنة يحتاجون لرعاية منتظمة مع مخاوف من انتشار أمراض منقولة بالمياه إلا أن أي إصابة بالكوليرا لم تسجل حتى الآن.
من جانبه قال نوري محمد ذو الـ60 عاما وهو يقف في مخبز يقدم أرغفة الخبز مجانا:”يجب أن نخاف من الوباء إذ لا تزال هناك جثث تحت الأرض والآن بدأت الرائحة تفوح منها” فيما بين أحمد بيرم من المجلس النرويجي للاجئين وجهة نظره بالخصوص.
وقال بيرم:”سمعت من فريقي أن هناك مقابر جماعية حيث كان عمال الإنقاذ يناشدون لا تجلبوا لنا الطعام والماء أحضروا لنا أكياس الجثث” في وقت لا تزال فيه آيات منينة الكاتبة المستقلة الكندية الليبية المقيمة في مدينة أونتاريو في حالة صدمة.
وقالت منينة إن والديها من مدينة درنة وقامت بزيارة أفراد أسرتها هناك أيضا فيما كان من الصعب عليها الحصول على معلومات حول الكارثة فالأمر استغرق يوما بأكمله لإيجاد بعض التفاصيل إذ فقدت أبناء خالها من جهة والدتها وأسرتهم وخسرت والدتها وأبيها أبناء عمومتهما.
وقالت منينة:”لقد مرت أيام وما زال يبدو الأمر وكأنه اللحظات الأولى عندما علمنا بالأحداث التي تتكشف على الأرض ونحن في طريق مسدود ومن الصعب للغاية معالجة ما يحدث وفي الأساس لم يتوقع الناس حدوث ذلك”.
وأضافت منينة قائلة:”وشاهدت التغطية الإخبارية من منزلي ولم أتمكن من الوصول إلى أي شخص لأن الفيضانات أدت إلى انقطاع شبكة الكهرباء في درنة ففي منتصف الليل انهار السدان وغمرت المياه المدينة وانقطعت الاتصالات والإنترنت لساعات”.
وبينت منينة قائلة:”لقد كان يوما طويلا حيث كنا نحاول التواصل مع أسرنا على الأرض أو أي شخص في المنطقة يمكن أن يخبرنا بما حدث ويمكننا القول أن هناك تاريخا من الإهمال هنا عندما يتعلق الأمر بالمواطنين العاديين”.
وبينت منينة إن صناع القرار الليبيين يعانون من نقص التنسيق والتواصل وقوة الإرادة ما أدى إلى تفاقم الكارثة وتداعياتها وأنها تشعر بالامتنان لأن العديد من أقاربها نجوا لكنها تشعر بالحزن لفقدان آخرين فالمسافة بين ليبيا وكندا تجعل من الصعب أن يكون الحزن بشكل صحيح.
وأرجعت منينة ذلك لعدم إمكانية دفن الأحباء ومواساة أولئك الذين تُركوا وراءهم فـ3 من قريباتها نجن عبر الذهاب إلى أسطح مبانيهن حيث أمضن ليلة كاملة تحت المطر في انتظار انخفاض منسوب المياه وحاولت واحدة منهن الصعود إلى السطح فانهارت الأرضية.
وبحسب منينة تم سحب القريبة إلى الأرض في الماء وجُرف ابنها وقضىلا ساعات في البحر الأبيض المتوسط وتمكن من التشبث بشيء ما وتمكن من الخروج وسار إلى أحد منازل أقاربه وتمكنوا من نقله إلى المستشفى لكن زوجها لم ينجوا من الانهيار وتم انتشال قريبتها لبر الأمان.
وقالت منينة إن الجالية الليبية الكندية في منطقة تورونتو الكبرى دعت إلى جمع التبرعات هذا الأسبوع وحصلت على حاوية شحن على أن يتم ملئها بالأشياء المُتبرع بها بما في ذلك البطانيات والملابس إذ ستغير المساهمات الحياة في هذه المرحلة.
وختمت منينة معرض أحاديثها عن الكارثة قائلة:”لدينا أناس اقتلعوا من جذورهم ولم تعد منازلهم مدينتهم موجودة والأيام المقبلة صعبة للغاية ونحن جميعا نحزن كشخص واحد” فيما بينت “كلير نيكوليه” رئيسة قسم الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود وجهة نظرها بهذا الشأن.
