"رجع أيلول"، وعادت المدارس، ولكن مصير اساتذة وطلاب التعليم الرسمي في مهبّ الريح...    
مع بدء العام الدراسي لسنة 2023 ـ 2024، عقد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، لقاءً تشاورياً مع عدد من ممثلي المكاتب التربوية، تناول البحث فيه التحضيرات الجارية لانطلاق العام الجديد.    
ورغم أنّ البيان الذي صدر عقب اللقاء كانت اصداؤه ايجابية، الا أن اساتذة التعليم الرسمي بعد سنوات دراسية مضطربة ذاقوا فيها مُرّ الأيام، اعتبروا أنهم لم يحصلوا الا على وعود لترغيبهم بالعودة، وهم دفعوا ويدفعون الثمن الاكبر مقابل مراسيم وقوانين وتعاميم لا تنفذ!    
انطلاقة مؤجّلة    
تأجل العام الدراسي في المدارس والثانويات الرسمية من بداية الشهر الجاري إلى الخامس والعشرين منه بالنسبة للأعمال التحضيرية، على أن يبدأ التّعليم في 9 تشرين الأول المقبل.

وفي حديث خاص لـ"لبنان 24"، أشار نقيب المعلمين نعمة محفوظ، الى أن "السبب الرئيسي لتأخير الانطلاقة هو وضع البلد المنهار ومشاكله السياسية الضخمة، وحدوده المتفلتة والجمهورية بلا رئيس والحكومة التي لا تجتمع بسهولة رغم أنها مستقيلة".    
وأضاف: "قبل أية محاولة، علينا إعادة احياء المؤسسات الدستورية كخطوة اولى لتحسين أي قطاع، وأكثر قطاع تأثرَ في ظل هذه الازمة السياسية والاقتصادية كان القطاع التربوي، وعموده الفقري المعلمون الذين يعانون من كل هذه الانهيارات التي تبدأ برواتبهم المجحفة بحقهم، والتي ما زالت تدفع لهم بالليرة اللبنانية".    
وعن مستحقات الاساتذة، شدد محفوظ على أنه "يتوجب على الدولة دفعها وهي متراكمة عن العام الدراسي المنصرم. وللمعلمين كل الحق في عدم تأدية مهامهم التربوية في حال لم تدفع الدولة تلك المتوجبات، وبالتالي فهم لن يلبوا قرار وزير التربية الذي أصر على ان نهار الاثنين الواقع في 25/9/2023 هو يوم تحضيري للعام الدراسي، وعلى جميع المدرّسين الحضور".    
وقال ان "وزير المالية وحاكم المركزي بالإنابة وسيم منصوري، وعدا وزير التربية بدفع المستحقات في غضون اليومين المقبلين، وعلى أمل ان يتحقق ذاك الوعد".    
استقالات جماعية؟       ان إرغام اساتذة التعليم الرسمي على العمل من دون اعطائهم حقوقهم البديهية أصبح أمرا مرفوضا. في أوائل العام الدراسي الماضي، قدّم أكثر من 3000 أستاذ طلب إجازة من دون راتب واستيداع واستقالة، ومنهم من كان لم يعد يريد التعليم وتخلّى عن الوظيفة من أساسها، ويبقى السؤال المطروح اذا سيناريو العام الماضي سيتكرر أم أن الوزارة ستفي بوعودها. وفي هذا السياق، قال محفوظ ان "وزير التربية وعد بدوره الاساتذة بزيادة ٣٠٠ دولار على راتبهم الذي يصل الى الـ١٠٠ دولار تقريبا، الى جانب دعم التعاونية ودعم صناديق المدارس واحتياجاتها من البنى التحتية ومن كهرباء وكتب وقرطاسية الخ..".
   
