سودانايل:
2025-04-22@13:48:50 GMT

السودان يحتاج إلى عاصمة جديدة بمواصفات عصرية

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

●إن نشأة الدولة السودانية قد لازمها الكثير من الخطل الذي كان بالإمكان تداركه بإقرار مباديء المواطنة المتساوية بين جميع السودانيين عبر الممارسة الفعلية في إدارة الدولة والشأن العام، إلا أن الصفوة السياسية التي ورثت السلطة من المستعمر كان جل همها المحافظة على الكرسي بأي ثمن دون وضع أدنى إعتبار لبناء الدولة والمجتمع وإرساء مباديء التداول المدني الديمقراطي للسلطة عبر صناديق الإنتخابات وإرادة الشعب عوضاً عن صناديق الذخيرة والإنقلابات العسكرية.



●هنالك "شُلة" صفوية صغيرة قد حددت هوية السودان وكيف يُحكم ومن يحكمه دون تفويض شعبي أو عقد إجتماعي بين السودانيين يحددون فيه ماهية الدولة التي يريدونها، فالسودان بحدوده المعروفة "أرض المليون ميل مربع" قد رسمها المستعمر بما يخدم أهدافه، ولم يكن السودان قبل ذلك كياناً سياسياً واحداً، والكل يعلم أن السودان كان عبارة عن دويلات مستقلة، ودارفور كمثال قد ضُمت للسودان عام 1916 بعد هزيمة السلطان علي دينار، فهذه حقيقة تاريخية لا تعني بأي حال من الأحوال تقسيم السودان أو الدعوة لإنفصال أي جزءٍ منه، بقدر ما هي دعوة لإعادة النظر في الوحدة الإستعمارية الزائفة، وأن تكون الوحدة طواعية بين أقاليم السودان لا وحدة قهرية، لجهة أن أي عقد إجتماعي لتأسيس جمهورية سودانية حقيقية سوف تترتب عليه أسس بناء الدولة التي تسع الجميع دون إقصاء.

●كل دول العالم المحترمة تهتم بمناطق الإنتاج وتربطها بشبكة من طرق المواصلات البرية والجوية والنهرية مما ينعكس على تنميتها وتطورها وتطور إنسانها إلا السودان الذي يهمش مناطق الإنتاج وفق سياسة إفقار ممنهجة "جوِّع كلبك يتبعك" وبذلك تسيطر أقلية صفوية على إقتصاد الدولة ومواردها؛ وبالتالي يكون هؤلاء هم المُلّاك الحقيقيون للماشية والصمغ والمشاريع الزراعية ومناجم التعدين وكافة عمليات الإستيراد والتصدير وأصحاب الشأن لا يعدو أن يكونوا مجرد عمال لدي هؤلاء الأوغاد...!!.

●لم يتم تخطيط المشاريع الإقتصادية والإنتاجية في السودان وفق منطق إقتصادي سليم أو رؤية وطنية، مما أحدث خللاً تنموياً وعدم عدالة في تقاسم الثروة بين المركز والأقاليم، وهذا التهميش والإقصاء المتعمد أدى إلى غبن إقتصادي، لازمه غبن إجتماعي، فالصفوة السياسية المستحكمة قد قسمت السودانيين إلى طبقات إجتماعية وإقتصادية وسياسية، وهي ترى في نفسها الطبقة المالكة في السودان وعامة الشعب رعايا في أبشع صور الإقطاع في العصر الحديث ، مما زاد من حدة التباين والإحتقان قاد في خاتمة المطاف إلى الحروب وعدم الإستقرار السياسي.

●إن حرب الخامس عشر من أبريل وما قبلها قد أظهرت عيوب الهندسة السياسية والإقتصادية والإجتماعية المفروضة بقوة السلطة والسلاح؛ التي وجدت مقاومة شرسة من كل هوامش السودان وأطرافه عبر كافة الأدوات والوسائل السلمية والعنيفة.

