في مطلع شهر يوليو عام 2007، شيّعت الجموع في مصر، جثمان، د.أشرف مروان (مدير مكتب الرئيس للمعلومات، مسئول الاتصالات الخارجية، ورئيس الهيئة العربية للتصنيع في عهد الراحل محمد أنور السادات) بعد 3 أيام من سقوطه من شرفة شقته (بالطابق الخامس، عمارة، ستيوارت، شارع، كارلتون هاوس تيراس، بحي وستمنستر، القريب من ميدان، بيكاديلي) في العاصمة البريطانية، لندن.

وفيما غاب الرئيس محمد حسني مبارك، آنذاك، عن تشييع الجثمان، بسبب مشاركته في فعاليات القمة الإفريقية في العاصمة الغانية (أكرا)، فقد أصدرت رئاسة الجمهورية، نعيًا رسميًا، يجدد تأكيد «الدور الوطني لأشرف مروان، وأنه كان رجلًا مخلصًا لبلده، ونفذ مهمات وطنية، لم يحن الوقت للكشف عنها، ولم يكن جاسوسًا على الإطلاق لأي جهة».

بعدها، بـ3 سنوات (منتصف يوليو 2010) استبعدت محكمة للطب الشرعي في لندن أن يكون «أشرف مروان» قد «انتحر بإلقاء نفسه من شرفة منزله، ولا يوجد دليل كافٍ على قتله» بحسب النتائج النهائية للتحقيقات البريطانية، التي لم تنه الجدل حول دوره كـ«عميل مزدوج» ضمن خطة «الخداع الاستراتيجي» التي نفذتها مصر، قبل حرب أكتوبر عام 1973، فيما كل الشواهد تكّذب «الرواية الإسرائيلية» التي تحاول الإيحاء بأنه «عَمِل لصالحها»!

المشهد الأول

مختصون في إعداد وتجهيز عناصر جمع المعلومات، يؤهلون، أشرف مروان، للعمل كـ«عميل مزدوج» بعدما اختمرت الفكرة في عقول الجهات المعنية في مصر، بعد انضمام (صهر الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر) لفريق الرئيس، السادات.. كانت الخطة تعتمد على أن يكون، أشرف مروان، أداة مهمة في خطة «الخداع الاستراتيجي» المصرية، وتضليل الجانب الإسرائيلي، إدراكا من المخططين المصريين بأهمية دوره في «الحرب الصامتة» سواء عبر جمع المعلومات، أو تمرير التفاصيل المطلوبة منه، كغيره من الجنود المجهولين داخل إسرائيل، آنذاك، اعتمادا على صفات، أشرف مروان، المحفزة لترشيحه كـ«عميل مزدوج» فهو شخصية مركبة، معقدة، وغامضة، تجمع بين المكر والدهاء، وقد نجحت الجهود المصرية في توظيف هذه الآلية في خداع إسرائيل.

المشهد الثاني

غرفة العمليات الرئيسة المجهزة لإدارة حرب أكتوبر، حيث يتوسط الرئيس، السادات، قادة المعركة، وأركانها.. الفريق المكلف بالتخطيط لـ«موعد الهجوم»، أقسم، بعدم البوح بأي معلومة تتعلق بالمهام العسكرية، بالتزامن مع نشاط عمليات الخداع: السلبية (السرية والمأمونية، والعمل على حرمان العدو من الحصول على معلومات حقيقية عن القوات، عبر إنشاء مواقع ومعدات، تحاكى القوات الحقيقية أمام وسائل الاستطلاع البصري والحراري والراداري، كإقامة مواقع هيكلية لمختلف الأسلحة) أو الإيجابية (اختراق وسائل جمع وتحليل المعلومات المعادية، ولفت انتباهها إلى أهداف خادعة، ما يؤدي إلى بناء تقديرات وقرارات خاطئة).

