مع اقتراب موسم الأعياد اليهودية.. ما خطورة النفخ بالبوق في المسجد الأقصى؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
القدس المحتلة- قرب مصلى باب الرحمة في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى المبارك، نفخ أحد المستوطنين في البوق خلال احتفال المقتحمين للمسجد برأس السنة العبرية (الأحد 17 سبتمبر/أيلول)، وتضاربت الأنباء عن نجاح المستوطنين بالنفخ فيه مرة واحدة أم مرتين.
وأيّ كان عدد مرات النفخ في البوق، فإن ذلك لا ينفي خطورة الإقدام على تنفيذ هذا الطقس التوراتي في المسجد الأقصى على يد الجماعات المتطرفة التي نجحت في ذلك للعام الثالث على التوالي.
وفي تعقيبه على هذا الانتهاك، كتب الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص أن هذا الطقس يدلل على التفوق والسيادة، لذلك نفخ حاخام جيش الاحتلال شلومو جوريون بالبوق على جبال سيناء عند احتلالها عام 1956 وعند تلة المغاربة عند احتلال شرقي القدس عام 1967، ولذلك ينفخ المستوطنون بالبوق في "عيد الاستقلال" (النكبة) سنوياً.
أما الأخطر من ذلك بنظر الباحث ابحيص، فهو أن النفخ في البوق علامة بدء مرحلة جديدة من الزمن، فهو يفصل بين السنوات العبرية، وهو بداية يوم القيامة وبهذا يكون نفخ البوق في الأقصى بنظر جماعات الهيكل يفصل بين زمانين "زمان هويته الإسلامية الذي يتوهمون أنه انتهى وزمان تهويده الذي يظنون أنه بدأ".
مسارانوعن طقس النفخ في البوق والسمات الذي يجب أن يتسم بها البوق التوراتي، أشار الباحث إلى أنه يشترط ألا يكون ملتويا وأن يصنع من قرن ذكر الماعز، ومع تحقق هذه الشروط في البوق المصنوع حديثا اقتنصت جماعات الهيكل الفرصة لاستعراضه والإعراب عن الاستعداد للنفخ فيه داخل أولى القبلتين.
ولم يكتف ما يعرف بـ"المجلس الحاخامي" (السنهدرين) باستعراض البوق الجديد في السنوات الأخيرة، بل لجأت لمسار قانوني في محاولة لانتزاع قرار قضائي يسمح بممارسة هذا الطقس في ساحات المسجد الأقصى مدعيا أن محكمة إسرائيلية اعتبرت عام 2015 أن النفخ في البوق ليس عملا استفزازيا.
ويستند "السنهدرين" في ادعاءاته أيضا للانتهاك الذي سجله حاخام الجيش الإسرائيلي شلومو جورين عندما دخل المسجد الأقصى خلال حرب عام 1967 ونفخ في البوق داخله معتبرا أن نفخه في هذا المكان هو جزء من الوضع القائم الذي فرض بعد يونيو/حزيران 1967مع أن مفهوم الوضع الراهن في القانون الدولي يتحدث عن الحفاظ على الأقصى كما كان عليه الوضع قبل اندلاع حرب ذلك العام.
وخلال موسم الأعياد اليهودية الذي سيُحتفل به على مدار 3 أسابيع، يبدأ برأس السنة العبرية، مرورا بيوم الغفران، وانتهاء بعيد العُرش، أكد ابحيص أن المسجد الأقصى على موعد مع سلسلة من الانتهاكات الجديدة.
يهودا غليك نفخ في القرن (الشوفار) داخل #المسجد_الاقصى عبر تطبيق على هاتفه المحمول، وهو طقس ممنوع على اليهود القيام به داخل المسجد الاقصى. pic.twitter.com/gts0W24tXN
— سعيد بشارات Saaed Bsharat (@saaed_bsharat) September 4, 2022
رأس السنة العبريةهو إعلان بداية مرحلة جديدة من الزمان الإنساني اليهودي وينفخ في البوق لإعلان هذه البداية مطلع كل سنة عبرية إيذانا بالاقتراب خطوة إضافية من مجيء المخلّص، إذ يرتبط البوق بالفكرة الخلاصية المسيحانية، وبالتالي فإن الحرص على نفخه في المسجد الأقصى، وفقا لابحيص، هو حرص على تأجيل مجيء المخلص وفقا لمفهوم هذه الجماعات.
ولا يقتصر الخطر في رأس السنة العبرية على نية جماعات الهيكل النفخ في البوق بداخله، بل يمتد لتكريس فكرة اقتحام الأقصى بالثياب البيضاء وهي رداء طبقة الكهنة التي تقود الصلوات في الهيكل.
"في يوم رأس السنة، تبدأ ما تسمى أيام التوبة العشرة التوراتية التي يدخل فيها المقتحمون بثياب التوبة البيضاء للأقصى، وهدفهم أن يصبح مقبولا للعقل الفلسطيني والعربي وجود الكهنة في الأقصى كما الأئمة، لأن هناك من يجب أن يقود العبادات في جبل الهيكل".
وقد لا تنجح هذه الجماعات بتحقيق هذا الحد من الانتهاكات لكن للاقتحام بهذه الثياب رمزية لها مسعى خطير يجب إدراكه وإفشاله، وفقا للباحث المقيم في الأردن.