●إن تمركز المشاريع التنموية والخدمية في الخرطوم "وما جاورها" أثبت عوار السياسات والممارسات التي اتبعتها الصفوة السياسية، وهي نواة بذرة الحروب في السودان منذ عام 1955 التي رفع لواءها " تمرد توريت" من أجل رفع الضيم الذي حاق بهم، ولكن الصفوة السياسية لم تهتم بمعالجة هذا الخطيئة بالطرق السلمية والحوار، وانتهجت الحلول الأمنية والعسكرية لإخضاع أي مقاومة بالقتال وقوة السلاح ، وتمادت في ممارسة كافة أساليب الإستهبال والفهلوة السياسية والتذاكي والهروب للأمام والتحلل من أي إتفاق أو إلتزام يقود إلى تغيير حقيقي في السودان، أُجبر شعب جنوب السودان على تبني خيار تقرير المصير ومن ثم الإنفصال في عام 2011م.

●للأسف بعد ثورة ديسمبر 2018 والتغيير الجزئي الذي حدث، لا تزال الصفوة السياسية السودانية بنفس عقلية الخمسينات والستينيات ولم تتغير مطلقاً، وظلوا يمارسون نفس الممارسات ، ويرتكبون نفس الأخطاء والحماقات، وكأن ساعة السودان قد توقفت عند محطة "لقاء السيدين"...!!.

●لابد من الإعتراف بحقيقة إستحالة استمرار الدولة السودانية بشكلها القديم، الذي بات ضرباً من الخيال والجنون، فلم تعد أقاليم السودان هي تلك الأقاليم التي يُصدر إليها الحكام من الخرطوم، وما عليها إلا السمع والطاعة لما يقوله "حفيد الرسول وسليل الدوحة النبوية" فالكل سادة في بلادهم شاء من شاء وأبي من أبي...!!.

●إن الحرب التي تدور في السودان لا سيما العاصمة الخرطوم قد قضت على معظم المصانع والشركات والمؤسسات وغيرها من المرافق العامة، وفعلياً عاد السودان إلى عهد ما قبل الإستقلال، لأن كل أو جُل هذه المؤسسات والمشاريع قد أُنشئت في منطقة جغرافية واحدة، وهذه المنطقة أضحت ساحة للحرب والمعارك بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة من طائرات ومسيرات وصواريخ ومدافع، وأضحت الخرطوم مدينة أشباح لا تصلح للسكن بأي حال من الأحوال وإن توقفت الحرب اليوم، وأن تكلفة إعادة بناء ما دمرته الحرب من مصانع ومرافق عامة يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات، وهي لا تتوفر للسودان الذي سينهض من الصفر، ومدمراً إقتصادياً وسياسيا ومفككاً إجتماعياً ووجدانياً، وبدلاً عن إعادة بناء عاصمة بها ما بها من عيوب التخطيط العمراني والتنموي، وما خلفته الحرب من دمار للمقدرات الصناعية والمرافق الخدمية والبني التحتية، لزاماً علينا التفكير ومنذ الآن في بناء عاصمة عصرية للسودان على أنقاض هذه العاصمة التي إرتبطت في مخيلة الكثير من السودانيين بالظلم والقهر والتسلط والإستبداد.

●كي تكون لدينا دولة تمثلنا ونعتز بها جميعاً لابد من بناء السودن وفق أسس قومية جديدة، وإعادة هيكلة جميع مؤسساته السياسية والإقتصادية والإجتماعية وفق مبادىء وطنية حقيقية ومشاركة فعلية لجموع السودانيات والسودانيين في صناعة حاضر ومستقبل بلادهم على قدم المساواة والعدالة، بعيداً عن الأنا الشخصي والحزبي والجهوي، بحيث تكون المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات.

●كي تكون هنالك دولة وطنية في السودان لابد أن يرتبط ذلك بهوية السودان الحقيقية دون تزييف، وأن تكون الدولة محايدة تجاه كافة الهويات الثقافية والدينية وخلافها.