يعتمد نجاح وسائل الخداع في تحقيق الأهداف مع الإعداد الجيد، والمنسِّق لكل الإجراءات التي تتخذ لمراقبة العدو، ومتابعة قدراته، وإمكاناته وطبيعة معتقداته، ومستواه الإدراكي مع إسباغ الصدق على المعلومات المرسلة للخصم (على النحو الذي قام به الراحل أشرف مروان) لكي تتفق إجراءات الخداع مع الخط الطبيعي المحتمل للأحداث، وذلك بأن تكون واقعية، مع عدم المبالغة، وأن تصل الإجراءات إلى العدو عن طريق القنوات الطبيعية للمعلومات ولو أدى ذلك للإفصاح عن بعض الحقائق بما لا يضر بالخطة الأساسية.. وصولها للعدو بأكثر من وسيلة، يجعله يقوم ببناء تقديراته الخاطئة.. كانت القوات المسلحة المصرية، ترغب في اختبار سرعة رد فعل الجيش الإسرائيلي، وطبيعته، لذا لجأت لعمليات تضليل متنوعة (استخباراتية، وعامة) والتي كان من بينها إعلان، السادات، أكثر من مرة، نيته القيام بعمل عسكري ضد إسرائيل، كما زوّد أشرف مروان إسرائيل بالكثير من المعلومات المضللة، التي تعاملت معها الجهات المعنية في تل أبيب باعتبارها معلومات هامة.

المشهد الثالث

صفارات الإنذار تدوي فجأة، داخل إسرائيل، ظُهر السادس من أكتوبر عام 1973، إثر هجوم كاسح على الجبهتين المصرية- السورية، فيما رئيسة الحكومة، جولدا مائير (التي كانت تجتمع، حينها، بعدد محدود من الوزراء) لا تصدق ما يحدث في جبهة سيناء، التي اقتحمتها القوات المسلحة المصرية، على طول خطوط المواجهة، في الوقت الذي كان يجهز فيه ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي للاحتفال بـ«عيد الغفران»!

لم تكن الدهشة والذهول من نصيب، جولدا مائير، وحدها، لكن الحالة نفسها، كانت بادية على قسمات، وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه ديان، ورئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، ديفيد إليعازر.. كانت أجواء ما يحدث، تكشف عن طبيعة الموقف الإسرائيلي المعلوماتي- الميداني، لاسيما، فشل التفكير والاستعداد، وتدني التقييم الواقعي لحجم وإمكانات القوات المسلحة المصرية، ويوضح حجم التجهيز المصري (دقة الإعداد والتخطيط وقوة الأداء واحترافية التنفيذ، وقدرة المقاتل المصري على تغيير المعادلات العسكرية، والإبداع في إعداد الدولة للحرب وخطة الخداع الاستراتيجية، ثم هدم نظرية الأمن الإسرائيلي).

لقطات من حرب أكتوبرالمشهد الرابع

لجنة «أجرانات» (21 نوفمبر 1973) المكلفة بالتحقيقات الرسمية في فضيحة الإخفاق الإسرائيلي (عسكريا، وأمنيا) في توقُّع موعد حرب أكتوبر عام 1973، تصدر قراراتها الصادمة، التي تحرج الجيش الإسرائيلي (وقادته التنفيذيين، وأجهزة معلوماته) كرد فعل مباشر للإخفاق المعلوماتي، الذي تسبب في هزيمة الجيش الإسرائيلي، خلال الحرب.

جاء ذلك بعد أكثر من 140 جلسة، استمعت خلالها لجنة «أجرانات» لعشرات الشهود، وتسلمت مئات الشهادات المكتوبة، ثم أصدرت قرارها (30 يناير 1975) في 1500 صفحة (لاتزال 1458 صفحة منها محاطة بالسرية التامة، كونها تكشف الخلل العسكري الضخم في جيش الاحتلال، وتؤكد براعة العسكرية المصرية، وإجهاضها لنظرية الأمن الإسرائيلية، خاصة عنصري القوة فيها: سطوة القوات الجوية، والمخابرات).

