سودانايل:
2024-12-23@18:58:56 GMT

السودان يحتاج إلى عاصمة جديدة بمواصفات عصرية

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

●إن نشأة الدولة السودانية قد لازمها الكثير من الخطل الذي كان بالإمكان تداركه بإقرار مباديء المواطنة المتساوية بين جميع السودانيين عبر الممارسة الفعلية في إدارة الدولة والشأن العام، إلا أن الصفوة السياسية التي ورثت السلطة من المستعمر كان جل همها المحافظة على الكرسي بأي ثمن دون وضع أدنى إعتبار لبناء الدولة والمجتمع وإرساء مباديء التداول المدني الديمقراطي للسلطة عبر صناديق الإنتخابات وإرادة الشعب عوضاً عن صناديق الذخيرة والإنقلابات العسكرية.



●هنالك "شُلة" صفوية صغيرة قد حددت هوية السودان وكيف يُحكم ومن يحكمه دون تفويض شعبي أو عقد إجتماعي بين السودانيين يحددون فيه ماهية الدولة التي يريدونها، فالسودان بحدوده المعروفة "أرض المليون ميل مربع" قد رسمها المستعمر بما يخدم أهدافه، ولم يكن السودان قبل ذلك كياناً سياسياً واحداً، والكل يعلم أن السودان كان عبارة عن دويلات مستقلة، ودارفور كمثال قد ضُمت للسودان عام 1916 بعد هزيمة السلطان علي دينار، فهذه حقيقة تاريخية لا تعني بأي حال من الأحوال تقسيم السودان أو الدعوة لإنفصال أي جزءٍ منه، بقدر ما هي دعوة لإعادة النظر في الوحدة الإستعمارية الزائفة، وأن تكون الوحدة طواعية بين أقاليم السودان لا وحدة قهرية، لجهة أن أي عقد إجتماعي لتأسيس جمهورية سودانية حقيقية سوف تترتب عليه أسس بناء الدولة التي تسع الجميع دون إقصاء.

●كل دول العالم المحترمة تهتم بمناطق الإنتاج وتربطها بشبكة من طرق المواصلات البرية والجوية والنهرية مما ينعكس على تنميتها وتطورها وتطور إنسانها إلا السودان الذي يهمش مناطق الإنتاج وفق سياسة إفقار ممنهجة "جوِّع كلبك يتبعك" وبذلك تسيطر أقلية صفوية على إقتصاد الدولة ومواردها؛ وبالتالي يكون هؤلاء هم المُلّاك الحقيقيون للماشية والصمغ والمشاريع الزراعية ومناجم التعدين وكافة عمليات الإستيراد والتصدير وأصحاب الشأن لا يعدو أن يكونوا مجرد عمال لدي هؤلاء الأوغاد...!!.

●لم يتم تخطيط المشاريع الإقتصادية والإنتاجية في السودان وفق منطق إقتصادي سليم أو رؤية وطنية، مما أحدث خللاً تنموياً وعدم عدالة في تقاسم الثروة بين المركز والأقاليم، وهذا التهميش والإقصاء المتعمد أدى إلى غبن إقتصادي، لازمه غبن إجتماعي، فالصفوة السياسية المستحكمة قد قسمت السودانيين إلى طبقات إجتماعية وإقتصادية وسياسية، وهي ترى في نفسها الطبقة المالكة في السودان وعامة الشعب رعايا في أبشع صور الإقطاع في العصر الحديث ، مما زاد من حدة التباين والإحتقان قاد في خاتمة المطاف إلى الحروب وعدم الإستقرار السياسي.

●إن حرب الخامس عشر من أبريل وما قبلها قد أظهرت عيوب الهندسة السياسية والإقتصادية والإجتماعية المفروضة بقوة السلطة والسلاح؛ التي وجدت مقاومة شرسة من كل هوامش السودان وأطرافه عبر كافة الأدوات والوسائل السلمية والعنيفة.