17 سبتمبر 2023م

elnairson@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

المؤسسات التعليمية تترجم «عام المجتمع» إلى مشاريع واقعية

مريم بوخطامين (أبوظبي)
تواصل المؤسسات التعليمية والتربوية في دولة الإمارات العربية المتحدة أداء دورها المحوري والفعّال في دفع عجلة التنمية المجتمعية من خلال ترجمة أهداف مبادرة «عام المجتمع» إلى مشاريع ومبادرات واقعية وملموسة تُسهم في بناء مجتمع مترابط، واعٍ، ومتماسك. تأتي هذه المبادرة كمنطلق وطني لتوحيد الجهود بين المؤسسات المختلفة، والعمل يداً بيد نحو مجتمع أكثر تكافلاً، حيث تشكّل المؤسسات التعليمية واحدة من أبرز دعائم هذه المسيرة، لما لها من أثر مباشر وعميق في تشكيل وعي الأفراد، وتوجيه السلوك المجتمعي نحو الإيجابية والمواطنة الفاعلة.
تلعب المؤسسات التربوية دوراً مركزياً في صياغة مستقبل الأجيال القادمة، من خلال التركيز على تطوير مهارات الطلبة، وتعزيز قدراتهم الإبداعية والمعرفية، وصقل هويتهم الثقافية والوطنية، فهي لا تكتفي بتقديم المناهج التعليمية، بل تتجاوز ذلك إلى ترسيخ القيم النبيلة، مثل: الاحترام، والمسؤولية، والانتماء، وروح التعاون بين أفراد المجتمع.
وتقوم هذه المؤسسات بإعداد أجيال من الكوادر المؤهلة علمياً وفكرياً، القادرة على الانخراط في سوق العمل بفاعلية، والإسهام في تحقيق رؤية الدولة للتنمية الشاملة والمستدامة. كما تشجع على الابتكار وريادة الأعمال، مما يدعم بناء اقتصاد معرفي مزدهر، ويعزّز مكانة الإمارات دولةً رائدةً في ميادين التعليم والتطور العلمي.
رؤية القيادة
في هذا السياق، أكدت الدكتورة عائشة اليماحي، المستشار الاستراتيجي في مؤسسة «ألف للتعليم»، أن مبادرة «عام المجتمع» تسلّط الضوء على التعليم كأداة رئيسية ومحورية في مسيرة بناء الأوطان، وكقوة ناعمة تسهم في صياغة مستقبل مشرق للأجيال القادمة. وقالت إن المبادرة تُجسّد توجهات القيادة الرشيدة في الدولة، والتي تضع التعليم في قلب استراتيجية بناء الإنسان وتمكينه ليكون محور التنمية المستدامة.
وأضافت أن التعليم لم يعد مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل أصبح أداة استراتيجية لصناعة المستقبل، ويظهر ذلك في الدعم المستمر الذي توليه الدولة لقطاع التعليم، من خلال تطوير المناهج، وتأهيل الكوادر التربوية، وإطلاق مبادرات تعليمية مبتكرة، تهدف إلى تحفيز الطلبة على الإبداع والابتكار، وتمكينهم من أدوات العصر الحديث والتكنولوجيا المتقدمة. وأوضحت الدكتورة اليماحي أن إعلان عام 2025 عاماً للمجتمع، تحت شعار «يداً بيد»، يحمل في طياته رسالة قوية ومؤثرة تُجسّد روح التلاحم الوطني، وتعكس حرص الدولة على ترسيخ المسؤولية المشتركة، وتعزيز الروابط بين الأجيال، وصون التراث الثقافي والموروث الشعبي، باعتبارهما من عناصر الهوية الوطنية التي يجب الحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة.
 وشددت على التزام «ألف للتعليم» بتطوير حلول تعليمية رقمية مبتكرة تسهم في تحسين العملية التعليمية ورفع كفاءة الطلبة، مشيرة إلى أن المؤسسة تركّز على تمكين المتعلمين من استكشاف إمكاناتهم، وتحقيق طموحاتهم العلمية والمعرفية، من خلال بيئة تعليمية مرنة ومتطورة تعتمد على أحدث التقنيات.
جسر الأجيال
من جهتها، أكدت الدكتورة مي ليث الطائي، مدير كلية الإمارات للتطوير التربوي، أن مبادرة «عام المجتمع» تتكامل مع رؤية الكلية التي تسعى إلى تعزيز مفهوم التعليم المجتمعي، عبر أنشطة ومبادرات تربط الأسرة بالمدرسة، وتعمّق الروابط بين مختلف فئات المجتمع. وقالت إن الكلية أطلقت ضمن هذا الإطار مبادرتها الوطنية الرائدة «أنا أقرأ»، التي تهدف إلى ترسيخ عادة القراءة لدى الأطفال والناشئة، وتحويل القراءة إلى أسلوب حياة وثقافة يومية. وأوضحت أن المبادرة لا تقتصر على الطلبة فقط، بل تشمل أُسرهم والمعلمين والتربويين، من خلال جلسات قرائية تفاعلية تخلق بيئة تعليمية مشوّقة ومحفّزة. وأضافت أن الكلية استضافت أكثر من 100 طالب وطالبة مع أُسرهم، في جلسات قرائية جماعية سادها جو من التعاون والتآلف. وأكدت الدكتورة الطائي أن هذه الجلسات تسهم في بناء مجتمع قارئ ومثقّف، وتدعم رؤية الدولة في خلق جيل واعٍ، قادر على التفاعل الإيجابي مع محيطه. 
تجارب طلابية 
وفي بادرة تعكس تمكين الطلبة من التعبير عن أنفسهم، قدّمت الطالبة إيمان فتح الله، إحدى طالبات الكلية، قصة بعنوان «السحابة التي أمطرت ضحكاً»، فيما شاركت الطالبة صفاء الصفواني بقصتها «الحياة في كوكب الأرض»، وقدّمت الطفلة سالي الوسواسي، ابنة إحدى الطالبات، قصة «الحديقة السحرية». وتفاعل الحضور مع هذه الأعمال الإبداعية، التي عبّرت عن أفكار ناضجة وخيال خصب.
«عام المجتمع» منطلق وطني لتوحيد الجهود بين المؤسسات المختلفة
قال سلطان العامري، ولي أمر، إن تضافر وتعاون المؤسسات التعليمية والتنموية مع المجتمع يسهمان في تحقيق أهداف مبادرة عام المجتمع، من خلال تنظيم مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج التطويرية، التي تشكّل أحد أعمدة «عام المجتمع»، مشدداً على أن المؤسسات التربوية والتعليمية تُعد من الشركاء الأساسيين في تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. ومن خلال المبادرات النوعية، والتفاعل الإيجابي مع فئات المجتمع المختلفة، ترسم هذه المؤسسات مساراً واضحاً نحو بناء مجتمع معرفي، متماسك، ومستدام، قادر على تحقيق تطلعات الدولة في الريادة والتقدم، وضمان مستقبل مشرق للأجيال القادمة.