حمَّلت اللجنة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ديفيد إليعازار، مسئولية الهزيمة، بسبب دوره السلبي في شئون تقييم الوضع واستعدادات الجيش، وأنه كان يجب أن يوصي بالاستنفار الجزئي مطلع شهر أكتوبر 1973، وألا يتأخر لليوم الخامس منه، مع إعفاء كل من رئيس الأركان، ورئيس قسم الاستخبارات، إلياهو زعيرا، من منصبه، وألا يُعهد للقائد العام لجبهة سيناء خلال حرب أكتوبر، شموئيل جونين، أي دور فعال في الجيش، مع إنهاء خدمات قيادات عسكرية أخرى، غير أن قرارات لجنة أجرانات لم ترضِ الإسرائيليين، فانطلقت الاحتجاجات، التي انتهت باستقالة جولدا مائير (بصفتها، رئيس الحكومة، القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسرائيلية) وموشيه ديان (وزير الدفاع، القائد العام للقوات الإسرائيلية).

المشهد الخامس

صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، تطلب إجراء حديث مع رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الأسبق «إيلى زعيرا».. يتمسك الرجل (خلال الحديث) بموقفه التقليدي، عبر إلقاء اللوم على قيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية.. يحملها مسئولية ارتكاب «أخطاء عدة، تسببت في هزيمة إسرائيل خلال حرب أكتوبر عام 1973، مع نجاح خطة الخداع الاستراتيجي المصرية» في إشارة غير مباشرة إلى مساهمة عناصر بشرية مصرية في إسقاط نظرية الأمن الإسرائيلية، ما يؤكد براعة مصر في «التغرير الاستخباراتي» بالجانب الإسرائيلي، لاسيما جهاز الاستخبارات الخارجية (موساد).

لم ينكر «إيلي زعيرا» (في مذكراته: حرب يوم الغفران) دور الراحل، أشرف مراون كـ«عميل مزدوج» بل واعترف بـ«ولائه» لمصر، وأنه كان أحد أهم الأدوات في خطة الخداع المصرية، التي عصفت بسمعة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

المشهد السادس

قاعة الندوات الكبرى في مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب (6 أكتوبر عام 2013)، حيث نظم المركز ندوة موسعة لبحث قضية الفشل في توقع حرب أكتوبر عام 1973.. تصدر الحضور، رئيس جهاز الموساد خلال حرب أكتوبر، تسفي زمير (98 عامًا) ورئيس جهاز الاستخبارات العسكريّة، آنذاك، إيلي زعيرا (94 عامًا) تبين أن العداء بين الرجلين لايزال على أشده، رغم مرور كل تلك السنوات، وما إن بدأت فعاليات الندوة، حينها، حتى راح كل منهما يكيل الاتهامات للآخر، ويتهمه، مجددا، بأنه السبب فيما حدث!

لا يتوقف رئيس الموساد الأسبق (تسيفي زمير) عن تحميل شُعبة الاستخبارات العسكريّة «مسئولية الفشل في تزويد المستوى السياسيّ -رئاسة الحكومة- بالمعلومات المتعلقة باستعدادات الجيشين المصريّ والسوري قبل الحرب، وأن شعبة الاستخبارات العسكريّة ارتكب عدّة أخطاء، فيما يتعلق بصحة وتدقيق المعلومات الكافية والوافية، حيث تبين أنّ فرضيّة الشعبة كانت خاطئة، وعبّرت عن استهتار وفوقية واستعلائيّة تجاه عدو يملك إصرارًا كبيرًا وقوة كبيرة».

المشهد السابع

رئيس أركان الجيش، ديفيد إليعازر، يبدو الأعلى صوتا، والأكثر غضبا وحنقا خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية برئاسة، جولدا مائير (3 إبريل 1974) يبدي اعتراضه الشديد على «محاولة تحميل المستوى العسكري الإسرائيلي مسئولية الهزيمة، دون باقي الجهات المعنية في إسرائيل، لاسيما المستوى السياسي»، لكن المهم في كلام «ديفيد إليعازر» (بحسب ما أورده راديو إسرائيل، حينها) أنه «لم يكن هناك إنذار من الاستخبارات، وبالتالي لست مخطئا»!

