مغريات ومال سياسي.. شراء الأصوات يطغى بكربلاء دون أمل والمقاطعة خيار مستحيل
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
بغداد اليوم - كربلاء
لا تنفك كل انتخابات في العراق بشقيها البرلماني والمحلّي عن وجود استغلال للمال العام وصلت حد العلن، في ظاهرة أصبحت قريبة من "العادة السياسية" لجزء ليس بالقليل من المرشحين.
وفي تطور وصل إلى حد السباق بين المرشحين لمجلس النواب وصل إلى حد القيام بأعمال "البلدية" وتوزيع الهدايا السخيّة على الناخبين، دفع بعض الوجوه الجديدة منها والقديمة الى تكرار ظاهرة شراء الأصوات وتوزيع الهواتف النقالة والوعود بالتعيين على القطاع الحكومي.
وكربلاء التي يبلغ عدد السكان فيها، مليون و250 ألفاً و608 مواطنين، لديها 12 مقعداً ضمن مجلس المحافظة الذي سينتج عن انتخابات مجالس المحافظات المقررة في الثامن عشر من كانون الأوّل المقبل، يستبعد ناشطون فيها أن تحقق انتخابات مجالس المحافظات تغييراً ملموساً في واقع الإدارة وخدمات المواطنين.
لن تحدث تغييرًا
ووفقا للناشط المدني، أحمد البناء، فأن" انتخابات مجالس المحافظات المقبلة لن تحدث تغييراً بالإدارة وخدمات المواطنين، إن بقيت مقاطعتها من قبل الجماهير ونسبتهم تفوق الـ(65%) من عدد الذين يحق لهم الإنتخاب، كم حصل بأكثر من انتخابات سابقة.
ويقول البناء في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن الأحزاب المهيمنة ستتغلب من خلال جمهورها الذي يتوجه لها في كل انتخابات، وسيبقى دور المال السياسي وشراء الأصوات وتقديم المغريات والوعود من قبل الأحزاب، وسيتم إنتخاب الفاسدين ويسوء الحال أكثر، مؤكداً إن المالي السياسي والنفوذ بدى واضحاً منذ عملية إختيار المرشحين في كربلاء، إذ عُرضت مغريات على شخصيات مؤثرة بالمجتمع للترشح مع بعض القوائم، وإعطائهم وعوداً بمناصب معينة إن لم يفوزوا بالإنتخابات.
وذكر البناء، إن المجتمع العشائري منقسم ما بين تأييد بعض الأحزاب بهدف المنافع والنفوذ، وآخر رافض للأحزاب ويتطلع للتغيير ويعمل بهذا الإتجاه، منوهاً إلى إن عدد من الشخصيات المستقلة على مستوى كربلاء ستشارك بالإنتخابات، لكن ليس سهلاً التكهن بحجم الذين سيصلون إلى مجالس المحافظات وإحداث التغيير من خلالهم.
خيار المقاطعة
وأقر الناشط المدني بإن قانون (سنت ليغو) الخاص بالإنتخابات أصبح مفروضاً، وليس صحيحاً مقاطعة الانتخابات وإبقاء الساحة للأحزاب لتستمر معاناتنا، وعلينا المحاولة وهناك فرص متاحة للتغير، معربا عن أمله بأن تكون المشاركة كثيرة بالعملية الانتخابية المقبلة، وأن يتم إختيار الوجوه الجديدة والكفوءة، ليحدث التغيير النسبي وليس الجذري الذي يحتاج إلى مشاركة واسعة.
من جانبه قال الناشط المدني، رائد العسلي، لـ"بغداد اليوم"، إن الرأي العام الواضح في الوقت الحالي يشير إلى وجود عزوف كبير عن المشاركة بالتصويت في انتخابات مجالس المحافظة المقبلة، وهذا مؤكداً ليس ثابتاً كون المتغيرات والقناعات قد تحصل سريعاً، وذلك مرهون بعمليات التثقيف والتوعية، مستدركاً لكن لا يمكن أن تستسلم للواقع وقد نُحدث التغيير ونقلل حجم تغلب الأحزاب بالإنتخابات.
وأكد العسلي، إن عمليات شراء الأصوات تكرر بكل إنتخابات وبدأنا نشاهدها من الآن فضلاً عن إعطاء الوعود وخداع الجماهير واللعب على العواطف والتحشيد الحزبي والفئوي والعشائري دون النظر للكفاءة والخبرة بشخص المرشح، واصفاً الأحزاب الموجودة في السلطة بأنها كاذبة وفاسدة ولم تقدم خيرا للبلاد، وعادة ما تتوجه للمواطن بوقت الانتخابات، وينبغي إطلاق حملات توعية مجتمعية في هذا الجانب.
وشدد العسلي، إن عملية التغيير نحو الأفضل ترتبط بشكل كامل مع المواطن، وأن تكون نسبة المشاركة أعلى في انتخابات مجالس المحافظات وإختيار المرشح الكفوء والنزيه، محذراً من تكرار المقاطعة كما في الانتخابات السابقة، وتكون الغلبة للأحزاب كون لديها جمهور وتمتلك المال والنفوذ.