وتابع: "في حال لم يفوا بتلك الوعود سيلجأ المعلمون الى الاستقالات الجماعية، او الى التصعيد والاضرابات والاعتماد على السيناريوهات التي شهدناها في السابق".      
الدول المانحة قطعت المساعدات       في الاونة الاخيرة، ناشدت السلطات اللبنانية المقتدرين والجهات الدولية المانحة إعطاء الأولوية في خططهم للمساعدة لدعم القطاع التربوي في ظل الأزمات التي تعصف بالقطاع وتهدد عودة الطلاب إلى المدارس.    
وفي اطار حديثه، أشار الى أن "وزير التربية طلب من الدولة تقديم مبلغ قيمته 150 الف دولار مقسمين على ثلاث دفعات مع بدء العام الدراسي".    
اما فيما خص الدول المانحة، فاكد محفوظ انها "اتخذت قرارا بعدم مساعدة القطاع التربوي، لانهم يرفضون دعم القطاعات قبل ان تقوم الدولة باصلاحات سياسية وادارية، وخاصة انهم قد وعدوهم بالقيام بتلك الاصلاحات في السنوات الماضية بينما على ارض الواقع لم يتغير اي شيء".    
وتابع: "الامتناع عن مساعدتنا من الخارج يدل على نوع من الضغط، تؤديه تلك الدول على المنظومة السياسية التي تعود اليها كل الانهيارات الكارثية  في البلاد".    
وعن رسوم التسجيل، قال ان "وضع اهالي الطلبة اليوم مشابه لوضع المعلمين، فهم غير قادرين على شراء الكتب ودفع رسوم التسجيل التي ارتفعت الى ستة ملايين ليرة، بعدما كانت رفعتها الوزارة العام الفائت الى 870 الف ليرة. الطامة الكبرى هي عند الكثير من المواطنين الذين مازالوا يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية".    
الاساتذة المتعاقدون    
وكانت لجنتا الاساتذة المتعاقدين في التعليم الاساسي الرسمي ومتعاقدي الثانوي مختلف التسميات، قد وجهتا امس كتابا إلى وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عباس الحلبي ورئيس لجنة التربية النيابية النائب حسن مراد وأعضائها، والمشاركين في المؤتمر التربوي، طالبتا فيه "بصياغة قانون عادل ومنصف لإدخال الاساتذة المتعاقدين بالتعليم الاساسي والثانوي وفقا لحاجات المدارس والثانويات، خاصة بعد الشواغر الحاصلة نتيجة بلوغ سن التقاعد، والاستقالات، والاستيداعات".  
كما طالبت اللجنتان برفع أجر ساعة التعاقد في التعليم الأساسي الى 6$ دولار و8$ لمتعاقدي الثانوي تدفع بالليرة اللبنانية عبر منصة صيرفة ويكون السعر متحركا وفقا لصعود وهبوط سعر صرف الدولار طوال العام الدراسي، دفع حوافز مالية لا تقل قيمتها عن 300 دولار للأساتذة المتعاقدين مرتبطة بعدد ساعتهم، تعديل مرسوم بدل النقل من 3 أيام إلى كل يوم حضور، الاخذ في الاعتبار إعطاء الاساتذة المتعاقدين كافة التقديمات المادية والاجتماعية والحوافز التي تقدم للزملاء في الملاك، إعادة النظر بصيغة العقد التعاقدي مع الاساتذة على أن يكون من ثوابته التزام الوزارة مع الاساتذة المتعاقدين بتدريس 36 اسبوعا والاساتذة غير معنيين بأي إضراب أو تعطيل أو توقف للعام الدراسي، إعطاء الاساتذة المتعاقدين منحا تعليمية لأولادهم إنطلاقا من مبدأ  المساواة مع الزملاء الملاك، إبرام عقد إستشفائي مع وزارة الصحة يسمح بموجبه للاساتذة المتعاقدين الطبابة ودخول المستشفيات وإجراء العمليات على نفقة وزارة الصحة، إمضاء عقود الاساتذة المستعان بهم ليصبحوا على حساب وزارة التربية، إجراء مناقلات الاساتذة المتعاقدين قبل إنطلاق العام الدراسي، تسديد المستحقات المالية للفصل الثالث بأسرع وقت وعلى الاجر الجديد 150 الف ليرة للاساسي و270 للثانوي".  
ودعتا وزارة التربية الى "التواصل مع وزير الاتصالات ومطالبته بوجوب أن يشمل كافة الاساتذة المتعاقدين، بالتعرفة المخفضة للاتصالات الخليوية والتي طبقتها الوزارة على موظفي الادارات العامة، تحويل قبض مستحقات المواد الإجرائية من بند المساهمات إلى موازنة وزارة التربية، حل مشكلة قبض المستحقات للمواد الاجرائية مع ديوان المحاسبة لجهة تخطي قيمة بدل الاتعاب المدفوعة 15 مليون سنويا، إعطاء الاساتذة المتعاقدين على نفقة صندوق مجلس الاهل وصندوق المدرسة بدل نقل يومي عن كل يوم حضور".   
وشددت اللجنتان على "ضرورة تحقيق هذه المطالب والا لن يكون هناك عام دراسي كما تم تمرير العام الماضي على حساب حقوقنا وأوجاعنا وحرمان الحقوق".
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الاساتذة المتعاقدین العام الدراسی وزیر التربیة

إقرأ أيضاً:

هكذا تحارب إسرائيل التعليم في جنين وتمنع وصول آلاف الطلبة لمدارسهم

مرَّ أكثر من 40 يوما على بدء الفصل الدراسي الثاني في الضفة الغربية. وفي حين تحاول وزارة التربية والتعليم في غزة إنقاذ العام الدراسي، يحرم طلاب مخيمات شمال الضفة المحتلة الوصول إلى مدارسهم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية "السور الحديدي" التي بدأت أواخر يناير/كانون ثاني الماضي بمخيم جنين، ومنه توسعت لتطال مخيمات طولكرم وطوباس.