وقالت “نيكوليه”:”إن رجال الإنقاذ عثروا على الكثير من الجثث وما زالوا يبحثون إذ كان العدد كبيرا ولا يزال البحر الأبيض المتوسط يقذف الكثير منها لسوء الحظ ولا تزال هناك حاجة لجهود إغاثة ضخمة بما في ذلك الدعم النفسي العاجل لأولئك الذين فقدوا أسرهم”.
وتابعت “نيكوليه” بالقول:”ولا زال دفن الجثث يشكل تحديا كبيرا رغم بعض التقدم في تنسيق الجهود وتوزيع المساعدات ” فيما قال الناجي أيوب إن والده وابن أخيه ماتا في درنة بعد يوم من فرار الأسرة من الفيضانات في البيضاء.
وأضاف أيوب قائلا:”والدتي وشقيقتي صعدتا بسرعة إلى السطح لكن الآخرين لم ينجحوا ولقد وجدت طفلا في الماء بجوار جدي وأنا أتجول ما زلت لا أصدق ما حدث” فيما وصفت إهداء بو جلدين معلمة اللغة الإنجليزية المقيمة مع أسرتها في باب طبرق معاناتها.
وقالت بو جلدين:”بدا الأمر وكأن قنبلة تنفجر في منتصف الليل وسمعت والأسرة شيئا يشبه الانفجار وفقدنا الكهرباء والاتصال ولم نكونوا على دراية بما حدث ومن ثم سمعنا أنه كان هناك سد في درنة قد انهار ومرت 4 أيام من دون طاقة كهربائية أو إنترنت”.
وتابعت بو جلدين قائلة: وبدأت بعد ذلك وأسرتي في التعرف على الحجم الكامل للدمار الناجم عن الفيضانات ومع كل يوم يمر نعلم بخسائر جديدة زملاء وأصدقاء وأفراد أسرة قتلوا في الفيضانات واختفى نصف المدينة وأقارب أمي وأصدقاي وزملائي في العمل ماتوا جميعا”.
من جانبه أكد نجيب الترهوني الطبيب العامل بأقرب مستشفى كبير إلى درنة في مدينة بنغازي إن لديه أفراد من أسرته نجوا من الفيضان ووصلوا إلى بر الأمان في المدينة لكنهم تغيروا إلى الأبد فهؤلاء الناس هم أشباح في قذائف.
وأرجع الترهوني الأمر لرؤيتهم الموت في أسرهم وداخل أنفسهم وتحطم أرواحهم وفقدهم الأمل فكيف يمكنهم العودة من هذا الشي القريب من الفناء محذرا من أن الأسابيع المنتظرة هي الأكثر صعوبة فالآلاف قد فقدوا كل شيء منازلهم ووظائفهم ويحتاجون رعاية ودعم نفسيان.
وتحدث نسيب المنصوري وهو من درنة ويعيش الآن في طبرق القريبة عن فقدانه 3 من أبناء عمومته وأسرهم في الفيضان فيما جاء أبناء عمومته الآخرون الذين نجوا للبقاء معه بعد أن كان هطول الأمطار غير عادي في البداية.
وقال المنصوري:”في كل عام يمتلئ وادي درنة بمياه الأمطار ما يؤدي إلى تكوين النهر الموسمي وكانت الأسرة والأصدقاء يرسلون لي مقاطع فيديو للمطر تماما كما فعلوا دائما في السنوات الماضية ولكن هذه المرة كانت الكمية غير عادية وبعد ذلك انهار سدان”.
وبحسب المنصوري وصلت المياه لالطابق الـ2 من منزل ابن عمه سراج ونظر للخارج ورأى الكثير منها تدخل المنزل فأيقظ أسرته وطلب منها الصعود للطابق الـ3 حيث السطح وهكذا نجوا فيما لم يكن بإمكان من يعيشون بطابق واحد أو طابقين جوار وادي درنة الهروب بسهولة.
وتابع المنصوري أنه في صباح اليوم التالي قام شقيقه برحلة صعبة من طبرق إلى درنة للبحث عن أقاربه في مواجهة طرق عدة قطعتها الفيضانات وكانت إحدى قريباتهم وتدعى خديجة البالغة من العمر 37 عاما مفقودة.
ووفقا للمنصوري كان الوضع كارثيا إذ دُفن الناس تحت منازلهم وفي البداية لم يجدوا خديجة بل وجدوا زوجها وأطفالها فقط لذلك استمروا في البحث ولم يجدوها في المنزل لأن الفيضان أخذها بعيدا ولم ينج سوى ابنها فارس البالغ من العمر 5 سنوات.