حاول «إليعازر» أن يتفرق «دم المسئولية العسكرية» فقال (خلال الاجتماع نفسه): «كانت هناك خطة معروفة، تم التدريب عليها، لصد أي هجوم محتمل.. هذه الخطة كانت لدى قيادة المنطقتين الجنوبية والشمالية.. دعوت القائدين لاجتماع ظهر يوم الغفران للتأكد من استعدادهما للقتال.. كان الخلاف بيني وبين وزير الدفاع، موشيه ديان، يوم السادس من أكتوبر، حول القوات الضرورية للدفاع.. الوزير لم يقر أي تجنيد للاحتياط يوم الغفران، بل صادقت عليه رئيسة الحكومة، استناداً إلى اقتراحي.. لماذا أتحمل المسئولية، رغم أن المعلومات نفسها كانت لدى وزير الدفاع»؟!

المشهد الثامن

شقته صغيرة (دور أرضي) بالعمارة رقم 25، شارع أمين الرافعي، تواجه مبنى مجلس الدولة، بمنطقة الدقي، محافظة الجيزة، حيث ينكب المفكر الكبير، د.جمال حمدان، فور انتهاء حرب أكتوبر عام 1973، على مسودة كتابه «أكتوبر في الاستراتيجية العالمية» (صدرت طبعته الأولى منه عام 1974) ضمن جهود المفكر الراحل، منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، حتى رحيله في إبريل 1993، لتفنيد أكاذيب إسرائيل، بالأدلة المنهجية.

يقول «حمدان» إن «انتزعت القيادة المصرية المفاجأة النسبية والتكتيكية بدرجة حققت كل أهدافها المباشرة وغير المباشرة وتركت العدو في حالة تامة من العمى ثم التخبط، ثم الذهول واللوعة، ومازال الجميع يتساءلون في كل الدنيا عن ذلك السر الغامض والمحير الذي أعمى الإسرائيليين عن كل علامات المعركة ومؤشراتها ونذرها.. كان عامل السرية المطلقة مكفولا بدرجة فذة، كما سارت عمليات الخداع الاستراتيجى للعدو حسب تخطيط كفء طويل المدى».

المشهد التاسع

يقف فندق «دورشستر» المملوك لسلطان بروناي، الحسن بلقية، شامخا، في لندن، بين حي «مايفير» و«بارك لين» ويطل على حديقة «هايد بارك» الشهيرة.. تحدث الأستاذ محمد حسنين هيكل، عام 2012، عن واقعة معبرة حدثت في بهو الفندق (كتاب: مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان) قائلا: «مد أشرف مروان، يده إلى الجيب الداخلى لـچاكته، وأخرج منه ورقة ناولها لي.. كانت قُصاصة من جريدة الأهرام نشرت نص ما قاله الرئيس السادات فى تكريم أشرف مروان عندما ترك منصبه فى رئاسة الجمهورية، والتحق بالهيئة العامة للصناعات العسكرية -الهيئة العربية للتصنيع، التي أنشأتها مصر، السعودية، والإمارات، لتصنيع السلاح، قبل أن تئول إلى مصر- نظرت في القصاصة ثم طويتها وناولتها لأشرف.. سألني: ألا تكفيك شهادة أنور السادات، حين يقول إنني قدمت خدمات كبيرة لمصر؟!!».

المشهد العاشر

الدور الرابع، برج «جوهرة النيل» رقم 92 بشارع النيل، العجوزة، محافظة الجيزة، حيث يقع مكتب ومنزل الأستاذ، محمد حسنين هيكل، الذي ظل حتى رحيله (17 فبراير 2016) أحد أهم الأمناء على سيرة ومسيرة الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر (15 يناير 1918 - 28 سبتمبر 1970) الذي يتعرض، حتى الآن، لحملات تشويه تستهدف إهالة التراب على دوره في إعادة بريطانيا العظمي (الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، بحكم المناطق التي تحتلها، عالميا) إلى داخل حدودها، تباعا، من خلال إنهاء مصطلح «الاستعمار» عالميا، كنتيجة طبيعية، لأفكار وأدوار ثورة 23 يوليو عام 1952 التي انطلقت من مصر إلى العالم.

