حزب المؤتمر: «حياة كريمة» أنهت عصور التهميش للقرى والريف
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
قال السعيد غنيم، النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر والخبير الاقتصادي، إن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» غيّرت وجه الحياة في الريف، وأنهت عصور التهميش للقرى والنجوع والتوابع على مدار العصور السابقة، ومن ثم هذه المبادرة تحولت لمشروع قومي.
وأكد النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر، في بيان، اليوم الاثنين، أنه في العصور السابقة كانت القرى والريف وبعض محافظات الصعيد تعاني من الإهمال، وخالية من المشروعات الخدمية، ولكن بعد إطلاق مبادرة «حياة كريمة» اختلف الأمر وأصبح المواطن لديه المزيد من التطلعات في توفير حياة أفضل، حيث يتم إدراج القرى تباعا في مراحل المبادرة ويتم التنفيذ على قدم وساق، والقيادة السياسية تتابع مراحل التنفيذ.
وأشار «غنيم»، إلى أن هذه المبادرة من أعظم الإنجازات التي شهدتها الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة، لما حققته من نتائج ملموسة على أرض الواقع بداية من، التخفيف عن كاهل المواطنين بالتجمعات الأكثر احتياجًا في الريف والمناطق العشوائية، التنمية الشاملة للتجمعات الريفية الأكثر احتياجًا بهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد، والارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للأسر المستهدفة وتحسين مستوى معيشتهم.
وأضاف أن ما تشهده محافظات الجمهورية من إنجازات متمثلة في مشروعات قومية ومبادرات رئاسية في مقدمتها «حياة كريمة»، وتوجيهات وقرارات لتخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية على الفئات البسيطة ومحدودي الدخل، يؤكد حرص القيادة السياسية على دعم الفئات غير القادرة والمضي قدما نحو بناء الجمهورية الجديدة، وتحقيق رؤية مصر 2030.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حزب المؤتمر حياة كريمة مبادرة حياة كريمة السيسي حیاة کریمة
إقرأ أيضاً:
المثقف السوداني: بين التهميش والتشظي على مفترق التغيير
إبراهيم برسي - 20 فبراير 2020
في دهاليز التاريخ السوداني المتشابك، وفي تلك اللحظات التي تكتظ فيها الذاكرة بالحلم والعجز معًا، يقف المثقف السوداني في موقع مريب بين الفاعلية والخذلان.
ليس هذا الفشل نتاج نقص في الوعي، ولا قلة في الإبداع، بل هو حصيلة لتفاعلات تاريخية وثقافية وسياسية أحكمت قيودها على عنق الفكر، فجعلته يلهث في دائرة مغلقة، غير قادر على الانطلاق نحو التغيير الجذري.
الإرث الاستعماري، بما يحمله من تعقيدات، ليس مجرد صفحة تُطوى في كتب التاريخ، بل هو جرح عميق يستنزف الحاضر.
لقد أدرك المستعمر، كما أدرك غيره من القوى الإمبريالية، أن السيطرة لا تكتمل إلا حين تُعاد صياغة النخبة الفكرية لخدمة الهيمنة.
فأُنشئت مؤسسات تعليمية ضيقة الأفق، لا تصنع سوى مثقفين منزوعي القدرة على التمرد.
وهكذا، أصبح المثقف السوداني رهينَ نظامٍ لا يترك له سوى هامش ضيق يتحرك فيه. هامش ينهار تدريجيًا مع كل حقبة جديدة.
وحين أطلت الأنظمة العسكرية برأسها، منذ انقلاب إبراهيم عبود وحتى دكتاتورية البشير، وجدت في المثقف مصدر تهديد دائم.
كان الحل بسيطًا: القمع أو الاستيعاب.
فتحول المثقف في كثير من الأحيان إلى صوت للسلطة، فاقدًا لقدرته على النقد أو المواجهة.
هذا التآكل التدريجي لدور المثقف يعكس مأساة الوعي الذي يُحتكر ويُعاد تشكيله ليصبح خادمًا لمنظومة تستنزف البلاد والعباد.
لكن الإخفاق لم يكن وليد القمع فقط.
إنه أيضًا انعكاس لانقسامات أيديولوجية شرَّعت أبواب التشظي.
فبدل أن يكون المثقف صوتًا للوحدة والتنوير، غرق في مستنقع الصراعات الفكرية.
اليسار والإسلاميون والقوميون والليبراليون، كلهم كانوا مشغولين بمعاركهم الضيقة، فيما كانت البلاد تنحدر نحو المجهول.
إن هذا الانقسام لا يعكس تعددية صحية، بل يعبر عن فشل جماعي في صياغة رؤية وطنية متماسكة.
ومع هذا التشظي، بقي المثقف بعيدًا عن الشعب، غارقًا في لغة نخبوية لا تصل إلى عمق الحقول الممتدة في الجزيرة، ولا تعانق قسوة الرمال في كردفان.
إنه المثقف الذي يتحدث عن الشعب دون أن يخاطبه، ويرسم أحلامًا بلا جذور.
كان يكتب ويقرأ، لكن كلماته كانت تتبخر في الهواء قبل أن تمس الأرض التي تنتمي إليها.
أما حين جاءت الجبهة الإسلامية، فإن اللعبة تغيرت تمامًا.
أصبحت السيطرة على المؤسسات التعليمية والإعلامية أولوية للنظام، حيث استُخدمت الأدوات الناعمة لترويض العقول.
التعليم نفسه، الذي يفترض أن يكون نافذة نحو الحرية، تحول إلى آلة تصنع أجيالًا مبرمجة لخدمة الأيديولوجيا الحاكمة.
وهنا، وجد المثقف نفسه بين مطرقة الاستيعاب وسندان المنفى.
الهجرة، التي بدت للكثيرين كخلاص، كانت في حقيقتها نوعًا آخر من الإقصاء.
فالعقل الذي يهاجر، يفقد ارتباطه العضوي بالجسد الاجتماعي الذي يسعى لتغييره.
ورغم كل هذه العوائق، كان الإبداع يقاوم، مثل زهرة تنبت في صخر.
الطيب صالح، في موسم الهجرة إلى الشمال، عرى ببراعة جراح الهوية السودانية.
ومصطفى سيد أحمد، بصوته الذي يحمل وجع الأرض، حاول أن يروي حكايات المنسيين.
لكن الإبداع الفردي، مهما كان عظيمًا، لا يستطيع وحده مواجهة آلة القمع والتهميش.
وفي هذا المشهد المعقد، يبدو المثقف السوداني كمن يسير في طريق طويل، تحفه الأشواك من كل جانب.
ليس الفشل عارًا، لكنه دعوة للتأمل وإعادة البناء.
وكما قال سارتر ذات يوم، “الإنسان هو مشروعه”.
فإن المثقف السوداني، رغم كل ما أصابه، ما زال مشروعًا لم يكتمل.
التغيير الحقيقي يبدأ حين يدرك المثقف أن قوته لا تكمن في عزلته الفكرية، بل في التحامه مع الناس.
حين تصبح الكلمة فعلًا، والفكرة أداة لتحريك الواقع.
التاريخ لا يرحم من يتوقف عند عتباته.
والمثقف السوداني اليوم أمامه فرصة نادرة لإعادة صياغة دوره.
هذا الدور لن يتحقق إلا بالتواضع أمام تعقيدات الواقع، وبالتخلي عن برجه العاجي لصالح غبار الحقول وصخب الشوارع.
وحدها الكلمة التي تُخلق من رحم المعاناة، وتُبنى على أسس من الفهم العميق، يمكنها أن تصبح شرارة التغيير المنتظر.
zoolsaay@yahoo.com