حذر تقرير جديد للبنك الدولي، من أن ضعف الاقتصاد الفلسطيني، والمعوقات المالية والقيود التي تفرضها إسرائيل، يعرقلون الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، مما يؤثر سلبا على السكان، وخاصة في قطاع غزة.

وبحسب تقرير البنك الدولي، الصادر الاثنين، فإنه من المتوقع أن يستمر الاقتصاد الفلسطيني في العمل بشكل أقل من إمكانياته بكثير، متوقعا أن يبلغ معدل النمو نحو 3 بالمئة، مضيفا أنه "على ضوء اتجاهات النمو السكاني، فمن المتوقع أن يتوقف نمو نصيب الفرد من الدخل، مما يؤثر سلبا على مستويات المعيشة".

وأشار بيان البنك الدولي، إلى أنه سيتم تقديم تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية الصادر بعنوان "سباق مع الزمن" إلى لجنة الارتباط الخاصة، وهو اجتماع على مستوى السياسات بشأن تنسيق المساعدات الإنمائية للشعب الفلسطيني، في نيويورك في 20 سبتمبر 2023. ويسلط التقرير الضوء على التحديات الاقتصادية التي تواجه الأراضي الفلسطينية، كما يصف المعوقات التي تؤثر على الخدمات الصحية.

وفي هذا السياق، قال ستيفان إمبلاد، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: "ظل الاقتصاد الفلسطيني يعاني بصورة أساسية من ركود، على مدى السنوات الخمس الماضية، ومن غير المتوقع أن يتحسن ما لم تتغير السياسات على أرض الواقع".

مخاطر عالية

ولا يزال الاقتصاد الفلسطيني يواجه مخاطر عالية، في ظل نظام معقد، بسبب القيود الإسرائيلية على الحركة والتجارة في الضفة الغربية، وشبه حصار على قطاع غزة، وانقسام داخلي بين الضفة الغربية وغزة، وقيود شديدة على المالية العامة، وبرنامج إصلاح غير مكتمل للسلطة الفلسطينية، وتراجع المساعدات الأجنبية على مدى سنوات عديدة، بحسب بيان البنك الدولي.

وأشار إمبلاد، إلى "أن الأراضي الفلسطينية شاركت في اتحاد جمركي بحكم الواقع مع إسرائيل منذ ثلاثين عاما، ولكن على عكس ما كان متوقعا عندما تم توقيع الاتفاقيات ذات الصلة، فقد استمر التفاوت بين الاقتصاديين في الاتساع، إذ أصبح مستوى دخل الفرد في إسرائيل 14-15 مرة أكثر من دخل الفرد في الأراضي الفلسطينية، كما أن معدلات الفقر مرتفعة للغاية، ومن بين كل 4 فلسطينيين تقريبا، يعيش فلسطيني واحد تحت خط الفقر".

وأضاف إمبلاد "يُذكّر التقرير الصادر عنا جميع الأطراف بالضرورة الملحة للعمل على تحفيز نمو نصيب الفرد، وتوطيد دعائم المالية العامة".

وخلال العام، زادت الإيرادات العامة في فلسطين بصورة ملحوظة؛ ومع ذلك، استمرت النفقات أيضا في الزيادة، وكان السبب الرئيسي في ذلك ارتفاع فاتورة أجور العاملين بالقطاع العام.

وأشار تقرير البنك الدولي، إلى أنه مع الأخذ في الاعتبار التنفيذ الجزئي للاتفاقيات الأخيرة بين الحكومة والنقابات العمالية، والاستقطاعات الإسرائيلية من الإيرادات المحصلة نيابة عن السلطة الفلسطينية (المعروفة باسم "إيرادات المقاصة") التي تبلغ حوالي 256 مليون دولار، فضلا عن مساهمات المانحين، فإنه من المتوقع أن يصل العجز إلى 493 مليون دولار في عام 2023، أو 2.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي. وإذا تم تنفيذ الاتفاقات مع النقابات العملية بالكامل، فإن العجز سيزداد، ليصل إلى 2.7 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

ويتمثل مصدر القلق الرئيسي في هذا السياق في أن خيارات التمويل أصبحت محدودة بشكل متزايد، ومن المتوقع أن يستمر تمويل العجز من خلال المتأخرات المستحقة للموردين من القطاع الخاص، وصندوق معاشات التقاعد العام، والموظفين العموميين (الذين يحصلون بالفعل على 80-85% فقط من أجورهم منذ أواخر عام 2021)، بحسب البنك الدولي.

