متى تنتهي مشقة اليمنين في رحلة العلاج الصعبة بمصر؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
الجالية اليمنية في مصر تعتبر من أكبر الجاليات الوافدة، إذ يبلغ تعدادهم على الاراضي المصرية حوالى ٧٠٠ ألف يمني حتى مطلع العام الجاري ٢٠٢٣، منذ اندلاع الحرب في بلادهم، حسب ماأعلنته السفارة اليمنية في القاهرة، ورغم تعدادهم الكبير إلا أن الدولة المصرية تقوم بتوفير كافة الخدمات للأشقاء وتعمل دائمًا على تذليل كافة العقبات التى تواجههم، وكان أخرها إقرار حزمة من التسهيلات لدخول اليمنين إلى مصر من بينها إلغاء التأشيرة بعد توجيهات الرئيس السيسي التى اصدرها فور لقائه بالدكتور رشاد العليمي الرئيس اليمني خلال زيارته لمصر منذ ٣ أسابيع.
هذه التسهيلات الرئاسية تعكس مدى اهتمام مصر بالأشقاء اليمنين، ورغم هذا الاهتمام إلا أن هناك بعض المشكلات الاخرى التى تظهر من الحين للأخر تواجه اليمنين أبرزها مشكلة القدوم إلى مصر لتلقى العلاج، تلك المشكلة التى دفعت بالبعض منهم اللجوء إلى دول أخرى مثل الادرن وغيره لتحقيق الغرض الطبي.
الأسبوع رصدت جانب من معاناة الأشقاء في ثياق التقرير التالي:
في البداية يقول إبراهيم اليمني، رئيس الجالية السابق، ومستشار في شئون المغتربين في سفارة اليمن، إن مشكلة دخول اليمنين إلى مصر للعلاج ازدادت تعقيدا بعد الشروط الأخيرة التى وضعتها الحكومة المصرية، مطالبًا بإعادة النظر بشأن إشتراطات دخول المواطنين اليمنيين من اليمن الى مصر لغرض العلاج.
وأضاف ابجمهي: أن الإشتراطات التي وضعت مؤخرا تزيد من معاناة المريض والذي يحتاج عون له والتسهيل للتعجيل في شفائه وعلاجه، مشيرا إلى أن التعاون في هذا الشأن بالمقام الأول هو انسانيا واخويا وعروبيا.
وأوضح: أن اشتراط إرسال التقارير من مستشفى حكومي يمني إلى معهد ناصر وعبر لجنة طبية وتحويل مبلغ العلاج والتنسيق حول ذلك عبر آلية (البار كود) هو أمرا صعب للغاية، مناشدًا بأن يتم التسهيل على المريض بدخول مصر عبر تقرير طبي معتمد من مستشفيات يمنية حكومية وان توضع آلية لذلك تلبي حاجة المريض للعلاج.
وشمل اقتراح الجهمي: أن تتوافق هذه الإجراءات مع تسهيل إجراءات السياحة العلاجية والتي تمثل رافدا هاما لتدفق العملة الأجنبية نظرا للانفاق العالي عن انواع السياحة الأخرى.
وطالب الجهمي أن تشمل التسهيلات الأخيرة التى اصدرها الرئيس السيسي جميع اليمنيين سواء القادمين من اليمن لغرض السياحة العلاجية او القادمين من خارج اليمن للسياحة الترفيهية.
ويقول الوافد اليمني، عدنان الباسى، إن الموافقة الامنية للقادمين من اليمن أضبحت هي الاسهل من الاجراءات التي يطلب فيها استخراج التقرير الطبي، واعترض الباسي، على إجراءات الحكومة المصرية التى وضعتها على علاج الوافدين اليمنين باشتراط إرسال التقارير الطبية من اليمن.
ويضيف الوافد اليمني، محمود الشاربي، أن الكثير من اليمنين الذين سافروا إلى مصر للعلاج لم يستفيدوا وعادوا إلى الهند وتعالجوا، مضيفا أن إجراءات السفر للهند أسهل من مصر.
وأبدى الوافد اليمني، غضبه جراء الاشتراطات الجديدة، قائلا: إن اليمنيين يشكلون أحد مصادر الدخل السياحي والعلاجي لمصر وفوق هذا يتم التضيق عليهم من خلال شروط تعجيزية لدخول البلد مع انه المفروض العكس هو الذي يحدث.
ويضيف اليمني، ناصر السلماني، أنه إذا كان بالفعل هناك حرص على رعاية المواطن اليمني ومتابعة اوضاعه مع الجهات المصرية فيجب تفويض ملحق شئون المغتربين تفويصا رسميا من قبل الحكومة اليمنية بمتابعة هذا الملف الذي عجزت السفارة ان تحرز فيه اي تقدم يخدم اليمنيين الراغبين في دخول مصر لغرض العلاج.
أما الوافد اليمني محمد مزاحم، يقول إن قله قليلة من اليمنيين هم السبب وراء تشريع مثل هذه القوانين من قبل الحكومة المصرية، وأن وهذا يعود لعدم احترامهم لقوانين الدولة المستضيفة.
