ترانكيبار..رحلة عبر الزمن بمستعمرة دنماركية منسية بالهند
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- رُغم التاريخ الطويل للحكم الاستعماري في آسيا، إلا أنّ أثر الدنمارك لم يكن كبيرًا.
وليس من الخاطئ القول إنّ عدداً قليلاً من الهنود، وعدداً أقل من الدنماركيين، كانوا على علم أنّ هذه الدولة الواقعة في شمال أوروبا تمتّعت بموطئ قدم في الهند يُدعى "ترانكيبار"، خلال الفترة بين عامي 1620 و1845،
و"ترانكيبار" عبارة عن نقطة تجارية صغيرة تقع على ساحل "كورومانديل" في شرق الهند.
ورُغم أنّها بلدة عادية تُدعى "ثارانغامبادي" في ولاية "تاميل نادو"، إلا أنّ آثار الحكم الدنماركي لا تزال واضحة فيها بشكلٍ مثير.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك مبنى استعماري قديم يُدعى "Bungalow on the Beach" تم ترميمه بشكلٍ جميل على الواجهة البحرية لخليج البنغال.
واستُخدِم المبنى في الأصل كمحكمة خلال العصر الدنماركي، وتم تحويله إلى مقر إقامة رسمي بعد أعوام مع وصول البريطانيين.
واليوم، أصبح المبنى عبارة عن فندق ساحر.
وبدأت جهود ترميم المبنى في عام 2004، ومن ثم افتُتِح للضيوف في عام 2006 تحت إشراف مجموعة "Neemrana" التي تدير سلسلة من الفنادق الفاخرة في الهند.
ويضم الفندق 8 غرف فقط، وسُمِّيت كل منها تيمنًا باسم أفراد من العائلة المالكة الدنماركية.
اكتشاف "ترانكيبار" بالصدفةلماذا أطلق الدنماركيون على مستوطنتهم الجديدة اسم "ترانكيبار"؟
أشار مؤرخون إلى أنّهم لم يتمكنوا من نطق الاسم الأصلي لبلدة "ثارانغامبادي". ولكن حقيقة وصول الدنماركيين إلى الهند في المقام الأول كانت صدفة بعض الشيء.
وبدأ الأمر عندما انطلق القائد البحري، أوفي جيدي، البالغ من العمر 23 عامًا من لشبونة في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1618 تحت علم شركة "Danish East India"، بتمويل من الملك كريستيان الرابع.
وانطوت مهمته على مساعدة إمبراطور سيلان (سريلانكا حاليًا)، الذي كان تحت حصار البرتغاليين، مقابل تأمين حقوق التجارة إلى الدنمارك.
ولكن بحلول وصول جيدي في أوائل عام 1620، وذلك بعد رحلة حافلة بالأحداث حول رأس الرجاء الصالح، فقد خلالها ثلثي جنوده البالغ عددهم 300 جندي (بسبب صراع مع القراصنة أو المرض)، كان البرتغاليون قد سيطروا على البلاد بالكامل.
ونتيجة شعوره بخيبة أمل بعد فشل مهمته، انطلق جيدي وأسطوله الصغير المكون من 3 سفن شراعية وفرقاطتين إلى ساحل "كورومانديل" حتى ألقوا المرساة في ثارانغامبادي.
وسرعان ما أبرم جيدي صفقة مع الحاكم الهندي آنذاك، راغوناثا ناياك من ولاية "تانجور"، لاستئجار قطعة أرض، والحصول على حقوق تجارية حصرية مقابل مبلغ قدره 3 آلاف روبية (37 دولارًا) سنويًا.
وهكذا، في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1620، وبعد عامين من إبحار جيدي من موطنه، وُلدت القاعدة الدنماركية "ترانكيبار".
وسارع الدنماركيون في بناء حصن صغير يواجه البحر على الشاطئ مباشرةً، وأُطلِق عليه اسم "دانسبورج"، وكان هدفه إيواء السكان الدنماركيين الأوائل.
توسيع الأثر الدنماركيورُغم تمتّع الدنماركيين بمعاهدة موقّعة مع ناياك، إلا أن الأخير أثبت أنّه حليف متقلب.
وأدّت عمليات النهب المستمرة من قوات ناياك إلى تحصين "ترانكيبار" بجدار، وخندق، والعديد من الأبراج المخصصة للمدافع.
