القرار السعودي الثالث في اليمن!
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
من المهم في اللحظات الحاسمة، أن يكون الحديث بقدر أهمية اللحظة التي نعيشها اليوم، والمتمثلة في تطور غير مسبوق، وهو اجتماع كافة الأطراف اليمنية إلى الرياض، بعد وصول الحوثيين أخيراً، الأمر الذي يعني فيما يعني أن قرار السلام وعودة الاستقرار إلى اليمن، مسألة أصبحت في متناول السعودية العظمى في ضوء الاتفاق مع إيران ومد خيوط التنسيق والعلاقة مع عمان.
عندما نقول السعودية العظمى، فإن ذلك ليس مبالغة ولا تزلفاً، فهي كذلك، في ضوء تحولات استراتيجية، على المستوى الداخلي بقيادة محمد بن سلمان وما أحدثه من ثورة تحولات سعودية وعلاقات دولية، في ظل مناخ أتاحت فيه الحرب الأوكرانية معادلة جديدة، مع عودة إرهاصات الحرب الباردة إلى جانب صعود الصين، وكل ذلك، أسهم في توثيق موقع السعودية كدولة محورية ومركز استقطاب بين قوى الشرق والغرب، أكثر من أي وقتٍ مضى.
في اليمن، الذي هو ملف محوري وجوهري بالنسبة للسعودية، حدثت الكثير من التحولات، إذ أن إيران ومعها الحوثيون، أصبحوا في الرياض، وهناك الصين العملاق الدولي الاقتصادي، الذي يحتاج إليه الجميع. هذه معادلة تجعل الحديث عن موقف الحوثي وعن رغباته بالسلام من عدمه، مسألة عدمية لا داعي لها، فالحل والعقد بيد السعودية وتحالفاتها وعلاقاتها مع مسقط وطهران وبكين، وعليها أن تفرض على الحوثي ما يجب أن تفرضه لصنع سلام لائق.
***
اتخذت السعودية قرار الحرب على الحوثي واليوم اتخذت قرار الحوار مع الحوثي، وتعلم ما يجب عليها إذن في هذه اللحظة وهو القرار التالي، المتعلق بإعادة السلام والأمن والاستقرار إلى اليمن، وهو بكل تأكيد ملف معقد وشائك، لكنه لا يجب أن يكون صعباً بالنسبة لسعودية محمد بن سلمان، في ضوء جملة المعطيات المحلية والإقليمية والدولية.
***
الحد الأدنى من متطلبات السلام في اليمن هو أن يعود كل مواطن يمني إلى منزله وأن يتسلم كافة حقوقه، وهو ما يعني أن السعودية يجب أن تكون حاسمة في مسألة فرض اتفاق عادل ومنصف وشامل لا ضرر فيه ولا ضرار، هذا الاتفاق قد يتطلب تخصيص موازنة مالية بنحو 20 مليار دولار لتمويل تنفيذ الاتفاق وإعادة بناء الاقتصاد، ليست كثيرة بالنسبة إلى موقع السعودية كدولة، ولا لموقع الملف اليمني بالنسبة إليها.
عقب المشاورات اليمنية في الرياض، أصيب اليمنيون بخيبة أمل، إذ بدا المجلس الرئاسي عاجزاً ومفتقراً للدعم الكافي، غير أن ذلك، لم يكن كما يتصور البعض فشلاً للرياض ولا للمجلس، بل إن ذلك التحول، كان ينتظر الاكتمال وهذا هو الموعد المرتقب. حيث لا مجال لأن تنفض اجتماعات الرياض اليوم، على النحو البائس الذي أعقب اتفاقيات سابقة.
***
إذن الحديث عن نوايا الحوثيين تجاه السلام، كلام في غير مكانه وزمانه. هناك إيران بحاجة إلى السعودية وإلى الاتفاق الذي رعته الصين، في ظل جملة من الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجهها طهران، والتي قد لا يكون من السهل عليها أن تُخاطر بعلاقاتها مع الصين على الأقل، كراعٍ للاتفاق.
وهناك سلطنة عمان بوابة الوساطة مع الحوثيين حاضرة أيضاً في الرياض. ومن حولها عالم يضج بالاستقطابات الدولية والاتفاقيات. السعودية أصبحت عضواً في بريكس، ومعادلة دولية متغيرة، يعلمها الجميع. وكل ذلك، يعزز ويؤهل السعودية لقرار تاريخي يتعلق باليمن وينعكس على أمنها، إذ ان اليمن يجب أن يكون قوة لإسناد موقع السعودية دولياً وإقليمياً.