التيار الصدري
من جهته قال المراقب الدولي لشؤون الانتخابات، حسين الإبراهيمي، لـ"بغداد اليوم"، إن العودة إلى قانون (سانت ليغو) وعدم مشاركة التيار الصدري بإنتخابات مجالس المحافظات المقبلة، ستقلل أكثر من نسبة المشاركة بالإقتراع عما كانت عليه في العمليات الانتخابية السابقة، وهذه المرة ستنحصر الغلبة بالأحزاب الموجودة، لافتا إلى إنه وفق تلك المعطيات سيكون من الصعب جداً على الشخصيات أو الكيانات الناشئة الوصول إلى مجالس المحافظات، ولن تحصل عملية التغيير التي يتطلع إليها الشعب.
وأوضح الإبراهيمي، إن قانون (سانت ليغو) ونسبة الإحتساب فيه (1/7) وجدت لدعم الأحزاب الكبيرة وتقييد الكيانات الجديدة، إضافة إلى هيمنة المال السياسي ووجود الأحزاب بالسلطة، وهذا ما بات يدركه المواطن وهو سبب العزوف عن المشاركة بالإنتخاب، مرجحاً حصول (ولادة ميتة) لعملية انتخابات مجالس المحافظات، وأن عملية التغيير مرهونة بمشاركة واسعة من قبل المواطنين وتوجههم لصناديق الإقتراع.
دور سلبي
بدوره قال عضو مجلس النواب عن محافظة كربلاء، جواد اليساري، إن أغلب الكتل السياسية مصرة على إجراء الانتخابات بموعدها لكنها تراقب الشارع وتخشى إعادة تجربة تشرين والإحتجاجات، مُذكراً إن الشارع هو الذي ضغط وتم تجميد عمل تلك المجالس المحافظات التي أصل وجودها دستوري،
وأقر اليساري في حديث له مع "بغداد اليوم"، بإن دور مجالس المحافظات كان سلبياً وإيجابياً بذات الوقت، وفيها سوء أداء من بعض أعضائها الذين ظهر عليهم الفساد والثراء وإستغلوا المناصب في الكسب غير المشروع، مشدداً على الحاجة إلى جهة تراقب أداء إدارات المحافظات بشكل مباشر، وإن وصلوا النزيهين والحريصين إلى مجالس المحافظات ربما سيقدمون خدمة لمحافظاتهم وشعبهم، وهنا يلعب صوت المواطن دورا في إختيار الأصلح والأكفأ.
وأكد النائب، إن مجالس المحافظات لها دور في مراقبة المحافظين وأدائهم، وبعد تجميدها بدأ بعضهم بالعمل وتقديم الخدمة، وبعضهم إستغل المنصب وصار أكثر فسادا نتيجة عدم وجود الرقابة عليه، مردفاً إن بعض المحافظين أصبحوا ينافسون الكتل الكبيرة وسيدخلون الانتخابات المقبلة نتيجة تنفذهم عن طريق عملهم وظهورهم بمستوى جيد أو تمكنهم من إقناع الناس وتشكيل قوائم إنتخابية ستنافس الأحزاب الكبيرة.
مقاعد المحافظات
وسيشارك في الانتخابات المقرر اجراؤها في 18 كانون الأول المقبل، 296 حزباً سياسياً انتظموا في 50 تحالفاً إلى جانب أكثر من 60 مرشحاً سيشاركون بقوائم منفردة.
ويتنافس المرشحون على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات العراقية، وجرى تخصيص 75 منها، ضمن كوتا للنساء، و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية.
بحسب الدستور، تتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولها صلاحيات الإقالة والتعيين، وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي، وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013.
ومازالت التوقعات متضاربة وغير واضحة بشأن نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات القادمة، الا أن مراقبين يتوقعون مشاركة كبيرة هذه المرة، بسبب ان انتخابات مجالس المحافظات تختلف عن الانتخابات البرلمانية، لاسيما وان المرشحين في الانتخابات المحلية كثيرا ما يعتمدون على الجماهير المحيطة بهم الذين بدورهم يحرصون على خوض هذه التجربة.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: انتخابات مجالس المحافظات فی الانتخابات بغداد الیوم
إقرأ أيضاً:
خيار أخف الضررين في الانتخابات الأمريكية
حسام عثمان محجوب
3 نوفمبر 2024
صوت يوم الأربعاء في تكساس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وكتبت اسم كورنيل ويست كمرشح (write-in candidate). بسبب النظام الانتخابي العقيم الموروث من زمن العبودية، فصوتي ليس مهماً في ولاية محسومة للجمهوريين مثل تكساس، ولذلك كان قراري أسهل مقارنة بالناخبين في الولايات المتأرجحة مثل ميتشيغان وبنسلفانيا. السبب الرئيسي لعدم تصويتي لكمالا هو أنها مشاركة رئيسية في جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين ولبنان وأماكن أخرى. لا أشك أن ترامب كان سيرتكب نفس الجرائم لو كان رئيساً، وإذا انتُخب مرة أخرى، فسيواصل ارتكابها بجرأة أكبر، إلا أن فداحة تلك الجرائم تجعل من غير الممكن تبرير عدم محاسبة مرتكبيها.