المتدينون اليهود يكرسون "يوم الغفران" لتعداد خطاياهم (الأوروبية) يوم الغفرانيعتبر أقدس أيام السنة وهو المتمم لـ"أيام التوبة والغفران العشرة" التي تبدأ بيوم رأس السنة العبرية الجديدة، ويصوم به المتدينون لمدة 25 ساعة تكرس لمحاسبة النفس والتكفير والتطهير من الذنوب وإقامة الصلوات والشعائر التلمودية في الكنس.
ورغم أن أعداد المقتحمين للأقصى لا تكون كبيرة في هذه المناسبة، التي تصادف يوم 25 سبتمبر/أيلول، بسبب توقف الحياة وحركة المواصلات، فإن المقتحمين، وغالبا يكونون من الحاخامات، يحاولون إحياء الطقوس المركزية القربانية التي كان مركزها وفقا للزعم التوراتي هو الهيكل.
وبالتالي، سيحاول المتطرفون محاكاة فكرة تقديم القربان حتى وإن لم يدخلوه عبر الصلوات، وخاصة صلاة بركات "الكهنة" التي تعبر عن ذلك.
وفي هذا اليوم ينفخ في البوق مع غروب الشمس، على عكس رأس السنة العبرية التي ينفخ في البوق خلالها صباحا، وسجل هذا الانتهاك عام 2021 عندما نفخ في البوق داخل المسجد الأقصى صباحا بيوم الغفران لكن لم يصور ذلك أحد، وفقا لابحيص.
ويتعمد الحاخامات النفخ في البوق بيوم الغفران من داخل المدرسة التنكزية المسلوبة التي يقع جزء منها داخل المسجد الأقصى، إيذانا بنهاية أيام التوبة كاملة.
اقتحامات واسعة ينفذها المستوطنون للمقامات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى في أثناء فترة الأعياد اليهودية (الجزيرة) عيد العُرش (المظلة)سيحتفل به الإسرائيليون بداية من 30 سبتمبر/أيلول ويمتد إلى 7 أكتوبر/تشرين الأول، ويتطلع المتطرفون خلاله لإدخال قرابين نباتية.
"العبادة الموصوفة بالتوراة كانت أصلا عبادة قربانية قائمة على فكرة أن روح الرب تحل في جبل الهيكل، وبالتالي يجب إرضاؤه بإهدائه القرابين الحيوانية والنباتية من هذا المكان.. سيحاول المتطرفون إدخال سعف النخيل وثمار الحمضيات وأغصان الصفصاف إلى داخل الأقصى، باعتباره الهيكل وباعتبار أن اليهود يعتقدون أن روح الرب تحل في هذا المكان".
وختم الباحث -حديثه للجزيرة نت- بالقول إن كل الأفكار الدينية التي يتم انتقاؤها تحمل مغزى سياسيا واحدا هو التعامل مع الأقصى باعتباره الهيكل، وأنه ليس إسلاميا ولا يقع على أرض فلسطينية، بل يعتبرونه مقدسا يهوديا يقع على أرض إسرائيلية.
وهذا الإحياء الانتقائي للطقوس التوراتية يسمى "التأسيس المعنوي للهيكل"، فبعد أن واجه المتطرفون مشكلة في فرض التقسيمين الزماني والمكاني، ذهبوا لنقطة أبعد من ذلك وهي محاولة القول إن هذا المكان -في أصله- هيكل ونتعامل معه على هذا الأساس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رأس السنة العبریة المسجد الأقصى یوم الغفران هذا المکان
إقرأ أيضاً:
مرصد الأزهر: المسجد الأقصى شهد اقتحامات واسعة النطاق خلال الأيام الماضية
أكد مرصد الأزهر في بيان له، أن جماعات «الهيكل» المتطرفة استغلت الأعياد اليهودية وتحديدًا عيد «سكوت»، لحشد آلاف المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وقد شهدت ساحات الأقصى خلال خمسة أيام متواصلة، اقتحامات علنية وواسعة النطاق، إذ يبلغ عدد المستوطنين المقتحمين 6311 هذا العام، بزيادة نسبتها 9% عن العام الماضي و32% عن عام 2022، وفقًا لبيانات منظمة «بيدينو من أجل الهيكل».
انتهاكات جماعات «الهيكل» المتطرفةوأوضح مرصد الأزهر أن الانتهاكات شملت تقديم القرابين النباتية الخاصة بعيد العرش شرقي المسجد الأقصى، بمشاركة الحاخام «يسرائيل أريئيل»، إضافة إلى طقوس النفخ في البوق وأداء السجود الملحمي بشكل جماعي وارتداء ملابس التوبة البيضاء، كما أدى المستوطنون صلاة «موساف» الجماعية لأول مرة في مصلى باب الرحمة، والطقوس التلمودية أمام عدة أبواب للمسجد.
مخططات تغيير هوية المسجد الأقصىوينبه المرصد إلى خطورة تزايد نشاط هذه الجماعات المتطرفة التي تستغل الأحداث الجارية في غزة ولبنان لتحقيق مخططات تتعلق بتغيير هوية المسجد الأقصى من إسلامية إلى يهودية، والترويج لمشروع بناء «الهيكل» المزعوم على أنقاضه.