طهران- جاءت نتائج الاجتماع الفصلي الأخير لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتعكّر صفو ملف طهران النووي، الذي شهد في الفترة الأخيرة هدوءا نسبيا، بعد القرار الذي اُتخذ قبل نحو 6 أشهر باستئناف التعاون التقني مع الوكالة.

فبعد أن أعرب المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، الاثنين الماضي، عن أسفه بما تفعله إيران من تصعيد نووي وعدّه "استخفافا" بالوكالة، أعلنت كلٌّ من لندن وباريس وبرلين -الخميس الماضي- أنها ستبقي عقوباتها المتعلقة بالصواريخ الباليستية على إيران، إلى ما بعد اليوم الانتقالي المنصوص عليه بالاتفاق النووي.

ووفقا للاتفاق النووي المبرم في 2015، فإن "سلسلة عقوبات للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ينبغي لها أن تُرفع عن إيران في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث تستهدف هذه العقوبات بشكل خاص الأفراد والكيانات الضالعين في البرنامج الصاروخي الإيراني، وبرنامج الأسلحة النووية، وأسلحة أخرى".

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وصف تصعيد إيران النووي بـ "الاستخفاف" (رويترز) الرد الإيراني

بيان الثلاثي الأوروبي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) الأخير جاء بعد امتناعهم -برفقة الولايات المتحدة- عن تقديم مشروع قرار أمام مجلس محافظي الوكالة، يندّد بعدم تعاون إيران، الأسبوع الماضي، وهو ما دفع هذه الدول لإصدار "إعلان مشترك" يحض طهران على "التحرك فورا" لحل المسائل العالقة مع الوكالة الذرية الدولية.

من جانبها، وصفت الخارجية الإيرانية قرار "الترويكا الأوروبية"، الذي حظي بدعم أميركي على الفور، أنه "إجراء غير قانوني ويتعارض مع التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي والقرار الدولي 2231″، وأخطرت الوكالة –أول أمس السبت- بمنع بعض مفتشيها من العمل داخل الجمهورية الإسلامية، متهمة الرباعي الغربي بتسييس الوكالة الأممية.

في المقابل، نددت الوكالة الذرية بما وصفته "بالإجراء الأحادي غير المتناسب وغير المسبوق، الذي يؤثر في التخطيط ونشاطات التفتيش التي تجريها الوكالة في إيران بشكل معتاد"، مشيرة إلى أن هؤلاء المفتشين من بين الأكثر خبرة بالوكالة، ولديهم معرفة فريدة في مجال تقنية التخصيب.

وكشف مستشار الوفد الإيراني المفاوض محمد مرندي، للجزيرة نت، أن القرار الإيراني يشمل إلغاء تصاريح 8 من المفتشين ممن يحملون الجنسيتين الفرنسية والألمانية، مضيفا أنه لا يوجد بين المفتشين الأمميين في إيران خلال الفترة الأخيرة أي شخص أميركي، أو بريطاني.

أسباب القرار

من ناحيته، يقول الباحث السياسي المتخصص في ملف طهران النووي مصطفى خوش جشم، إن قرار بلاده لا يتجاوز إلغاء اعتماد عدد من مفتشي الوكالة الذرية وليس جميعهم، وأن بإمكان الوكالة ترشيح آخرين بدلا من هؤلاء، طالما لم تبلغها طهران بعدم رغبتها باستقبال مفتشين جدد.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح خوش جشم أن بلاده ستواصل تعاونها التقني مع الوكالة الذرية، مُرجعا سبب اتخاذ طهران قرارا بإلغاء اعتماد بعض المفتشين، إلى مساعي بعض الدول الغربية لتسييس عمل الوكالة، وتناغم الأخيرة مع "أجندة" تلك الدول.

وتابع الباحث الإيراني، أنه من حق طهران إلغاء ترخيص بعض المفتشين غير المرغوب فيهم، وفقا لاتفاق الضمانات الخاص بمعاهدة منع الانتشار النووي الموقّع بين الدول الأعضاء والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وعمّا إذا كانت الخطوة الإيرانية أتت ردا على توجه "الترويكا الأوروبية" بإبقاء العقوبات الصاروخية لما بعد 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قال خوش جشم، إن القرار الإيراني يستهدف على وجه التحديد الرباعي الغربي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأميركا) بعد بيانه المشترك خلال الاجتماع الأخير لمجلس محافظي الوكالة الذرية.

وأضاف الباحث أن الخطوة الإيرانية تقنية، وتستهدف التعاون التقني بينها والوكالة الذرية، بسبب خضوع الأخيرة للضغوط الغربية، وعدم أخذها تعاون طهران البنّاء بعين الاعتبار.

العقوبات الصاروخية

تصف الخبيرة السياسية برستو بهرامي راد، بيان الترويكا الأوروبية لإبقاء العقوبات الصاروخية المفروضة علی إيران، أنه مكمّل للإعلان المشترك الذي أصدرته بقيادة الولايات المتحدة، في ختام الاجتماع الفصلي الأخير للوكالة الذرية.

وأوضحت الباحثة الإيرانية، للجزيرة نت، أن بلادها لا ترى نقاشا في رفع العقوبات الصاروخية الشهر المقبل، في ظل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، مؤكدة أن طهران تسعى للحصول على امتيازات أكبر على طاولة المفاوضات غير المباشرة، المتواصلة بوساطة عمانية مع الجانب الأميركي.

ويأتي التطور الأخير في الملف النووي الإيراني على وقع مفاوضات غير مباشرة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة بوساطة أقليمية، توّجت في 10 أغسطس/آب 2023 بالتوصل إلى اتفاق يقضي بتبادل 5 سجناء من الطرفين، مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية.

تقسيم للأدوار

ترى الباحثة بهرامي راد أن وراء التصعيد الأوروبي الأخير بحق إيران تقسيم للأدوار، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، مؤكدة أنه وخلافا للتنسيق الذي أعقب انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق النووي، فإن الجانب الأوروبي يؤدي دور "الشرطي السيئ" في المرحلة الراهنة، على حد تعبيرها.

وخلصت الباحثة، إلى أنه على غرار الضغوط السياسية الغربية على الوكالة الذرية، فإن القرار الإيراني سياسي أكثر منه تقني، وأن تداعياته على ملف طهران النووي وتعاونها مع الوكالة ستكون متفاوتة، وفقا للسلوك السياسي الغربي.

وختمت بالقول، إن بلادها تخشى تمادي الجانب الغربي في الضغط على الوكالة الذرية، من أجل اختلاق ذريعة لحرمان الجمهورية الإسلامية من حقوقها في الاتفاق النووي، مستدركة أن طهران تمتلك أوراقا تجعل الترويكا الأوروبية تعيد النظر في حساباتها قبل اتخاذ أي خطوة لتفعيل آلية فض النزاع، التي من شأنها أن تقضي على تعاون إيران مع الوكالة الذرية، وعلى الاتفاق النووي بشكل نهائي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الوکالة الذریة الاتفاق النووی مع الوکالة

إقرأ أيضاً:

البرلمان الإيراني: لو كنتم تعلمون ما أعد لكم لتوقفتم الآن عن تهديد إيران

علق رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف على التهديد الإسرائيلي للرد على القصف الإيراني.

وقال محمد باقر قاليباف في تدوينة على منصة "X" يوم الثلاثاء: "لم يظهر للمعتدين سوى ركن من أركان قوة إيران.. إننا بكل قوتنا ومن منطلق حق الدفاع المشروع نقف ضد دعاة الحرب التي يمارسها النظام الصهيوني".

وأضاف رئيس البرلمان "تم تصميم ردود غير متوقعة ضد تهديدات العدو".

وتابع قائلا: "لو كنتم تعلمون ما أعد لكم، لتوقفتم الآن عن تهديد إيران الأبية".

هذا، وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن طهران على استعداد تام لاتخاذ المزيد من التدابير الدفاعية من أجل حماية مصالحها المشروعة والدفاع عن سيادتها ضد أي عدوان عسكري واستخدام غير قانوني للقوة ولن تتردد في ذلك.

وذكرت الخارجية في بيان "أن القوات المسلحة الإيرانية تماشيا مع إعمال الحق الأصيل في الدفاع المشروع وبموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وردا على الأعمال العدوانية للكيان الصهيوني، قررت تنفيذ سلسلة هجمات صاروخية على أهداف ومنشآت عسكرية وأمنية تابعة للكيان الصهيوني".

وأفادت بأن لجوء إيران إلى حق الدفاع المشروع بعد فترة طويلة من ضبط النفس، يظهر النهج المسؤول الذي تتبعه طهران تجاه السلام والأمن الإقليميين والدوليين في وقت لا تزال تستمر فيه الأعمال غير القانونية والإبادة الجماعية التي يقوم بها نظام الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني واعتداءاته العسكرية المتكررة على لبنان وسوريا.

وأعلن الحرس الثوري يوم الثلاثاء إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه إسرائيل وحذر من أن رد إسرائيل سيقابله رد من طهران "أكثر سحقا وتدميراً".

وأفاد الحرس الثوري بأن الهجوم الصاروخي استهدف 3 قواعد عسكرية إسرائيلية، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران نهاية يونيو الماضي، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وقائد العمليات في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوروشان، في غارات جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز" إن إطلاق الصواريخ جاء بناء على أوامر من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي ظل في مكان آمن منذ الغارات الجوية الإسرائيلية على بيروت التي قتلت نصر الله الأسبوع الماضي.

هذا، توعد مسؤولون إسرائيليون برد شديد على الهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران يوم الثلاثاء على إسرائيل فيما تتواصل مداولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأمنية.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن الهجوم الإيراني "ستكون له عواقب" وأن المستوى العسكري في إسرائيل لديه خطط.

كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إيران ارتكبت خطأ كبيرا وستدفع ثمنه، مؤكدا أن من يهاجمهم سيهاجمونه.

مقالات مشابهة

  • لهذه الأسباب.. هجوم إسرائيل على إيران سيكون "كبيرا"
  • ضربة طهران الصاروخية تمنح إسرائيل مبررًٕا لمهاجمة التهديد النووي الإيراني
  • هل تواصلت إيران مع الولايات المتحدة قبل قصف إسرائيل؟
  • الغارديان: اغتيال نصر الله وضع الرئيس الإيراني أمام ضغوط المتشددين الإيرانيين
  • البرلمان الإيراني: لو كنتم تعلمون ما أعد لكم لتوقفتم الآن عن تهديد إيران
  • المادة 51.. ما النص الذي استندت إليه إيران في ضرب إسرائيل؟
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تواصل مستمر مع كل أطراف الصراع في أوكرانيا
  • هجوم إيران الباليستي.. الرد المتأخر الذي حمل رسالة لم تكُ لإسرائيل
  • هجوم إيران الباليستي.. الرد المتأخر الذي حمل رسالة لم تكُ لإسرائيل- عاجل
  • احذر من تخزين البطاطس المسلوقة في الثلاجة لهذه الأسباب