وقال المنصوري:”أعرف أسرا مات فيها كل فرد منهم ولم يبق أحد على قيد الحياة ومقارنة بمأساتي فإن هذا أمر ضخم حقا” فيما أمضى طه مفتاح المصور الصحفي الذي يعيش في الجانب الغربي من درنة وقته وهو يتجول في وسط المدينة ويقيم الدمار.
وبين مفتاح إن الضرر هائل ولا يمكن تصوره والجميع يتوسل إلى العالم لإرسال المساعدة والاستماع إلى نداءاتهم فيما أشار “إبراهيم أوزر” من منظمة الهلال الأحمر التركي في درنة لانهيار جميع الجسور وعدم وجود رابط فالفيضان لم يكن عاديا وكان مثل عاصفة وزلزال.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الدولي لجميعات الصليب الأحمر والهلال الأحمر “توماسو ديلا لونغا”:”الفرق المحلية هي العنصر الرئيسي في جهود الإنقاذ التي يبذلها الاتحاد الدولي فجمعياتنا الوطنية هي نقطة دخولنا ولهذا السبب فهي عادة أول من يستجيب في كل ركن من أركان العالم”.
وتابع “ديلا لونغا” قائلا:”إن استجابة الهلال الأحمر المحلي أمر بالغ الأهمية إذ يستغرق وصول الطواقم الأجنبية وقتا أطول ليس فقط بسبب ظروف البنية التحتية المحلية ولكن أيضا لأنهم بحاجة إلى تأشيرات لجميع أفراد الإنقاذ وإذن قانوني لإحضار أدوية وأغذية وإمدادات”.
وقال أحمد زويتن ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا:”إنها كارثة ذات أبعاد أسطورية” فيما بينت الصحفية يسرى الباقر إن ما لا يقل عن 20% من السكان المدينة لقوا حتفهم أو فقدوا في وقت عبر فيه وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البريطاني اللورد طارق أحمد وجهة نظره.
وأوضح أحمد قائلا:”من المروع رؤية خسائر في الأرواح ومشاهد دمار بعد فيضانات وبلادي ملتزمة بدعم شعب ليبيا بهذا الوقت العصيب للغاية وسنزيد التمويل البريطاني للاستجابة للأزمة ونقدم الإمدادات الحاسمة المنقذة للحياة بما في ذلك المأوى ومرشحات المياه والتقييمات الطبية”.
ووصفت “مانويل كارتون” المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود الانتظار في طابور لساعات وصولا للمدينة وبمجرد دخولها وجدت متطوعين من جميع الأنحاء توافدوا ما أعاق العاملين بالمجال الإنساني في بعض الأحيان وجعل الأمر فوضويا مع حاجة هائلة للتنسيق.
وقال عبد العزيز بو سمية ذو الـ29 عاما المقيم في حي شيحا إنه فقد أحباءه بعد أن دُفنوا جميعا تحت الوحل أو جرفتهم مياه الفيضانات إلى البحر الأبيض المتوسط متهما السلطات بالفشل في اتخاذ أي من الإجراءات الوقائية.
أما الصحفي “أليكس كروفورد” فقد وصف ما شاهده في وسط مدينة درنة إنها تشبه مقبرة كبيرة ففي كل مكان تنظر إليه هنا تجد الدمار بزاوية 360 درجة وهناك رائحة جثث قوية في الهواء وكانت قوة المياه قوية للغاية من السدين المنهارين.
وبحسب “كروفورد” فقد قال السكان إن الأمر ظهر وكأنه انفجار ولقد جرفت للتو أطنان هائلة من الصخور ومبان سكنية بأكملها وكان أمام الناجين نحو 20 دقيقة للابتعاد عن طريق هذا السيل المائي وكان هناك شعور جماعي بالرعب.
ووصف أحد الشباب كيف كان المتطوعون يربطون الحبال حول أجسادهم للغوص في البحر وانتشال الجثث وأنه انتشل 40 جثة بنفسه خلال يوم واحد قيما يقولون إنهم بحاجة إلى معدات ثقيلة يمكنها بها رفع الأجسام الكبيرة من البحر الأبيض المتوسط مثل السيارات.