وبعد شعورهم بمستوى أكبر من الأمان، انتقل الدنماركيون إلى خارج قلعة "دانسبورج" لبناء العديد من المنازل على الطراز الأوروبي بهدف إيواء الضباط، وموظفي الخدمات المدنية.
وتم التحكم بالمدخل الوحيد إلى المدينة عبر بوابة تُدعى "Land’s Gate"، وهي عبارة عن هيكل حجري أبيض يحمل شعار النبالة، وشعار ملك الدنمارك، وهو أول ما يراه المرء عند دخول "ثارانغامبادي" الآن.
أدرك الدنماركيون أيضًا أنّهم احتاجوا إلى منطقة صناعية نائية لجعل مركزهم التجاري صالحًا للحياة.
ولذا، عند إعادة التفاوض بشأن المعاهدة في عام 1670، استحوذ الدنماركيون على قرى إضافيّة ومناطق صغيرة بلغت مساحتها الإجمالية 32 كيلومترًا مربعًا.
وأنتجت ورش العمل في المنطقة الموسّعة المنسوجات القطنية لتصديرها إلى السوق الأوروبية، بالإضافة إلى البضائع التقليدية من الفلفل، والهيل، والقرنفل، والتوابل الأخرى، والملح الصخري، والقهوة، والسكر، والخيزران.
البروتستانتية تصل إلى الهندالمصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أوروبا فنادق فی عام
إقرأ أيضاً:
بوابة العالم.. هذا الميناء في المملكة المتحدة لا يزال مسكونًا بذكريات سفينة تيتانيك المشؤومة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قد يُنظر إلى هذه المدينة باعتبارها مجرّد ميناء عادي، لكنها شكّلت بوابةً للعالم منذ نشأتها.
لعب الميناء دورًا في تأسيس أمريكا الحديثة، وصولًا لما يُعتبر الليلة الأشد ظلمة في تاريخ الملاحة البحرية.
وساهم أيضًا في ولادة صناعة الرحلات البحرية الحديثة، وهي صناعة عملاقة تُقدَّر بمليارات الدولارات.
تقع مدينة ساوثهامبتون في خليجٍ محمي على الساحل الجنوبي لإنجلترا، وكانت ملاذًا لسفن تحمل التجار، والمهاجرين، والسياح، والغزاة من وإلى المدينة لما يقرب من ألفي عام.
في مطلع القرن العشرين، استغلت المدينة صناعة السفن العابرة للمحيطات.
وسرعان ما أصبحت مرادفةً للسفر العالمي، حيث تدفق ثلاثة ملايين مسافر عبر ميناء ساوثهامبتون العام الماضي.
لكن الأمور لم تكن سلسة دائمًا، حيث تنطوي قصة ساوثهامبتون على زوار غير مرغوبين، وشبح مأساة سيئة السمعة، ومستقبل يتطلب تغييرات جذرية.
سيف ذو حدينأثبتت حقيقة رؤية ساوثهامبتون كـ"بوابة إلى العالم" أنّها سيف ذو حدين.
وكتب المؤرخ برنارد نولز في كتابه "ساوثهامبتون: البوابة الإنجليزية" الصادر في عام 1951 أن "المدينة كانت مركزًا عصبيًا فرديًا يمكن للعدو ضربه بتأثير قاتل محتمل".
خلال أوقاتٍ أكثر صعوبة، نجت المدينة من حملات غزو متكرّر قام به الدنماركيون، والفلمنكيون، والفرنسيون.
عصر السفن العابرة للمحيطاتفي عام 1842، شيدت ساوثهامبتون أولى الأرصفة فيها، وكان عصر السفن البخارية في بداياته.
وكانت ساوثهامبتون في موقعٍ مميز لهذه الصناعة الناشئة، حيث اعتُبر التنافس الشرس حافزًا للتطور.
بينما كانت المنافسة محتدمة بين شركات الشحن البريطانية، والألمانية، والأمريكية، والإيطالية، والفرنسية على جائزة "الشريط الأزرق"، وهي جائزة لمن يعبر المحيط الأطلسي بشكلٍ أسرع، أصبحت الراحة على متن السفن ضرورية أيضًا.
وتم تركيب مطاعم فاخرة، ومكتبات، وصالات رياضية، ومسابح على متن السفن الأجدد، وأصبح حساء السلاحف عنصرًا أساسيًا ضمن قوائم طعام فئة الدرجة الأولى.
وكانت ساوثهامبتون على مسار العديد من هذه "القصور العائمة".
سفينة الأحلام