مضيفا أنه رغم من تحصل الحكومة المصرية على الكثير من العملة الصعبة من وراء توافد اليمنيين،
لكن الحكومة المصرية تنظر إلى امنهما القومي بالدرجة الأولى، مطالبا بالتحرك السريع من قبل القيادة اليمنية، مع فرض عقوبات صارمة ضد كل من يخالف القوانين المصرية.
ويقول اليمني، عبد الكريم الضببي، إن مشكلة العلاج في مصر يعانيها كل اليمنيين المرضي، نضيفا أن الأمور تزداد تعقيداً وقد تدفع المرضى إلى اختيار اتجاهات بديلة مثل الأردن والهند وغيرها وتحرم مصر من السياحة العلاجية وتدفق العملة الصعبة، مطالبا بإعادة النظر في التغييرات الأخيرة نحو التسهيل وليس التعقيد.
ويتسائل الوافد اليمني، ابوعبد الله: كيف يرسل تكلفة العلاج واذاوصل المريض وتضاعفة التكلفه اولعكس تكون اقل من ماء قام المريض؟، واصفا الإجىاءات الأخيرة بالتعجيزية وشروط غير معقوله، مضيفا بأنه لابد أن يكون هناك تحرك من جهات حكومه اليمن.
ويتسائل اليمني، احمد بوجر، ماهو دور وزارة الصحة ووزارة الخارجية وسفارة اليمن في التنسيق المشترك مع الجهات المعنية لإنهاء الأزمة؟.
موضحا أن المريض يحتاج الى اجراءات سريعة لتخليص عمليه سفره، وطالب بان يكون لتلك الجهات دور مباشر سواء بالتنسيق مع الجهات المعنية لوضع آلية سريعة او متابعة الاجراءات والتنسيق مع مكاتب موثوقة في الدولة المقصودة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: اليمن الجالية اليمنية القوانين المصرية الحکومة المصریة من الیمن إلى مصر
إقرأ أيضاً:
حرب السودان والأسئلة الصعبة
د. الشفيع خضر سعيد
لم تنجح المبادرات المختلفة في إيقاف الحرب بين حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان إلا بعد أن انتظمت المفاوضات بين الطرفين على أساس إعلان مبادئ الإيقاد الصادر في 20 مايو/أيار 1994 والذي وافق عليه الطرفان.
صحيح أن إعلان المبادئ ذاك صاغته دول الإيقاد وقدمته جاهزا إلى الطرفين ليوقعا عليها، لكن لابد من التنبيه إلى أن محتوى بنوده لم تكن من وحي بنات أفكار علماء السياسة الدوليين والإقليميين بقدر ما كان إعادة صياغة وترتيب للأطروحات المتناثرة في أدبيات الحركة السياسية السودانية، وخاصة الحركة الشعبية لتحرير السودان. واليوم، تظل قناعتي الراسخة أن القوى المدنية والسياسية السودانية هي وحدها المؤهلة لإجتراح إعلان المبادئ الذي يشكل المدخل أو التمهيد لإطلاق العملية التفاوضية، وكذلك إجتراح الرؤية التي تشكل محتوى وتفاصيل هذه العملية للسير بها في اتجاه وقف الحرب ووضع أسس عدم تجددها أو إعادة إنتاج الأزمة في البلاد. وفي هذا السياق، هنالك نقطتان متعلقتان بإعلان المبادئ، أولها ضرورة موافقة كل الأطراف عليه، بما في ذلك الأطراف المتحاربة، حتى يكون مدخلا أساسيا لعملية التفاوض، ولذلك، وهذه هي النقطة الثانية، فإن بنوده تتناول العموميات التي يسهل الإجماع حولها مثل التمسك بمبادئ ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وبوحدة السودان، وبالحكم المدني الديمقراطي، وبالنظام الفدرالي الذي يراعي التعدد والتنوع، وبالجيش الواحد وبنائه كل القوات النظامية على أساس مهني وقومي، وبإصلاح الخدمة المدنية والنظام العدلي، وبالحوار السوداني سوداني… إلى غير ذلك من المبادئ التي سيتقبلها الجميع، وإن ليس مستبعدا أن بعضهم سيتقبلها تقية! ومن الواضح أن إعلان المبادئ وحده ليس كافيا لوقف الاقتتال، لكنه يشكل معيارا لدرجة التنازلات الممكنة في العملية التفاوضية، بمعنى أن التنازلات لإنجاح العملية التفاوضية لصالح الهدف الرئيسي، أي وقف الحرب والانتقال المدني الديمقراطي، يجب ألا تصل إلى درجة التصادم بين محتوى إعلان المبادئ ومحتوى ما سيتم الاتفاق حوله في طاولة التفاوض.