تصطف إسرائيل (وكل من يتحالفون مع قوى المصالح الدولية) في محاولات مفضوحة للنيل من الرئيس جمال عبد الناصر، طوال الـ70 عاما، وحتى بعد وفاة الزعيم الراحل، ضمن «معركة ثأرية» لا تعترف بحرمة الموت وقدسيته، خاصة في ظل سطوة «الإعلام الجديد» (العابر للحدود، والولاءات) بعدما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، تغذي التغييب، وتشوه الرموز، وتفكك المجتمعات.. وتفتيت دولها!

جزء من حملة الأكاذيب الإسرائيلية المفضوحة حول أشرف مروان (تنشط فيها جماعات وقوى سياسية، وأحزاب أسسها الاحتلال البريطاني، وظلت تتعايش معه طوال الـ74 عاما التي قضاها في مصر) تستهدف الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان الفاصل بين عهدين متناقضين، ومن ثم، فإن الزج بأحد المحسوبين على أسرته (زوج ابنته، منى) في محاولات التشويه، المستمرة، حتى الآن، تستهدف تشويه ثورة 23 يوليو، ومساندة زعيمها (عبد الناصر) لحركات التحرر الوطني في أكثر من 45 دولة، حول العالم، ما تسبب في تعرض بريطانيا لحالة انكشاف، من الهند شرقا، حتى أمريكا الجنوبية، غربا، فضلا عن إجهاض الزعيم الراحل للمؤامرة الأوروبية، التي كانت تستهدف ابتلاع دول المغرب العربي، وتحريره لقناة السويس، وبناء السد العالي، وتمصير الاقتصاد المصري، وترسيخه للثورة الاجتماعية الكبرى.

وفق الأستاذ، محمد حسنين هيكل: «جمال عبد الناصر، ليس له خلفاء، ولا صحابة، يتقدمون باسمه أو يفسرون نيابة عنه.. خلفاؤه وصحابته الحقيقيون هم كل الشعب».. يعترف «هيكل» بأن «هناك الكثير من الأساليب التي اتخذتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في مجال توجيه الرأي العام، عالميا، منذ الحرب العالمية الثانية، خاصة في مجالات الصحافة والنشر، والإعلام بصفة عامة، لكي تضمن تحقيق أغراضها. أنشأت، سرا، دُورا صحفية، ووكالات أنباء وصورا، وقسما خاصا لتزييف الكتب، وآخر للتشويه الإخباري، مهمته صنع قصص إخبارية تخترع بالتلفيق».

هذه الملابسات تفضح الدوائر التي حاولت اختلاق دوافع نفسية، لتبرير الرواية الإسرائيلية الكاذبة عن ولاء، الراحل أشرف مراون، لإسرائيل، ومساعدته لها والجسور الممدودة بينه بين استخباراتها.. تحاول الدوائر الإسرائيلية الإيحاء بأن «أشرف مروان، دفعه الجشع، وأغراه المال في العمل لصالح الموساد، وأن ما قام به يستهدف الانتقام من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي لم يكن يظهر له الاحترام» (!!!) وغيرها من الأكاذيب، التي تكشف عن طبيعة عمل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وابتلاعها لـ«الطعم المصري» بعد تأهيل وتجهيز أشرف مروان، وتحميله بالرسائل المصرية المطلوبة.