وبحسب المتطوعين يُخشى أن تحتوي هذه السيارات على جثث ما يعني الحاجة إلى غواصين ومعدات غوص فيما قال محمد إشتيوي الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي من مدينة مصراتة أنه جاء إلى درنة للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
وتابع إشتيوي إنه رأى فرق غوص دولية تنتشل 8 جثث من الماء وأخبره الغواصون أنهم رأوا مئات الجثث على بعد نحو 15 إلى 20 كيلومترا شرق ميناء درنة وقلبه يتألم لكل من فقدوا لكنه رأى علامة إيجابية مع اجتماع الليبيين من الشرق والغرب معا.
وختم إشتيوي كلامه بالقول:” لقد كانت القوات الأمنية منفصلة سابقا عن بعضها البعض وهي تعمل الآن معا وكأن تلك الخلافات قد أصبحت من الماضي وأنه من المؤلم أن نرى أن هذا التوحيد هو نتيجة لبؤس وألم هائلين”.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمیة البحر الأبیض المتوسط مدینة درنة الکثیر من فی مدینة فیما قال فی درنة ما حدث فی وقت فی وسط
إقرأ أيضاً:
وزارة الشباب تبحث تعزيز التعاون مع وكالات الأمم المتحدة
في إطار التشبيك والتعاون الدولي مع وكالات الأمم المتحدة، عُقد الاجتماع التنسيقي الأول بين وزارة الشباب بحكومة الوحدة الوطنية ووكالات الأمم المتحدة، حيث ترأس الإجتماع مدير ادارة البرامج والأنشطة الشبابية سند الهاميسي ومدير البرامج بمكتب نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا جيسي فورسيث.
وحضر الاجتماع “عدد من مدراء الإدارات والمكاتب بديوان الوزارة ومسؤولة ملف الشراكات والمنظمات الدولية بمكتب شؤون الوزير، وممثلين عن مكتب التعاون الدولي بوزارة التخطيط، كما حضر ممثلو أقسام الشباب في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا UNSMIL، وصندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA، وبرنامج الأغذية العالمي WFP، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF، وبرنامج الأمم المتحدة للمرأة UN Women، والمنظمة الدولية للهجرة IOM”.
وتضمن اللقاء “تقديم رؤية وزارة الشباب وخطة عملها الشاملة للشباب، متضمنةً الأنشطة والمبادرات والمشاريع التي تنفذها الوزارة، كما تم عرض مشاريع الأمم المتحدة الموجهة لدعم الشباب الليبي، بهدف تعزيز دورهم وتمكينهم داخل المجتمع”.
وفي كلمته أكد مدير ادارة البرامج والأنشطة على أن “هذا اللقاء يأتي من أجل توحيد الجهود ووضع خطة عمل مشتركة في المشاريع المتوافقة مع مستهدفات حكومة الوحدة الوطنية للشباب، خاصة في مجالات تمكين الشباب وإدماجهم في مشاريع بناء الدولة والسلم المجتمعي، والعمل على تعزيز المشاركة الشبابية في العملية السياسية”.
وأضاف الهاميسي “أن الجهود الحثيثة المبذولة تذكرنا بجهاد أجدادنا، حيث يظل سعينا للتعليم والمعرفة على خطاهم من أولويات العمل”.
وأكدت مسؤولة ملف الشراكات والمنظمات الدولية بمكتب شؤون الوزير على “انفتاح الوزارة للتعاون مع جميع وكالات الأمم المتحدة والسعي لعقد عدة شراكات مستفيدة من البنية التحتية من المرافق الشبابية لاستقبال المشاريع وتنفيذها. مع التركيز على العمل ضمن نهج معرفي تعاوني كأولوية للوزارة تفوق الحاجة إلى التمويل المالي. كما تم التطرق إلى سعي الوزارة لتوفير المساحات الآمنة للشباب للمشاركة بفاعلية والتشبيك مع بعضهم البعض وبناء السلم المجتمعي، وهي نقطة جوهرية في الشراكة مع الأمم المتحدة”.
وفي ختام الإجتماع أكد الحضور “على أهمية التنسيق المشترك لتوسيع الأنشطة لتشمل الشباب في كافة المناطق، تحقيقاً للتنمية الشاملة. وأخيراً، التأكيد على أهمية هذه الشراكة لما تمثله من توفير للدعم الفني والمعرفي، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتمكين الشباب الليبي. كما أكدوا على ضرورة استمرار التعاون المشترك لضمان تحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل”.