وحذر البنك الدولي من أن التراكم المستمر للمتأخرات الإضافية - على المدى الطويل - يؤثر في حالة السيولة في السوق ويمكن أن يخنق النشاط الاقتصادي في نهاية المطاف، مع ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة على مستويات الفقر والاستقرار الاجتماعي.

وأشار البنك الدولي إلى أن جهود الإصلاح من جانب السلطة الفلسطينية تعد ضرورية، ولكنها غير كافية لتحقيق النمو واستدامة المالية العامة اللذين تمس الحاجة إليهما.

وأضاف أنه "من المهم أيضا الحصول على مزيد من المساندة المالية من المانحين، إلى جانب ضرورة زيادة التعاون من جانب الحكومة الإسرائيلية.. ويشمل هذا التعاون تحويل الإيرادات المحصلة من الشركات الإسرائيلية العاملة في المنطقة (ج) إلى السلطة الفلسطينية، وتحويل ضريبة القيمة المضافة على التجارة بين إسرائيل وغزة إلى السلطة الفلسطينية، والتنفيذ الكامل لنظام المقاصة الإلكتروني لضريبة القيمة المضافة من خلال اعتماد تشريع لتطبيق هذا النظام، وزيادة الشفافية في استقطاعات إيرادات المقاصة".

تضرر النظام الصحي

وقال إمبلاد، إن القيود على المالية العامة تلقي بثقلها على النظام الصحي الفلسطيني، ولاسيما على قدرته على التعامل مع العبء المتزايد للأمراض غير المعدية.

وأضاف أن "العديد من المعوقات التي تحول دون توفير الرعاية الصحية، أدت إلى جعل نظام الإحالات الطبية الخارجية للعلاج في المستشفيات غير الفلسطينية، عملية معقدة، تتأثر سلبا بالقيود المفروضة على حركة المرضى الفلسطينيين، ونظام التصاريح البيروقراطي الذي يستغرق وقتا طويلا، مما يجعل من الصعب للغاية في كثير من الأحيان توفير الرعاية الصحية الكافية أو المنقذة للحياة في الوقت المناسب".

وتؤدي المعوقات المادية والإدارية الكبيرة إلى تقييد نظام الإحالات الطبية الخارجية في الوقت المناسب لعلاج الأمراض السرطانية، وأمراض القلب، وحالات صحة الأم والطفل، التي لا يتوفر علاج لها في المستشفيات العامة في الضفة الغربية وغزة، بحسب ما ذكره البنك الدولي.

وكان للاحتلال الإسرائيلي، وتفتت الأراضي الفلسطينية، وسياق الاقتصاد الكلي والمالية العامة الأوسع نطاقا، أثر كبير على قدرة نظام الرعاية الصحية الفلسطيني على تقديم هذه الخدمات في المستشفيات العامة. ويعتبر الوضع حرجا للغاية في غزة، التي تعاني من زيادة محدودية قدرة النظام الصحي، وخاصة معاناة المرضى للحصول على تصاريح الخروج الطبية اللازمة، في الوقت المحدد، وفقا لبيان البنك الدولي.

وقال البنك الدولي إن إجراءات الإحالات الطبية الخارجية تمر عبر نظام معقد، من حيث تدفق أعداد المرضى والتدفقات المالية. ويتم تقديم حوالي 42 ألف طلب للحصول على تصاريح كل عام من جانب المرضى وحدهم (أي باستثناء المرافقين)، وتحتاج الغالبية العظمى من المرضى تصاريح من إسرائيل للحصول على خدمة الإحالة الطبية الخارجية. وتختلف نسبة الموافقة على هذه التصاريح من سنة إلى أخرى، ويمكن رفض المريض نفسه، أو تأخيره أو قبوله في مراحل مختلفة من سلسلة الرعاية المستمرة، مما يبين التعسف إلى حد ما في عملية التقييم. وتظهر الأرقام المأخوذة من الأبحاث أن "شبه الحصار" المفروض على غزة كان له أثر سلبي على معدل الوفيات، فقد لقي بعض المرضى حتفهم قبل الانتهاء من إجراءات الحصول على التصاريح، بحسب نص البيان.

