سودانايل:
2024-11-23@08:50:17 GMT

السودان يحتاج إلى عاصمة جديدة بمواصفات عصرية

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

●إن نشأة الدولة السودانية قد لازمها الكثير من الخطل الذي كان بالإمكان تداركه بإقرار مباديء المواطنة المتساوية بين جميع السودانيين عبر الممارسة الفعلية في إدارة الدولة والشأن العام، إلا أن الصفوة السياسية التي ورثت السلطة من المستعمر كان جل همها المحافظة على الكرسي بأي ثمن دون وضع أدنى إعتبار لبناء الدولة والمجتمع وإرساء مباديء التداول المدني الديمقراطي للسلطة عبر صناديق الإنتخابات وإرادة الشعب عوضاً عن صناديق الذخيرة والإنقلابات العسكرية.



●هنالك "شُلة" صفوية صغيرة قد حددت هوية السودان وكيف يُحكم ومن يحكمه دون تفويض شعبي أو عقد إجتماعي بين السودانيين يحددون فيه ماهية الدولة التي يريدونها، فالسودان بحدوده المعروفة "أرض المليون ميل مربع" قد رسمها المستعمر بما يخدم أهدافه، ولم يكن السودان قبل ذلك كياناً سياسياً واحداً، والكل يعلم أن السودان كان عبارة عن دويلات مستقلة، ودارفور كمثال قد ضُمت للسودان عام 1916 بعد هزيمة السلطان علي دينار، فهذه حقيقة تاريخية لا تعني بأي حال من الأحوال تقسيم السودان أو الدعوة لإنفصال أي جزءٍ منه، بقدر ما هي دعوة لإعادة النظر في الوحدة الإستعمارية الزائفة، وأن تكون الوحدة طواعية بين أقاليم السودان لا وحدة قهرية، لجهة أن أي عقد إجتماعي لتأسيس جمهورية سودانية حقيقية سوف تترتب عليه أسس بناء الدولة التي تسع الجميع دون إقصاء.

●كل دول العالم المحترمة تهتم بمناطق الإنتاج وتربطها بشبكة من طرق المواصلات البرية والجوية والنهرية مما ينعكس على تنميتها وتطورها وتطور إنسانها إلا السودان الذي يهمش مناطق الإنتاج وفق سياسة إفقار ممنهجة "جوِّع كلبك يتبعك" وبذلك تسيطر أقلية صفوية على إقتصاد الدولة ومواردها؛ وبالتالي يكون هؤلاء هم المُلّاك الحقيقيون للماشية والصمغ والمشاريع الزراعية ومناجم التعدين وكافة عمليات الإستيراد والتصدير وأصحاب الشأن لا يعدو أن يكونوا مجرد عمال لدي هؤلاء الأوغاد...!!.

●لم يتم تخطيط المشاريع الإقتصادية والإنتاجية في السودان وفق منطق إقتصادي سليم أو رؤية وطنية، مما أحدث خللاً تنموياً وعدم عدالة في تقاسم الثروة بين المركز والأقاليم، وهذا التهميش والإقصاء المتعمد أدى إلى غبن إقتصادي، لازمه غبن إجتماعي، فالصفوة السياسية المستحكمة قد قسمت السودانيين إلى طبقات إجتماعية وإقتصادية وسياسية، وهي ترى في نفسها الطبقة المالكة في السودان وعامة الشعب رعايا في أبشع صور الإقطاع في العصر الحديث ، مما زاد من حدة التباين والإحتقان قاد في خاتمة المطاف إلى الحروب وعدم الإستقرار السياسي.

●إن حرب الخامس عشر من أبريل وما قبلها قد أظهرت عيوب الهندسة السياسية والإقتصادية والإجتماعية المفروضة بقوة السلطة والسلاح؛ التي وجدت مقاومة شرسة من كل هوامش السودان وأطرافه عبر كافة الأدوات والوسائل السلمية والعنيفة.