وهنا يبرز السؤال مجددا:ً ما هو القرار السعودي الثالث في اليمن؟
القرار السعودي الثالث في اليمن، يتمثل في السلام وإعادة الاستقرار في اليمن، لا مجال للحديث عن إطلاق سراح معتقلين وفتح طرقات وترتيبات إنسانية، يجب أن يصدر قرار بتشكل لجنة عسكرية مؤلفة من جميع الأطراف تشرف على رفع جميع النقاط العسكرية وتقوم بنشر نقاط أمنية من قوة يتم تأليفها بالاتفاق بين الأطراف ويتم فتح جميع الطرقات. يحتاج الاقتصاد اليمني إلى تمويل كبير يساعد على إنجاح التحول، الذي يعيد كل يمني إلى منزله ويعيد إليه حقوقه، ويضمن مصالح وأمن جواره والمنطقة والعالم.
راهن البعض أن السعودية ستفشل في اليمن، وبدأ يقارن ذلك بالوضع في أفغانستان بالنسبة للولايات المتحدة. أفغانستان ملف ثانوي بالنسبة للأمريكيين لا يمكن مقارنته باليمن، أكبر شريط حدودي مع المملكة وجملة مع الحقائق والروابط والمصير المشترك.
أمام السعودية ان تصنع السلام في اليمن، بكل ما يعنيه معنى ذلك، ليس الاتفاق، بل إحداث تحول وتنفيذ مزمن ليس صعباً على السعودية، ويجب أن تتذكر الرياض وكل الأطراف اليمنية وغير اليمنية المعنية أن الفرص على قوتها قد تضيع ما لم تُحسم وتُعالج بطريقة جذرية لا تترك ثغرة للارتداد العكسي. الزمن هنا عامل مهم في الحسم والتنفيذ، قبل أن ينفرط العقد مجدداً.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
أكثر من 14 ألف امرأة وطفل ضحايا العدوان الأمريكي السعودي على اليمن خلال 3600 يوم
الثورة نت|
أفادت منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل، بأن عدد ضحايا القصف المباشر للعدوان الأمريكي السعودي على اليمن، من النساء والأطفال خلال 3600 يوم، تجاوز 14 ألفاً و 811 قتيلاً و جريحاً.
وأوضحت المنظمة في بيان صادر عنها اليوم، أن عدد الضحايا من الأطفال بلغ تسعة آلاف و 251، منهم أربعة آلاف و138 قتيلاً، وخمسة آلاف و 113 جريحاً، فيما بلغ عدد الضحايا من النساء خمسة آلاف و560 امرأة، هن ألفان و492 قتيلة وثلاثة آلاف و68 جريحة.
وذكر البيان أن طائرات العدوان شنت ألفين و 932 غارة عنقودية خلال ما يقارب العشر السنوات، واستخدمت أكثر من ثلاثة ملايين و187 ألفاً و630 ذخيرة عنقودية أمريكية بريطانية باكستانية وبرازيلية منتشرة في معظم محافظات الجمهورية اليمنية وبلغ إجمالي عدد الضحايا المدنيين من استخدام القنابل العنقودية قرابة تسعة آلاف ضحية معظمهم من النساء والأطفال.
وأشار إلى أن عدد الانتهاكات التي ارتكبتها قوى العدوان في الساحل الغربي بلغ أكثر من 800 جريمة بحق الأطفال والنساء بينها جرائم اختطاف واغتصاب، وتسبب العدوان في تزايد معدلات العنف القائم على النوع وسط الأطفال وارتفعت بنسبة 63 بالمائة عما قبل العدوان.
وحسب البيان ارتفع عدد النازحين خلال سنوات العدوان، إلى 6.4 ملايين نازح تضمهم 740 ألفاً و122 أسرة نصفهم من النساء والأطفال، وأن واحدة من كل ثلاث أسر نازحة تعولها نساء، وتقل أعمار الفتيات اللاتي يقمن بإعالة 21 بالمائة من هذه الأسر عن 18 عاماً.
ولفت إلى ارتفاع عدد المعاقين إلى 4.9 ملايين شخص، أو 15% من السكان في اليمن يعانون من أحد أشكال الإعاقات، ومن المرجح أن يكون الرقم الفعلي أعلى بكثير بسبب آثار العدوان، مثل انتشار الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات العدوان، مبيناً أن هناك أكثر من 16 ألف حالة من النساء والأطفال تحتاج إلى تأهيل حركي، وأكثر من 640 ألفاً و 500 شخص بحاجة إلى أجهزة مُعينة تساعدهم على الحركة، بينما يحتاج أكثر من 153 ألفاً و500 شخص أطرافاً صناعية أو أجهزة تقويمية.
ووفق منظمة انتصاف تشير الإحصاءات إلى إغلاق ما بين 185 – 350 مركزاً ومنظمة وجمعية ومعهداً متخصصاً في رعاية وتدريب وتأهيل المُعاقين، من أصل 450 جمعية ومركزاً، منها 30 مؤسسة واتحاداً وجمعية ومعهداً بالمحافظات الجنوبية والشرقية.