وإلى بلدة برقين غرب مدينة جنين حيث منزل أقاربها، نزحت عائلة أشواق محمد الطالبة بالصف العاشر قادمة من مخيم جنين. وفي البلدة التي استقبلت منذ بدء "السور الحديدي" نحو 5 آلاف نازح من مخيم جنين، تمكَّنت أشواق من الالتحاق بمدرسة البلدة الحكومية، بعد قرار من مديرية التربية والتعليم في جنين، سمح للطلبة النازحين حضور الحصص المدرسية في الأماكن التي استقبلتهم.

وتقول أشواق إن حظها جيد لأنها استطاعت تجاوز الأسابيع الأولى للاقتحام وعدم دوامها بالمدرسة، وهو ما ساعدها في التعويض ومتابعة ما فاتها من المواد الدراسية كافة.

"السور الحديدي" الإسرائيلي دمر شوارع مخيم ومدينة جنين وعطل الحياة (الجزيرة) شلل تام

حال أشواق لا ينطبق على آلاف الطلبة المسجلين بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بالمخيم، والبالغ عددهم قرابة 1700 طالب، ممن أغلقت مدارسهم أبوابها منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد الأزمة بين أجهزة الأمن الفلسطينية والمقاومين داخل مخيم جنين.

وواجه الطلاب -الموزعون على 4 مدارس تابعة للأونروا داخل المخيم- صعوبة في انتظام الدراسة لنحو شهر، وأعلنت الأونروا حينها على لسان رولاند فريديتش مديرها بالضفة الغربية أن "التعليم بمخيم جنين أكثر القطاعات تضرراً بتلك الأحداث".
وأضاف فريديتش "يعيش مخيم جنين حلقة مفرغة من العنف، يجعله غير صالح للسكن أصلا، وقد أغلقت المدارس وتعطَّلت العملية التعليمية، مما يهدد مستقبل الطلبة بالمنطقة".

ومع دخول الفصل الدراسي الثاني، أجبرت إسرائيل الأهالي على النزوح من منازلهم بالمخيم، وعزَّزت وجودها العسكري بمدينة جنين ومختلف أحيائها، وفرضت حالة من عدم الاستقرار الأمني والخوف بين الناس، ودمَّرت البنية التحتية، وأعادت رسم خارطة المخيم الجغرافية، مما أصاب القطاعات الحيوية في المدينة ولا سيما التعليم بشلل شبه تام.

إعلان

ولم يفتتح الفصل الثاني بمدارس المدينة كافة، وخاصة مدارس المخيم الذي أخلي من ساكنيه وتحول إلى كتلة من الدمار والركام.

وفي "جمعية الكفيف" بمدينة جنين حيث نزحت المواطنة سلسبيل وعائلتها وعدد من أقاربها، تقول إن لديهم 5 أطفال ضمن المرحلة الأساسية قد حُرموا الدراسة منذ نزوحهم من المخيم في اليوم الثالث من الاقتحام الإسرائيلي.

وتضيف سلسبيل أن محاولات المدارس بالتعويض عبر حصص الكترونية "غير مجدية" لأن النازحين لا يملكون أجهزة حاسوب.

الاقتحام الإسرائيلي المستمر يحول دون مواصلة العملية التعليمية بمدينة جنين (الجزيرة) مخطط إسرائيلي

من جانيه، يقول محافظ جنين كمال أبو الرب إنه -ووفق آخر إحصائيات مديرية تربية جنين- فإن قرابة 15 ألف طالب وطالبة لا يستطيعون الوصول إلى مدارس المدينة والمخيم، ناهيك عن حوالي 6 آلاف من الطلبة الجامعيين من "فلسطين 48" الملتحقين بالجامعة العربية الأميركية في جنين، وذلك بسبب منع الاحتلال مرورهم عبر حاجز الجلمة إلى المدينة.

ويضيف أبو الرب للجزيرة نت أن التعليم أكثر القطاعات حساسية بمستقبل الفلسطينيين بشكل عام وجنين خاصة، وأن إسرائيل عبر عدوانها تسعى لضرب هذا القطاع وتقييده، وإيصال رسالة للمواطن أنه "محروم" من أبسط حقوقه المكفولة بكل المواثيق الدولية.