●إن تمركز المشاريع التنموية والخدمية في الخرطوم "وما جاورها" أثبت عوار السياسات والممارسات التي اتبعتها الصفوة السياسية، وهي نواة بذرة الحروب في السودان منذ عام 1955 التي رفع لواءها " تمرد توريت" من أجل رفع الضيم الذي حاق بهم، ولكن الصفوة السياسية لم تهتم بمعالجة هذا الخطيئة بالطرق السلمية والحوار، وانتهجت الحلول الأمنية والعسكرية لإخضاع أي مقاومة بالقتال وقوة السلاح ، وتمادت في ممارسة كافة أساليب الإستهبال والفهلوة السياسية والتذاكي والهروب للأمام والتحلل من أي إتفاق أو إلتزام يقود إلى تغيير حقيقي في السودان، أُجبر شعب جنوب السودان على تبني خيار تقرير المصير ومن ثم الإنفصال في عام 2011م.

●للأسف بعد ثورة ديسمبر 2018 والتغيير الجزئي الذي حدث، لا تزال الصفوة السياسية السودانية بنفس عقلية الخمسينات والستينيات ولم تتغير مطلقاً، وظلوا يمارسون نفس الممارسات ، ويرتكبون نفس الأخطاء والحماقات، وكأن ساعة السودان قد توقفت عند محطة "لقاء السيدين"...!!.

●لابد من الإعتراف بحقيقة إستحالة استمرار الدولة السودانية بشكلها القديم، الذي بات ضرباً من الخيال والجنون، فلم تعد أقاليم السودان هي تلك الأقاليم التي يُصدر إليها الحكام من الخرطوم، وما عليها إلا السمع والطاعة لما يقوله "حفيد الرسول وسليل الدوحة النبوية" فالكل سادة في بلادهم شاء من شاء وأبي من أبي...!!.

●إن الحرب التي تدور في السودان لا سيما العاصمة الخرطوم قد قضت على معظم المصانع والشركات والمؤسسات وغيرها من المرافق العامة، وفعلياً عاد السودان إلى عهد ما قبل الإستقلال، لأن كل أو جُل هذه المؤسسات والمشاريع قد أُنشئت في منطقة جغرافية واحدة، وهذه المنطقة أضحت ساحة للحرب والمعارك بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة من طائرات ومسيرات وصواريخ ومدافع، وأضحت الخرطوم مدينة أشباح لا تصلح للسكن بأي حال من الأحوال وإن توقفت الحرب اليوم، وأن تكلفة إعادة بناء ما دمرته الحرب من مصانع ومرافق عامة يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات، وهي لا تتوفر للسودان الذي سينهض من الصفر، ومدمراً إقتصادياً وسياسيا ومفككاً إجتماعياً ووجدانياً، وبدلاً عن إعادة بناء عاصمة بها ما بها من عيوب التخطيط العمراني والتنموي، وما خلفته الحرب من دمار للمقدرات الصناعية والمرافق الخدمية والبني التحتية، لزاماً علينا التفكير ومنذ الآن في بناء عاصمة عصرية للسودان على أنقاض هذه العاصمة التي إرتبطت في مخيلة الكثير من السودانيين بالظلم والقهر والتسلط والإستبداد.

●كي تكون لدينا دولة تمثلنا ونعتز بها جميعاً لابد من بناء السودن وفق أسس قومية جديدة، وإعادة هيكلة جميع مؤسساته السياسية والإقتصادية والإجتماعية وفق مبادىء وطنية حقيقية ومشاركة فعلية لجموع السودانيات والسودانيين في صناعة حاضر ومستقبل بلادهم على قدم المساواة والعدالة، بعيداً عن الأنا الشخصي والحزبي والجهوي، بحيث تكون المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات.