وفي المقابل، فإن الرؤية التي تشكل محتوى وتفاصيل العملية التفاوضية للسير بها في اتجاه وقف الحرب، تتكون من الإجابات المحتملة على الأسئلة المتعلقة بكيفية وقف الحرب وتداعيات ما بعد ذلك، آخذين في الاعتبار أن هذه الأسئلة ليست مجرد تهويمات نظرية بقدر ما هي نابعة من واقع البلاد الراهن المأزوم.
وبداهة، بينما تظل أسئلة الرؤية واحدة وثابتة، فإن الإجابات عليها تختلف عند هذا الطرف أو ذاك. ولكن من البديهي أيضا أن تتوافق القوى المدنية والسياسية الرافضة للحرب على إجابات موحدة على هذه الأسئلة، وتنتج رؤيتها التي يجب أن تطرحها في أي منبر تفاوضي يسعى لوقف الحرب. ولعل من الضروري الإشارة إلى أن تسهيل توصل القوى المدنية والسياسية إلى الرؤية المنشودة، يقتضي التوافق قبلا على مجموعة من الحقائق، منها أن الحرب الراهنة خلقت واقعا جديدا يجب أن يغير في طريقة تفكير القوى المدنية في التعاطي مع تفاصيل الأحداث الراهنة وتداعياتها، وأن هذا الواقع الجديد لابد أن تكون له مستحقاته العملية التي يجب أن تبحث وتتمعن في الأسباب الجذرية للحرب، بدءا من أن الدولة السودانية فشلت منذ استقلالها في التعبير عن كافة مكوناتها الوطنية الأمر الذي أدى إلى تمكن الحلقة الشريرة والأزمة العامة في البلاد بتجلياتها العديدة والتي من بينها الانقلابات العسكرية والنزاعات واشتعال الحروب التي كانت حتى وقت قريب تستوطن الأطراف قبل أن تأخذ منحىً جديدا وصادما باندلاعها في عاصمة البلاد في 15 أبريل/نيسان الماضي، وأن من النتائج المباشرة لهذه الوضعية إضعاف الدولة السودانية وعدم قدرتها على توظيف كل مكوناتها السياسية والاجتماعية والثقافية للتوافق على مشروع وطني نهضوي ينتشل البلاد من وهدتها المتمكنة منها منذ فجر الاستقلال قبل ثمانية وستين عاما، وهو مشروع لايزال السودانيون يتمسكون به حتى في أتون هذه الحرب المجرمة، وأن هذه الحرب لا يمكن حسمها عسكريا، ولن ينتصر فيها طرف، وإن هُزم الطرف الآخر، ولكن قطعا الخاسر الوحيد فيها هو الشعب السوداني والوطن، وكل يوم جديد في الحرب يحمل معه مزيدا من الجراح والآلام لشعبنا ومزيدا من التدمير لبنية الوطن، وأن جوهر هذه الحرب يحمل عداء سافرا لثورة ديسمبر المجيدة.
ونحن نؤسس وجهة نظرنا حول ماهية الرؤية لإنهاء الحرب، على رفض أن تكون الحرب بديلا للحوار والتفاوض لحل الخلافات والأزمات السياسية والاجتماعية مهما بلغت من الحدة والتعقيد، وأن مسألة وقف الحرب يجب أن يتم التعامل معها كحزمة واحدة مكونة من ثلاث حزم فرعية تتكامل مع بعضها البعض، تشمل وقف الاقتتال، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة وحماية المدنيين، وإطلاق عملية سياسية جديدة.
وإذا كان للمجتمع الدولي والإقليمي دور رئيسي في الحزمتين الأولى والثانية، فإن الحزمة الثالثة، العملية السياسية، حصريا من مهام القوى المدنية والسياسية السودانية، وأن دور المجتمع الدولي والإقليمي في الحزمتين الأولى والثانية لن يأتي أكله إلا من خلال الرؤية التي ستجترحها القوى المدنية والسياسية الرافضة للحرب.
أما جوهر هذه الرؤية فهو، من وجة نظرنا، مجموع الإجابات على ما أسميناه بالأسئلة الصعبة المتعلقة بحرب السودان، نوردها هنا باختصار على أن نتوسع حولها في مقالاتنا القادمة، وتشمل:
1 ـ ماهي الخيارات المتاحة حول مستقبل ودور قيادة القوات المسلحة في السودان بعد انتهاء الصراع؟
2 ـ ما هي الخيارات حول مستقبل قوات الدعم السريع ومستقبل الحركات والميليشيات المسلحة الأخرى على أساس مبدأ بناء الجيش المهني الواحد في البلاد؟
3 ـ كيف نطور إطارا للعدالة والعدالة الانتقالية يضمن إنصاف الضحايا وعدم الإفلات من العقاب؟
4 ـ كيف نتعامل مع البعدين الدولي والإقليمي في الحرب؟
5 ـ ما هي تفاصيل العملية السياسية من حيث أجندتها وأطرافها؟
سنتناول هذه الأسئلة وإجاباتها بالتفصيل بدءا من مقالاتنا القادمة.
نقلا عن القدس العربي