أخبار ذات صلة «الطاقة والبنية التحتية» تشارك في معرض ومؤتمر المركبات الكهربائية «الصحة» تستعرض إنجازات برنامج «حياة»

مقالات مشابهة

  • أسعار البيض تحلّق في أوروبا... من هي الدولة التي تدفع أكثر من غيرها؟
  • أحمد موسى يطالب رئيس الوزراء: عاوزين أعلام مصر تكون جديدة في كل المؤسسات.. والبابا تواضروس: البابا فرنسيس كان صوت السلام والعدالة | أخبار التوك شو
  • أحمد موسى يطالب رئيس الوزراء: عاوزين أعلام مصر تكون جديدة في كل المؤسسات.. فيديو
  • مؤتمر لندن.. ما هي مجموعة الاتصال الدولية التي أراد تشكيلها
  • يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما
  • غياب المعايير.. أم تغير المتطلبات؟ قراءة في خلفيات إعفاء وزيري الخارجية والأوقاف في السودان
  • التعددية الحزبية.. كيف تطورت الحياة السياسية خلال السنوات الماضية؟
  • المؤسسات التعليمية تترجم «عام المجتمع» إلى مشاريع واقعية
  • جهود حثيثة تبذلها الحكومة السورية لإعادة بناء وتأهيل المراكز الصحية التي دمرها النظام البائد في جميع المحافظات