●كي تكون هنالك دولة وطنية في السودان لابد أن يرتبط ذلك بهوية السودان الحقيقية دون تزييف، وأن تكون الدولة محايدة تجاه كافة الهويات الثقافية والدينية وخلافها.

17 سبتمبر 2023م

elnairson@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

عضو بـ«النواب»: «بداية» من أهم المبادرات التي تعمل على تحسين حياة المواطنين

قال النائب أحمد إدريس عضو مجلس النواب عن حزب حماة الوطن، إن القيادة السياسية في مصر خلال الأعوام الأخيرة قامت بالعديد من الخطوات علَى مستويات عديدة، وما حققته من أهداف التنمية المستدامة، وأصبح المسار الوطني أشد اتساقًا مع أهم هذه الخطوات، ألا وهو بناء الإنسان المصري اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، وهو ما تم تطبيقه بشكل واضح من خلال المبادرة الرئاسية بداية.

تحقيق التكامل بين مؤسسات الدولة

وأضاف عضو مجلس النواب في بيان له اليوم، أن مبادرة بداية تعمل علَى تحقيق التكامل المرجوّ بين جميع مؤسسات الدولة، حيث أصبحتْ جودة حياة المواطن المصري أهم ما يمكن أنْ تنظر إليه الحكومة المصرية بعين الاعتبار، وهو ما تبنته من خلال محاور عديدةٍ، كتأمين فرص العمل اللائق، والثقافة، والتعليم، والصحة، والرياضة؛ رغبةً في بناء أجيال قادرة علَى مواجهة تحديات المستقبل، وسعيًا نحو بناء المهارات التي تخدم عوائد الاقتصاد الوطنيّ، وتعزيزًا للهُويِّة الوطنية؛ فتصبح لمصر حينئذ بيئة ومجتمع أكثر استدامة علَى المستويات كافة.

إنجازات في عدة مجالات

وأكد أن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة للإنسان» قدمت كثيرًا من الإنجازات في مجالات متعددة، ويُنتظر لها في الأيام القادمة أنْ تُقدِّم مزيدًا من الجهود التي تساهم في تعزيز حياة المواطن المصريّ؛ تأسيسًا علَى أهداف التنمية المستدامة، واستنادًا إلى مفاهيم التطوير والبناء، واعتمادًا علَى آليات المتابعة التي تُتيح لكل محافظة من محافظات الجمهورية أنْ تساهم في تحقيق هذا البناء الإنسانيّ المصريّ؛ حتى نحقق الأهداف المنشودة، التي من أهمها حياة المواطن المصريّ واستدامتها.

دعم الأسر الأولى بالرعاية

وأشار إلى أن المبادرة تعد من أهم المبادرات الرئاسية لأنها شاملة وتهم كل مواطن مصري وتهدف إلى دعم الأسر الأولى بالرعاية في مصر، فهي تعمل من أجل بناء الإنسان المصري صحيا واجتماعيا وتعليميا، ورياضيا وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، والتي تتضمن تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • مطالب بالتحقيق حول مصير الأغنام التي وزعها وزير الفلاحة السابق على متضرري الزلزال
  • عضو بـ«النواب»: «بداية» من أهم المبادرات التي تعمل على تحسين حياة المواطنين
  • جوبا بخير ونتمنى ان تكون بخير
  • رويترز: إطلاق نار كثيف في جوبا عاصمة جنوب السودان
  • إطلاق نار كثيف في عاصمة جنوب السودان
  • البطريرك ميناسيان: ندعو القوى السياسية إلى اختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة
  • لماذا قد تكون النقود أفضل صديق لميزانيتك؟ دراسة جديدة تكشف الأسرار!
  • الاولى وقد تكون الأخيرة.. بيرييلو في بورتسودان.. تفاصيل الزيارة
  • السودان ما بين استبدال القوى السياسية أو استبدال الأمة السودانية
  • كيف ترى الأوساط السياسية إسقاط روسيا لمشروع القرار البريطاني حول السودان؟