أعرف تماماً أن الفرق بين ترامب وكمالا ليس كبيراً في قضايا عديدة، وأن الديمقراطية في الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة، وأنها تنطلق بسرعة كبيرة منذ عقود في مسارات غير ديمقراطية، حتى خلال فترات الرؤساء الديمقراطيين. كما أرى أن الشعب الأمريكي بحاجة إلى إدراك أن النظام يتطلب تغييراً جذرياً لن يتحقق إلا عندما يقرر غالبيته ذلك وينتظم ليحققه. ومع ذلك، فإنني أعلم أيضاً أن هناك فروقات محلية مهمة بين ترامب وكمالا، حيث أن سياسات ترامب قد تضر بعدد أكبر من الناس في أمريكا في السنوات القليلة القادمة، في حين أن بعض سياسات كمالا كانت قد تساعدهم. ومع ذلك، يجب على الناخبين الأمريكيين الذين سيصوتون لكمالا أن يدركوا أن الشعب الأمريكي يتحمل مسؤولية جرائم بايدن وكمالا، وأنهم - شاؤوا أم أبوا - سيدفعون ثمن الجرائم التي ترتكبها حكومتهم في أنحاء العالم بما فيها فقدانهم للديمقراطية المحدودة التي يعتقدون أنهم يعيشون فيها.
أنا لم أصوت في انتخابات هيلاري كلينتون وترامب في 2016، وكتبت أنني أتمنى أن يفوز ترامب كي لا يعيش الشعب تحت أي أوهام بأن الأمور على ما يرام، وحتى يرى الواقع المرير ويدرك حاجته إلى تغيير جذري. لكن من الواضح أن نسبة كبيرة من الشعب لم تصل بعد إلى هذا الإدراك، ولذلك كانت الخيارات في عام 2020 بايدن، وفي 2024 كمالا.
بالنسبة للذين يقولون إن رئاسة ترامب لن تكون نهاية الديمقراطية كما يخشى البعض، الفارق الكبير بين ترامب 2024 وترامب 2016 هو أن نجاح ترامب في المرة السابقة كان مفاجئاً له وللحزب الجمهوري وللمحافظين عموماً. لكن هذه المرة هناك مشروع واضح ومتكامل لتغيير أمريكا ونظامها لعقود قادمة. ترامب نفسه ليس صاحب هذا المشروع ولا المنفذ الوحيد له، بل هناك مجموعة منظمة للغاية تمتلك رؤية واضحة لهذا المشروع، وإذا نظرنا فقط إلى تأثير قرار المحكمة العليا (Citizens United) على تأثير الأموال في الانتخابات وعلى المساواة بين الناخبين، وحاولنا تخيل تبعات مشروع 2025 (Project 2025) الذي سيبدأ منذ اليوم الأول في إنهاء استقلالية ومهنية السلطات القضائية على المستويات المحلية والفيدرالية، وإنهاء استقلالية الخدمة المدنية وأجهزة الرقابة والتنظيم، سنحصل على فكرة بسيطة عن مدى اختلاف رئاسة ترامب القادمة عن سابقتها.
بالطبع، هناك احتمال، وإن كان ضعيفاً كما أرى، أن تفوز كمالا في الانتخابات، لكن في حال حدوث ذلك، لن يكون انتصاراً حاسماً، وعلى الأغلب لن يتم حسمه بسرعة. في ذلك الوقت، سيكون لدى ترامب وأنصاره خيارات عجيبة تشبه أحداث مسلسل (House of Cards) يعملون عليها، وقد ظهرت مؤخراً تحت مسمى السر الصغير (Little Secret) إضافة إلى العنف المتوقع الذي ستكون أحداث 6 يناير 2021 بالنسبة له لعب أطفال.
وقد تحدث ترامب قبل أيام عن هذا السر بينه وبين رئيس مجلس النواب، الجمهوري مايك جونسون، ولم ينف جونسون وجوده. وقد فصل إيلي ميستال (Elie Mystal) في مجلة (The Nation) عدة سيناريوهات محتملة لهذا السر، تعتمد على تفسير للتعديل الثاني عشر للدستور الأمريكي يتحدث عن فوز الحاصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي بالرئاسة، وعلى التواريخ المقررة لاختيار المجمع الانتخابي ولتصويته. يمكن في هذه السيناريوهات أن تتأخر بعض الولايات في تحديد ناخبيها للمجمع الانتخابي، وحينها يمكن إذا حلت التواريخ المذكورة إهمال أصوات هذه الولايات، كما يمكن أن ينتهي الأمر عند مجلس النواب بحيث يصبح لكل ولاية صوتاً واحداً لانتخاب الرئيس، والجمهوريون يملكون أغلبية الولايات في المجلس، ولرئيس المجلس جونسون سلطة في عدد من هذه السيناريوهات المحتملة. وإذا قاومها الديمقراطيون قانونياً فقد ينتهي الأمر أمام المحكمة العليا، وهو المحكمة التي غالبية قضاتها جمهوريون بل عين ترامب شخصياً ثلاثة من قضاتها التسعة.
husamom@yahoo.com