سودانايل:
2025-04-01@03:33:47 GMT

السودان يحتاج إلى عاصمة جديدة بمواصفات عصرية

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

●إن نشأة الدولة السودانية قد لازمها الكثير من الخطل الذي كان بالإمكان تداركه بإقرار مباديء المواطنة المتساوية بين جميع السودانيين عبر الممارسة الفعلية في إدارة الدولة والشأن العام، إلا أن الصفوة السياسية التي ورثت السلطة من المستعمر كان جل همها المحافظة على الكرسي بأي ثمن دون وضع أدنى إعتبار لبناء الدولة والمجتمع وإرساء مباديء التداول المدني الديمقراطي للسلطة عبر صناديق الإنتخابات وإرادة الشعب عوضاً عن صناديق الذخيرة والإنقلابات العسكرية.



●هنالك "شُلة" صفوية صغيرة قد حددت هوية السودان وكيف يُحكم ومن يحكمه دون تفويض شعبي أو عقد إجتماعي بين السودانيين يحددون فيه ماهية الدولة التي يريدونها، فالسودان بحدوده المعروفة "أرض المليون ميل مربع" قد رسمها المستعمر بما يخدم أهدافه، ولم يكن السودان قبل ذلك كياناً سياسياً واحداً، والكل يعلم أن السودان كان عبارة عن دويلات مستقلة، ودارفور كمثال قد ضُمت للسودان عام 1916 بعد هزيمة السلطان علي دينار، فهذه حقيقة تاريخية لا تعني بأي حال من الأحوال تقسيم السودان أو الدعوة لإنفصال أي جزءٍ منه، بقدر ما هي دعوة لإعادة النظر في الوحدة الإستعمارية الزائفة، وأن تكون الوحدة طواعية بين أقاليم السودان لا وحدة قهرية، لجهة أن أي عقد إجتماعي لتأسيس جمهورية سودانية حقيقية سوف تترتب عليه أسس بناء الدولة التي تسع الجميع دون إقصاء.

●كل دول العالم المحترمة تهتم بمناطق الإنتاج وتربطها بشبكة من طرق المواصلات البرية والجوية والنهرية مما ينعكس على تنميتها وتطورها وتطور إنسانها إلا السودان الذي يهمش مناطق الإنتاج وفق سياسة إفقار ممنهجة "جوِّع كلبك يتبعك" وبذلك تسيطر أقلية صفوية على إقتصاد الدولة ومواردها؛ وبالتالي يكون هؤلاء هم المُلّاك الحقيقيون للماشية والصمغ والمشاريع الزراعية ومناجم التعدين وكافة عمليات الإستيراد والتصدير وأصحاب الشأن لا يعدو أن يكونوا مجرد عمال لدي هؤلاء الأوغاد...!!.

●لم يتم تخطيط المشاريع الإقتصادية والإنتاجية في السودان وفق منطق إقتصادي سليم أو رؤية وطنية، مما أحدث خللاً تنموياً وعدم عدالة في تقاسم الثروة بين المركز والأقاليم، وهذا التهميش والإقصاء المتعمد أدى إلى غبن إقتصادي، لازمه غبن إجتماعي، فالصفوة السياسية المستحكمة قد قسمت السودانيين إلى طبقات إجتماعية وإقتصادية وسياسية، وهي ترى في نفسها الطبقة المالكة في السودان وعامة الشعب رعايا في أبشع صور الإقطاع في العصر الحديث ، مما زاد من حدة التباين والإحتقان قاد في خاتمة المطاف إلى الحروب وعدم الإستقرار السياسي.

●إن حرب الخامس عشر من أبريل وما قبلها قد أظهرت عيوب الهندسة السياسية والإقتصادية والإجتماعية المفروضة بقوة السلطة والسلاح؛ التي وجدت مقاومة شرسة من كل هوامش السودان وأطرافه عبر كافة الأدوات والوسائل السلمية والعنيفة.