●إن تمركز المشاريع التنموية والخدمية في الخرطوم "وما جاورها" أثبت عوار السياسات والممارسات التي اتبعتها الصفوة السياسية، وهي نواة بذرة الحروب في السودان منذ عام 1955 التي رفع لواءها " تمرد توريت" من أجل رفع الضيم الذي حاق بهم، ولكن الصفوة السياسية لم تهتم بمعالجة هذا الخطيئة بالطرق السلمية والحوار، وانتهجت الحلول الأمنية والعسكرية لإخضاع أي مقاومة بالقتال وقوة السلاح ، وتمادت في ممارسة كافة أساليب الإستهبال والفهلوة السياسية والتذاكي والهروب للأمام والتحلل من أي إتفاق أو إلتزام يقود إلى تغيير حقيقي في السودان، أُجبر شعب جنوب السودان على تبني خيار تقرير المصير ومن ثم الإنفصال في عام 2011م.

●للأسف بعد ثورة ديسمبر 2018 والتغيير الجزئي الذي حدث، لا تزال الصفوة السياسية السودانية بنفس عقلية الخمسينات والستينيات ولم تتغير مطلقاً، وظلوا يمارسون نفس الممارسات ، ويرتكبون نفس الأخطاء والحماقات، وكأن ساعة السودان قد توقفت عند محطة "لقاء السيدين"...!!.

●لابد من الإعتراف بحقيقة إستحالة استمرار الدولة السودانية بشكلها القديم، الذي بات ضرباً من الخيال والجنون، فلم تعد أقاليم السودان هي تلك الأقاليم التي يُصدر إليها الحكام من الخرطوم، وما عليها إلا السمع والطاعة لما يقوله "حفيد الرسول وسليل الدوحة النبوية" فالكل سادة في بلادهم شاء من شاء وأبي من أبي...!!.

●إن الحرب التي تدور في السودان لا سيما العاصمة الخرطوم قد قضت على معظم المصانع والشركات والمؤسسات وغيرها من المرافق العامة، وفعلياً عاد السودان إلى عهد ما قبل الإستقلال، لأن كل أو جُل هذه المؤسسات والمشاريع قد أُنشئت في منطقة جغرافية واحدة، وهذه المنطقة أضحت ساحة للحرب والمعارك بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة من طائرات ومسيرات وصواريخ ومدافع، وأضحت الخرطوم مدينة أشباح لا تصلح للسكن بأي حال من الأحوال وإن توقفت الحرب اليوم، وأن تكلفة إعادة بناء ما دمرته الحرب من مصانع ومرافق عامة يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات، وهي لا تتوفر للسودان الذي سينهض من الصفر، ومدمراً إقتصادياً وسياسيا ومفككاً إجتماعياً ووجدانياً، وبدلاً عن إعادة بناء عاصمة بها ما بها من عيوب التخطيط العمراني والتنموي، وما خلفته الحرب من دمار للمقدرات الصناعية والمرافق الخدمية والبني التحتية، لزاماً علينا التفكير ومنذ الآن في بناء عاصمة عصرية للسودان على أنقاض هذه العاصمة التي إرتبطت في مخيلة الكثير من السودانيين بالظلم والقهر والتسلط والإستبداد.

●كي تكون لدينا دولة تمثلنا ونعتز بها جميعاً لابد من بناء السودن وفق أسس قومية جديدة، وإعادة هيكلة جميع مؤسساته السياسية والإقتصادية والإجتماعية وفق مبادىء وطنية حقيقية ومشاركة فعلية لجموع السودانيات والسودانيين في صناعة حاضر ومستقبل بلادهم على قدم المساواة والعدالة، بعيداً عن الأنا الشخصي والحزبي والجهوي، بحيث تكون المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات.

●كي تكون هنالك دولة وطنية في السودان لابد أن يرتبط ذلك بهوية السودان الحقيقية دون تزييف، وأن تكون الدولة محايدة تجاه كافة الهويات الثقافية والدينية وخلافها.