ويتابع المسؤول الفلسطيني "هذا مخطط إسرائيلي لشلِّ حياة المواطنين هنا، وإقناعهم أنه لا مستقبل لهم، ولا لأولادهم".

وذكر أنه وفي الاقتحامات السابقة أصر الاحتلال، وفي كثير من المرات، على اقتحام المدينة والمخيم أوقات دوام المدارس، وحاصر الطلاب داخل مدارسهم، ولساعات طويلة "وكنّا نحاول التنسيق لإخراج الطلبة من مدارسهم، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والارتباط الفلسطيني".

ولم يقتصر الأمر على الاحتجاز داخل المدارس -حسب المحافظ- بل أطلق جنود الاحتلال الغاز المسيل للدموع على كثير من المدارس، واقتحموها، كما حدث بمدرسة قباطية الأساسية جنوب جنين، وأطلقوا الرصاص الحي صوب مدارس أخرى أثناء وجود الطلبة فيها، وجرَّفوا الشوارع المؤدية لبعض المدارس، كما جرى في الحي الشرقي بجنين.

إعلان

وقد قتلت إسرائيل خلال عملية "السور الحديدي" المستمرة حتى الآن 3 طلاب في محافظة جنين وحدها، آخرهم إسماعيل أبو غالي (17 عاماً) الطالب بالمرحلة الثانوية، بعد محاصرة منزل في الحي الشرقي من المدينة.

آثار جرافات الاحتلال بشارع المدارس في الحي الشرقي (مواقع التواصل) محاولات العودة

وكان صادق الخضور، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم بفلسطين، قال في تصريح صحفي إن هناك تزايدا في نسبة "الفاقد التعليمي" بشكل مقلق في عدد من مدارس مدن شمال الضفة، وإن العملية التعليمية خسرت 15 يوما تعليميا في الفصل الدراسي الأول بفعل انتهاكات الاحتلال.

وأوضح الخضور أن نحو 90 مدرسة من مدارس طولكرم وجنين تحول الدوام فيها إلى النظام الإلكتروني (عن بُعد) لافتا الى أن الوزارة كانت تخطط لاستثمار عطلة بين الفصلين لصالح تعويض الطلبة "لكن عدوان الاحتلال عطَّل خطة التعويض".

ولا يقتصر "الفاقد التعليمي" -حسب الخضور- على ما يفوت الطلبة من حصص، بل هناك تداعيات نفسية تقع على الطلبة والمدرسين لا يمكن إهمالها، ومواد تعليمية يصعب إنجازها، وخاصة لدى طلبة الصفوف الأساسية، وأن التعطيل المتكرر للدوام يفقد الطلبة جزءا كبيرا من المادة التعلمية التي يجب إنجازها.

وأكد الخضور أن اللجوء للتعليم الالكتروني في بعض المدارس خلال الظروف الراهنة "غير مجد" لكنه "الخيار الوحيد المتاح حاليا ولا بديل عنه".

ووفق مصادر للجزيرة نت، توجد خلافات بالحكومة الفلسطينية حول عودة الدوام الوجاهي للطلبة بجنين، إذ تحاول وزارة التربية إصدار بيان لعودة الدراسة خلال الأسبوع القادم، وفق برنامج طوارئ وبواقع 3 أيام أسبوعيا في حين يعارض المحافظ خشية على سلامة الطلبة خاصة في ظل الاقتحامات المستمرة.

مقالات مشابهة

  • رسالة من حراك المعلمين المتعاقدين إلى وزيرة التربية
  • تطبق يوم 22 مارس .. قرارات عاجلة من التعليم لجميع المدارس
  • ليبيا .. سجن وزير التربية والتعليم بتهم الفساد والإهمال
  • وزير التعليم: عقدنا لقاءات مع 17 ألف مدير مدرسة لحل مشاكل المنظومة
  • إشادة بوزير التعليم لإعادته دور المدرسة وتحقيق الانضباط خلال العام الدراسى
  • وزير التعليم : مدير المدرسة الناجح يفرض القوانين لتحقيق العدالة والانضباط
  • وفد طلابي مدارس التربية والتعليم بمحافظة الغربية للمتحف التعليمي للآثار.. .بآداب طنطا
  • وزير التعليم: الحفاظ على هيبة المعلم وحقوقه على رأس أولويات الوزارة
  • هكذا تحارب إسرائيل التعليم في جنين وتمنع وصول آلاف الطلبة لمدارسهم
  • أرقام صادمة.. 30 ألف يتيم على الأقل في غزة فأي مصير ينتظر هؤلاء؟