●إن تمركز المشاريع التنموية والخدمية في الخرطوم "وما جاورها" أثبت عوار السياسات والممارسات التي اتبعتها الصفوة السياسية، وهي نواة بذرة الحروب في السودان منذ عام 1955 التي رفع لواءها " تمرد توريت" من أجل رفع الضيم الذي حاق بهم، ولكن الصفوة السياسية لم تهتم بمعالجة هذا الخطيئة بالطرق السلمية والحوار، وانتهجت الحلول الأمنية والعسكرية لإخضاع أي مقاومة بالقتال وقوة السلاح ، وتمادت في ممارسة كافة أساليب الإستهبال والفهلوة السياسية والتذاكي والهروب للأمام والتحلل من أي إتفاق أو إلتزام يقود إلى تغيير حقيقي في السودان، أُجبر شعب جنوب السودان على تبني خيار تقرير المصير ومن ثم الإنفصال في عام 2011م.

●للأسف بعد ثورة ديسمبر 2018 والتغيير الجزئي الذي حدث، لا تزال الصفوة السياسية السودانية بنفس عقلية الخمسينات والستينيات ولم تتغير مطلقاً، وظلوا يمارسون نفس الممارسات ، ويرتكبون نفس الأخطاء والحماقات، وكأن ساعة السودان قد توقفت عند محطة "لقاء السيدين"...!!.

●لابد من الإعتراف بحقيقة إستحالة استمرار الدولة السودانية بشكلها القديم، الذي بات ضرباً من الخيال والجنون، فلم تعد أقاليم السودان هي تلك الأقاليم التي يُصدر إليها الحكام من الخرطوم، وما عليها إلا السمع والطاعة لما يقوله "حفيد الرسول وسليل الدوحة النبوية" فالكل سادة في بلادهم شاء من شاء وأبي من أبي...!!.

●إن الحرب التي تدور في السودان لا سيما العاصمة الخرطوم قد قضت على معظم المصانع والشركات والمؤسسات وغيرها من المرافق العامة، وفعلياً عاد السودان إلى عهد ما قبل الإستقلال، لأن كل أو جُل هذه المؤسسات والمشاريع قد أُنشئت في منطقة جغرافية واحدة، وهذه المنطقة أضحت ساحة للحرب والمعارك بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة من طائرات ومسيرات وصواريخ ومدافع، وأضحت الخرطوم مدينة أشباح لا تصلح للسكن بأي حال من الأحوال وإن توقفت الحرب اليوم، وأن تكلفة إعادة بناء ما دمرته الحرب من مصانع ومرافق عامة يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات، وهي لا تتوفر للسودان الذي سينهض من الصفر، ومدمراً إقتصادياً وسياسيا ومفككاً إجتماعياً ووجدانياً، وبدلاً عن إعادة بناء عاصمة بها ما بها من عيوب التخطيط العمراني والتنموي، وما خلفته الحرب من دمار للمقدرات الصناعية والمرافق الخدمية والبني التحتية، لزاماً علينا التفكير ومنذ الآن في بناء عاصمة عصرية للسودان على أنقاض هذه العاصمة التي إرتبطت في مخيلة الكثير من السودانيين بالظلم والقهر والتسلط والإستبداد.

●كي تكون لدينا دولة تمثلنا ونعتز بها جميعاً لابد من بناء السودن وفق أسس قومية جديدة، وإعادة هيكلة جميع مؤسساته السياسية والإقتصادية والإجتماعية وفق مبادىء وطنية حقيقية ومشاركة فعلية لجموع السودانيات والسودانيين في صناعة حاضر ومستقبل بلادهم على قدم المساواة والعدالة، بعيداً عن الأنا الشخصي والحزبي والجهوي، بحيث تكون المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات.

●كي تكون هنالك دولة وطنية في السودان لابد أن يرتبط ذلك بهوية السودان الحقيقية دون تزييف، وأن تكون الدولة محايدة تجاه كافة الهويات الثقافية والدينية وخلافها.