ونظرا لارتفاع الأسعار التي تفرضها المستشفيات الخاصة والمستشفيات التابعة للجمعيات الأهلية، يستحوذ نظام الإحالات الطبية الخارجية على نصيب كبير من نفقات وزارة الصحة الفلسطينية، وينجم عن ذلك زيادة معدلات الإنفاق غير المستدامة، ولذلك أثر إضافي على المالية العامة التي تعاني بالفعل من ضغوط.

ومن غير المرجح خفض تكلفة هذا النظام في المستقبل القريب نظرا للصعوبة التي تواجهها السلطة الفلسطينية في زيادة الحيز المتاح في المالية العامة والاستثمار في بناء قدرات المستشفيات العامة. وبالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للإحالات إلى المستشفيات الإسرائيلية، لا تتحكم وزارة الصحة في الأسعار، ويتم استقطاع التكاليف من إيرادات المقاصة المستحقة للسلطة الفلسطينية، ناهيك عن محدودية الشفافية والتقارير على مستوى الحالة أو المريض.

ويؤكد تقرير البنك الدولي على أهمية تعزيز التنسيق بين السلطتين الإسرائيلية والفلسطينية، بهدف تحسين إدارة هذه الحالات، لاسيما تسهيل وتسريع وتيرة إجراءات الحصول على التصاريح، لتحسين الخدمة للمرضى والمرافقين في الوقت المناسب، وتسهيل دخول المعدات الطبية، خاصة إلى قطاع غزة، وزيادة شفافية الأسعار.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات البنك الدولي الاقتصاد الفلسطيني البنك الدولي فلسطين البنك الدولي الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد الاقتصاد الفلسطینی الأراضی الفلسطینیة السلطة الفلسطینیة المالیة العامة الرعایة الصحیة الضفة الغربیة من المتوقع أن البنک الدولی فی الوقت قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة: الكويت حريصة على تعزيز التعاون والتنسيق الدولي لمواجهة التحديات الصحية المشتركة

أكد وزير الصحة الدكتور أحمد العوضي اليوم الأحد حرص دولة الكويت على تطوير مؤشرات الصحة العامة وتعزيز التعاون العالمي في المجال الصحي لضمان تحسين جودة الرعاية الصحية على كل المستويات وتعزيز التنسيق الدولي لمواجهة التحديات الصحية المشتركة.

جاء ذلك في تصريح صحفي للوزير العوضي عقب لقائه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم على هامش الاجتماع رفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات الذي عقد أول من أمس ضمن فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في دورتها الـ79.

وركز اللقاء على مناقشة سبل تعزيز التعاون الدولي في مجال تنفيذ خطة العمل الخاصة بمقاومة مضادات الميكروبات كما ناقش الطرفان التحديات الصحية الإنسانية التي تواجه بعض دول إقليم شرق المتوسط والأوضاع الصحية في قطاع غزة.

وكان الوزير العوضي قد أكد في كلمة الكويت التي ألقاها خلال اجتماع رفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات الذي عقد ضمن فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79 أول من أمس أن الكويت وضعت خطة عمل وطنية لمقاومة مضادات الميكروبات تعتمد على نهج قوي متعدد القطاعات يستند على مبدأ (الصحة الواحدة) علاوة على نجاح الكويت في تعزيز مشاركتها في نظام الترصد العالمي لمقاومة المضادات الحيوية واستخدامها (نظام جالس) التابع لمنظمة الصحة العالمية.

المصدر كونا الوسوممنظمة الصحة وزارة الصحة

مقالات مشابهة

  • “المالية” تعلن تدشين صفحة خاصة بخدمات البنك الدولي الاستشارية على موقعها الإلكتروني
  • كم بلغ عدد شهداء وجرحى الغارة التي شنّها العدو على الهرمل؟
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41615 شهيدًا
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد شهداء غزة لـ 41615 وإصابة 96359 آخرين
  • للكشف المبكر لأورام الثدي.. الداخلية تنظم مؤتمر «الاستراتيجيات الطبية العامة لصحة المرأة المصرية»
  • “الصحة الفلسطينية”: استشهاد 16859 طفلًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
  • 14 مسعفاً استشهدوا في يومين.. وزارة الصحة: اين المجتمع الدولي؟
  • وزير الصحة: الكويت حريصة على تعزيز التعاون والتنسيق الدولي لمواجهة التحديات الصحية المشتركة
  • بوركينا فاسو تتلقى 50 مليون دولار من البنك الدولي لتنمية قطاع الثروة الحيوانية
  • فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية