معركة لي الذراع.. لهذه الأسباب أبعدت طهران 8 مفتشين في الوكالة الذرية
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
طهران- جاءت نتائج الاجتماع الفصلي الأخير لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتعكّر صفو ملف طهران النووي، الذي شهد في الفترة الأخيرة هدوءا نسبيا، بعد القرار الذي اُتخذ قبل نحو 6 أشهر باستئناف التعاون التقني مع الوكالة.
فبعد أن أعرب المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، الاثنين الماضي، عن أسفه بما تفعله إيران من تصعيد نووي وعدّه "استخفافا" بالوكالة، أعلنت كلٌّ من لندن وباريس وبرلين -الخميس الماضي- أنها ستبقي عقوباتها المتعلقة بالصواريخ الباليستية على إيران، إلى ما بعد اليوم الانتقالي المنصوص عليه بالاتفاق النووي.
ووفقا للاتفاق النووي المبرم في 2015، فإن "سلسلة عقوبات للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ينبغي لها أن تُرفع عن إيران في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث تستهدف هذه العقوبات بشكل خاص الأفراد والكيانات الضالعين في البرنامج الصاروخي الإيراني، وبرنامج الأسلحة النووية، وأسلحة أخرى".
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وصف تصعيد إيران النووي بـ "الاستخفاف" (رويترز) الرد الإيرانيبيان الثلاثي الأوروبي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) الأخير جاء بعد امتناعهم -برفقة الولايات المتحدة- عن تقديم مشروع قرار أمام مجلس محافظي الوكالة، يندّد بعدم تعاون إيران، الأسبوع الماضي، وهو ما دفع هذه الدول لإصدار "إعلان مشترك" يحض طهران على "التحرك فورا" لحل المسائل العالقة مع الوكالة الذرية الدولية.
من جانبها، وصفت الخارجية الإيرانية قرار "الترويكا الأوروبية"، الذي حظي بدعم أميركي على الفور، أنه "إجراء غير قانوني ويتعارض مع التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي والقرار الدولي 2231″، وأخطرت الوكالة –أول أمس السبت- بمنع بعض مفتشيها من العمل داخل الجمهورية الإسلامية، متهمة الرباعي الغربي بتسييس الوكالة الأممية.
في المقابل، نددت الوكالة الذرية بما وصفته "بالإجراء الأحادي غير المتناسب وغير المسبوق، الذي يؤثر في التخطيط ونشاطات التفتيش التي تجريها الوكالة في إيران بشكل معتاد"، مشيرة إلى أن هؤلاء المفتشين من بين الأكثر خبرة بالوكالة، ولديهم معرفة فريدة في مجال تقنية التخصيب.
وكشف مستشار الوفد الإيراني المفاوض محمد مرندي، للجزيرة نت، أن القرار الإيراني يشمل إلغاء تصاريح 8 من المفتشين ممن يحملون الجنسيتين الفرنسية والألمانية، مضيفا أنه لا يوجد بين المفتشين الأمميين في إيران خلال الفترة الأخيرة أي شخص أميركي، أو بريطاني.
أسباب القرارمن ناحيته، يقول الباحث السياسي المتخصص في ملف طهران النووي مصطفى خوش جشم، إن قرار بلاده لا يتجاوز إلغاء اعتماد عدد من مفتشي الوكالة الذرية وليس جميعهم، وأن بإمكان الوكالة ترشيح آخرين بدلا من هؤلاء، طالما لم تبلغها طهران بعدم رغبتها باستقبال مفتشين جدد.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح خوش جشم أن بلاده ستواصل تعاونها التقني مع الوكالة الذرية، مُرجعا سبب اتخاذ طهران قرارا بإلغاء اعتماد بعض المفتشين، إلى مساعي بعض الدول الغربية لتسييس عمل الوكالة، وتناغم الأخيرة مع "أجندة" تلك الدول.
وتابع الباحث الإيراني، أنه من حق طهران إلغاء ترخيص بعض المفتشين غير المرغوب فيهم، وفقا لاتفاق الضمانات الخاص بمعاهدة منع الانتشار النووي الموقّع بين الدول الأعضاء والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعمّا إذا كانت الخطوة الإيرانية أتت ردا على توجه "الترويكا الأوروبية" بإبقاء العقوبات الصاروخية لما بعد 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قال خوش جشم، إن القرار الإيراني يستهدف على وجه التحديد الرباعي الغربي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأميركا) بعد بيانه المشترك خلال الاجتماع الأخير لمجلس محافظي الوكالة الذرية.
وأضاف الباحث أن الخطوة الإيرانية تقنية، وتستهدف التعاون التقني بينها والوكالة الذرية، بسبب خضوع الأخيرة للضغوط الغربية، وعدم أخذها تعاون طهران البنّاء بعين الاعتبار.
العقوبات الصاروخيةتصف الخبيرة السياسية برستو بهرامي راد، بيان الترويكا الأوروبية لإبقاء العقوبات الصاروخية المفروضة علی إيران، أنه مكمّل للإعلان المشترك الذي أصدرته بقيادة الولايات المتحدة، في ختام الاجتماع الفصلي الأخير للوكالة الذرية.
وأوضحت الباحثة الإيرانية، للجزيرة نت، أن بلادها لا ترى نقاشا في رفع العقوبات الصاروخية الشهر المقبل، في ظل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، مؤكدة أن طهران تسعى للحصول على امتيازات أكبر على طاولة المفاوضات غير المباشرة، المتواصلة بوساطة عمانية مع الجانب الأميركي.
ويأتي التطور الأخير في الملف النووي الإيراني على وقع مفاوضات غير مباشرة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة بوساطة أقليمية، توّجت في 10 أغسطس/آب 2023 بالتوصل إلى اتفاق يقضي بتبادل 5 سجناء من الطرفين، مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية.
تقسيم للأدوارترى الباحثة بهرامي راد أن وراء التصعيد الأوروبي الأخير بحق إيران تقسيم للأدوار، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، مؤكدة أنه وخلافا للتنسيق الذي أعقب انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق النووي، فإن الجانب الأوروبي يؤدي دور "الشرطي السيئ" في المرحلة الراهنة، على حد تعبيرها.
وخلصت الباحثة، إلى أنه على غرار الضغوط السياسية الغربية على الوكالة الذرية، فإن القرار الإيراني سياسي أكثر منه تقني، وأن تداعياته على ملف طهران النووي وتعاونها مع الوكالة ستكون متفاوتة، وفقا للسلوك السياسي الغربي.
وختمت بالقول، إن بلادها تخشى تمادي الجانب الغربي في الضغط على الوكالة الذرية، من أجل اختلاق ذريعة لحرمان الجمهورية الإسلامية من حقوقها في الاتفاق النووي، مستدركة أن طهران تمتلك أوراقا تجعل الترويكا الأوروبية تعيد النظر في حساباتها قبل اتخاذ أي خطوة لتفعيل آلية فض النزاع، التي من شأنها أن تقضي على تعاون إيران مع الوكالة الذرية، وعلى الاتفاق النووي بشكل نهائي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الوکالة الذریة الاتفاق النووی مع الوکالة
إقرأ أيضاً:
لهذه الأسباب تتحفظ ليبيا على مبادرة أممية لإجراء الانتخابات
ما زالت ردود الفعل والمواقف المحلية إزاء إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) الثلاثاء الماضي تشكيل لجنة استشارية مستمرة، بين مؤيد ومعارض ومتحفظ.
ورغم خلافهما على رئاسة المجلس الأعلى للدولة فإن محمد تكالة وخالد المشري اتفقا على انتقاد إعلان تشكيل لجنة استشارية من 20 عضوا تقول البعثة إنه تم اختيارهم وفق معايير المهنية والخبرة في القضايا القانونية والدستورية.
وأشار تكالة بصفته رئيس المجلس -في بيان نشره المكتب الإعلامي للمجلس- إلى أن البعثة الأممية عينت اللجنة دون التشاور مع مجلسي النواب والدولة، في حين تحفّظ غريمه المشري -في منشور له عبر منصة فيسبوك- على أعضاء اللجنة التي عدها غير متوازنة.
وللوقوف على أسباب رفض المجلس الأعلى للدولة تشكيل اللجنة الأممية وجهت الجزيرة نت أسئلة إلى بعض الشخصيات الليبية الوازنة.
هل يعتبر رفض المجلس تركيبة اللجنة سببا كافيا لعدم الاعتراف بمخرجاتها لاحقا؟يقول مقرر المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز إنهم طلبوا من البعثة إضافة بعض التعديلات، وإنهم يترقبون أن تستجيب لمطالبهم.
وأضاف بلقاسم "إذا تعاونت فسنكون على استعداد للتعاون معها، أما إذا رفضت التعديل فسنكون مضطرين للاعتراض على مخرجات اللجنة".
من جهته، يعتبر المحلل السياسي إبراهيم بلقاسم أن تشكيل اللجنة الاستشارية خيار لا بديل عنه، مشيرا إلى أنها شُكّلت وفق معايير أممية لضمان استقلاليتها، ومؤكدا أن أعضاءها (محامون وقانونيون وقضاة) لا يمثلون أي طرف من أطراف النزاع، وهو ما يمنحها نوعا من التوازن.
إعلان ما أبرز التحديات التي تواجه اللجنة الاستشارية؟يرى دبرز أن التحدي الأول يتمثل في أن اللجنة استشارية، وبالتالي فإن توصياتها غير ملزمة للأطراف الليبية.
وأضاف أن هناك إشكالية في التمثيل الجغرافي، إذ لم تشمل اللجنة ممثلين عن بعض المناطق مثل الزنتان والزاوية وجزء كبير من الجنوب ومناطق شرقي البلاد.
لكن الإشكالية الكبرى -حسب كلامه- تكمن في طبيعة الأزمة الليبية نفسها، فالخلاف في جوهره ليس قانونيا بقدر ما هو سياسي، فكيف يمكن للجنة استشارية قانونية وفنية أن تضع حلولا لأزمة سياسية معقدة، ولا سيما في ظل غياب تمثيل أطراف الصراع؟
كيف يمكن تقييم خطوة تشكيل اللجنة الاستشارية من حيث المعايير والتوازن؟يؤكد عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة أن البرلمان لا يعارض تشكيل اللجنة الاستشارية شريطة أن تكون لجنة فنية متخصصة تدرس خارطة طريق الانتخابات وتقدم مشورة وطنية موضوعية دون المساس بالسيادة الليبية.
أما عضو مجلس النواب علي الصول فيعتبر أن تشكيل البعثة الأممية للجنة هو بالأساس تجاوز للصلاحيات ومحاولة فرض إملاءات مشروطة على الليبيين.
وأوضح الصول أن اختصاص البعثة هو دعم التوافق الليبي في العملية السياسية عبر تشكيل حكومة وإجراء انتخابات عامة، وليس فرض سيناريوهات معينة أو إشراك أطراف وشخصيات غير فاعلة في المشهد.
من جهتها، تقول عضوة مجلس النواب أسمهان بالعون إن هناك مساعي في البرلمان للخروج بفكرة متكاملة ومبلورة بشأن آخر تحركات البعثة الأممية، بما فيها تشكيل اللجنة الاستشارية.
بدوره، رحب عضو مجلس الدولة بلقاسم قزيط بجهود البعثة الأممية، معتبرا أن اللجنة متوازنة وجيدة في تمثيلها، ومشيرا إلى أن الدعم الدولي الذي تحظى به اللجنة هو من أبرز نقاط قوتها.
هل تنجح اللجنة الاستشارية في معالجة القضايا الخلافية بشأن قوانين الانتخابات؟أثنى عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة على ما يتمتع به أعضاء اللجنة الاستشارية من خبرات، ودعا اللجنة إلى التركيز على مختلف القضايا عدا القوانين الانتخابية نظرا لتعقيد الملف الذي أحرز فيه مجلسا النواب والدولة تقدما كبيرا عبر لجنة "6+6″، متهما البعثة الأممية بفتح ملف القوانين الانتخابية لإقصاء بعض الشخصيات الليبية، على حد قوله.
إعلانمن جهته، أشار المحلل السياسي إبراهيم بلقاسم إلى ثقة ستيفاني خوري نائبة رئيس البعثة الأممية في عدم اعتراض مجلسي النواب والدولة على مخرجات اللجنة الاستشارية.
لكن في حال رفض المجلسين الخطة الحالية فإن البعثة تمتلك -حسب المحلل السياسي- خطتين بديلتين:
الخطة الأولى: تمرير مخرجات لجنة "6+6" إلى مجلسي النواب والدولة، ليتم اعتمادها كإطار دستوري وقوانين انتخابية، وإذا استجاب المجلسان وتعاونا فستتم مكافأتهما عبر تشكيل حكومة جديدة مصغرة ذات مهمة ومدد محددة تقتصر على الإشراف على الانتخابات، بميزانية محدودة وصلاحيات مقيدة. الخطة الثانية: تفعيل المادة الـ64 من الاتفاق السياسي التي تنص على استدعاء لجنة الحوار السياسي وإطلاق منتدى حوار سياسي جديد، مما يعني تجاوز المجلسين وإقرار القوانين التي ستفرزها اللجنة الاستشارية.وفي حال التوصل إلى هذا السيناريو ستشكل حكومة جديدة مصغرة غير خاضعة لمجلسي النواب والدولة.
ويرى بلقاسم أن خوري تتحرك بثقة، مستندة إلى دعم المجتمع الدولي لمقاربتها، وتضع 3 أهداف رئيسية:
تعديل القوانين الانتخابية التي أفرزتها لجنة "6+6". تشكيل حكومة موحدة في ليبيا، سواء عبر دمج الحكومتين أو تغييرهما. إجراء انتخابات برلمانية مع إمكانية استفتاء لاحق على الدستور. كيف نفسر صمت المجلس الرئاسي؟حاولت الجزيرة نت التواصل مع المجلس الرئاسي عبر الناطقة الرسمية باسمه نجوى وهيبة ولم تحصل على رد.
ويلفت المحلل السياسي بلقاسم إلى أن صمت المجلس الرئاسي مؤشر لا يمكن تجاهله، ففي حال فشل المسار الأممي من الممكن أن يفتح الباب أمام احتمال تدخل المجلس -لاحقا- كضامن للمسار السياسي، وهو دور قد تترتب عليه قرارات كبرى، مثل تجميد المؤسسات القائمة، وهذه مسألة خطيرة جدا.