17 سبتمبر 2023م

elnairson@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

ترحيب عربي بإعلان تشكيل حكومة جديدة في سوريا

رحبت دول عربية، الأحد، بإعلان تشكيل حكومة جديدة في سوريا، السبت.

فقد أعربت السعودية عن ترحيبها بتشكيل الحكومة السورية، وعن "أملها في أن تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب السوري"، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس).

وأكدت وزارة الخارجية السعودية تطلع المملكة للتعاون والعمل مع الحكومة السورية الجديدة، بما يجسد العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين الشقيقين، ويعزز من العلاقات في المجالات كافة.

كما أعربت الوزارة عن تمنياتها للحكومة السورية الجديدة بالتوفيق والسداد "بما يحقق لسوريا الشقيقة أمنها واستقرارها ورخائها".

وأعربت دولة الإمارات عن ترحيبها بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة، مؤكدة "دعمها لتطلعات الشعب السوري الشقيق في تحقيق الاستقرار والازدهار"، حسب وكالة أنباء الإمارات (وام).

وأوضحت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان، أن "دولة الإمارات تنظر بثقة إلى أن الحكومة الجديدة ستلبي متطلبات المرحلة الانتقالية"، معربة عن "تمنياتها لها بالتوفيق والسداد، وتطلعها إلى تعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين".

وجددت الوزارة "التأكيد على موقف دولة الإمارات الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة لتحقيق آمال الشعب السوري الشقيق في الأمن والاستقرار والتعايش السلمي والتنمية".

وفي السياق ذاته، رحب الأردن بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة، معربا عن أمله في أن "تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب السوري الشقيق، بأن يعيش بحرية ومساواة وكرامة وسلام بعد معاناته الطويلة".

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة "حرص المملكة على تعميق التعاون مع الحكومة السورية الجديدة في مختلف المجالات، بما يعكس تاريخية العلاقة واستراتيجيتها بين البلدين الشقيقين، وعلى ضرورة بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والإسناد المتبادل والثقة، ومعالجة كل القضايا، بما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين"، وفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا).

‏وجدد القضاة "التأكيد على موقف الأردن الثابت في دعم إعادة بناء سوريا على الأسس التي تحفظ أمن سوريا ووحدتها واستقرارها".

والسبت أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع تشكيل حكومة انتقالية جديدة، وأكد التزامه بإعادة بناء دولة قوية ومستقرة لجميع السوريين.

وقال الشرع إن "تشكيل حكومة جديدة هو إعلان لإرادتنا المشتركة لبناء دولة جديدة. ستسعى هذه الحكومة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية على أساس المساءلة والشفافية".

وتم الإعلان عن التشكيلة الوزارية التي تضم 22 وزيرا، خلال حفل رسمي بالقصر الرئاسي في دمشق.

وكانت البلاد تحت حكم حكومة انتقالية منذ ديسمبر الماضي، برئاسة رئيس الوزراء محمد البشير الذي تم تعيينه لمدة 3 أشهر بعد إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد.

مقالات مشابهة

  • كارثة إنسانية غير مسبوقة.. تقرير يرصد الدمار الذي خلفته الحرب في العاصمة السودانية
  • برلمانية تكشف أبرز الرسائل التي أطلقتها القوي السياسية والشعبية حفاظاً علي أمننا القومي
  • ستيفاني وليامز: اللامركزية قد تكون مفتاح حل الأزمة السياسية في ليبيا
  • ترحيب عربي بإعلان تشكيل حكومة جديدة في سوريا
  • الرئيس السوري يعلن تشكيل حكومة جديدة
  • إزالة 22 حالة بناء مخالف وتعدي على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالجيزة
  • سوريا..تشكيل حكومة انتقالية جديدة
  • الشرع يعلن تشكيل حكومة سورية جديدة
  • حزب الوعي: الدولة المصرية ماضية في تأسيس مرحلة جديدة من التنمية
  • القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