17 سبتمبر 2023م

elnairson@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم

قام بروفيسور محمد حسن دهب وزير التعليم العالي والبحث العلمي يرافقه عدد من قيادات الوزارة بزيارة إلى ولايتي كسلا والقضارف للوقوف ميدانياً على وضع الجامعات في الولايتين والتأكد من استمرارية الدراسة وتنفيذ المشروعات المستقبلية،

وبدأت الزيارة بولاية القضارف، حيث اجتمع الوزير بالإدارة العليا لجامعة القضارف بحضور والي الولاية الفريق ركن محمد أحمد حسن أحمد وعدد من اعضاء لجنة أمن الولاية ومدير الجامعة بروفيسور ابتسام الطيب الجاك وعدد من المسؤولين المحليين.

وخلال اللقاء، اطمأن الوزير على سير الدراسة وخطط الجامعة المستقبلية، مشيداً بدور حكومة الولاية في دعم الجامعة ومساندتها لمواصلة الدراسة وتنفيذ مشروعاتها التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية للجامعة، وأكد الوزير أن زيارته تأتي للتأكد من أن الجامعة تعمل بكفاءة عالية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، مؤكدًا على أهمية التعاون بين الجامعة والحكومة لتحقيق الاستقرار الأكاديمي والتطوير المستمر.

وأكمل الوزير زيارته إلى ولاية كسلا، حيث وصل إلى مطار كسلا برفقة عدد من مديري الإدارات العليا بالوزارة وكان في استقباله نائب والي الولاية، عمر عثمان آدم، ومدير جامعة كسلا بروفيسور أماني عبد المعروف بشير، ووزير التربية والتعليم بالولاية، ماهر الحسين، إضافة إلى عدد من أعضاء هيئة التدريس والعمداء بالجامعة.

واستهل الوزير زيارته بعقد اجتماع مع لجنة عمداء الجامعة وخلال الاجتماع، تم التأكيد على استقرار الجامعة وإسهاماتها في تعزيز التعليم العالي في المنطقة، كما تم تسليط الضوء على أهمية إرسال رسائل إيجابية إلى المجتمع المحلي والدولي، تؤكد أن السودان قادر على مواصلة نشاطه الأكاديمي والبحثي رغم الحرب.

هذا وتأتي هذه الزيارات في إطار الجهود المستمرة لدعم التعليم العالي والبحث العلمي والتأكيد على أن السودان لا يزال يسعى للارتقاء والتقدم رغم التحديات.

وفي اجتماعه بمديري ومنسقي الجامعات والكليات الأهلية والخاصة المستضافة بجامعة كسلا، أكد بروفيسور دهب حرص وزارته على مستقبل الطلاب، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأشاد بالجهود المبذولة من قِبَلْ إدارات هذه الجامعات والكليات في تهيئة البيئة الدراسية وتحقيق الاستقرار الأكاديمي مؤكداً أن الجامعات والكليات المستضافة والتي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان لن يفتح لها باب القبول العام القادم.

سونا  

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية تركيا يكشف الملفات التي ناقشها مع الشرع في سوريا
  • وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان
  • تحالف الأحزاب يثمن رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة.. ويؤكد: سنظل داعمين لقيادتنا السياسية
  • تحالف الأحزاب يثمن رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة.. ويؤكد: سنظل داعمين للقيادة السياسية
  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لإستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم
  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم
  • «الخطوبة لازم تكون 4 سنين».. رانيا يوسف تثير الجدل بتصريحات جديدة
  • جعجع في خلال لقائه السفير الفرنسي: لانتخاب رئيس إصلاحي قادر على نقل لبنان إلى دولة عصرية
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • استخدموا مواردكم لتخفيف معاناة السودان وليس تعميقها.. بلينكن يعلن هذا الإجراء الذي ستتخذه الولايات المتحدة حيال الأمر