ويبقى، أن إسرائيل تحاول التلاعب بالمنطق، لكنها تفشل في التحايل على الأدلة والقرائن، وعنوان الحقيقة (الانتصار المصري المؤزر في حرب أكتوبر، والمحطات التي سبقته، صمودا، وتجهيزا، وقرارا) وبالتالي تبدو الرواية الإسرائيلية حول، أشرف مروان، مهلهلة.. دعائية، تسويقية (للحفاظ على ماء الوجه) أكثر منها معلوماتية.. تحاول التمويه على فشل استخباراتها، رغم أنها بادرت بعد الحرب بمحاولة علاج هذه الثغرة، من خلال توثيق العلاقات بين الأجهزة الأمنيّة، عبر تشكيل مجلس الأمن القوميّ.

وعليه، فإن كل الروايات الصادرة عن مؤرخين ومحللي معلومات سابقين في الاستخبارات الإسرائيلية، ومعلقين سياسيين وعسكريين، يرتبطون بهذه الأجهزة، وكذلك كل محاولات التأصيل «المهترئة» التي تستهدف تشويه الدور الاستخباراتي الوطني، الذي قام به الراحل، أشرف مروان، لصالح مصر، خلال حرب أكتوبر، تسقط أمام السؤال الكاشف: إذا كان الراحل يعمل لصالح إسرائيل، وأمدها (بحكم قربه من دائرة صنع القرار في مصر) بالمعلومات الحقيقية حول التجهيزات العسكرية، وموعد اندلاع المعركة، فلماذا تعرضت إسرائيل للهزيمة النكراء في الحرب؟!

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: نصر أكتوبر السادات جمال عبد الناصر حرب اكتوبر أشرف مروان الجیش الإسرائیلی خلال حرب أکتوبر جمال عبد الناصر جولدا مائیر وزیر الدفاع أشرف مروان أکثر من فی مصر

إقرأ أيضاً:

أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها

أكد رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، اليوم الاثنين، أن "رسائل الإدارة السورية الجديدة مطمئنة وتبعث على التفاؤل".

أردوغان: تركيا لن تسمح بأي تهديدات تمس سيادة سوريا سفير تركيا بالقاهرة : مجموعة الثمانية هي مجموعة تمت بمبادرة كفكرة ومشروع من قبل رئيس وزرائنا ‏الأسبق أربكان


وبحسب"سبوتنيك"، قال أردوغان، في كلمة له، إن "تركيا كانت الدولة الأفضل في التعامل وفهم ما يجري في سوريا"، مؤكدا أن "استقرار سوريا سينعكس على باقي دول المنطقة"، حسب وكالة "الأناضول" التركية.
وبشأن إسرائيل، قال الرئيس التركي، إن "إسرائيل ستنسحب من الأراضي التي احتلتها في سوريا، عاجلا أم آجلا، وستكون مجبرة على ذلك"، متابعا: "لا يوجد أي مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا والمنطقة.
يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي، ومنذ الثامن من الشهر الحالي، بدأ باستهداف مواقع عسكرية في كافة المحافظات السورية، عبر سلاح الطيران، حيث رصدت أكثر من 500 غارة جوية، بالإضافة لصواريخ أطلقت من بوارج إسرائيلية، متمركزة بالقرب من السواحل السورية.
وفي 8 ديسمبر الجاري، سيطرت مجموعة من المسلحين المنتمين إلى "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) على مبنى التلفزيون السوري الرسمي في العاصمة دمشق، وأعلنوا سيطرتهم على البلاد، وسقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد.

مقالات مشابهة

  • تحقيق يكشف تفاصيل جديدة لفشل إسرائيل بصد هجوم 7 أكتوبر
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • بشرى خلفان: كان لا بد أن أخلص لصوت الشخصيات ولرؤيتي، لأكتب الرواية التي أريد
  • خصوصية الطوفان.. لماذا تصدعت السردية الإسرائيلية عقب 7 أكتوبر؟
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • أشرف العشري: إسرائيل تريد إطالة أمد المفاوضات وتعطيلها مع حماس
  • أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها
  • خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
  • تحركات غير عادية وتحذير من الحدود.. إسرائيل تكشف عن جانب جديد من تحقيقات 7 أكتوبر
  • خبير علاقات دولية: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتهجير السكان الفلسطينيين