ونوه البيان إلى أن 250 ألف معاق ومعاقة كانوا يتلقون تعليمهم في مدارس التعليم العام والجامعات، حسب إحصاءات رسمية، غير أن العدوان اضطرهم إلى الانقطاع عن التعليم.
وفي الجانب التعليمي أفاد البيان بأن مليونين و400 ألف طفل خارج المدرسة بسبب عملية النزوح وتدمير البنية التحتية للتعليم، والأوضاع الاقتصادية، حيث بلغ عدد المدارس المدمرة والمتضررة ثلاثة آلاف و676 مدرسة، مبيناً أن 196 ألفاً و 197 معلماً ومعلمة لم يستلموا رواتبهم بشكل منتظم منذ عام 2016 بسبب العدوان والحصار.
وقالت المنظمة إن الحرب الاقتصادية أدت إلى توسع ظاهرة عمالة الأطفال، حيث بلغ عدد الأطفال الذين اضطرتهم الظروف الاقتصادية للاتجاه لسوق العمل 1.6 مليون طفل، وحوالي 34,3% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 5-17 عاماً.
وأضافت أن 17.8 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الصحية، وثمانية ملايين طفل لهم الأولوية في خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة لمنع انتشار الأمراض وإنقاذ الأرواح.
وبينت أن الأمراض الوبائية أصابت نحو 4.5 ملايين شخص في أمانة العاصمة والمحافظات الحرة منها إصابة 226 حالة بشلل الأطفال، فيما سجلت مليون و136 ألفاً و 360 حالة بالملاريا، وبلغت حالات الاشتباه بالكوليرا 14 ألفاً و 508 حالات اشتباه، ووفاة 15 طفلا وإصابة 1400 آخرين بوباء الحصبة في 7 محافظات.
وذكّرت المنظمة بأن تداعيات العدوان على القطاع الصحي أدت إلى تراجع الخدمات الصحية، حيث تعمل 51 بالمائة فقط من المرافق الصحية ، وأن أكثر من 80 مولوداً من حديثي الولادة يتوفون يوميًّا بسبب الأسلحة المحرمة دوليًّا و نتيجة للحصار والعدوان، ويقدر الاحتياج الفعلي للقطاع الصحي قرابة 2000 حضانة بينما يمتلك 600 حضانة فقط وبهذا فإن 50% من الأطفال الخدج يتوفون.
كما أشار البيان إلى أن أكثر من 21.6 مليون يمني يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات، أي أن 75 % من السكان البالغ عددهم قرابة 32.6 مليون يحتاجون إلى الغذاء منهم 17.6 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 6.1 ملايين شخص دخلوا بالفعل مرحلة خطيرة من نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد.
وبلغ عدد مرضى التشوهات القلبية للأطفال أكثر من ثلاثة آلاف بحاجة للسفر للعلاج في الخارج، وعدد المصابين بمرض السرطان 35 ألف شخص بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل، موضحاً أن حالات السرطان في بعض أنواع الأورام زادت بنسبة تتراوح بين 200-300 في المائة بسبب الأسلحة المستخدمة في العدوان، فيما بلغ عدد المصابين بمرض الفشل الكلوي أكثر من خمسة آلاف مريض مهددون بالوفاة بسبب العدوان والحصار.
وأكد البيان أن ما يقارب من 70% من أدوية الولادة لا تتوفر في البلاد بسبب الحصار ومنع تحالف العدوان إدخالها، منوهاً إلى أنه يمكن تجنب أكثر من 50% من وفيات المواليد في حال توفير الرعاية الصحية الأساسية، وأن نحو 8.1 ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب بحاجة للمساعدة في الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، ومن المتوقع أن تصاب 195 ألف منهن بمضاعفات تتطلب مساعدة طبية لإنقاذ حياتهن وحياة مواليدهن.
البيان أوضح أن هناك امرأة وستة مواليد يموتون كل ساعتين بسبب المضاعفات أثناء فترة الحمل أو الولادة، ويقدر عدد النساء اللاتي يمكن أن يفقدن حياتهن خلال الحمل أو الولادة بـ17 ألف امرأة، وهناك أكثر من 40 ألف مريض مصابون بالثلاسيميا يفرضون معاناة كبيرة على أسرهم والحكومة نتيجة العدوان والحصار وتنصل المنظمات الدولية عن القيام بواجبها في توفير الأدوية.
وحملت منظمة انتصاف تحالف العدوان بقيادة أمريكا والسعودية المسؤولية عن كل الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين خاصة النساء والأطفال، على مدى ثلاثة آلاف و600 يوم من العدوان، مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والهيئات الحقوقية والإنسانية بتحمّل المسؤولية القانونية والإنسانية تجاه مايحدث بحق المدنيين في اليمن.
ودعت أحرار العالم إلى التحرّك الفعّال والإيجابي لإيقاف العدوان وحماية المدنيين، وتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في كافة الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني، ومحاسبة كل من يثبت تورّطه فيها.